دور الدبلوماسية العربية في تركيع الأمة وإذلالها وسحقها
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 30 يوماً
الثلاثاء 18 سبتمبر-أيلول 2012 04:27 م

لستُ أدري لما اتجهت الجماهير المستنكرة للفلم المسيء لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم صوب سفارات أميركا، فيما الأجدر والأولى بهذه الجماهير أن تتجه صوب وزارات الخارجية ووزراء الخارجية العرب، الذين فيما يبدوا ماتت فيه كل قيم الإنسانية والخير، ولم يعد لديهم أي شعور أو إحساس بالأمة وبهمومها وقضاياها، وباتت هذه الوزارات وهؤلاء الوزراء الآثمون عبئاً ثقيلاً على الأمة، بل وفي بعض الأحيان خطراً على الأمة وعلى حياتها ووجودها، فضلا أن يكونوا خطرا على ثقافتها ودينها وكرامتها وتراثها الإسلامي الأصيل .

الدبلوماسيون العرب لم يتحرك فيهم جفن ولم ينبض فيه عرق لِما يجري كل يوم من مجازر في سوريا، وبورما، والعراق وأفغانستان وفلسطين واليمن... كل يوم يشاهد الدبلوماسيون العرب مهرجانات الموت وشلالات الدماء وأكوام الجثث وجبالا من الرؤوس والجماجم للأطفال والنساء والشيوخ، من أبناء أمة التوحيد، وعلى مدى عقود من الزمن، إلا أنّ أحدا منهم لم يتخذ ولو موقفاً أو قرارا واحداً لصالح الأمة وقضاياها.. باستثناء حالات نادرة، من أبرزها موقف رئيس وزراء تركيا أردوغان في مؤتمر دافوس، وموقف الرئيس المصري في قمة عدم الانحياز، المنعقدة مؤخرا في طهران، ومواقف أخرى نادرة لا تكاد تذكر.

إنّ من البلايا العظمى التي منيت بها أمتنا أنّ من يفترض فيهم أن يمثلوها أمام أعدائها راحوا يمثلون بها في المؤتمرات والمحافل الدولية، وباتوا جزءا كبيرا من المؤامرة الدولية القذرة، ولمزيد من التفصيل والإيضاح سل أبا بكر القربي وزير خارجية اليمن لِمَ لَم يُطْرد السفير السوري من صنعاء؟ رغم أنّ عددا من دول العالم الحرة وأوربا طردت سفراء النظام السوري، منهم مؤخرا دولة كندا، فيما أبو بكر القربي لم يحرك ساكناً للمجازر الأسدية في سوريا، ولم نسمع منه ولو كلمة إدانة أو استنكار، رغم المظاهرات الشعبية العارمة التي تملأ الساحات اليمنية المطالبة بطرد سفير النظام السوري، فهل بات الغرباء – أيها الدبلوماسيون العرب- والخصوم أشد حرصا على مصالحنا ودمائنا أكثر منكم أيها الدبالسة العرب أو قل الأبالسة العرب؟!.

بالطبع إدانة ما يسمى ب\"أبو بكر القربي\" لنظامٍ سفاحٍ قاتل في سوريا، إفتراضاً، إدانة صريحة لنظام المخلوع صالح الذي استخدم الأسلوب ذاته من القتل والتهجير والإبادة والاغتيالات على مدى 33 سنة، ولعلّ هذا السبب هو ما يمنع القربي من إدانة النظام السوري، فإدانته إدانة لسيده وربّ نعمته، ولا سلامة للمرء أفضل من الصمت!!.

تتجدد كل يوم حملات الإساءة للإسلام ورسول الإسلام من أحفاد بني قينقاع وبني النضير، وتستنكر كل دول العالم حتى عبّاد الصليب، وعبدة الأوثان، وتنتفض حتى مراقص نيويورك وملاهي باريس وتثور حتى جمعيات ومنظمات الجنس الثالث والرابع في كل المعمورة، وتصمت الدبلوماسية العربية الفذة.

يباد المسلمون بعشرات الآلاف في بورما وفي سوريا وفي العراق، وكأن وزراء الخارجية العرب لا يسمعون ولا يعقلون ولا يفقهون حديثاً، وتتحرك قوى سياسية وثقافية في قلب واشنطن وباريس تستنكر ما يجري على الأرض العربية والإسلامية، وتنتظر - أيها الحليم - ولو بياناً عربيا جماعياً للإدانة، أو قرارا عربيا بسحب السفراء، أو تهديداً بقطع التعاون التجاري والدبلوماسي، إلا أنه يرتد إليك البصر خاسئا وهو حسير، فقد ماتت الدبلوماسية العربية بموت عمرو ابن العاص وخالد بن الوليد .

أيها الساد هل حقا الدبلوماسية العربية تمثل شعوبها ودولها أو تمثل في واقع الحال أعداء الأمة وتخدم مخططاتهم؟!! هل أضحت فعلاً الدبلوماسية العربية توفر المشروعية الدولية والغطاء السياسي العربي لكل أعمال التدمير والإبادة التي تجري على الأرض الإسلامية من قوى الهيمنة والاستعمار الحديث!!!.

هل باتت \"الدبلوماسية العربية\" ديكوراً يحسبه الجاهل عربياً وهو حقيقة ديكور صنع في عواصم الماسونية العالمية وعواصم الخنا والفجور الدولي؟!!.

كيف قامت قائمة إسرائيل لخطف جندي إسرائيلي واحد، يحظى بأرقى المعاملة الإنسانية، ولم يَقِرْ للكيان الصهيوني قرار حتى استعادته، وضحت بالإفراج عن أكثر من 1200 أسير فلسطيني، فيم الدبلوماسية العربية الفذة والنادرة لا يتحرك لها شعور أو إحساس للمجازر اليومية والتشريد والتهجير للآلاف في بورما وسوريا والعراق وفلسطين واليمن.

تُرى ما دور ثورات الربيع العربي في اجتثاث هذا السرطان الذي ينخر في جسد الأمة منذ عقود من الزمن باسم السياسة والموازنات والمصالح الدولية؟!!. هل يا ترى تنجح ثورات الربيع العربي في اقتلاع سدنة الفساد والعهر السياسي الجاري في أوطاننا العربية المسلمة، أو أنّ ثورات الربيع العربي قد تنجح في اقتلاع الرؤساء والزعماء، ولكنها لا ولن تستطيع أن تقتلع وزراء الخارجية العرب، لأنهم ببساطة هم الخط الأول للمخططات الإستعمارية في الوطن العربي والإسلامي، ويجري تنفيذ مخططات الاستعمار بأيدي الدبالسة العرب وعلى أعينهم وسمعهم وبصرهم.

كيف جاء هؤلاء المناكيد إلى مواقع القرار في الأمة، وكيف يتبوأ هؤلاء مواطن الحل والعقد، فيما هم ماتت فيهم الغيرة والرجولة والنخوة العربية، ألم يشاهدوا عشرات النساء المغتصبات في سوريا والعراق وأفغانستان وبورما..الخ ، ألم يفهموا بعد أنه يفترض فيهم تمثيل حضارة الإسلام ودين التوحيد، والأخلاق والقيم العربية الأصيلة التي تأبى الظلم والضيم والقهر والإذلال، أليس فيهم رجل رشيد، له بعض قلب أو بعض ضمير حي!!!!! .

هل عجزت الدبلوماسية العربية أن تقف ولو موقفاً واحدا ترفع فيه من مكانة الأمة وتعلن التحدي والإصرار والإباء لما يجري على الأرض الإسلامية، من مجازر وإهانات لمقدسات الأمة ودينها .!!.

هل آن الأوان لبعض وزراء الخارجية العرب أن يتوقفوا عن تربية الكلاب والحيوانات الأليفة، ومتابعة أرقى المأكولات الباريسية للكلاب والقطط، ويتجهوا نحو تربية الأمة وتنميتها ورفعة شأنها في المحافل والساحات الدولية .

هل آن الأوان لوزراء الخارجية العرب أن يقاطعوا حفلات الرقص والخنا والفجور، وأن يقفوا وقفة القادة والزعماء ليرفعوا عن أمتهم حفلات الدماء والأشْلاء التي يرتكبها أعداء الأمة ليل نهار.

باختصار شديد ..هل آن الأوان لوزراء الخارجية العرب أن يمثلوا الأمة بدلا من أن يمثلوا أعداء الأمة!!.

Moafa12@hotmail.com