حزب الإصلاح...علامات إنقسام الشمس
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 21 يوماً
الإثنين 27 أغسطس-آب 2012 04:01 م

كالعادة وبدون مقدمات ، سيبادر البعض بإخراج هذا المقال من طريقه المرسوم بحسب نية الكاتب ، ووضعه في خانة التشكيك والتخوين وخدمة المخلوع وأولاده بسبب أن نقد الإصلاح وإخوته في المعارضة وحماة الثورة يصب في ساقية النظام العائلي ، بغض النظر سعى قلمنا لذلك أم لم يسعى ، مع العلم أننا وبحمد الله كنا من السباقين ومنذ زمن بعيد ، في مقارعة نظام المخلوع والدعوة لإسقاطه ولازلنا على العهد ساعين ومطالبين إلى إخراج كل من عمل مع صالح وساهم في دمار البلاد بأي طريقة كانت ، وعليه وجب التوضيح لمن سيسرع في تبني تلك النظرية ، أن توجيه النقد لحزب الإصلاح ليس خدمة لأحد كما أن ذلك ليس جرم يحاسب عليه القانون ، بل هو بمثابة تقويم مبني على إجتهاد كاتب قد يصيب أو يخطأ ، ووحده الحزب المقصود مخير بين السماع لصوت الناقدين أو تجاهل أصواتهم ، وفي كلتا الحالتين الأمر سيان عند الكاتب والناقد لأنه قال ما عنده وبقي على الإصلاح كحزب أن يفعل ما لديه أو ما يتطلبه الواقع الجديد ويطالب به الناس .

من المعروف أيضا ، أن الكثير من أعضاء حزب الإصلاح سيقولون أن الكتابة عن حزبهم وانتقاد قادتهم في الوقت الراهن ، ما هو سوى نوع من أنواع الفتنة والنميمة وزرع بذور الإنقسام بين القيادة والقواعد عبر التشكيك في الحزب وأفعاله والقرارت المتخذة من أولي أمر الإصلاح إن جاز اللفظ ، وذلك القول مبني على ثقافة التنزيه التي لبسها القادة برغبة منهم أو رغما عنهم ، والتي أدت بدورها إلى خلق تصور لا يأتيه الباطل من الأمام أو الخلف بأن الإصلاح كحزب إسلامي لا يخطأ ولا يعرف سوى مصلحة الوطن والشعب ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحيد ولو قيد أنملة عن ذلك النهج المرسوم .

من الناحية الشرعية والأخلاقية لا يصح مطلقا محاكمة نوايا المتكلم خاصة عندما يكون كلامه واضح صريح ، فكيف بإلقاء التهم عليه وجلد ذاته من قبل أنصار الإصلاح الذين يفترض أن لا يقوموا بذلك لأن تربيتهم الدينية تحرم التشكيك ومحاسبة الضمائر على يقين المعرفة بما في صدور الناقدين ، فذلك أمر معرفي خاص برب العزة والجلال المطلع على خبايا الصدور وما تكنه الأنفس ، وشخصيا أقول ذلك الكلام لمعرفتي واطلاعي على أقوال أعضاء حزب الشمس في حق كل من يخالفهم الرأي ويتعرض لحزبهم الموقر ولو كان في تعريضه الحق ، وفي كلامه حقائق تثبت وبشهادة التاريخ وحقائق الواقع وقوع الإصلاح في أخطاء لم تؤثر عليه فحسب ، بل لعبت دورا كبيرا في تقييد المعارضة وكبح جماح الثورة المعاصرة .

الكلام السابق أعلاه ، كان رغبة منا الهدف منه حقن الأعصاب المنفعلة بالهدوء حتى لا تسارع في قذفنا بصفات ليس لنا منها وبفضل الله أولا ثم بشهادة حضورنا المتواضع ، حرف ولا حتى نقطة واحده ، فبحسب متابعتي لتعليقات الإخوة الأعزاء في حزب الشمس في الفيس بوك أو في المواقع والمنتديات ، رأينا أنهم يصفون معارضي حزبهم بأوصاف أنصار المخلوع وأولاده والحوثيين والأمن القومي والمندسين وعملاء إيران والساعين لتشويه منجزات الثورة ، وهم بذلك يقومون بإقتراض واستنساخ ألفاظ حزب المؤتمر التعيس والذي كان يصف معارضيه بالخونة والعملاء والظلاميين وأعداء الوحدة والديمقراطية والساعين لتشويه المنجزات ، ليثبتوا لنا أنهم أيضا بحاجة لثورة داخلية في حزبهم الكبير لعلها تؤدي إلى تغيير المفاهيم وإنتاج سلوك جديد به ومن خلاله يستطيع حزب الإصلاح مجاراة الواقع اليوم والإلتحاق بمجرياته المنطلقة بسرعة لم يستطع الإصلاح بسبب سيطرة العسكر القديم مسايرتها أو حتى التعلق بمؤخرتها لعله بذلك يحجز لنفسه مكانا في المستقبل .

من الواضح أن السنوات الأخيرة شهدت صراعا باردا بين قيادة الإصلاح التقليدية وما يعرف بقيادات الصف الثاني في الحزب ، كان ذلك قبل الثورة طبعا بفترة لا تتجاوز الأشهر ، لكن يبدوا أن القيادة العتيقة نجحت في كبح ذلك الصراع ومنع خروجه إلى العلن ، مستغلة الولاء الأعمى من قبل أعضاء الحزب في مختلف محافظات البلاد ، لكن الأيام الأولى التي شهدت إشتعال الثورة ، أثبتت للمطلعين أن الخلاف كبير وعميق ، وينذر بوقوع إنقسام في الحزب بسبب التباين في المواقف من الثورة وكيفية التعامل مع النظام ، فالقيادة التقليدية رأت في تنازلات صالح أيامها بإلغاء التوريث والقبول بالفيدرالية أو النظام الوزاري وكذلك مقاسمة الحكومة مكاسب كبيرة وثورة في ذاتها ، لكن الكثير من قيادات الصف الثاني رأى أن موقف القيادة مكمل لأخطائها السابقة عندما رشحت صالح في إنتخابات 99 م ، ثم بصورة أو بأخرى وقفت ضد مرشح المشترك في 2006 م المغفور له بن شملان رحمه الله ، وهي مواقف مكملة لشراكة كبيرة تمت في تلك المرحلة بين صالح وقادة الإصلاح ، وكان الحل الوحيد في نظر القادة الشباب في حزب الشمس هو السير قدما وبقوة نحو إسقاط النظام بالكامل مهما كانت التضحيات ، ولذلك ظهر الإختلاف والتناقض في تصريحات الفريقين ، ففي الوقت الذي كان الآنسي واليدومي وقحطان يقولون شيء ، كان حميد وتوكل وغيرهم يقولون غير ذلك ، بينما كان الزنداني والحزمي وغيرهما يتوسطون عند علي صالح من أجل الوصول لحل يرضي أطراف صراع متجاهلين تماما حركة الشارع وتوسع رقعة الثورة يوما بعد يوم .

بحسب تصوري الشخصي لم يكن قادة الإصلاح مقتنعين بشيء إسمه ثورة ، لعدة أسباب أهمها وقوعهم لو وجدت دولة حقيقية تحت طائلة المسائلة عن أشياء ليس لها في هذا المقال الان مكان ، لكن الواقع الثوري العربي فرض نفسه على الجميع ، إضافة إلى تصلب وخداع ومكر وغدر وتقلب علي عبدالله صالح ، وهي نقطة قالها شباب الإصلاح لقادتهم الذين أثبتوا ايامها أن الأيام لم تعلمهم شيء ، وعليه فقد وجدوا أنفسهم مجبرين لا أبطال في صف الثورة ، وتقريبا لم يصل فريقي الصراع في الإصلاح لتوافق مشترك بسبب التعامل مع الثورة وأهدافها ، وذلك على ما يبدوا كان واضحا في كيفية التعامل مع المبادرة الخليجية التي تبناها المشترك ( كان لقادة الإصلاح الكلمة العليا ) وأيضا السعي من قبل قيادات الصف الثاني بمناصرة علي محسن في فرض مجلس إنتقالي ، وهنا ظهر الخلاف واتضح فعلا أن الأيام ستشهد حركة في الحزب قد تؤدي إلى إنقسامه ، ووحدها أحداث الثورة أجلت تلك الحركة وأخرت ذلك الإنقسام .

كانت الثورة ومجرياتها توسع رقعة الخلاف ، بينما أتت المبادرة السعودية لتقطع نهائيا عرى العودة والإتفاق بين فريقي الصراع في الإصلاح ، ومن قال غير ذلك فليراجع تصريحات الفريقين ، فأحدهما قال أن المبادرة حل ومخرج وتمثل إسقاط للنظام ، بينما رأى الشباب أنها غير ذلك ومثلت إنتكاسة للثورة وأهدافها ، ثم مع مرور الأيام أثبتت الوقائع أن الإصلاح كحزب يعاني بشده من الداخل ويسعى للملمة صفوفه بشتى الطرق ، لكن الفارق العصري والزمني بين جيلين أكد إستحالة الإتفاق ، وعجل بحدوث ما توقعه الكثير ، والمتمثل طبعا في حدوث ثورة شبابية في حزب الإصلاح تطيح بقيادته أو قيام الناقمين بشق الصف وتشكيل حزب جديد من رحم الإصلاح وهذا ما يتحدث عنه البعض اليوم .

إن مجريات الواقع اليوم تثبت لنا جميعا أن الإصلاح بحاجة ماسة للوقوف مع ذاته كحزب إن أراد البقاء فعلا ، والسير في طريق الإقتداء بالإخوان المسلمين في مصر وإيصال رئيس إصلاحي لكرسي الرئاسة ، وذلك لن يتم سوى بثورة حقيقية تقفز بالقدرات الشبابية في الحزب لموقع القرار والقيادة ، وما لم يحدث ذلك فلا داعي للذهول والتعجب لو وجدتم اليدومي والزنداني وغيرهم من قادة الإصلاح يقومون بزيارة المخلوع والإطمئنان على صحته إسوة بمصافحة ومعانقة الآنسي لأحمد علي ، ووقتها لن تجدي الحوارات المعدة سلفا لتوجيه رسائل معينه كما حدث في حوار توكل التي نسفت نظريات اليدومي وأكدت وقوف قيادة الإصلاح ضد شعار إسقاط النظام .

نعم ...لا بد من الإعتراف وبصراحة بل والقول وبصوت عال ، أن هناك فارقا بين جيل الثورة وقادة القوى التقليدية والإصلاح اكبرها واهمها ولهذا لم يقتنع الشباب في البلاد طولا وعرضا بما يقوله قادة المشترك من تبريرات وحجج لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهذه النقاط مجتمعة تسقط كاملة على حزب الإصلاح الذي يحتاج فعلا لضخ عقول ودماء جديدة تستطيع فهم الأجيال ومتطلبات الواقع ، وتنجح في إبعاد القيادات التي طال ليلها وتوقف عطائها وصارت عاجزة عن فهم ما يجري ، وبالتالي تنجح في الإرتقاء بحزب الإصلاح وتحويله لحزب سياسي حقيقي يحتضن قدرات اليمنيين من أينما كانوا ، وشخصيا أعتقد أن اليدومي والزنداني والآنسي وغيرهم مطالبين قبل أي أحد بالرحيل عن الحزب والسماح للكفائات بإدارته ، وإن لم يتم ذلك وفي القريب العاجل فتوقعوا أن يخرج من رحم الإصلاح حزب سياسي سينجح بالتأكيد في الوصول لغايات سامية إن فهم ووعى واستفاد من تجربة الحزب الأب أو الأم لا فرق في ذلك .

aalmatheel@yahoo.com