السلمية والمقاومة والشرائع الدولية
بقلم/ جمال محمد الدويري
نشر منذ: 13 سنة و 4 أسابيع و يوم واحد
الإثنين 17 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:45 م

  للمرة قبل الاخيرة ونحن نشكو من ابتهالات المعتصمين وسياط الجلادين فإلى متى النواح على حقيقة تستدعي الحضور الفعلي لسنن التدافع الانسانية عن كرامة الانسان وأمنه وحريته هذا ما تعانيه بلاد الثورات من شعارات السلمية وخدعها الوهمية التى تقتل أبنائنا مقيدين بسلميتها ، وأن نوبل للسلام تنتهج شعارات السلمية للمعتصمين حتى يكون مزيدا من التضحيات تحت وهم السلام العالمي ، ونحن نرحب بجائزة نوبل ليس في استمرار الركون والسلبية سياسيا أمام الانظمة السياسية الدولية وإنما من أجل أن نوجه رسالة لشعوب العالم أننا نحب السلام وننشد السلام ونرجوه ، إن جائز نوبل للسلام سلاح ذو حدين أحدهما يتم استغلاله عالميا من خلال سياسة النظم السياسية العالمية لقتل الشعوب العربية تحت مبررات السلمية من جهة ومزيدا من تنازلات القيادات الثورية لرغبات المجتمع الدولي والمصالح الدولية للدول الكبرى وهنا تأتي حنكة الدبلوماسية الثورية التى يجب أن تعي أبعاد السلام وسلمية الثورة ونوبلية السلام و من ثم استغلالها اعلاميا لنجاح الثورة وتوعية الرأي العالمي بجرائم النظام على شعبه.

كما أن مؤشرات العنف والتمثيل بجثث المتظاهرين من قبل الحرس والأمن العائلي يستدعي الحضور الشرعي والمبررات الدولية التى يكفلها القانون الدولي في الدفاع عن النفس ومواجهة العنف والارهاب العسكري بالمقاومة الشعبية الحرة، وهنا تكون سلمية الثورة في الدفاع عن نفسها وحقها في رد الظلم عليها بالمثل والمعاملة بالمثل هي القاعدة الدبلوماسية والعسكرية التى أقرتها المواثيق الدولية.

إن الاستسلام والركون والاستسلام للسلمية الثائرة و اخراجها عبر مسميات تظاهرية قد اكتملت مهامها وانتهت وظيفتها وأصبحت معلومة ومشهودة أمام الرأي العام الدولي فلا داعي لمزيد من الاقدام بشبابنا ودعاوي الزحف الذي سمعناه وسئمناه ففرصتنا كانت بعد جمعة الكرامة ولن تعود مرة أخرى، فنحن دعاة سلام لكننا ندافع عن انفسنا كما أنه مكفول لنا عقلا ودينا وقانونا ، فالدفاع عن أنفسنا هو أوجب من الاستسلام والمظاهرات تسمى استسلاما ولا تدعى سلاما.

 هذا هو منطق الدين والحق الذي يجب أن نفهمه ، والسلمية التى تنشدها الدول الاقليمية والعالمية هو الاستسلام حتى نكون شياه تقاد الى مسالخ المظاهرات ونحن نتوهم النجدة و ننتظر الغوث من المجتمعات الدولية.

إن الحنكة الثورية تستدعي مزيدا من الاقناع الدبلوماسي للقوى الدولية ولن يكون القبول عند الاخر بقناعتنا ما دمنا نتحدث عن حاجاتنا ومصالحنا ووطننا إنما الدبلوماسية الثورية هو في اقناع الدول الكبرى بمصالحها وقدرتنا على حمايتها وتحقيق التعاون الدولي فيما بين الدولة القادمة والدول العالمية ، حتى ولو كانت الصين وروسيا فمصالحهم مقدسة فوق اعتبارات القيم الدولية والانسانية. وهذا ما يستخدمه النظام العائلي مع هذه القوى ويستغل ورقة الارهاب ويرحب بالقواعد الاجنبية والتعاون مع القوى العظمى التى ترعى مصالحها من أجل بقائه بالسلطة ولو أدى الى ضياع الوطن فلسان حاله من ليس فيه خير للرئيس لا خير فيه للوطن.

لذا فإن المتطلبات الاساسية للقيادات الثورية هو نجاحها في الاعلام المحلي حتى تحقق التعبئة الشعبية والدبلوماسية السياسية من أجل تحقيق النجاح الدبلوماسي ونجاح المقاومة الثورية في توسع رقعتها على حساب الحرس العائلي ومن ثم يمكن معرفة النتائج التالية:

1- يحقق الاعلام الثوري المخاطب للشعب اليمني مزيدا من الحضور الثوري ومزيدا من اتساع رقعة الثوار على التراب اليمني

2- تحقق الدبلوماسية السياسية مزيدا من التعاون والشراكة بين الثوار والمجتمع الدولي ومن ثم مزيدا من الدعم اللوجستي والدعم العسكري والسياسي للثورة

3- إن نجاح المقاومة الثورية في توسيع رقعتها يترك المجتمع الدولي والاقليمي امام الواقع ومن ثم تجفف منابع الدعم للنظام العائلي وربما الارتماء مباشرة في أحضان التباكي على الثوار والحزم على النظام العائلي.

إن سياسة استخدام جائزة نوبل اعلاميا مع مجتمعات الدول الأجنبية سيعطي لليمن شرعية كبرى في الدفاع عن القيم الانسانية وقد يؤدي الى توسيع وعي المجتمعات الاجنبية بالواقع اليمني والعربي وهذا يتوقف على الدبلوماسية السياسية الحكيمة التى تدعو الى السلام وتتحرك بالسلام دون الاستظهار بالقوة والزحف الا على غرار الثورة الفرنسية وسقوط القصر الجمهوري الذي هو على غرار البستيل بالظلم والقهر والتزييف.

 وقبل كل هذا فالوعي الحقيقي الذي يجب أن يدركه الثوار أن النظام العائلي لن يتنازل الا بالقوة لا بالضغط الدولي وأن مهمة الثوار هو كسب مزيدا من التعاطف الدولي والدعم لهم في مواجهاتهم المستمرة مع النظام العائلي.

الحقيقة المرة التى يجب أن نفهمها كثوار أننا في المقاومة نواجه النظام العائلي وخيوط الدعم الاقليمي والدولي له وأننا مهما حاولنا ضبط النفس فالنهاية لن تكون الا بالمواجهة العسكرية التى يخطط لها المجتمع الدولي للقضاء على القيادات الثورية الفاعلة واخلاء الجو في الدولة القادمة لمن يبيع وطنه وقيمه ودينه من أجل الوصول للسلطة، فالمثالية السياسية ليست الا وجها من الخداع الدولي التى بها تقتل الشعوب تحت مزاعم السلمية ونوبلية السلام.

* كاتب وباحث سياسي