أولويات المشترك.. العري قبل الثورة
بقلم/ صلاح محمد العمودي
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 3 أيام
السبت 13 أغسطس-آب 2011 05:12 ص

في احد تصريحاته الأخيرة قال محمد قحطان الناطق الرسمي للمشترك بعد أن اكتشف بدهائه السياسي مؤخرا أن الرئيس صالح لم يتزحزح عن المربع الأول «لا خيار أمام الشعب إلا مواصلة ثورته». تصريح كهذا وغيره لا قيمة له بعد أن حولوا الثورة إلى أزمة وإنما يصب في سياسة العري التي تعهد المشترك بانتهاجها كي ينزع عن السلطة ما يستر عورتها ويفضحها أمام العالم حسب رده على منتقديه, لكن المشترك وجد نفسه ظهيرة الثالث من يونيو وقد تعرى تماما أمام هيلاري كلينتون وكاترين اشتون, والعالم يتفرج ببلاش بعد أن غادر الرئيس وأركان نظامه إلى السعودية للعلاج تاركا لهم الجمل بما حمل فظلوا مكتوفي الأيدي حتى اللحظة لا يدرون كيف يتصرفون.. تارة يستترون بشرعية النائب الشفافة وتارة أخرى يختبئون تحت عباءة السفير السعودي الواسعة أو خلف بذلة السفير الأمريكي الضيقة متوسلين منهما أن يستروهما بقطعة قماش نقل السلطة, حتى وجدوا أنفسهم أخيرا يغطون عورتهم بالحديث عن شرعية الرئيس التي انتهت ولسان حالهم يقول دون حياء لا يهم إذا قضينا على الثورة المهم إننا عرينا النظام.

في الثالث من أبريل بدأ العد التنازلي لإخضاع ساحة التغيير في صنعاء وبشكل سافر ومستفز للفعل السياسي على حساب الفعل الثوري الذي هز في اقل من شهرين أركان 33 سنة من حكم الرئيس صالح وكان قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة به لولا سرعة استجابة قادة أحزاب اللقاء المشترك للعب دور المنقذ في لحظة النفس الأخير تلبية لمصالح أطراف عديدة, لم تكن خطوة المشترك تلك مفاجأة للناس لمعرفتهم بنضاله التاريخي وارثه الجغرافي وتراثه الثقافي ومدى ولعه ليس فقط بالحوار وحديث القيل والقال الذي (يودي ولا يجيب) وإنما مشكلته انه كالسمكة لا يستطيع العيش بعيدا عن طاولات الحوار بأشكالها الهندسية المتعددة وأضوائها الصاخبة ومردودها النفسي.

ولان شركاءه في حوار التآمر على الثورة وبالذات الرئيس صالح يدرك جيدا أن نقطة ضعف المشترك في نفسه الطويل بدليل انه في حواره الأخير مع السلطة كاد أن يتفوق على أهل الكهف لولا خروج سلطان البركاني شاهرا سيفه ومهددا بحرب قلع العداد بعد إن ضاق درعا من طول نفسهم ,فكان عندما يشعر الإصلاح بالاختناق يأتي دور الاشتراكي ثم الذي يليه وهكذا يظل النفس متواصلا حتى وان اختنق محاوريه لا يجد بأسا من أن يحاور نفسه وتقديرا لهذه الإمكانيات والقدرات الهائلة التي يتمتع بها المشترك جاءت فكرة مبادرة الخليج بنسخها المتعددة وبابها المفتوح على مصراعيه لحوار لا نهاية له يتفوق على جدل أيهما أولا البيضة أم الديك الذي لم ينته بعد.

بدلا من أن يكونوا شركاء في مؤامرة كهذه كان على قادة المشترك أن يفيقوا ويقدموا استقالاتهم ويعتذروا للشعب على كل سقطاتهم السياسية السابقة وعلى رأسها دورهم المتخاذل الذي دعم تمرير نتائج انتخابات 2006 الرئاسية المشكوك في صحتها تحت مبررهم الشهير (تقبل الأمر الواقع) دون اعتبار لموقف الشعب ومرشحه فيصل بن شملان الذي توفي كمدا ولم يعترف أو يصدق على نتائج تلك الانتخابات ثم الحوار المراثوني الذي استمر سنوات مع السلطة دون طائل ودفع فاتورته الشعب من صحته وعيشه وابسط احتجاجاته التي مازالت بعيدة عن متناول يده.

قرار كهذا من المشترك اضعف ثورة الشعب وأصابها بالوهن ولم تعد مصدر قلق وبدأ الفعل الثوري يتلاشى من ساحة التغيير في صنعاء ويطغى فعل أخر غير مؤهل للمواجهة والتصعيد ويفضل اللعب بأوراق تتجاهل الحسم الثوري ولا تنتمي إليه, أجواء كهذه أيقظت المشاعر لدى ثوار جدد لن يبخلوا في التضحية بأصواتهم وقت ترديد شعارات المشترك فاكتظت بهم الساحة, حتى أملنا الأخير لم يعتقه المشترك حوله كما كان يتنبأ عبده الجندي إلى كتشب وصبغة بعد أن كان دما قانيا وغاليا يهز العروش والكروش.

فساحة التغيير في صنعاء بعد ابريل المشترك ليست هي ساحة ثوار فبراير, ولو أن ثوار الأمس بمواصفات ثوار اليوم في شعاراتهم وفعالياتهم ومرجعيتهم لما استطاعوا أن ينصبوا خيمة واحدة ويؤسسوا لاعتصام ثوري, تضحية كهذه لا يقدر عليها ثوار ساحة التغيير اليوم التي أصبحت تحت سيطرة اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون, وهؤلاء هم من بني لن نزحف عليهم إنهم قوم جبارون حتى وإن أتاهم الفرج من الله الذي يتطلب منهم فقط أن يمدوا أيديهم نحو الباب ليفتحوه ويدخلوه فهم الغالبون لن يفعلوا؛ لأن عقدة وخرافات وأساطير المشترك قد تغلبت على إيمانهم فظلوا حتى هذه اللحظة قاعدين بانتظار المجهول الذي سيجبرهم في نهاية المطاف أن يرددوا مع مشتركهم عبارة فشله الشهيرة (تقبل الأمر الواقع)

amodisalah@yahoo.com