إذا نطق (الرئيسُ) فلا تُجِبْهُ !
بقلم/ طارق فؤاد البنا
نشر منذ: 13 سنة و أسبوعين و يوم واحد
الثلاثاء 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:11 م

تتشابه أساليب الطغاة في كل زمان ومكان ، وإن اختلفت التفاصيل في أمور بسيطة ، إلا أن جوهرها هو نفس الجوهر (البغيض) ، حيث أن ما يجمعهم هو هدف واحد وهو إذلال شعوبهم ، والخلود على الكراسي (اللعينة) !.

وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف يستخدم الطغاة والمستبدون كل الوسائل والأساليب ، حيث لا يأبهون بأي شيء دون هدفهم ، فكل شيء دون كراسيهم رخيص ، وليس هناك أثمن من حياتهم المرفهة بآخر (صيحات) الترفيه الفاسد بما تحتويه من أرصدة وأموال وغيرها ، حتى ولو مات الشعب جوعاً ، فهذا لا يهم ، المهم أن لا يشعر (الرئيس) بما يفسد عليه يومه وسهراته ولياليه الملونة بكل ألوان الطيف !.

ولأن دوام الحال من المحال ، ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، ولأنه مهما طال عهد (الصمت) فلا بد من أيام لفتح (الأفواه) والكلام والصراخ ، ومهما طال عهد الذل فلا بد من أيام للعزة والعودة إلى العقل ، فإن كل هذا هو ما يُشعر (الرئيس) وأتباعه بالقلق والخوف والوجل ، لذلك ولإخماد كل الأصوات سيعمل هؤلاء بكل ما أوتوا من قوة وخبث ومكر على إطفاء شعلة (الحق) ولكن أنى لهم ذلك ، فهل تحجب أصابع اليد قرص الشمس ، فما بالك إذا كانت يداً ملوثة بالدم الغالي والمحرم عند الله .

ومن أهم الأسلحة التي يستخدمها أعداء الحقيقة والتي يحاولون بها أن يطفئوا نور الله وفجر الشعب بأفواههم (الناعقة) بكل شر ، هو سلاح (التخوين) وكثرة الهرج والمرج والتزييف الإعلامي في محاولة لذر الرماد في العيون .

ومنذ قيام ثورة الشعب اليمني في مطلع هذا العام خرج علينا (الرئيس) البائد والمخلوع والمُطّلَّق بالثلاثين وليس بالثلاث بالكثير من الخطابات المملة والمكررة والتي ليس فيها أي جديد ، حيث كان الكلام هو نفس الكلام ، والإشارات هي ذات الإشارات ، والعبارات أغلبها متشابهة ، ولكن ما كان يتجدد ويتطور فيه صاحب الفخامة هو عبارات الاتهامات للآخرين ، حيث تفجرت قريحته (التخوينية) ، فخوَّن الجميع ، واتهم الكل ، بل ووصل إلى حالة لم يدري فيها ماذا يقول ، حيث انتهت عبارات التخوين رغم كثرتها ، ولكن دع القلق فأنت مع علي صالح ، خاصة إذا كان بجانبه أناس يعرفون معنى الخيانة ويجيدونها ، فإنهم بالتأكيد لا زالوا قادرين على (إنجاب) المصطلحات التخوينية ، خاصة مع (عقمهم) الأخلاقي الذي يريد أن يمنع (مولود) الثورة من الهبوط من (رحم) الشعب المعاني منذ عشرات السنين ، وما عبده الجندي وأحمد الصوفي وأحمد بن دغر وياسر اليماني وطارق الشامي وغيرهم من أعضاء (جوقة) النظام الفاشل إلا دليل على معنى (الخيانة) المتجسد في سلطتهم المخلوعة من الشعب، وخاصة إذا عرفنا أن كل من ذكرناهم هم من أحزاب أخرى غير حزب (الرئيس) إلى ما قبل فترات قصيرة ، ولم يدخلهم إلى (بلاط) القصر إلا خيانتهم ، واستعدادهم الكبير للانبطاح إلى حد كسر الظهر أمام قدمي زعيمهم (المتأله) !.

لقد قال صالح أكثر من مرة أن الثوار هم (إرهابيون) ، وكلنا يعرف من هو الإرهابي ، من هو الذي يقتل الأطفال ، حتى من هم دون السنة الأولى من أعمارهم ، فهل كان أنس إرهابي ، وكلنا يعرف من يقتل النساء ، فهل كانت الشهيدة عزيزة إرهابية ، نعم أصبح الجميع يعرف كل شيء ، حتى العالم الخارجي الذي أوهمه صالح بأن اليمن ستتحول إلى وكر للإرهاب إذا رحل أصبح يعرف كل شيء ، أصبح يعرف أن جميع قيادات القاعدة (المزعومة) يستلمون مرتباتهم من القصر الرئاسي ، وأن كل ذلك لم يكن إلا (فزاعة) غبية لاستجلاب المعونات الخارجية واستنزاف الخزائن الأمريكية والغربية بشكل عام لصالح الخزينة الصالحية !.

كم من مرة قال صالح أن الثوار هم من (المغرر بهم) ، فهل من المعقول أن يكون التغرير على انطلى على الشعب اليمني أجمع ، هل سينطلي على المتعلم والأمي ، الكبير والصغير ، الرجل والمرأة ، العسكري والمدني ، الجنوبي والشمالي ، صاحب مطلع وصاحب منزل ، البرغلي والدحباشي ، وكل من عمل صالح على إفساد العلاقات بينهم ، وعمل على تناحرهم طيلة سنين حكمه ، هل من المعقول أن جميع هؤلاء مغرر بهم ، ويقدمون دماءهم رخيصة لأنهم مغرر بهم ، ويستمرون في الساحات طيلة 9 أشهر من المعاناة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويقاومون كل عوامل الطبيعة القاسية من شمس حارقة وريح عاتية وأمطار غزيرة ، وفي وسط قصف متواصل وقنص خبيث ، فهل من المعقول أن كل ذلك لأنهم مغرر بهم ؟!

في كثير من المرات قال صالح بأن الثوار هم (انقلابيين) ، فهل من يقول للظالم لا يعتبر انقلابي ، وهل من ينقلب على الدستور ويعمل على تفصيله على مقاسه حتى ضاق عليه يسمى مناصراً للشرعية الدستورية ، لقد عرفنا من هو الانقلابي ، من قتل الحمدي ، من قتل الناصريين ، من انقلب على دولة الوحدة وأعلن حرب الانفصال ، من انقلب على الشعب الذي ائتمنه حتى عاد ليقتله ، حقاً لقد عرفنا من الانقلابيين !.

أما عن الأجندة الخارجية فقد قال صالح مراراً وتكراراً أن الثوار ينفذون (أجندة خارجية) ، وهم خاضعين لأوامر خارجية ، والعجيب أن كل الاتهامات التي يطلقها صالح على الثوار هي موجودة عنده ، بل هي ما خُلقت إلا لأجله ، فكأنه يرى نفسه في المرآة ، ويرى خطاياه ، ثم يستيقظ في الصباح ليسقطها على الثوار ، فهل الثوار هم من سمحوا للطائرات الأمريكية بقصف أبناء اليمن في عقر ديارنا ، وهل الثوار هم من يتلقون الحماية من قبل أمريكا ، هل الثوار هم الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة في حربها على الإرهاب ، هل الثوار من يسبحون بحمد (البيت الأبيض) ويسجدون أمام رئيسه لكي لا يغضب عليهم كما يفعل ذاك الرئيس الذي يصنع ما يشاء ..لا لشيء سوى أنه لا يستحي !. 

لقد أطلق صالح الكثير من الاتهامات جزافاً بحق الثوار ، هم (متآمرين) و(منشقين) و(خارجين عن القانون) و(إماميين) و(منغلقين) و(انفصاليين) و(متشددين) و(غُلاة) و(متطرفين) حتى وصل به الأمر إلى أن يتهم أبناء اليمن في أعراضهم خاصة بعد فتوى الاختلاط ....وغيرها من الاتهامات التي تنطبق بكل حال على من يطلقها ، ولسنا هنا بمقام التفنيد لكل كلماته ، فقد شبعنا كلام ، لم يعد الشعب يتوقف عند كلام الرئيس المخلوع ، الشعب يواصل عمله ومسيرة نضاله ، مهما قدم من تضحيات ، فليقل ما يقل ، وليتهم بما يشاء ، فالشعب عرف طريق الخلاص ، كما عرفه شعب مصر ومن قبله تونس ومن بعدهما ليبيا ، حيث لم يستمع شعب تونس إلى بن علي وهو يقول (أنا فهمتكم) ولم يجيبه سوى بقوله : إرحل ، ولم يستمع شعب مصر إلى مبارك وهو يسرد تضحياته (أفنيت عمري في خدمة مصر..) ، ولكنه قال له : إرحل ، ولم يستمع شعب ليبيا إلى كل اتهامات القذافي ، وهاهو الآن يطارده (زنجة زنجة) ، بالمختصر المفيد..إذا نطق (الرئيسُ) فلا تُجبه..فإن خيراً من إجابته أن تقول له (إررررحل) فقط !!.