نواب لا يصيبون الهدف
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 04 إبريل-نيسان 2012 04:13 م

لم تمكنني ظروفي الصحية من حضور جلسة استجواب وزيري الدفاع والداخلية حول الانفلات الأمني المخيف الذي تشهده البلاد، بسبب عدم قيام بعض الأجهزة الأمنية بوظائفها وقيامها بدلا عن ذلك بتسليم معسكراتها وتموينها من مختلف الأغذية والأسلحة والوقود والعتاد العسكري بل وبعض أفرادها لتنظيم أنصار الشريعة الذي يسميه البعض أنصار الرئيس السابق أصدقاء القاعدة والحرس الجمهوري والأمن القومي والمركزي والسياسي.

النواب يعلمون أنه لا د. عبد القادر قحطان ولا اللواء محمد ناصر يديران الملف الأمني والعسكري وأن هذا الملف يديره آخرون ليسوا مجهولي الهوية بل أنهم معروفون بهويتهم وأسمائهم ورتبهم العسكرية والمواقع التي يشغلونها على رأس الأجهزة الأمنية والعسكرية لكن أصحاب المعالي النواب المحترمين أصحاب الاستجواب لا يمتلكون الجرأة على الإفصاح عن هؤلاء ولا الإشارة إلى أسمائهم فليس لديهم شجاعة طالبات إحدى المدارس الابتدائية اللواتي اعتصمن حتى أزحن مديرتهن الديكتاتورة الصغيرة.

استجواب وزير الداخلية ووزير الدفاع وأي وزير آخر وحتى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية حق دستوري يكفله الدستور وقانون لائحة مجلس النواب، وليس مستنكرا أو مستغربا أن يأتي هذا في ظل الوضع الراهن الذي يمتلئ بالعشوائية والفوضى والتسيب وضعف الأداء والانهيار الاقتصادي والأخلاقي والمجتمعي، لكن المستغرب أن أصحاب الاستجواب لم نسمع يوما أن سألوا من قتل مئات وربما آلاف المواطنين السلميين من القتلة الممسكين بالأجهزة الأمنية والعسكرية وكانوا يبررون ذلك بأن من قتلوا كانوا يرفعون شعارات انفصالية مثلا، أو أنهم أهانوا الزعيم الرمز الذي دمر البلاد والعباد وأوصلنا إلى مستوى أكثر البلدان فشلا، ربما لأن السادة النواب لم يكونوا يمتلكون الرغبة وربما الجرأة في مساءلة الذين تسببوا في كل ذلك بل وهناك ممن النواب من دافع عن القتلة والمجرمين وضلوا يتسترون عليهم حتى آخر رمق.

السؤال الموجه حول التسيب والانفلات الأمني يعرف الإجابة عليه كل الذين وجهوا الاستجواب وطالبوا بسحب الثقة من وزيري الدفاع والداخلية، ويعرفه أيضا السفير الأمريكي الذي مر المسلحون الذين احتلوا جعار وزنجبار وبير علي وعزان وغيرها من المدن أمام الأقمار الصناعية لبلاده دون أن تعلم السلطات اليمنية، ثم عادت تلك الأقمار الصناعية ومن يتحكم بها لتقصف المدن والقرى وتصيب المدنيين دون أن تصيب أحد من المسلحين المطلوبين.

السؤال الموجه للوزيرين سؤال مشروع لكنه كان يفترض أن يوجه إلى ابن الرئيس المخلوع الذي يقود أقوى جيش في اليمن لكنه لا يستخدمه لحماية الوطن والمواطن مثلما يستخدمه لقتل كل من ينادي بإسقاط أبيه، وهو من أمر القوات بتسليم معسكراتها وأسلحتها وعتادها لأولائك المسلحين الذين يراد اليوم مواجهتهم كما كان يفترض أن يوجه إلى مدير مكتب الرئيس وابن أخيه الذين يديرون جهازا تمنحه الولايات المتحدة 150 مليون دولار سنويا يستخدمانها في شراء الذمم والتنصت على المواطنين الأبرياء وقتل المحتجين العزل من السلاح ودعم القاعدة ويتصرفون بالباقي في البذخ والترف وما خفي. . . .

الغريب أن الوزيرين لم يجرؤا على قول الحقيقة ويفسرا لأعضاء مجلس النواب والأهم للرأي العام اليمني والدولي من السبب في الانفلات الأمني والتسيب الذي تعيشه البلد ولم يمتلكا الشجاعة ليقولا أن من يتسبب في كل ذلك هم أناس فوق السلطة والقانون ولا يوجد من يتجرأ على محاسبتهم ببساطة لأنهم يملكون مؤسسات بنوها لخدمتهم وليس لخدمة الشعب الذي ينفق عليها المليارات من أموال دافعي الضرائب، ولم يمتلكا الشجاعة ليقولا أنهما ليسا مسئولين عما تشهده البلد من جرائم ترتكب في حق الوطن والمواطن من قبل من طالبوا بالحصانة ليحموا أنفسهم من جرائم ارتكبوها في الماضي وأخرى ينوون ارتكابها في المستقبل ، والأغرب أنهما ومعهما كل أعضاء الحكومة الذين نفترض فيهم الاحترام لأنفسهم لم يقدموا استقالتهم من مناصب لا يستطيعون أن يعينوا فيها الفراشين الذين يقدمون لهم قهوة الصباح.

إن النواب الموقرين قد أثبتوا أنهم أقوياء على الخي لكنهم ضعفاء أمام الجمل الذي يرفس ويعض ويهدر ويملأ الأرض ضجيجا وصخبا دون أن ينفع ولو في 1% مما يلحق من أضرار بالآخرين.

برقيات:

* كان كاتب هذه السطور قد قدم أكثر من خمسة أسئلة ( أسئلة وليست استجوابات) لكل من وزيري الدفاع والداخلية، وبفضل السياسة الحكيمة لرئيس مجلس النواب ما تزال هذه الأسئلة مستبعدة من جدول أعمال المجلس، وكانت الأسئلة تتعلق بإزهاق أرواح والاعتداء على أفراد عزل من السلاح، وقصف قرى وإيقاف صحف دون وجه حق، وحمدا لله ان برلماننا استيقظ ضميره وصار يسأل الوزراء لكن في ما ليس من صلاحياتهم.

* احترم ما ورد على لسان أخي وصديقي الشيخ صادق الأحمر التي قال فيها الكثير من الحقائق والآراء السديدة، لكن تمسكه بالشكل القائم للدولة البسيطة لا يضع في الاعتبار المتغير العاصف الذي شهدته اليمن، الدولة البسيطة بيئة مناسبة للاستبداد والفساد والطغيان، وسنحتاج إلى جهد مضاعف لإقناع المواطنين الجنوبيين بالفيدرالية التي يرفضونها وأنتم لا توافقون عليها، أتمنى أن يكون هذا في الاعتبار ونحن ذاهبون إلى مؤتمر الحوار الوطني.

* من يتمعن في حديث السكرتير الصحفي للرئيس المخلوع عن مسلحي الحراك والمشترك وغيرهم دون ذكر القاعدة وأنصار الشريعة وما يفعلونه، يكتشف حقيقة العلاقة الودية بين هذا المطبخ والمسلحين المفوضين من قبل الرئيس المخلوع بالاستيلاء على محافظات الجنوب، وربما محافظات أخرى تنفيذا للأجندة المشتركة بين الرئيس المخلوع وتلك التنظيمات المسلحة.

* قال الشاعر العظيم أبوب الطيب المتنبي:

لا تُنكِرَنّ رَحيلي عَـنكَ في عَجَلٍ  فإنّني لرَحيلي غَيْرُ مُخْـــــــــــتَارِ

ورُبّمَا فارَقَ الإنْسانُ مُهْجَــــــتَهُ   يَوْمَ الوَغَى غَيرَ قالٍ خَشـــيَةَ العار

وقَدْ مُنِيتُ بحــــــــسّادٍ أُحارِبُهُمْ  فاجعلْ نَداكَ عليهم بعضَ أنصارِي