محافظة تعز: الثورة والمستقبل المنظور
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 13 يوماً
الإثنين 04 يونيو-حزيران 2012 04:11 م

كيف نبني تعز وننتشلها من واقعها السحيق ؟

إن التوصل إلى جواب السؤال هو حل لمشكلة اليمن من بوابة تعز النموذج ، فمشروع بناء الدولة المدنية أو المدينة النموذج لن يكون ممكنا تحقيقه دون الشراكة المجتمعية بإسهام تلك الأطراف المعنية في الشراكة وتتمثل حسب اعتقادنا بالجهاز الإداري والمكاتب التنفيذية في المحافظة وعلى رأسه المحافظ ، والقطاع الخاص ، والمجتمع المدني ، والأحزاب السياسية ، والمواطنون الضائعون في الزحمة.

إن مشروع البناء لا ينبغي أن نرمي الحمل على طرف واحد ونتهمه بالفشل المبكر دون أن تشترك كل الأطراف المعنية بالبناء ، فالتنصل عن المسؤولية صنيع العاجز والفاشل من يتقن الكلام ويعجز عن الفعل الاجتماعي. إن دوافع هذا القول ما نقرأه اليوم من انتقادات حادة غير مبررة للمحافظ ، وبعضها من السخف ما يبعث على الأسى من قبيل انه أمضى قرارا بفصل طلاب وطالبات ثوريات وثوريون فهذا كذب بين ، ولا ينبغي إن نخلط بين الرغبة في التغيير وبين رغبات البعض في الانتقام.

الجميع يعلم أن الأخ شوقي احمد هائل قبل منصب المحافظ من اجل المحافظة وليس من اجل نفسه، والكل يعلم أنه ينتمي إلى اكبر مجموعة تجارية في اليمن دون منازع، وهو داخل المجموعة ينتمي إلى الجيل الثالث أي انه ولد وترعرع في بيت عز ولم ينل ما ناله الجيل الأول من كدح ومغالبة المشاق ، والمنصب السيادي كما تعلمون :إما أن يناله من يطمح إليه ليكفي نفسه منه دون شبع ويتمسك به حتى الموت وهذا النوع من الناس هم من تسنم مناصب السلطة في البلاد بلا استثناء. أو ينصرف المنصب في حالات استثنائية إلى من لا يطمح إليه لأنه لا يحتاجه فلديه ما يكفيه وهذا هو المحافظ الاستثنائي الذي حظيت به تعز، فلندع للرجل فرصة انتشال المحافظة دون أن نكدر صفوه فقد نثقل عليه فلا يحتمل منا ما لا حاجة له به فقد يستقيل في اقرب فرصة إن رأى الناس لم تحسن التقاط الفرصة ، فمالذي يدعو شخص تحمل أذى المنصب وهو بعيد عن الأذى والاحتياج ؟ مالذي سيضيف المنصب إلى رجل لا ينقصه المال ولا تنقصه الوظيفة والمناصب ولا تنقصه الشهرة . إن قبول المنصب كان من اجل تعز آفلا نكون عونا له ؟ أتمنى أن لا يكون هذا المحافظ كالمائدة لبني إسرائيل.

الرجل قبل المنصب وفي رأسه مشروع انتشال المدينة فلا تنتشلوه من المنصب فقد يتركه لكم فلا تجدوا من يسد المكان ليحقق لكم ابسط الأهداف ، اتركوا الرجل يجري عمليات التغيير حسب ما يراه من موقعه كمسؤول وليس ما نراه من مواقعنا كمتفرجين، فالمثل يقول ليس من رأى كمن سمع ، فلو كل إنسان تولى منصبا لغير أفكاره وتصوراته وخططه بناء على المعلومات التي بين يديه والواقع المعيش والصعوبات التي تواجهه والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها ، بينما المتفرج يكون اقرب إلى صناع الدراما يلوي النص كما يريد حتى يخرج بعمل برضي الجمهور مرتكزا إلى التخيل لا على الواقع.

لقد كانت محافظة تعز منذ قيام الثورة تشد أزر كل محافظ يعمل ضدها ويخرج الناس بكل غوغائية يهتفون بالروح نفديك ياطلي ، كان الناس يتدافعون من الأرياف ليحضروا احتفالات عبثية تصرف فيها الموازنات ويتنقل الناس على حسابهم الخاص كأنهم ذاهبون إلى غزوة مؤتة في زمن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، لقد احتقرت نفسي ذات يوم لاني استجبت وأنا طالب بثالث إعدادي حين شاركت في مظاهرة شعارها لا دراسة ولا تدريس إلا بعودة الرئيس تزامنا مع إعلان المخلوع استقالته الصورية من السلطة، لا أجد وصف ذلك المنظر إلا بالغوغائية والعبثية التي أدارت المشهد .

اليوم ينبغي أن يكون أبناء محافظة تعز عونا حقيقيا للمحافظ الجاد والصادق والمخلص الذي جاء بفعل الثورة لكي يعمل لصالحها ، وليس بحاجة إلينا لنهتف له أو لغيره بالروح والدم ولكن لهتف حي على خير العمل التي نسمعها عند كل صلاة .

من هي الأطراف المعنية بالشراكة في بناء المحافظة ؟

الأحزاب السياسية : نأمل منها أن تساعد الرجل بالإيعاز إلى أتباعها بان يكونوا قدوة بالامتثال إلى القوانين والترتيبات الجارية لكي تلتقط المدينة أنفاسها من حرب داحس والغبراء الأليمة ، لا تنتظروا من الرجل أن يرضيكم بكل شيء، امنحوه فرصة مواتية لكي يمضي قدما في الإصلاح والتغيير .

المأمول أن تتميز المدينة بالسلوك الحضاري الذي تميزت به مدينة عدن ذات يوم وكنا نحسدها عليه ، ولنبدأ من ترك السلاح معلقا في جدار المنازل أو المخابئ والمخازن لبيعه عند الحاجة لأنه عار على الإنسان المدني أن يسلك نفس السلوك البدائي الذي يتفاخر بالقتل والهمجية ويعتبر ذلك رجولة ، الرجولة أن تنتصر بسلاح وحيد هو العقل ولا غير سوى العقل .

بمقدور الأحزاب أن تكون عونا للمحافظ وللترك له فرصة سبق لها أن منحتها لعلي صالح 33 عاما اتركوا الرجل خمس سنوات لكي تكون فترة قابلة للتقييم بعد خراب مالطة.

المجتمع المدني : هذا الحيز الهام من المجتمع الحي مطلوب منه أن يغير البنيان الداخلي وإعادة هيكلة ذاته وتعديل سلوكه لينسجم أداءه مع أخلاق الثورة والواقع الجديد ، والانتقال من حالة التبعية والخضوع إلى حالة الشراكة والبناء والإسهام بدءا من تطوير مكوناته في إعادة النظر بأنظمتها ولوائحها الداخلية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لشخصيات تكون قادرة على الإسهام في الشراكة المجتمعية، لن يكتسب الناس السلوك الحسن في الأسرة وحدها فذلك ممكن في سن الطفولة للصغار ولكن الحياة بعمومها بحاجة إلى إعادة تربية الإنسان مجتمعيا باعتباره مواطنا فاعلا في الحياة ، وبالتالي قبل أن ننتقد الآخر أيا كان الأخر سلطة أو خصما سياسيا أو جارا أو موظفا، ليسال الفرد نفسه أين دورك أنت وما هي الأدوار الممكنة للإسهام بها ؟

إذا أردنا لمحافظة تعز أن تكون بوابة التغيير في اليمن فلا بد أن ننقل أنفسنا كأفراد من منطق العبث الذي ألفناه إلى منطق المدنية والسلوك السوي حيث نجسد في أنفسنا حديث الرسول كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فهل بوسعنا أن نتأسى بالرسول الأعظم الذي كان يجسد المسؤولية في نفسه قبل أن يأمر الغير في تجسيده.

لن تكون تعز مدينة متميزة إلا بالشراكة بين كل أبنائها آيا كانت انتماءاتهم وآيا كانت جذورهم وآيا كانت علينا مؤاخذاتهم. من يعمل فقط هو من يرتكب الأخطاء لكي يصل إلى الهدف بأقل الخسائر ومن لا يعمل فقط هو بلا خطا وبالتالي لا دور له. نحن الآن في فترة انتقالية حري بنا أن نهيئ أنفسنا إلى حالة السلم الاجتماعي والانصراف إلى العمل والإبقاء على جذوة الثورة في العقول وترشيد الفعل الثوري.

إذا استطاع أبناء تعز بوسم المحافظة بوسام التميز فإنها ستكون حتما رائدة ليلتفت إليها الآخرون ليحذوا حذوها ، لقد كانت تعز متميزة في إعلان الثورة وجر الوطن إليها جرا، ففي 11 فبراير كانت الثورة في تعز مشتعلة ومتصاعدة بينما صنعاء لحقتها بعد أسبوعين وعلى استحياء بجمع من الشباب المتمرد والعصي على الكسر كان عددهم لا يتعدى ثلاثمائة شاب وشابة نالوا من العنف ما لم ينله غيرهم

الإفراد المتميزون : نعلم أن مدينة تعز أقصي رجالها من منصب المحافظ ومدير الأمن ومكتب القيادة العامة ومدراء عموم المكاتب التنفيذية ، جاءت الفرصة اليوم ليكون لتعز محافظا من أبنائها نحن من يحتاجه وليس هو من يحتاجنا ، وهذا مدعاة إلى إعادة النظر في التعاطي معه بشكل مختلف عما تعودنا عليه من المراوغة والذبول .

الموظفون الإداريون :إذا أردنا أن تكون بوابة الإصلاح لما أفسده الدهر بعزل الموظفين دفعة واحدة فهذا مدخل خاسر لأننا سنكون مضطرين إلى عزل وإبعاد أكثر من مليون موظف في الدولة ، ومن يا ترى سيحل محلهم ، إن مثل هذا الإجراء غير ممكن عقلا وواقعا ، لكن بالإمكان أن يتم التركيز على كبار الفاسدين وقد تم عزلهم بدءا بالصوفي ومدير الأمن وسيلحقهم من يثبت فشله في الأداء الوظيفي ومن لم يفهم أن تغييرا حاصلا في اليمن جرى لا بد أن يتغير وسيحين موعد تغييره بعد أن يمنح فرصة التغير الذاتي .

البعض بحاجة إلى إعادة تأهيل وستظهر قدراته ، والبعض بحاجة إلى فرصة لكي يعمل بطريقة صحيحة وفي بيئة صائبة ، لا يمكن إن نبني في حقل من الألغام وتعزيز الأحقاد ، فكل أبناء تعز الصالح والطالح هم أبناؤها، لنعطي درسا إننا أفضل من غيرنا في التسامح والمدنية إلا من ضرر فادح فلنعزز دور القضاء كي نأخذ حقنا من خلاله وليس من طريق أخر دونه المهالك ، إن الاعتصامات ونصب الخيام في كل زقاق لم تعد هي الطريق الأنسب للمرحلة .

تعز بحاجة إلى ماء وكهرباء وطرقات ومدارس وجامعات ومستشفيات وتعليم جيد وصحة مجانية جيدة هل هذا ممكن في ظل استمرار الزوبعة فالثورة بحاجة إلى إن تجدد نفسها

الثوار الأحرار : الثوار وحدهم هم عماد التغيير الحقيقي، ولا ينبغي أن يزايد البعض على البعض الأخر بعد انتهاء السوق الثوري، فمن يخرج اليوم ليعتصم بالشارع أو يصدح بالشعارات لا يظن أن ذلك هو الفعل الثوري الوحيد وان ذلك هو الطريق إلي البناء وتحقيق الأهداف ، ولا يظنن انه فقط من صنع الثورة .

جذور الفعل الثوري : أريد أن أقول لكم أن احمد محمد نعمان في العام 1938 أسس الثورة الحقيقية للتغيير في اليمن دون ضجيج فجاء معه الزبير وتبعهم شهداء 48 ، وشهداء 55 وشهداء 62 و63 و67 ، 69 .

بعد الوحدة ظهر ثوري جديد من طراز جديد هو الصحفي المرحوم عبد الحبيب سالم مقبل فكان أول من وجه سؤاله لعلي صالح من أين لك هذا ؟ وبأي حق تفعل هذا ؟ وبدأ يكتب فضائح سلطة الفرد. هذا كان ثوري بأمة ، كان الناس يتعلمون منه الثورة وهم يقرؤون مقالاته الأسبوعية في صحيفة صوت العمال الأسبوعية التي تستنفد في اليوم الأول لان مقاله في الصفحة الأخيرة منها، قال كلاما موجعا في وقت كان البعض يصفون علي صالح بولي الأمر وحامي البيضة ، وكان حري بهم أن يكونوا في مقدمة الركب لأننا سمعنا منهم أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، لكننا لم نسمع منهم كلمة الحق هذه بل سمعنا الدعوة من بعضهم بالنصرة لهذا السلطان الجائر.

اتسعت رقعة هذه الكوكبة من ثوار القلم والتنوير فانضم إلى ركابهم آخرون في القافلة هم الدكتورين عبد العزيز السقاف وأبو بكر السقاف وكان معهم عبد الرحيم محسن وكان بجانبهم عبد الكريم الرازحي وآخرون كبرت القافلة التي لم يعد بمقدور السلطة قمعها أو حصارها أنجبت جيلا جديدا من أرباب القلم الذين قالوا ماكان ينبغي أن يقوله العلماء الأفاضل من آثر الصمت والمهادنة على دفع الظلم الواقع على الشعب ، بينما انبرى جيل من الصحفيين الشبان الذين استلموا زمام الراية ، هؤلاء الثوار المؤسسون قامت على أفكارهم وقوة أثرهم محليا ثورة 11 فبراير لأنهم صنعوا جيلا استطاع أن يخرج إلى الساحات متحديا ليهتف بصوت عال وصدر عار الشعب يريد إسقاط النظام ، لأنهم جسدوا الشعب الحر وكانوا نوابه الفعليين ، بينما نوابه في البرلمان كانوا يقبضون ثمن الصمت إلا من رحم ربي ولا مجيب لصراخه، لان الشعب في الحقيقة لم يخرج منه إلا هؤلاء الثوار الذي كانوا ثورا بوعيهم لحقائق الأمور، أما الباقون فقد كانوا متفرجين ومتحمسين وراء الشاشات أو مهاجرين خارج الحدود ، ولو خرج الشعب عن بكرة أبيه لما استطاع المخلوع ونظامه أن يستمر في الحكم أسبوعا واحدا، إذا فالثورة ثورة العقلاء وليست ثورة الغوغائيين، عندما قرب الشعب اليمني من تحقيق الأهداف ظهر الغوغائيون بشجاعة حمقاء في وقت الفرغة .

كل من وطئت قدمه الساحات في الأيام الأولى وتحت أزيز الرصاص وغبار دخان الغاز القاتل كان ثائرا هزم السلاح بعقله الواعي بمستقبله وشجاعته الفائقة ، لقد أكبرت موقفا للمحامي هائل سلام الذي استشهد ابنه نزار رحمه الله عندما ابدي استعداده العفو عن قاتل ابنه ، هنا يهتز الجسد ويقشعر ، لاني أرى سلوكا فريدا يتجسد في زمن غير زمن النبوة ( اذهبوا فانتم الطلقاء)

من نقصد بثوار الفرغة ؟

إنكم تتابعون ما يجري في تونس أول بلد الهم العرب بالثورة السلمية ، لقد عشت فيها في حقبة التسعينيات كانت حركة النهضة الإسلامية تعاني الويلات وشبابها في السجون والمعتقلات والمنافي ومحاصرون في معاشهم وأرزاقهم ودراستهم وتنقلاتهم ، لم نكن نسمع للسلفيين لاحسا ولا خبرا ولم نر لهم وجودا ، وبعد الثورة عندما تحقق للتونسيين نعيم الحرية والتحرر من الاستبداد ظهرت شجاعة ثوار الفرغة بدأ السلفيون في ظل هذه الحرية يطالبون بتطبيق الشريعة يبدون شجاعة حمقاء حيث لا مجال للشجاعة والعنف وإنما بحاجة إلى العقل والبناء ، بدؤوا بهدم حانات الخمر وتمزيق العلم التونسي ورفع خرقة سوداء كتب عليها لا اله إلا الله ظنا منهم أنها راية الإسلام ، لم يفقهوا أن راية الإسلام تتمثل في أن يجسد المسلمون مثلا أعلى في الحضارة والرقي والتقدم بدلا من الانحطاط السحيق والضعف المحيق ، لم يعلموا بفقه الأولويات ولا بسنن التدرج ، إن لنا عبرة في أخطاء غيرنا ومن العار أن نكرر الأخطاء دون استفادة.

نرجو من إخواننا الثوار الإبطال في تعز أن يفرقوا بين الثورة والغوغاء وان لا يسمحوا لأنفسهم بان يقعوا فريسة الدجل الثوري ، فمرحلة فعل التغيير تتبعها مرحلة ثورة البناء كأحد مسارات التغيير، ثورة البناء تعني أن لا نترجل عن الفعل الثوري ولكن أن نسمح لعجلة العمل أن تبدأ وان تقرع طواحينها في كل مدرسة وفي كل مستشفى وفي كل طريق وفي كل جامعة وفي كل عمود كهرباء وفي كل جمعية وفي كل نادي ، وان نحذر من ثوار الفرغة الذين ظهروا في الوقت الضائع حين كانت وجوههم لا ترى يوم كانت الثورة تعني مواجهة الموت بصدر عار إلا من صوت الهتاف .

نريد أن نتفق على أن الثورة إنما نجحت بالكلمة ولا غير سوى الكلمة وان البندقية إنما جرجت الثورة إلى مستنقع العنف ، لقد كنا نتألم عندما سلط المستبد أدوات القمع على الشباب ولقد دعونا إلى الدفاع عن النفس ، لكن الدفاع عن النفس بعضه صار بلطجة مقابل بلطجة ، إننا نعلم أن كل حزب له بلاطجته ، وقد فوجئنا بان بلاطجة السوق أصبحوا ثوارا في وجه بلاطجة السلطان، أنها مهزلة ورب الكعبة ، وصار أعتى المجرمين وأرباب السرقات والسوابق من كل فريق ثائرا، لست بحاجة إلى سرد الأسماء لمن نعرف عراقتهم بالبلطجة من جميع الإطراف حفظا لمقامات الناس الذين صاروا ثوارا في غفلة من الزمن.

على سبيل المثال إنا ندعو على محسن الأحمر جهارا نهارا بكل مودة واحترام أن يمتلك شجاعة الفرسان بان يتخلى عن منزله الكائن في وسط حوش جامعة الحديدة والذي اتسعت رقعة حوش المبنى أيام الثورة وان يعيده إلى الجامعة لكي اصدق نفسي أن من ناصر الطغيان 33 عاما صار نصيرا للثورة . وإنا لا نبخسه حقه في الانتماء إلى صف الشعب فذلك محسوب له ومحفوظ.

ينبوع من الحكمة :لقد أكبرت حرص الأستاذ ياسين سعيد نعمان على سلمية الثورة وإلحاحه المستميت على ذلك لقد كان ابعد العقلاء نظرا وكان هو وليس غيره من فرض على الجميع هذه السلمية وكلنا في ساعة من المرارة دعونا إلى المواجهة المسلحة دفاعا عن النفس سذاجة أو براءة أو حماقة أو بلطجة أو لؤم ، لقد توجت مدينة تعز في الحفاظ على طهر الثورة في مسيرة الحياة الراجلة التي قدمتها نموذجا لانتصار الوردة على السيف وانتصار الهتاف على صوت المدافع وقعقعة السلاح .

نحن بحاجة إلى أن يتوجه الجميع إلى العمل لنعيد الحياة الطبيعية إلى محافظة تعز ، لنعيد إليها استقرارها فهي بأيدي الثوار ولنطور من الفعل الثوري وفقا للتغيرات الحاصلة ، الثورة الحقيقة اليوم تكمن في أن يلتزم المعلمين بأخلاق العلم فيبذلوا قصارى جهدهم في تعليم أبنائنا وان يتحلوا بروح المسؤولية فلا يبقى للغش والتزوير مكان في حقل التعليم ، وان يلتزم الأطباء في الأمانة المهنية فيقدموا أفضل الخدمات للناس بكل طواعية ومحبة ، وان يلتزم الموظف في أداء عمله بإتقان وإرضاء للناس قبل الله ، فالله غني عن إرضائه، فان خلصت النية لله فذلك هو وحده ما يجعل العمل خالصا إليه ، أن يتوجه الزملاء أعضاء هيئة التدريس في الجامعة في الوقت المحدد للمحاضرات وان لا يهدروا وقت أبنائنا الطلاب وان يتجنبوا سوءات التعليم العام في التلقين والغش وبيع الملازم وبيع الامتحان والدرجات واستغلال موقعهم فيما يضر جيل الثورة والمستقبل وهكذا كل يتحلى بروح المسؤولية كل من موقعه.

لقد كان الهدف العاجل للثورة هو هدم المعبد وقد هدمت قداسته وان تبقىت أثاره سنبقيها تراثا نتذكر بها عظمة الثورة اليمنية ، بما سنصنعه غدا ولنمض في وتيرة التغيير التدريجي بالعمل وحده، والعقل وحده هو السلاح الذي ينبغي أن يتميز به أبناء تعز. وإلا فان جيلا أخر سيلعننا يوم قررنا أن نثور وقد بدأ الفلول بالترضي باكرا عن حقبة سيدهم قبل أن ينتهي الهدم وقبل أن بندا البناء .