الحركة الإسلامية وضرورة التجديد التربوي
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 25 يوماً
الثلاثاء 24 يوليو-تموز 2012 12:41 ص

التربية القيمية دائما تحتاج الى التجديد والابتكار المواكب للمتغيرات الذي يتجاوز محاولات التفكيك ، الى بناء التحصينات الذكية التي تعمل على تعزيز مواقع الحركة الاسلامية وتقدمها في مضمار التدافع في الحياة.

كلما تمددنا كنا بحاجة الى حيوية ذاتية في الأماكن التي تمددنا بها ، وهذه الحيوية هي التي تبقى الحركة قوية مهما اتسعت ، لأنه من المعلوم ان الاتساع ينشئ عملية الاختراق ومحاولات التفكيك ، والنحت من الداخل ، لذلك كان التجديد التربوي هو بمثابة اعادة تشغيل حيوي لاستعادة الفاعلية الثابتة على القيم والمبادئ ، والمتحركة نحو المستقبل بكثير من الحيوية والفعل لا الانفعال ، والتأثير في كل الجوانب التي تعمل الحركة فيها.

الحياة تحديات والتربية عملية مستمرة تستثمر التقنية والتكنولوجيا لتعمل على الضد من غايات صانعيها الذين يحاولون من خلال مضامين هذه التكنلوجيا صناعة الانسان بشكل عام والمسلم بشكل خاص على النحو الذي تحدده مقاييس النظام العولمي ، والحركة الاسلامية اليوم مستهدفة بشكل أساسي، وثمة دراسات الان تتجه لإنتاج حالة من التحوير المقطر الذي يتغير في المستقبل تعطيل الفاعلية الحيوية للحركة الاسلامية التي تنطلق نحو امتلاك المستقبل بإتقان فاق تقنية الغرب ، وأربك توقعاته .

الليبرالية تتخذ مسارها في مواقع رخوة ، حيث تكمن التربية الضحلة من مفاهيم الذكاء السياسي والوعي الفكري ، والشيوعية تجد لها في عواطف الجماهير حيزا جديدا ، على شكل إعجابات أولية ستتخذ في المستقبل ربما انبهارا كاملا ، ومثل هذه الاختراقات الجزئية تجد لها مكانا له في الذهنية الفردية للبعض الذين أضحت التربية الغير مطعمة بالفكر السياسي اليقظ والانتماء القيمي الواعي والحي لا تعمل في تكوينهم الروحي والنفسي كما يجب.

التربية التقليدية في مناهج الحركة الاسلامية هي الاساس التربوي الذي يمنح الصلابة ، وليس التصلب والتحجر في المواقع، ولكن الصلابة المتحركة والمرنة التي تتحرك بوعي وحين تجادل الافكار وتحاور العقول تمتلك المتانة الذاتية العصية على التأثيرات الجزئية المتبادلة التي تحدث في مضمار الحوارات والنقاشات بكل أشكالها المختلفة من الواقع الحياتي الى العالم الافتراضي من حوار المجموعات الى حوار الافراد .من حوار العقول الى حوار العواطف حيث يشتغل وعي التفكيك عبر الوعي العاطفي الصادق الذي يفتقر الى تمييز الحق من الباطل.

على الحركة الإسلامية الان أن تتجه الى انتاج المفكر التربوي الفذ والذكي والمسيس ، الذي يقرأ الحياة وما يعتكر فيها بوعي لينتج فكرا تربويا قويما وقويا ، يعيد تمتين البنى القيمية وترقية الوعي السياسي لدى الصف الحركي ومده بأسباب الفاعلية والمواجهة الذكية في مختلف الميادين ، كي يصبح مؤثرا لا متأثرا ، لديه القدرة على قراءة الأفكار والتوجهات الأساسية في سياسة وأدب من يواجههم ، ويحاورهم ، كما يميز الذين يريدون فعلا الاهتداء وذوي الفطرة الصافية الذين يفتقرون الى أسس المعرفة الحقة ، من الذين يريدون تحوير القيم وتفكيك المنظومة العقدية الصحيحة لدى المجتمع .

قد تجد الليبرالي يصلي وسيقنعك بصلاحه ، وستجد الشيوعي يحضر معك صلاة الفجر ربما وسيقنعك بطرحه ، وكل تلك أشكال تحاول قدر الامكان تسكينك لشل فاعليتك عبر ممارسة الصلاة العلمانية التي تتجه في المستقبل لتجزئة الكيان الحركي عبر تكتيكات تجزئ الإسلام وتفصله عن ترابطه قولا وعملا عبادة وسلوكا ، عقيدة وشريعة ، وهي إستراتيجية تصنيع نموذج بديل عبر أفراد وبشكل استراتيجي مع المدى سيجد له صدى إذ لم تتجدد التربية بشكلها الحي والحيوي المتحرك والمتبع الذي يبدع في مواجهة التحديات المختلفة.

فعندما يتقطع تواصل الأجيال أيضا ،وتنطفئ الشعلة الايمانية المتقدة في القلوب والضمائر ، تلك التي تمثل فتيل اشتعال حيوي في الذات الفردية والجماعية الاسلامية ، يصبح التواصل ميكانيكيا خاليا من حيوية الحركة ، لأن الإيمان يزداد أوينقص في تدافع الحياة ، نتيجة المعاصي والأخطاء .

وبالتالي فإن قياس هذا الإيمان في القلوب وعملية تجديده يحتاج الى تربويون خبراء في تفتيق الخشية والإنابة والمراقبة في قلوب الجيل الجديد ، فمن خصائص الايمان أنه ليس ميراثا ماديا يمكن تناقله لأنه عملية تقوية محلها القلب ، تجددها الطاعات من الفرائض الى النوافل إلى الذكر.

وتزيدها عملية الحركة والتدبر والتفكر في كتاب الله المسطور والمنظور ، إذ لو كان الايمان ميراثا خاصا لحرم منه البسطاء الذي لا يملكون شيئا في الحياة ، فالأنبياء كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم لم يورثوا دينارا ولادرهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذه بحظ وافر ، او كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ، والعلم الحق هو الذي ينشئ العملية الايمانية الحيوية في القلب ويحرك ذووه الى فعل الخير والدعوة إلى الله ، ونحن في زمن طغى فيه علم الظواهر على علم الايمان ، علم الحياة الدنيا على علم الاخرة وأخذ يحدث الانفصام وبدأت تظهر الاختلالات التربوية في مسلك وسلوك الجيل وحركته ،ورؤيته الكلية الى الله والكون والإنسان والحياة .

وأخذت الفلسفات الوضعية البشرية تصيغ تفكيره وقيمه ومعتقداته ووجدانه وتبدلها وتغير الكثير من خصائصه النفسية والقيمية والاعتقادية التي بنيت على اساس العقيدة التي جاء بها القرءان والسنة النبوية .

هذا الاختلال سينمو في المستقبل إذ لم يوجد ذلك الهم المتقد والمؤمن وإذ لم يوجد الذين يدركون ما نكتبه الان ، لكننا على الأقل نبهنا فهذا هو واجبنا الان على الأقل.