|
نأسف إلى الحال الذي وصلت إليه البلاد في ظل رئاسة تتلاعب بأوراق هزلية في ريح عاصف يهب على البلاد ، ولا تعي أنها تعبث بحياة الناس ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم ، أيُعقل أن يُخْتطف بن مبارك ؟!! وهو محور ارتكاز العلاقة الدنيئة بين هادي والحوثيين والأمريكان ، لن أتطرق إلى أن من أسباب إختطافه هو فرض الإقليمين بديلاً عن الستة الأقاليم ، فقد ذكره الأستاذ / عارف أبو حاتم _ الصحفي المشهور ، وهو رأي صحيح يعتد به ، لكن من وجهة نظري أن وراء ذلك أمور أخرى هي أهم من موضوع الإقليمين أو الستة ، فموضوع الأقاليم يمكن للجنة المراقبة على مخرجات الحوار أن تقترح " أنه ونظرًا للوضع الثورجي المفروض بمنطق القوة والواقع ولمصلحة البلاد نرى أن يتم تعديل الأقاليم إلى إقليمين لحل المشكلة " ، وبالنسبة للحوثيين لم يعد يهمهم إقليمين أو ثلاثة أو ستة ، فهم ينظرون إلى اليمن ككتلة واحدة يتم تهيئتها لتسير في فلك المشروع الإيراني الفارسي ، حتى وإن قبلوا إقليمين فلن يخرج الإقليم الجنوبي عن إطار إيران ..
نلحظ أن السبب الرئيس لما حصل هو أن معركة مأرب التي لم يحسم أمرها بعد من قبل الحوثيين ، وهي معركة إيران الفارسية الحقيقية ، والتسريع في حسمها هدفه فك الخناق الذي وضعته السعودية لها اقتصاديًا بخفض سعر النفط ، والذي أدى إلى وضعها في مأزق مالي خانق ، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تجفيف منابع التمويل لكل العصابات التي تدعمها فى العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين ، ولذلك فقد هددت إيران الدول إلى أدت إلى خفض الأسعار بالندم على فعلتها ، وتقصد بذلك السعودية بالدرجة الأولى .
إن التسريع في فرض واقع جديد على الأرض من قبل الحوثيين وبالذات في مأرب ، والسيطرة عليها ثم الإنتقال إلى الجوف لتكون على حدود السعودية ، لتكون في وضع حرب قادمة معها ثم الوصول إليها ، ثم الإنتقال إلى شبوة بعد مأرب لتقسِّم اليمن إلى نصفين لتنتقل بعده إلى حضرموت ، لتكون أيضًا بمحاداة السعودية ، لتفرض بعد ذلك واقعًا جديدًا على الأرض سيؤدي بالتالي إلى تركيع السعودية وتخفيف الضغط عليها ، وتنفيذ سياساتها الإستراتيجية الفارسية فى المنطقة.
ونلاحظ كذلك أن اختراع لعبة الإختطاف هدفه التخفيف على الرئيس هادي من التهديدات التي تعرّض لها من قبل السعودية في أن مأرب خط أحمر - كما علمنا من الصحافة – ووقوعه في منزلة بين المنزلتين ، إن أرضى إيران فبالتأكيد سيؤدي ذلك إلى خسرانه السعودية ، ولن تتركه يخرِّب عليها أمنها القومي ، ومن المحتمل الإطاحة به وبأي طريقة ، وإن لم يلتزم للحوثيين بتنفيذ مخططاتهم التوسعية في مأرب وغيرها ، وتسهيل أمورهم خوفًا من الإطاحة السعودية لن يسلم من الضربة الإيرانية القاصمة التي قد تطيح به أيضًا ، وهو بذلك أراد أن يبرهن للسعودية وغيرها قوة ضعفه ، أنه لم يستطع حتى حماية مدير مكتبه ، فكيف له أن يوقف التوسعات الحوثية على الأرض ومنها مأرب ، وأن ما يحدث من توسعات من الحوثيين فهي خارجة عن إرادته وقدرته كي لا يحاسب على تفريطه في الأمن القومي السعودي ، وإن لم يتم إسقاط مأرب وانهزم الحوثيون فقد وضع نفسه أمام السعودية واليمن وأهل مأرب أنه بريء مما حصل لمأرب ، وبالتالي استمراره وبقاؤه رئيسًا للبلاد ، ثم سيقوم بعد ذلك خطيبًا يلعن الحوثيين وأنه كان غير راض ٍ عن ما حصل من التوسعات الحوثية فى البلاد ، وسينتقدهم شر انتقاد ، وكأن الأمر لم يكن ..
ثم أمر آخر وهو أن احمد بن مبارك جنوبي ، وهذا بالتالي سيعطي مبررات للمطالبة بالإنفصال ، وقد لاحظنا بيانات من قيادات جنوبية باتخاذ مواقف حاسمة حيال عملية الإختطاف ، وأظنها ستكون متمثلة بالضغط على المطالبة بتحقيق الإنفصال السلس الذي تم الإتفاق عليه ، ليُرى في نظر العالم أنه لن يتواطأ مع الحوثيين لاختطاف جنوبي ، ولا نعلم يقينًا إن كان تم ذلك بترتيب من قبل الرئيس مع بن مبارك نفسه ..
وكذلك عملية الإختطاف تم تحويرها من الناحية العصبية المناطقية والقبلية ، فقد سارعت قبائل شبوة باعتبار بن مبارك من أبنائها على قطع الغاز والبترول عن الدولة لتوسيع زخم اللعبة حتى تكون مصدّقة ، ليعطي مبررًا أن شبوة ليست أقل من مأرب ، فقد انتفضت دفاعًا عن صاحبها ، ثم هي جنوبية وتابعة للرئيس فإسقاط مأرب من قبل الحوثيين وكذلك إسقاط شبوة ليكون مبررًا للسعودية أن الرئيس هادي تسقط محافظته الجنوبية بأيدي الحوثيين أيضًا فلا تلومه على سقوط مأرب .
تظل هذه اللعبة المخزية ، لتؤكد لنا أن الرئاسة مع مستشاري السوء تتعامل مع أبناء الشعب كما لو أنهم أطفالاً ، وتتعامل مع الإقليم المحيط بنا وكأنهم أغبياء لا يفقهوا شيئًا عن مثل هذه الألاعيب القذرة ، وتظن أن ذلك يمكن التصديق به ، ولسان حال اليمنيين حتى وإن خطفوا جلال بن عبد ربه لن يتم تصديق ذلك لأن الأمر صار مكشوفًا ومفضوحًا ، وما بقي لنا إلا أن نرى كم سيستمر هذا المسلسل ، ومتى سينتهي على خير إن شاء الله ..
في الأحد 18 يناير-كانون الثاني 2015 11:29:46 ص