في كل عملية حوار مصيري ينبغي أن تتوفر مجموعة من الشروط الموضوعية الضرورية لأي بيئة حوار يمكن نعته بالناجح، وتعد هذه الشروط بمثابة معايير للكفاءة والمواءمة وقياسا للنجاح إن هي توفرت، إلا إذا كان المتحاورون تنقصهم الأهلية وتتضخم عندهم خفة العقل فذلك له شأن آخر، وسنشير إلى سبعة بنود :
1.الندية : وهي تعني : التكافؤ وعدم التغلب، ولقد فشل الحوار قبل الثورة بين السلطة والمعارضة منذ مطلع 2001 بسبب غياب شرط الندية، لأن السلطة كانت تتحاور بلغة التغلب والاعتساف وهذا لم يعد قائمًا.. فالندية حاضرة بين كل الفرقاء .
2.الحرية : وهي تعني قدرة الأعضاء على الإسهام الفعلي بالحوار دون قيود من أي نوع على الآراء المطروحة أو اتخاذ القرار، ولا جهة يمكنها فرض مثل هذه القيود، أو التحكم بمخرجات الحوار..
3.الشفافية: هي حالة من الموضوعية في التماشي العام والتفصيلي واعتماد الآليات المقترحة، ومن أبرز ملامحها أنه ليس ثمة ما هو خفي وراء الكواليس، فلا باطن ولا ظاهر، ولا مسكوت عنه ولا معلن..
4.الشعور بالمسؤولية :يصبح هذا الشعور قرين الحرية إن وجدت، وعندما يتجلى الشعور بالمسؤولية فإنه يفرض على العضو المحاور حالة من الجدية وانه لا مجال للنكوص والتهريج والميوعة السياسية، فكل محاور مسؤول أمام الوطن والتاريخ، وسيغدو ملعونا أو مفضوحا في حالة ما يخالف ذلك.
5.التراضي والتوافق : إن هذا الشرط الموضوعي يقتضي سلوك المرونة والعقلانية، ونوازع المصلحة العامة لدى المتحاورين تستوجب التوافق على الصواب من قبل الجميع، لأن الشذوذ عنه سيكون نكوصا عن الشعور بالمسؤولية.
6.الرأي العام المساند والمراقب: يعني أن يكون الحوار مهمًا لكل المواطنين، ويصبح الشعب مستعداً لأخذ زمام المبادرة في حالة الإخفاق، فهو صاحب الشأن، وتظل الأنظار والعقول والقلوب متعلقة بمسارات الحوار وخطواته تتبعًا ومراقبةً ومحاسبةً لاحقة.
7.الانتظارات المشبعة بالأمل : لما للحوار من قيمة قصوى لدى الناس وما يعولون عليه من نتائج فإن المزاج العام يصبح حتمًا مع نجاح الحوار والرغبة بالانتقال إلى بر الأمان. ولا مجال للتفكير بغير النجاح ، لأن الفشل يعني خروجا مؤقتا من التاريخ.
النتيجة المؤملة : يأمل الجميع أن لا يخذلهم المتحاورون، وهم من رفعتهم الأقدار إلى الإمساك بناصية القدر ذاته ووُضع بأيديهم تقرير مصائر 25 مليون يمني..
والمتأمل في هذه الشروط أعلاه يرى أنها متوفرة في حوارنا هذا ليعزز بالنجاح إن شاء الله، وعلى المتحاورين أن يدركوا أهمية ما يقررونه... إنهم يشبهون الآباء المؤسسين الذين صنعوا دستور أمريكا ذات يوم حين أسسوا لحضارة جديدة من نوع مختلف وغير مألوف. فلا يخذلون شعبهم ولا ينكصون فيما هو معول عليهم إلى غيره من الخزي والعار والشنار.