مابعد العاصفة
بقلم/ سرحان الطيب
نشر منذ: 9 سنوات
الإثنين 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2015 03:58 م

 لقد بدأت دول التحالف العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية، تحضر للحرب على الحوثيين منذ مطلع عام 2015م، حيث دعمت قبائل مأرب وتحديدا حزب الاصلاح في مأرب والجوف لمواجهة الحوثيين كما قامت بعد خروج الرئيس عبدربه منصور هادي الى عدن باستدعاء عدد من رموز القبائل في الجوف ممن تربطهم علاقات قديمة بالسعودية وسلمت لهم مال وسلاح، كذلك سلمت مبالغ لعدد من المشايخ السلفيين في عدد من المحافظات لشراء اسلحه والاعداد لمقاومة الحوثيين، كما استدعت المخابرات السعودية وتواصلت مع عدد من القادة العسكريين.

واذا كانت هذه الاتصالات والدعم قدم لهذه القوى بعيدا عن السلطات الحكومية المعتدى على شرعيتها له ما يبرره في ظل وجودها الشكلي على رأس السلطة في البلاد، فأن استمرار التعامل خارج اطار القيادة الشرعية وخاصة بعد وصول الرئيس الشرعي للبلاد الى الرياض يطرح اكثر من سؤال، لعل ابرزها: هل هذه الحرب شنت من اجل إعادة الشرعية كما هو شعارها ؟... أم من اجل احلال نظام جديد وجعل الشرعية عبارة عن اسم ليس له فعل مثلما حاول الحوثيون جعل رئيس الجمهورية مظلة ينفذون تحت غطائها ما يريدون

لقد عملت دول التحالف بصورة مباشرة أو عبر الاشخاص التابعين لهم على ادارة الحرب وربما هذا من اجل ادارة البلاد ما بعد الحرب. فالسعودية التي كانت الى قبيل الحرب تنظر الى حزب الاصلاح كحزب ارهابي وأعدت قائمة ب 38 شخصية من قياداته على رأسهم عبدالمجيد الزنداني ممنوعين من دخول السعودية اصبحت تحتضن هذا الحزب وتثق به أكثر من أي مكون يمني آخر بمن فيهم الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الشرعية.. كما انها اوكلت لعدد من مشايخ السلفية في الجنوب مهام استقطاب المقاومة من خلال التسليح وصرف الاموال الى درجة ان القادة العسكريين التابعين للشرعية يلجأون الى هؤلاء المشايخ لتوفير بعض متطلبات الجيش من قطع غيار وبعض الاسلحة.. بل أن هؤلاء المشايخ بما لديهم من اموال اصبحوا يشترون المعدات التي تستولي عليها وحدات الجيش أو المقاومة وأصبح لديهم مخزون تسليحي رهيب.

الامارات تظهر عدم ارتياحها لحزب الاصلاح وهو مصنّف لديها بأنه جزء من الاخوان المسلمين المصنفين لديها ارهابيين، ومع ذلك فهي تتعامل مع السلفيين وتقدم لهم الدعم المادي والعسكري بما في ذلك تقديم عربات مدرعة... وتحت هذا وذاك تلقت عناصر تنظيم القاعدة دعم مالي وتسليحي ضمن المقاومة رغم أنهم لم يقاوموا وكانوا يسيرون في الصفوف الخلفية لجمع الاسلحة والذخائر التي يخلفها الحوثيون ويشترون من المقاومة أي اسلحه أو ذخائر ويكدسونها، ويستثنى من ذلك عناصر من القاعدة غير عقائدية كانوا يقاتلون ضمن قبائلهم في المحافظات وبعض الشباب من عدن الذين التحقوا بمعسكرات تدريب القاعدة كمقاومة دون درايه أن هؤلاء يتبعون القاعدة حتى بدأت الدورات الايدلوجية فمنهم من اقتنع بفكرهم وبقي معهم ومنهم من تركهم والتحق بجبهات القتال.

لقد اصبحت هذه القوى ذات المنشأ الديني لها اليد الطولى في المقاومة بما تمتلكه من اسلحة واموال وهي لا تخضع لأحد، لأنها تعتبر انه ليس لاحد فضل عليها غير من مدها بالمال والسلاح " أي السعودية والامارات"، وسيأتي يوم توجه بعض هذه الفصائل سلاحها الى صدر من سلمه لها.. وقد حدث ذلك فعلا في التفجيرات التي استهدفت فندق القصر، وسكن ضباط جيش الامارات في البريقة "منزل بن فريد"، وكذلك معسكر القوات الاماراتية "مصنع بازرعة".. كما تم استهداف وقتل عدد من رجال المقاومة والقادة الامنيين والعسكريين.

وهنا اختلطت الاوراق، فإذا كانت الهجمات على مقرات قوات الامارات تبنتها داعش فأن القاعدة في هذا الظرف قد لا تستهدف عناصر المقاومة ولكن استهدافها لعناصر الجيش والامن وارد. وقد اصبح شبه واضح أن خلايا الحوثي وصالح في عدن هي المسئولة عن الاغتيالات الفردية حتى وان تسمت بداعش، من هنا نجد أن ما يسمى داعش وخلايا الحوثي صالح والقاعدة يلتقون في هدف خلق الفوضى وإقلاق الأمن في عدن وان اختلفت هوياتهم ومسمياتهم فأن هدفهم واحد، ويلاحظ من ذلك أن خلايا الحوثي صالح النائمة سوف تتغلغل في صفوف المقاومة والنقابات المهنية للتحريض لاثارة الفوضى والعصيان بإسم مطالب بعضها قد تكون صحيحة ولكن الوضع الراهن لا يسمح بتحقيقها، والبعض مفتعل مم يشل من عمل المؤسسات الحيوية ولنا فيما حدث في مطار عدن، والمصافي خير دليل مع علمنا أن الغالبية من مثيري هذه الفوضى على نواياهم ولا يدركون انهم بافعالهم تلك ينفذون اجندة اعدائهم وبتزامن هذه الفوضى المدنية السلمية مع اعمال الاغتيالات والهجمات تتعمق الفوضى وتنتشر وتفقد السيطرة وتتهيأ الظروف لضياع الانتصار الذي حققته المقاومة في عدن والانتقام لهزيمة الحوثي وصالح.

ويأتي ذلك في ظل الفراغ الامني الذي ساعدت دول التحالف في خلقه أو عدم ردمه بقصد أو بدون قصد من خلال اعتمادها على الجماعات الدينية دون توازن وانما على حساب مؤسسات الدولة "الجيش والأمن" الا في حدود الضرورة التي اقتضتها المواجهة العسكرية مع الحوثيين. فالفترة منذ بداية عاصفة الحزم وحتى الان كانت كافية لتشكيل وحدات عسكرية وأمنية نوعية وتسليحها لسد هذا الفراغ وإحكام السيطرة على المناطق المحررة غير أن شيء من ذلك لم يتم، وحتى إن وجدت مسميات وقوى بشرية عسكرية وأمنية فأنها لا زالت على نفس البناء القديم بل واسوأ، بل هي مليشيات وليست جيش فمعظمها لم يتم تسليحها حتى السلاح الفردي ناهيك عن المعدات والمهمات اللازمة لتأدية دورها في حفظ الامن وردع أي عمل عدائي يستهدف اقلاق الامن. أما اذا كان ما يجري مقصود وأنا اشك في ذلك " وأسأل الله أن يكون شكي في محله " فليس له تفسير الا أن السعودية والامارات يعتقدون بأنهم يستطيعون بعد أن تبلغ هذه الفوضى الخلاقة ذروتها التدخل وحسمها من خلال تحريك ادواتهم المحلية "الاحزاب والجماعات الدينية" وملىء الفراغ الامني هذا على حساب مؤسسات الدولة التي تكون وصلت الى مرحلة الاضمحلال، ثم ازاحة سلطات الدولة والحلول محلها سواءً كمليشيات أو تأطيرها كقوات أمن وجيش غير خاضعة لسلطات الدولة الشرعية إن بقيت سلطة دولة كخطوة على طريق استلام السلطة تدريجياً محافظة محافظة.

هذا المخطط إن كان موجود افتراضاً، فأنه لن يكتب له النجاح وسوف يدخل البلاد في حرب اهلية جديدة كما هو حاصل في ليبيا أو سوريا... وأن تكديس السلاح وخزنة من قبل هذه القوى "الاصلاح، السلفيين، القاعدة" في كل المحافظات المحررة وكذا السيطرة شبة الكاملة على مقدرات من السلاح والمال من قبل حزب الاصلاح في مأرب والجوف وتعز يؤشر الى مستقبل غير آمن وخلق بؤر صراع جديدة.. وأمراء حروب متناقضين متصارعين مع الاحزاب وفيما بينهم ، وهذا لن يساعد على استقرار اليمن بعد التخلص من الحوثيين وصالح بل سيبدأ فصل جديد من التسلط والاقصاء والتهميش إن نجح أو الصوملة، وهو الأمر الذي يجب تفاديه من الآن والعمل تحت مظلة واحدة، وهي مظلة الشرعية والمؤسسات حتى يتم تصحيح أي سلبيات أو إخطاء في سلوك هذه المؤسسات وإعادة بنائها بعد التحرير من جديد على اسس وطنية وشراكة حقيقيه بين كل مكونات المجتمع وتحريم الحزبية في الجيش والأمن والقضاء بإعتبار تحزيبها هو المدخل للإخلال بالعدالة والمساواة حيث وهذه المؤسسات يجب أن تكون لكل الشعب وتحمي الدستور والقانون بعيداً عن أي تأثير حزبي.

مشاهدة المزيد