قرارات جديدة وصارمة… .اليمن يطالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات صارمة لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين بايدن يتخذ قراراً "مفاجئاً" لأول مرة قد يشعل الأوضاع في أوكرانيا و"يغضب" بوتين الاعلان عن هلاك قيادي بحزب الله تولى التخطيط والقيادة والسيطرة لعدد من معارك الحوثيين صحة مأرب تدشن حملة توعوية لطلاب المدارس حول وباء الكوليرا مصادر مأرب برس :المليشيا تخنق التجار بجبايات جديدة بالضالع خبير عسكري أردني:التصعيد قادم في اليمن وأمريكا قررت اتباع استراتيجية الاغتيالات التي تمس قيادات الحوثيين رئيس مجلس القيادة يطلع على خطة استئناف جلسات مجلس النواب عصابة نسائية متخصصة في الإبتزاز والنصب تقع في قبضة الأجهزة الأمنية بنوك صنعاء على حافة الكارثة.. اندلاع مواجهات مسلحة ومحاولة لاقتحام احد البنوك بالقوة تحليل غربي يطالب السعودية التوقف عن استرضاء الحوثيين.. ويتسائل هل هزيمة الحوثيين هدف استراتيجي لترامب؟
نستكمل في مقالنا هذا ما تم ذكره في الجزء الأول ، ونعود لنسأل : ما الذي دفع هادي إلى الإنجراف نحو المشروع الإيراني ؟! ثم ما هي خيارات السعودية أمام المشهد اليمني في ظل عدم وجود طرف يمني يحمل مشروعها ؟ وهل يمكن للسعودية استخدام أوراقها القديمة والإعتماد عليها ؟
من المؤكد الذي لا ريب فيه أن هادي همُّه الأكبر أن يتحقق حلمه بحكم اليمن أطول فترة ممكنة ، ويعوّض ما أصابه من ذلّ وتحقير في فتح المشاريع وتكليفه برئاسة لجان وغير ذلك مما يأنف عفاش القيام بها طيلة فترة بقائه معه خلال 18 عامًا ، وكان بإمكانه حين تولى الحكم أن يكون رئيسًا – ليس من وجهة النظر الوطنية - وفي ظل ارتباطه بالمشروع السعودي صاحبة الفضل عليه كان يمكنه تقديم صورة طيبة عن كل القوى السياسية بما فيها الإسلامية والقريبة منها أفضل تقديم ، ويضمن بعد ذلك الدعم الشعبي والدعم السعودي معًا دون اللجوء إلى المؤامرة الأمريكية الإماراتية الإيرانية ، لكن وبغباء ظن أن أمريكا ومن ورائها الإمارات يمكنهما أن تبقيه على الكرسي حتى يموت ، ولم يُعِرْ للمشروع الوطني الكبير وثورته المباركة التي نقلته من الظل إلى النور ومن الذل إلى السيادة أي اعتبار ، فانجرف نحو المشروع الإيراني ، والذي تم في وضع مريب ، وحينذاك كان هادي قد وقع فى الحفرة التي حفرها مع المتآمرين ، فكان ثمن الخروج من الحفرة تقديم اليمن إلى إيران على طبق من ذهب ، ولم يكن ذلك الإنجراف نحو إيران بأمره ، بل متوافقًا تمامًا مع الموقف الأمريكي الإماراتي ، والذي كان في بنودها الخفية التي لا تعلمها السعودية هو ضرب العمق السعودي لحاجة أمريكا إلى ذلك مستقبلاً ضمن سياستها الإستراتيجية ، وكذلك الإمارات الذي لم تعد تميل للسياسة السعودية البتة ، وما نشرته وثائق ويكيليكس عن امتعاض القادة الإماراتيين من السعودية وحاكميها ، تدل وتؤكد صحة ما طرحنا أن للأهداف الرئيسية ، أهداف خفية اتضحت جلية فى الوضع المخزي الذي يمر به اليمن الآن كواقع مفروض على الأرض ، ومأزق سعودي واضح مما يحصل في ظل سيطرة حوثية على الأرض اليمنية ، ولا يخفى على ذي بصيرة أن هذه المؤامرة شاركت فيه إيران بذكاء منقطع النظير عن طريق أنصارها الحوثيين مع علي عفاش أن يكونوا الأداة الباطشة بالأطراف الإسلامية والقبلية فى اليمن ، لكن من جانب آخر نفذت هي مخططها بكل قوة ، وقد ساهم في مشروع توسعها انسحاب الإصلاح فى اللحظات الأخيرة من المواجهة ، مما حقق لإيران حلمها العظيم الذي كانت تخطط له لسنوات طويلة ، ولم يكن بالحسبان أن يكون تحقيقه الآن ..
ولذلك فقد بدا هادي مضطربًا مثلما وقعت فيه السعودية ، انتهت المعركة بأن أخذت إيران ملف اليمن من السعودية ، وصارت تكتب فيه ما أرادت ، وتفرض إملاءاتها على الأرض ، ولم يعد للسعودية حاليًا طرفًا قويًا يمكنها أن تتعامل معه ، وقد اتخذت مواقف حاسمة وفاصلة مع كثير من حلفائها ..
السعودية الآن أمامها خيارات عديدة ، أو هكذا تبدو ، لكن إيران لها بالمرصاد لكل ما يمكن أن تفعله حيالها ، خصوصًا وأن إيران تسيطر على الأرض وثلثي سلاح الدولة ثم الجيش الموالي لها ، والذي اشترت كثير من قياداته ، ثم الدعم العفاشي والموجود في كل مؤسسات الدولة ، والموقف الدولي المريب من كل ما يعتمل فى اليمن ..
مأزق السعودية الكبير أنها ساهمت في تحطيم أذرعها السياسية والقبلية والعسكرية ، والتي كانت إلى وقت قريب حاسمة في تمرير سياساتها ، ولم يعد الدعم المالي حاليًا الذي يمكن أن تضغط به السعودية ممكنًا لفرض سياستها ، بسبب أن إيران والحوثيين لم يعد يهمهم لو مات الشعب اليمني كله من الجوع ، لأنهم في واقع الأمر ليسو هم الحكام ، وإنما الحاكم الشكلي رجل هادئ بالغ الهدوء ، بصفة " رئيس " تملى عليه الأمور ليوقع عليها ، وكما قالت عنه الأستاذة / توكل كرمان – رعاها الله - أنه مدير مكتب عبد الملك الحوثي ، وقد صدقت في قولها ..
لكن ما هو الحل المطلوب القيام به ؟ وكيف للسعودية أن تعيد الأمور إلى نصابها ، ولو على المدى البعيد لتحقيق سياستها ومصالحها ومصالح اليمنيين معًا ؟ وهي بهذا الوضع الخانق ، ومن يستطيع فك خناقها ؟ نرى أن واجب السعودية أن تقوم بتغيير جذري في سياستها مع اليمن تمامًا عكس ما هي عليه الآن ، وهي بحاجة كذلك إلى مراجعة سياسة الأمير / سلطان بن عبد العزيز – رحمه الله – والذي كان مكلفًا بملف اليمن مع إجراء بعض التعديلات عليه وفقًا لمستجدات الواقع الجديد ، لأن الواقع الجديد جِدُّ خطير ، سيؤدي إلى تغيير خارطة المنطقة بأكملها ، وسيكون ضرر السعودية أكثر من ضرر اليمن ، كما أن المشروع الإيراني سيصبح هو العامل المؤثر في كل مقاليد الأمور في الجزيرة العربية ، ومعظم الدول العربية فيما إذا تركت السعودية أن يمر هذا المشروع بأمان ، وسيتضرر الشعب السني في هذه الدول بصورة كاملة ..
كما يجب أن تفك السعودية ارتباطها بالسياسية الأمريكية الإماراتية فيما يخص اليمن دون تردد ، لأن ذلك سيصيبها بمقتل ، وتترك الخوف من جماعات الإسلام السياسي المعتدلة لأنهم في حقيقة الأمر ليسو بصدد التآمر على السعودية أو غيرها ، ثم يجب عليها تعديل سياستها نحو حزب الإصلاح العريق والمعتدل ، والقبائل اليمنية الصلبة وعلى رأسها حاشد وزعيمها صادق بن عبد الله الأحمر – حفظه الله - ، والذي حاولت إيران أن تنال منه لتنال من السعودية بالدرجة الرئيسية .. فهي إن استطاعت تحقيق ذلك فنستطيع القول أنها بدأت في مرحلة فكفكة العقدة اليمنية ومآزقها الكثيرة ، لأن الأمر بالدرجة الرئيسية يهم السعودية ، والخطر مُحدق بها ، أما الإمارات فحالها كمن يأكل الثوم بأفواه الآخرين ، ولذلك فمهما حصل فى اليمن فلن يصيبها بسوء .
ثم بعد ذلك فللسعودية مصادر قوة أخرى لو أحسنت استخدامها ، يمكنها أن تضغط طرفي الكماشة ، وبقوة على التوسع الحوثي الإيراني على الأرض ، فالحدود السعودية اليمنية في اتصال مباشر في غير المحافظات الخاضعة للحوثيين ، وذلك من جهة الجوف ثم مأرب ، وفي اتصال من جهة حضرموت ثم شبوة ، وهذه المناطق بحاجة إلى الدعم المالي والعسكري ، ثم دعم الأطراف المعارضة للمشروع الإيراني في إب وتعز وعدن ولحج وأبين ، وهي مناطق سنيّة بامتياز يمكن الركون عليها ، ولذلك فتقوية تلكم الجبهات بطريقة ضغط الكماشة ستحدث اختناقًا كبيرًا أمام المشروع الإيراني ، ثم الضغط على أمريكا اللاعبة الرئيسية في تحقيق طموحات إيران فى المنطقة ، لتحديد موقف واضح وصريح بدلاً عن التماهي في مواقفها المتردية أمام التدخلات الإيرانية الحربية فى المنطقة ، لأن إيران حينئذٍ لن تصمت أمام ضغط الكماشة بل ستسعى إلى كسرها إن استطاعت ، ولذلك فهي ستستخدم أوراقًا كثيرة : أهما العبث بتفجير أكثر من موقف فى الداخل والخارج ، ثم التلويح بالحل العسكري وبارجاتها الحربية جاهزة ، وهي تحوم فى الخليج وفى اليمن ( البحر العربي ، البحر الأحمر ، خليج عدن ) .. وهذا سيجعل السعودية إلى حد ما حائرة أمام أي مخاطرة من هذا النوع ، لكن الدعم الدولي المفروض بقوة السعودية عن طريق النفط يمكن أن يجعل الأمور متوازنة نسبيًا ..
وأمام هذا الأمر فيمكن للسعودية أن تُخْرِج المشهد السياسي اليمني بطريقة جيدة ، دون أن يكون له أثرًا في تدخلات إقليمية تُجبر إيران ألَّا تتدخل عسكريًا لفرض سياستها ودعم مقاولي الخراب فـى اليمن (الحوثيين ) ، لكن كيف يمكن لها أن تحقق كل ذلك بطريقة ( الداعم المتفرج ) ؟
وطريقة ( الداعم المتفرج ) لو أحسنت استخدامها تكون بتحقيق عدة أمور أهمها : الإسراع في إنهاء المرحلة الإنتقالية ، ثم تضغط على إقامة الإنتخابات الرئاسية في حينها ، وتأييد ما توافق عليه اليمنيون من غيــــــــر ( هادي ) لأنه كان سببًا في خراب البلاد ، والسعي بجدية لإيقاف تدخلات عمان فى اليمن ، ثم الأهم من ذلك كضرورة أن يجد اليمنيون فى السعودية أختهم الكبرى داعمةً حقيقيةً يتوافق مع تطلعاتهم الإنسانية ، واستمرار الدعم المالي المباشر نحو الشعب اليمني – كم فعلت مؤخرًا – ، وقبل ذلك كله أن تقف بجدية إلى جانب كل أطراف المقاومة للتمدد الشيعي الإيراني فى اليمن ( مناطق فكي الكماشة ) ، ليتم التغيير من الداخل ، مع العلم أن هناك قوى يمنية قوية تركت خوض المعارك مع الحوثيين لخوفها من الوقوع فى الفخ ، وهذه القوى معروفة ( قبلية وسياسية ) مطلوب تأمينها من حصول الوقوع فى الفخ التي إلى الآن ما زالت تعيش هاجسه ، وهي بالتأكيد تأبى بكل قوة أن يتقدم المشروع الإيراني فى المشهد اليمني على حساب المشروع السعودي ، لأسباب أهمها أن ذلك وبصريح العبارة يخالف وطنيتهم ومذهبهم وعاداتهم وتقاليدهم ، بالإضافة إلى أن الأعمال التي انتهك فيها الحوثيون العادات والقيم الدينية والقبلية من نهب الأموال وتفجير البيوت المساجد ودور الأيتام خلال الثلاثة الأشهر ماضية ، وما زرعته من أحقاد في نفوس الناس جعلتهم أكثر قدرة على رد بطش الحوثيين وبكل قوة ..
ولذلك نرى من وجهة نظرنا القاصرة أن اليمن يمر بأصعب مرحلة في تاريخه ، إما الخضوع أمام المشروع الإيراني وبقائه إلى أن يشاء الله ، أو الدخول في حرب حامية الوطيس قد تكون حربًا إقليمية تتوسع فيها المعارك لتشمل كثير من الدول وتبنى عليها تحالفات كثيرة قد تلخبط المشهد السياسي والعسكري العالمي بكل تفاصيله ، فهل تعي السعودية كيفية الخروج من المأزق التي وضعت نفسها فيه ، عسى أن يكون قريبًا .