التحالف الحوثي الإصلاحي المؤتمري إمكانية الإتفاق بعد الصراع
بقلم/ علي بن ياسين البيضاني
نشر منذ: 9 سنوات و 11 شهراً و 16 يوماً
الثلاثاء 02 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:55 ص

سألني صديق حميم هل يمكن أن يكون هناك تحالفًا حقيقيًا بين الحوثيين والإصلاحيين والمؤتمريين في قادم الأيام ؟! ، وما هي الفرص لقيام مثل هذه التحالف ؟، وما هي الإيجابيات والسلبيات ؟ ، وكيف يمكن أن يقوم هذا التحالف وعلى أي أساس ؟ ، وكيف ينجح ؟ في حقيقة الأمر هالتني كل هذه التساؤلات وفي بدء الأمر كنت على قناعة تامة أن تحقق ذلك من سابع المستحيلات ، خصوصًا بعد كل هذه الأحداث والصراعات سواء المسلحة أو السياسية أو الثورية ، والكم الهائل من الدماء الذي سال من هذه الأطراف خلال الفترة الماضية ..
وللإجابة على هذه الإستفسارات نقوم بوضع أسئلة منطقية يجب أن يعلم جوابها القائمون على هذه الأطراف المختلفة ، فنقول : هل من العقل أن يستمر الصراع إلى ما لا نهاية ؟ وما هي فوائده على المستوى الحزبي أو الوطني أو الشخصي لأعضاء هذه الأحزاب المختلفة سياسيًا وفكريًا وشعبيًا ؟ ثم بعد ذلك ننظر حجم الإختلاف والإتفاق بين هذه الأطراف ، سواء بطريقة ثنائية أو بطريقة جماعية .. وهل حجم الإختلاف الذي وقع بينهم يستلزمه استمرار هذا الكم الهائل من العداء والتناحر أو الإقتتال ، ثم ننظر دوافع الإختلاف التي وقعت هل هي خلافات مذهبية أو سياسية أو تأثيرات خارجية ؟
   نحاول في هذه العجالة أن نغوص في خفايا الأمور والعلائق التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه فمثلاً المؤتمر الشعبي العام وعلى رأسه الرئيس السابق / علي عبد الله صالح حكم 33 عامًا وتحالف مع الإصلاح لأعوام عديدة وخاضوا معه عدة حروب وساندوه في تثبيت حكمه خلال تلك الفترة ، وهو بالمقابل فتح لهم الباب للعمل الدعوي والسياسي بحرية منقطعة النظير ، ثم تنازع الطرفان في عدة أمور أهمها إلغاء المعاهد العلمية ثم المفاصلة السياسية بانتخابات الرئاسة عام 2006م ، وكانت أبرز الخلافات بينهما قائمة على مسألة التوريث لابنه أحمد ، ثم بعد ذلك تبني الإصلاح مع بقية القوى السياسية الثورة عليه وإسقاط نظامه ، وكانت القاصمة للعلاقة بين الطرفين لم يروا بعدها من صلح ..
أما علاقة علي عبد الله صالح بالحوثيين فقد عمل على دعمهم كتنظيم ديني وأمدهم بالمال ، حتى شبوا عن الطوق وارتبطوا بإيران ثم بدأت الصراعات السياسية والمسلحة بين الطرفين ، ودخل الطرفان بستة حروب ذهب ضحيتها الآلاف من البشر ، وأهمها عند الحوثيين مقتل زعيمهم / حسين بدر الدين الحوثي .. ثم انضم الحوثي الى ساحات الثورة لإسقاط علي عبد الله صالح ..
ففى الأولى لم يكن الإصلاح كحزب ضد علي صالح إلا في اطار المنظومة السياسية المتعارف عليها في كل دول العالم أي أن العداء ليس له أصل حقيقي ، أما مع الحوثيين فلم يكن الإصلاح مشاركًا بل معارضًا للحروب الستة ضد الحوثيين ، وفى الثانية فقد كانا الطرفان شركاء فى الثورة ضد نظام الرئيس السابق صالح ..
إذن فالخلاف بين الحوثيين والإصلاحيين فى الجانب السياسي أو العسكري لم يكن موجودًا أصلاً ، فكيف تأثرت العلاقة ، وما الذي جعلها تصل إلى ما وصلت إليه ؟ ، نلحظ أن هناك دفعًا خارجيًا بدأت معالمه تتضح بعد أحداث مصر وهو التوجه للقضاء على الإسلام السياسي المعتدل ، فتم استخدام ورقة الحوثيين من دول الخليج وعلى وجه الخصوص السعودية والإمارات بواسطة الطرف الثالث ( صالح ) لضرب الحوثيين بالإصلاحيين لإشفاء غليله شخصيًا بالإنتقام ممن أسقط نظامه ولهدف خليجي هو القضاء على الطرفين ليدمر بعضهم بعضًا ، وقد استفاد الحوثيون من الدعم الخليجي وأنصار علي صالح من القبائل والقيادات العسكرية المساهمة معهم في حروبهم للتوسع فى المحافظات ، كما استفادت إيران بذكاء منقطع النظير لتحقيق مآربها فى التوسعات ضد الخليجيين ، وكان خطأ الإصلاح وقوفه بواسطة قبائله للحرب مع الدولة في عمران أو في حاشد وغيرها ، وإستجلاب عداوة تم استدراجهم إليها خليجيًا لم يعلموا بها أو يستوعبوها إلا في صنعاء .. ولذلك كان الإنتقام من قبل الحوثيين ضد الإصلاح في صنعاء وفي غيرها بتهمة قيامهم بالحرب مع الدولة ضدهم ، وكان الأصل أن تقوم الدولة بدورها العسكري لحماية البلاد ، وإجبار الدولة بتأدية دورها على أكمل وجه ، فإذا علمت السعودية والإمارات يقينًا على عدم إقدام الإصلاح وقبائله بالحرب ضد الحوثيين ، فلن تفكر مطلقًا بدعم الحوثيين ومن أجل ماذا تدعمهم ؟ ...
لكن كيف نسي الحوثيون الحروب الستة لعلي صالح وعفوا عنه ووافقوا على حلفهم معه ؟ الجواب : أن البكاء على الأطلال لن يغير فى الموقف شيئًا ، فاستفادوا منه واستفاد منهم ، وتحققت كثير من مآربهم مع بعضهم البعض ، واستفاد الإصلاح من انسحابه من الصراع على صنعاء ، وعدم الدخول فى المواجهة مع الحوثيين هو الحفاظ على البلاد أولاً ثم الحفاظ على أفراده والحفاظ على الحوثيين من معارك قد تدمر الكل ...
انتهت المعارك بين الأطراف الثلاثة ومن وجهة نظري الشخصية أن هذه الأطراف خاسرة ببقائها متصارعة مع بعضها البعض على المدى الطويل ، وتخسر اليمن بهكذا صراع ، لنسأل بعد ذلك من المستفيد الوحيد من هذا الصراع ، والكل يعلم أن الثلاثة الأطراف يعيشون في مشاهد درامية عنيفة من مخرج خارجي متربص ، يدفعهم ليقتل بعضهم بعضًا وينهك بعضهم بعضًا ، وفق مخطط بعيد داخلي وخارجي ، فالمخطط الداخلي أظنه يسير فى السماح للحوثيين بالتوسع فى المناطق للقضاء على قوته العسكرية وإنهاكه بالحروب طويلة الأمد ، ولا أدري هل يعلم الحوثيون أنهم سائرون في هذا المخطط ، أم أنهم لا يعلمون ذلك ، وهل يعلم الحوثيون أنهم مطالبون من أهالي من سفكت دماؤهم في كل المحافظات ومن كل القبائل كحق مشروع للثأر ، وإن كان وقت سدادها لم يحن بعد ، والثأرات لا تنقضي بتطاول الزمان بل لا تقضى إلا بدماء مثلها وأكثر ، وهل يعلم الحوثيون أنهم الآن ينفذون أجندة خارجية بالقضاء عليهم ، وعلى خصومهم معًا من القبائل وتنظيم القاعدة ؟ إذن ماذا استفاد الحوثيون يوم أن يقيموا دولة لا يدين شعبها لهم بالولاء ؟ أم أن الأمر لا يهم ، وهل يعلم علي صالح أنه باستمرار هذا الصراع يقضي على تنظيمه السياسي وقدراته العسكرية والأمنية المساندة له فى البلاد ، وهو لا يعلم أنه يخدم الرئيس / هادي المستفيد الوحيد من استمرار الصراع بين هذه الأطراف الثلاثة ، ووحدتها واتفاقها بالتأكيد ستؤدي إلى إخراجه من المشهد السياسي فى البلاد ...
الأطراف الثلاثة قوية ، ولها قدرة فائقة في تغيير الوضع الأمني والإقتصادي والسياسي فى البلاد ، فيما إذا اتفقت على مبدأ واحد فقط ( اليمن أولاً ) ، والعمل للبلاد ، لأن استمرار الصراع فيما بين هذه الأطراف معناه أن يخرج كل طرف إلى نهايته حتمًا أو إصابته بالشلل ، إذن ما الفائدة المرجوة للمؤتمر وعلي صالح أن ينتهي الإصلاح كتنظيم ، هل سيتوسع المؤتمر ويعود صالح لكرسي الحكم ؟ وهل سيحكم الحوثي اليمن قاطبة على حساب المؤتمر ورئيسه علي صالح وهل سيمكنهم من ذلك ؟ وهل سيحكم الإصلاح في وضع مزري للبلاد في ظل الفوضى ؟
لو تيقنت الأطراف الثلاثة أن الهدف البعيد للأطراف الخارجية أمريكا وأعوانها هو القضاء على القوى العسكرية والقتالية للقبائل والأحزاب والتيارات ، وإبعاد أي طرف قوي من طريق مشروعهم التوسعي الكبير فى المنطقة ، وتقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة متناحرة .. لنسأل هنا : ماذا استفادت هذه الأطراف من هذا المشروع الخارجي ؟ وكان آخرها تقديمهم للعقوبات الدولية ؟
نعود للسؤال مجددًا : هل يمكن أن تقدم هذه الأطراف في لحظة تأريخية مشهودة على تحالف أو حتى تنسيق مواقف ؟ أو حتى القبول بالآخر ؟ والإحتكام لصناديق الإقتراع ؟ أو حتى إلغاء شيء اسمه صناديق اقتراع ، وأن يحكم اليمن من يحكم ؟ شريطة حرية العمل والحركة ، والقبول بالآخر والإتفاق على حماية البلاد والعباد ؟ والحفاظ على اليمن أولاً ...
نقول يمكن أن يتم ذلك إذا علموا أنهم بكل قواهم مقدمين على محرقة تُعَدُّ لهم ، وفكَّر العقلاء من تلك الأطراف بأن لا طريق سليم بعيد عن المخاطر إلا في ظل التوافق والشراكة والتعايش بسلام ، لكن من يتنازل للآخر ، الكل يخجل من أنصاره وأتباعه أن يقدم على خطوة مثل هذه ، وقد سفكت دماء وتمزقت أشلاء كثير من الناس ؟ مع العلم أن هناك دعوات من بعض قيادات وأطراف لإيجاد مثل هذه المصالحة ، لكن تظل كل المقترحات تعيش فى الفراغ ما لم يحدث تنازلات تلو التنازلات لتحقيق الحد الأدنى من التوافق والشراكة ...