القوي الأمين والسامري اللعين
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر
الجمعة 19 يوليو-تموز 2013 10:04 م

نحو مصر الكنانة تتجه قلوب كثير من المسلمين , فهي منذ زمن بعيد قبلتهم الاجتماعية والسياسية , وقد شهدت عددا من المستجدات التي أدت إلى سحب بساط التميز والقيادة من تحت قدميها . ومع ينبوع الثورات العربية تفجرت حمم الغضب المصري محطمة عهدا أقصى مصر عن دورها القيادي المرموق . وبانتخابات نزيهة صعد الإخوان منصة الحكم ليجدوا أنفسهم بعد عام واحد فقط مطالبين بتحقيق ما لم يحققه سلفهم في 30 عاما . وفي غفلة سياسية ـ كثيرا ما تعاني منها حركة الإخوان في أنحاء المعمورة ـ وجدت نفسها وقد أحاط بها الأحزاب من كل جانب , ولم يتسنى لها أن تحفر خندقا يقيها بأسهم , وتم عزل الرئيس مرسي بانقلاب عسكري أسموه ثورة شعبية ثانية . وخرجت الجماهير المؤيدة للشرعية تطالب بعودته , ملايين أبت الدوران في مدار كوكب الذل والخضوع رافضة هذا الانقلاب معرضة نفسها للقتل والتنكيل , وسيُحمل النظامُ ذئبَ يوسف هذه الجرائم بديلا عن إخوته المخططين المتآمرين على إقصائه ورجمه في غيابات الجب .

اليوم عادت مصر بشعبها لتقول كلمتها لن نعود للقهر والسجون . لن نتنازل عن حقنا المكتسب . لن نخلع ثوبا ألبسنا الله إياه . إن أردتموها ديمقراطية فقد وصلنا بها للحكم , وإن أردتموها ثورة شعبية ثالثة فنحن لها وثورتنا حقيقية لا يحركها مال الفضائح ولا تحالفات المصالح . كرامة مصر وعزة أهلها الأخيار لا تقدر بكنوز قارون . فكيف تباع ب 12 مليار دولار ؟!

رسالتان أوجهها أولها لقيادة الإخوان خاصة ولقيادات الميادين عامة . إياكم وخذلان الناس , إياكم الوهن وحب الدنيا , إياكم والركون إلى الذين ظلموا . الأمة اليوم على مفترق الطرق وتمايز السبل فلا تدخلونا فسطاطا غير فسطاط الثبات , إياكم والتأويلات الخاطئة بحجج واهية فتذهبوا بنا إلى مصالحات مزيفة واتفاقات مرجفة لا تبقي لنا وجودا ولا مكانة ! . إن كان دافعكم حقن الدماء فهي قد سفكت ويتحمل وزر الفتنة من نفخ في كيرها , وان كان دافعكم حفظ المنجزات للحركة فقد عاشت طوال عمرها محفوظة بحفظ الله رغم ما لحق بها من ضرر وقتل وسجن وتنكيل . والله أني لا أخشى على الثورة الثالثة من ملل الثوار وضعف الناس ولكن الخشية كلها تكمن في تخوف القيادات وكثرة الحسابات وتقدير الموازنات لأمور لا تحتمل ذلك , فليس لنا من مصير بالتنازلات إلا السجن والقتل وتحقيق نظرية العدو بفشل مشروع الحكم الإسلامي مطلقا . أنتم على ثغرة فلا نؤتى من قبلكم , الأمة خرجت تطلب الحق أو الموت دونه فلا تخذلوها بعنعنتكم المعهودة . ولا تطيلوا على الناس فترة الانتظار بجمعة وراء جمعة , قوموا بدوركم القيادي والريادي في اختصار الزمن , تحركوا على كافة المحاور دوليا وعربيا وإسلاميا , تواصلوا مع الجيش والعلماء ورجال الإعلام وعموم الناس , اقنعوا الرأي العام بعدالة قضيتكم وحسن إدارتكم . انتم اليوم محط أنظار العالم الإسلامي الثائر وما سيتحقق بكم سيكون منهاجا للجميع نحو النصر أو الانهزام . فلا تخذلونا !

والثانية رسالة لجيش مصر الباسل العظيم محطم خط بارليف الشهير .. صانع نصر رمضان الكبير .. كيف ترضى أن يُسفكَ دم أخيك المصري ليُحفظَ دم عدوك الإسرائيلي ؟! كيف يطاوعك قلبك أن تطلق رصاصك وغازك على قلب بريء لتحمي مجرما بربري , ما عهدناك إلا حاميا للحق مدافعا عن العرض صادا للظلم مكافحا للقهر مناضلا من أجل سلامة شعبك ووطنك . أنت أيها الجندي والعريف والرقيب والملازم الهمام لا تغرنك نياشين الخونة من قياداتك العليا فهم قد قبضوا ثمنها حفنة من دولارات . قم وأعلنها قوية صادقة .. أنا حارس حدود الوطن وحامي حدود الشرعية والشريعة , ولا تخشى انقساما أو فرقة أو حربا أهلية طاحنة فذلك ما يثبطون به الناس عن نصرة الحق والعدل . الحرب اليوم واضحة .. حرب مكانة وريادة .. حرب قيادة وسيادة .. فلتأخذ بكم أمتكم دورها الرائد والقائد للأمة العربية والإسلامية , وهو ما تسعى دول عدة كي لا يتحقق هذا لمصر أبدا . قم أيها البطل المصري خذ مكانك الحقيقي .. قائدا لا تابعا .. رائدا لا خاضعا .. عزيزا لا ذليلا . القضية لم تعد قضية إخوان ومرسي .. هي اليوم قضية تقرير مصير وكرامة , وقضية وجود وكسر قيود وحتما هي قضية دين وإيمان . فلا تخيفنكم رقاعُ السحرة .. مزقوها وشققوها , ولا يغلبنكم السامريُ وعجلُه الذهبي .. حرقوه وانسفوه .. والعاقبة للمتقين .