العراق يثأر لكرامته فهل من ناصرين؟
بقلم/ د . محمد صالح المسفر
نشر منذ: 5 سنوات و أسبوع و 6 أيام
الجمعة 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 07:30 م

ما يجري في العراق من ثورة شعبية وحراك وطني تخطى الطائفية والحزبية

آن الأوان لإنقاذ لبنان والعراق من براثن الطائفية والتبعية والمليشيات المسلحة

 (1)

العراق الشقيق المختطف من الجسد العربي منذ عام 2003، والخاطفون هم مليشيات وأحزاب الغزاة المنتشرون اليوم في جسد السلطة السياسية مدنية كانت أو عسكرية، إنهم لصوص ومجرمون وحاقدون وثأريون وقناصو فرص، والشعب العراقي الشقيق هو الضحية.

تجري في العراق اليوم " ثورة شعبية " لا طائفية ولا حزبية تريد استرداد العراق من مختطفيه.

من بين هتافات " أشبال الثورة " شعارات رددت تطالب بإسقاط النظام، أي نظام المحاصصة، نظام الطائفية، نظام التبعية للخارج أيا كان ذلك الخارج، هتافات الثوار، نريد الإصلاح ومن أهم بنوده القضاء على الفساد والمفسدين واسترداد كرامة العراق وسيادته وأمواله التي هربتها تلك القوى إلى خارج الحدود.

إن جحافل المليشيات الطائفية التي تولت السلطة والقيادة منذ عام 2003 وحتى اليوم همها الأول مزيد من السرقات، مزيد من النفوذ، مزيد من الارتماء في أحضان الطامعين في العراق وثرواته.

 (2)

في العراق المخطوف، رجال الدين بكل المذاهب على حد سواء وعلى جميع وسائل الإعلام ومنابر العبادة في المساجد والحسينيات وبعض من الأتباع من المثقفين والإعلاميين يسعون بكل ثقافتهم وبلاغة أقوالهم إلى تسطيح ما يجري في العراق الثائر اليوم، بالقول: إنها حركة شباب يبحثون عن عمل، إنهم جمهور من المغرر بهم والهاربين من مدارسهم وجامعاتهم، إنهم جمهور من المطالبين بتحسين المعيشة، إنهم تابعون وتحركهم قوى خارجية، كل تلك الأقوال لتبرير القمع إلى درجة القتل المتعمد بسلاح قناصة تمركزوا على أسطح المنازل والمباني العالية. كان حريا " بتجار الدين أصحاب العمائم السوداء والبيضاء " أن ينزلوا إلى الشارع لمناصرة الشعب الهادر في كل مدن المحافظات العراقية ليشدوا من ازر الشباب الثائر على الظلم والفساد والقهر والتبعية لدولة أجنبية.

شباب وشيبان العراق رجالا وإناثا خرجوا من معقل الشيعة في العراق " كربلاء والنجف والبصرة والحلة وغيرها من مدن الجنوب وصولا إلى بغداد هتافهم واحد " هذا الوطن واحد ما نبيعه، بالروح بالدم نفديك يا عراق، نحن العراق لا شيعة ولا سنة توحدنا لاستعادة العراق من خاطفيه ايران وأمريكا.

 (3)

الملاحظ أن كل انتفاضة شعبية عربية في أي قطر عربي سرعان ما تلصق بها التهم بأنها حركة عميلة تحركها قوى خارجية، ما يجري اليوم في العراق الشقيق من ثورة شعبية وحراك وطني تخطى الطائفية والحزبية، وكذلك ما يجري في لبنان بإعلان الحركة الوطنية التمرد على الحزبية والطائفية التي نخرت في جسد الشعب اللبناني منذ اكثر من خمسين عاما ألصق بالثورتين تهم التبعية للخارج، وان قوى أجنبية تحركهم.

لكن لم يقل لنا احد من مثقفي وكتاب الطوائف على من يعتمد حزب الله في لبنان، وكذلك بعض الأحزاب الدينية الأخرى، وعلى من تعتمد قوى الحشد الشعبي المسلح في العراق وهناك اكثر من خمسين حزبا في العراق تحت أسماء مختلفة التسليح والتدريب والتمويل والتوجيه يأتيها من خارج الحدود، لكن المرجفين لا ينطقون.

بالأمس القى مسؤول كبير في طهران خطابا في حفل تخرج دفعة جديدة من ضباط كلية العلوم العسكرية للجيش الإيراني قال فيه: " على المخلصين والحريصين في العراق ولبنان أن يضعوا علاج انعدام الأمن في أولوياتهم " قال أهلنا في العراق ولبنان إنها كلمة حق أريد بها باطل. هذا البيان أثار الكثيرين من أهل العراق ولبنان واعتبروه تحريضا على ثورتهم وتدخلا في شؤون بلادهم الداخلية وقابلوا ما قاله المرشد الإيراني خامنئي بالاستهجان والتحدي لأتباع إيران وأحزابها في العراق ولبنان.

 (4)

صحيح أن العالم العربي مثخن بجراح الفرقة والتشتت والحسد والغيرة والعداوة والبغضاء بين النخب الحاكمة، وصحيح أن تلك النخب يؤرقها أي حراك شعبي في أي قطر عربي يطالب بالقضاء على الفساد ورموزه، والانعتاق من التبعية لقوى خارج الحدود، أن تلك الأنظمة تخيفها مطالب الشعب في تطبيق العدالة والمساواة، ويخيفها أيضا المطالبة بتأسيس قضاء مستقل وحق المشارك في صناعة القرار، كما يؤرقها المطالبة بالحفاظ على المال العام وعدم تبذيره من اجل استرضاء دول أجنبية بهدف حماية النظام.

رغم ذلك الأرق عند بعض الحكام المتنفذين في وطننا العربي إلا أن ما يجري في العراق ولبنان امر يستحق تناسي كل الأحقاد والبغضاء بين النخب الحاكمة والاندفاع لحماية الشعبين العراقي واللبناني من تغول القوى الطائفية الشعوبية على ذينك الشعبين.

قد آن الأوان لإنقاذ لبنان والعراق من براثن الطائفية والتبعية والمليشيات المسلحة ذات الولاء لقوى خارج الحدود.

مارسوا يا حكام العرب حقكم في النصح والضغط على الحاكمين في بغداد وبيروت من اجل الاستجابة لمطالب شعبيهما العادلة بإلغاء المحاصصة والنظام الطائفي وتشكيل نظام يحقق العدالة والمساواة، إنها الفرصة الأخيرة لحماية أنفسكم وأنظمتكم وأهلنا في العراق ولبنان من طوفان قادم ما لم تنتصروا للعراق ولبنان.

وآخر الدعاء: ربنا لا تسلط على أهلنا في العراق ولبنان من لا يخافك ولا يرحمهم، ربنا ألّف بين قلوب قادتنا من أجل حماية العراق ولبنان من الضياع.