يكتسب الاحتفال بيوم المعلم لهذا العام أهمية استثنائية، كونه يأتي متزامناً مع ما تشهده بلادنا من أجواء الحوار الوطني التي تبعث على الاطمئنان بأن اليمن يسير باتجاه رسم مستقبله بعد مرحلة حرجة شهدت فيها بلادنا أحداثاً وظروفاً استثنائية ألقت بظلالها على كافة الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية.
وبالتأكيد فإن العملية التعليمية والتربوية بكافة مستوياتها لم تكن بمنأى عمَّا يجري من أحداث تسببت في حرمان الكثير من أبنائنا الطلاب والطالبات حقهم في الحصول على خدمة التعليم، خاصةً في المناطق التي شهدت توترات وأعمال عنف، لذا فقد حرصت حكومة الوفاق الوطني في برنامجها العام على إعطاء أولوية لإيصال الخدمة التعليمية إلى المناطق المتضررة من الصراعات بما يكفل لجميع الأطفال الالتحاق بالتعليم إلى جانب السعي إلى تحسين وتجويد التعليم الأساسي والثانوي من خلال تحسين أداء المعلمين والموجهين والإدارات المدرسية.
ومن هنا تكمن أهمية الوعي بمدخلات العملية التعليمية والتربوية، وعلى رأسها المعلم، الذي يمثل حجر الأساس للعملية التعليمية والتربوية، والذي يجري تكريمه اليوم من خلال احتفال مركزي يكرَّم فيه (250) معلماً ومعلمة من مختلف محافظات الجمهورية، إلى جانب الاحتفالات التي أقيمت على مستوى المدرسة والمديرية والمحافظة، والذي عكس اهتمام المجتمع المحلي بالمعلم الذي يتحمل على عاتقه مسؤولية غرس القيم والأفكار البنَّاءة والتوجهات الإيجابية والسلوكيات السليمة في نفوس وعقول أبنائنا الطلاب والطالبات.
وكترجمة صادقة لهذا الاهتمام سعت وزارة التربية والتعليم من خلال خطتها إلى توفير المناخات الملائمة لاستقرار المعلمين والمعلمات بما يحفزهم على استشعار مسؤوليتهم والقيام بمهامهم وواجباتهم وبما يكفل تذليل كل الصعاب وتجاوز كافة التحديات لتحقيق الأفضل والارتقاء الأمثل بالمهنة إلى جانب السعي لتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في إدارة العملية التعليمية والتربوية على كافة مستوياتها.
وبالرغم من قصر الفترة الزمنية المحددة للفترة الانتقالية إلا أن برنامج الوزارة المقدم ضمن البرنامج العام لحكومة الوفاق ركز على معالجة الأوضاع الاستثنائية وتحديد الأولويات العاجلة والتي تتمثل أولاً في إعادة الخدمة التعليمية في المناطق التي تعرضت للأضرار والخطوة الثانية هي رفع مستوى الجودة وتحسين التعليم في جميع المحافظات.
كما أن هناك خطة يتم وضعها الآن تتضمن كثيراً من الأهداف التي نسعى لتحقيقها خلال الفترة المتبقية ولعل من أولوياتنا خلال المرحلة القادمة العمل على إعادة هيكلة النظام التربوي والتعليمي من أجل سد فجوات المهارة والتجاوب مع مؤشرات سوق العمل كما أن هناك توجهاً لدى الوزارة في اعتماد مفهوم الجودة للرفع من مستوى مخرجاتها والتي ينبغي أن تكون مؤهلة بما يمكنها من المنافسة في كافة المجالات ونسعى من خلال هذه الهيكلة إلى أن نعطي دوراً كبيراً للجودة ومعايير الجودة أو ما يتعلق بالإدارة التعليمية والإدارة المدرسية وأيضاً في ما يتعلق بجميع المدخلات والمخرجات الخاصة بالنظام التعليمي.
ولم نغفل أيضاً المطالبة بحقوق المعلم لأننا نؤمن أن المعلم الذي يمتلك أو يحصل على الحقوق هو الأقدر على الأداء والأقدر على الفعالية والأقدر على القيام بمهامه، ولهذا فقد وضعنا المعلم في سلم أولوياتنا من خلال تبني مطالبه وحقوقه لأننا ندرك أنها مطالب مشروعة وستكون أيدينا مع أيدي النقابات التي تمثله وبالتالي فإن قيادة الوزارة ستسعى إلى تبني كافة المطالب المشروعة والمطالبة بها حتى يتم تنفيذها.
كما انتهز هذه الفرصة بمناسبة الاحتفال التكريمي السنوي للمعلمين لأوجه حديثي إلى جميع العاملين في المؤسسة التربوية من معلمين وإداريين وإدارات تربوية وتعليمية ووظائف مساعدة بأننا نثمن ونقدر الجهود التي يقومون بها في العمل التربوي وهي محل اعتزاز وتقدير ونطالبهم باستمرار هذه الجهود الدؤوبة ومواصلتها، كما أدعوهم إلى أن تكون هذه المرحلة مرحلة بناء وتعاون نعمل جميعاً كفريق واحد همنا ابتداءً وانتهاءً هو السير بالعملية التعليمية والتربوية نحو المستقبل الذي ننشده جميعاً، كما أدعو جميع التربويين إلى تمثل واحترام قيم المهنة وقيم المواطنة وتوفير مناخات الاستقرار للعملية التعليمية والتربوية ليتمكن الطالب من تلقي المعلومات في بيئة تعليمية سليمة خاصة ونحن مقبلون الآن على الاختبارات النهائية التي لم تعد تفصلنا عنها سوى عدة أسابيع حتى نتمكن من تخريج أجيال متميزة صالحة تكون نافعة لنفسها ولمجتمعها ولوطنها.
** عن صحيفة "الثورة"