ندوة سياسية تناقش أدوار ثوار11 فبراير في الحفاظ على منظومة الدولة ومقارعة الانقلاب
رئيس الإمارات يُبلغ أمريكا موقف بلاده من تهجير الفلسطينيين
السودان: الجيش يسيطر على محاور استراتيجية ويحاصر المليشيات في القصر الرئاسي
مدعوم من ترامب.. اليمني الأميركي أمير غالب يعلن ترشحه مجدداً لعمدة مدينة هامترامك
وزير النفط اليمني يربط استئناف تصدير الغاز المسال بوقف إيران دعمها للحوثيين
تصريحات جديدة للمبعوث الأممي حول السلام في اليمن ومعالجة الأزمة الإقتصادية
مدمر المدن يقترب.. ناسا ترفع احتمالات اصطدام الكويكب بالأرض
حماس تعلن عزمها الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين و4 جثامين
خطةعربية لإعمار غزة وبتكلفة تقديرية تصل إلى حوالي 20 مليار دولار
وزير الخارجية اليمني يؤكد بأنه لا يمكن ان تتخلي ايران عن الحوثيين الا بالعمل العسكري
كل شيء هنا وهناك يعجُّ بضجيج السياسة، بدءاً بالرصيف الملتهب، وانتهاءاً بعالم افتراضي أصبح حقيقة تقاسمنا الوقت والاهتمام، وبين الرصيف الملتهب والعالم الافتراضي مساحات ممتدة من الأزمنة والأمكنة، يستوطنها البسطاء بحضورهم الباهت، واهتماماتهم المختنقة بالوجع، وآمالهم المرتجفة كالطفولة الخائفة.
من حولي عشرات الأقلام، تشاهدونها الآن، جَلَب لها أصحابها صداع السياسة بالمجّان، من شدّة الضجيج الذي يملأ كل الفراغات، تصادفنا مفردات السياسة كما تصادفنا مفردات التحية والمجاملة، والترحيب والتوديع، تقفز إلى مسامعنا، تنزلق من ألسنتنا، تخطر على هواجسنا، تتبطن ثيابنا ، وتجتزئ قسطاً من وسائدنا، نخلطها بعبارات التهاني، نمضغها مع القات، ونهضمها مع الفحسة وفول الجرة.. الربيع العربي، الثورة السلمية، الأنظمة الدكتاتورية، المظاهرات، الزحف، الحسم.. تصبحون على وطن، جمعتكم نظال، شهركم مبارك، وعيدكم طنطاوي.
بائعات السياسة صرن من صديقاتنا الأثيرات، ربما انشغلنا بمجالستهن عن مجالسة زوجاتنا وأبنائنا، نتناول قهوة الصباح مع العربية، ووجبة الغداء برفقة البي بي سي، ونقضي أوقات العمل بصحبة الحياة والشرق الأوسط والمصدر والأهالي، مقيلنا مع الجزيرة وأخواتها، وأسمارنا على صفحات الفيس بوك ونوافذ اليوتيوب، وربما جاءتنا كوابيس المنام على هيئة الفضائية اليمنية أو قناة سهيل.
صارت المهنة المحببة للجميع هي مهنة (المراسل) ، الجميع يمتهنا تطوعاً وبدون أي مقابل، الكل يقف في أي مكان، ويغطي كل حدث، لا يعجز أحد عن سرد تفاصيل أي واقعة، شهدها أم لم يشهدها، مراسل على متن حافلة ينقل الصورة من تعز، ومراسل يحلل زيارات الزياني وهو يحتسي كوب الشاي في المقهى المجاور، ومراسل تعينه نشوة القات على توقع مآلات الأحداث، مراسل يؤكّد، ومراسل ينفي، ومراسل يتكهّن، ومراسل ينهي تقريره على أعتاب غرفة النوم، وربما تجاوز الأعتاب.
ضجيج السياسة غزى البيوت، فأفقدها طمأنينتها، وملأ المدارس فشوّه وقارها، وغشي الأعمال فخفتت روعة إنجازها، وتسلل إلى المواعظ فلوّث طهرها. كأنه مسخٌ تجنّى على موازين الحياة حتى أصابها بالقلق، وأفسح للفوضى مكاناً تستلقي فيه بقبحها المقيت.