مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي عاجل :حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا
اليمن بعد علي عبدالله صالح هل نحن بحاجة إلى محلل شرعي؟
* منير الماوري
أثار السفر المفاجئ للرئيس علي عبدلله صالح من المكلا إلى ألمانيا لإجراء فحوصات طبية تساؤلات كثيرة رغم أنه في يجري فحوصات طبية في ألمانيا سنويا دون أن يتساءل أحد لماذا؟ هذه المرة لم ينتظر الرئيس إلى أن يعود إلى صنعاء ليتوجه منها إلى ألمانيا بل توجه إليها رأسا من المكلا في خطوة جعلت محبيه والمستفيدين من حكمه ينتابهم القلق على صحته، في حين ان المعارضين لحكم الرئيس لم يكونوا أقل قلقا إن لم نقل على الرجل لدوافع إنسانية فيمكن أن نقول على البلاد لدوافع وطنية. ويأتي هذا القلق في ظل غياب الآلية الواضحة لانتقال السلطة في اليمن في حال وفاة الرئيس أو عجزه عن أداء وظائفه، وعدم صدور قرار جمهوري حتى الآن بتعيين نائب للرئيس رغم أن الإعلام الرسمي يسمي عبدربه منصور هادي نائبا. أنا هنا لا أسئ لشخص الرئيس ولا أحاول التشفي بمرضه إن كان مريضا فعلا، فليس من طبعي أن أفعل ذلك، ولكني أطرح تساؤلا مشروعا عن مصير البلاد لأن حياة الرجل تؤثر على حياة 22 مليون من البشر ومن حق هذه الملايين أن تعرف ماذا سيحل بها لو غاب الرئيس فجأة؟! ولا بقاء إلا لله. لقد طرحت هذا السؤال على سياسي يمني كبير معروف بحنكته وقدرته على سبر أغوار الأمور، ولن أذكر أسمه هنا لأني لم أستسمحه في نشر اسمه ولكن الأهم من الاسم هو التحليل فهو يرى أن الأسرة الحاكمة في اليمن لا بد أن لديها خططا بديلة لمواجهة حدث محتمل كهذا، وتعتمد الخطط على أمور كثيرة أهما الكيفية التي يمكن أن يغيب فيها الرئيس هل مرضا ؟ أم حادثا عرضيا؟ أم قصدا؟ فلكل كيفية تحليلها. ويقول السياسي اليمني " نحن لا نتمنى إلا الخير والسلامه للجميع ولا أظن أن غياب الرئيس يمكن أن يؤدي إلى ربكة صغيرة أو كبيرة، حيث يمكن بتضافر جهود محلية وغير محلية أن يتم ضبط الأمور ولو ببعض الألم. وتابع قائلا إن القائد العسكري علي محسن الأحمر كان في سنوات مضت هو المكلف بالملف لدى حدوث أي طارئ لأنه أقوى شخصية عسكرية ويتمتع بشبكة علاقات واسعة وقوية مع القوى المشائخية والقبلية على امتداد البلاد ولم يكن يحضر المناسبات العامة -كجزء من الخطة على ما يبدو -ويمكن أن يقوم الإبن بنفس الدور حاليا. إلى هنا انتهى كلام السياسي اليمني ولكني شخصيا لا أدري مدى قدرة الإبن على أداء الدور المشار إليه لأن تجربة اخواننا في سوريا تكاد تثبت أن مبدأ التوريث في الجمهوريات العربية هو الطريق الأقصر لفقدان الحكم إذا لم يكن الإبن في مستوى حنكة الأب وذكائه، وما خطاب الدكتور بشار الأسد الأخير أمام المزايدين العرب في دمشق إلا خير مثال على أنه يسير ببلاده نحو نفق مجهول. وعودة لعلي محسن الأحمر ( القاضي) فهو بالفعل عمود من أعمدة الحكم بل رئيسا في الظل وكان من الذكاء بأنه لم يطرح نفسه يوما بديلا للرئيس بل ذراعا قوية تنفذ إرادة الرئيس وتأتمر بأمره ولا تسرق منه الأضواء. وعلي محسن بالمناسبة ليس شقيقا للرئيس ولا أخا له أو نصف أخ، لا من جهة الأم ولا من جهة الأب، وما يطرحه الإعلام الخارجي عن قرابة كهذه ما هي إلا خطأ شائعا ارتكبه في البداية الإعلام المحلي المعارض وسار عليه الإعلام الخارجي، لدرجة أن المختصين الأجانب في شؤون اليمن يتهمونا بالجهل عندما ننفي هذه الدرجة من صلة القرابة بين الرجلين. إن ما بين الرجلين أقوى من علاقة الأخ مع أخيه أو الشقيق مع شقيقه، وعلي محسن نفسه يقول في هذا الشأن " رب أخ لك لم تلده أمك" فبينهما علاقة تكامل قائمة على أساس ان لا استمرار لأحدهما إلا بوجود الآخر، وخروج أحدهما من السلطة يعني بالضروة قصم ظهر الآخر، فالإخوة إذا مفروضة عليهما فرضا. ويقال إن الرئيس يحذر علي محسن - بل ويبتزه - بأنه غير مقبول دوليا أو بتعبير أكثر حدة "مطلوب دوليا" كي يجهض أي طموح له في الوصول إلى منصب الرئاسة إن وجد هذا الطموح، كما يقول آخرون إن الرئيس يعيد دوما تذكير علي محسن أنهما من جيل واحد وفي سن متقاربة ولا مجال للتفكير في أن يخلف الرئيس من هو أكبر منه سنا بل يجب إتاحة الفرصة للأجيال الشابة خصوصا أن الدستور يسمح له بالبقاء في السلطة إلى أن يصل سن السبعين في 2013. وبغض النظر عن رأي علي محسن في الأجيال الشابة التي زادت أعدادها وتوسع نهمها في الإثراء على حساب موارد البلاد المحدودة، فهو يدرك تماما أن أي خلاف فعلي مع الرئيس لا يعني سوى زوال حكمهما معا، ولا خيار أمامهما سوى أن يتعايشا معا دون أن يتعدى أحدهما حدود الآخر، أما عن وجود اسم علي محسن بين المطلوبين دوليا فهي كذبة يمنية قد تنطلي عليه أو لا تنطلي، ولكن لا يوجد أي مصدر غربي يؤكد مثل هذه الرواية، بل تجمع كل المصادر على نفيها. الشئ المؤكد فقط في الرواية هو الرفض الدولي لتولي علي محسن الرئاسة ولكنه رفض لاستمرار نمط علي عبدالله صالح في الحكم وليس رفضا لشخص علي محسن، فالسياسة لا تقوم على الحسابات الشخصية على الإطلاق، ولو كان هناك أدنى احتمال أن حكم علي محسن قد يختلف عن حكم علي عبدالله صالح أو أن علي محسن يملك مشروعا إصلاحيا للبلاد لما رفضه أحد لا في الداخل ولا في الخارج. الإثنان يدركان أن رفض علي محسن هو رفض لاستمرار عهد علي عبدالله صالح سواء تصارحا في هذا الأمر أم لم يتصارحا، ومن هنا تأتي فكرة الحاجة إلى محلل شرعي يضمن بقاء حكم بيت الأحمر، أو على الأقل عدم تعرض بيت الأحمر لأعمال انتقامية بسبب أخطاء الفاسدين الكبار ومعظمهم لا ينتمون للأسرة ولا حتى إلى قبيلة سنحان مطلقا وهي القبيلة التي تتحمل الغرم بأرواح أبنائها، ولا ينوبها إلا فتات الغٌنم من أموال يسرقها غيرهم . ويمكن القول إن توريث الحكم بشكل فج ومباشر كما حدث في سوريا فيه مخاطرة كبيرة، كما أن تسليم السلطة لشخص من الأسرة بذاته قد يثير بقية القوى الطامحة داخل الأسرة، كما قد يثير امتعاضا دوليا أو إقليما لأسباب تتعلق بأسلوب الرئيس الحالي في إدارة البلاد بما لا يتناسب مع المتغيرات الدولية. الحل الأمثل من وجهة نظر أهل الحكم هو إيجاد محلل مدني يتولى الرئاسة لعدد من السنوات مع تجريده من أي مخالب عسكرية أو أمنية، وإحكام السيطرة على المؤسسة الأمنية والعسكرية تماما تمهيدا لتحميل الرئيس المحلل مسؤولية تفاقم الفشل في البلاد وبالتالي العودة في اللحظة الحاسمة لإنقاذ البلاد من الإنهيار وتقديم شخص من الأسرة للعب دور البطل المنقذ. قد يكون هذا البطل هو إبن الرئيس الحالي أو ابن أخيه أو أي شخص آخر تتوفر في المواصفات المطلوبة، أما المحلل فالأسماء المطروحة حتى الآن هي ثلاثة أسماء ، قد يتم اختيار واحد منها للمهمة المناطة به قبل انتخابات الرئاسة أو بعدها حسب القراءة المتأنية للظروف الدولية والمحلية والإقليمية، والأهم من كل ذلك القراءة الموضوعية للظروف الاقتصادية للبلاد والظروف الصحية للرئيس الحالي. المرشحون الثلاثة للعب دور المحلل لكل واحد منهم إيجابياته ولكل منهم محاذير تستحق التروي قبل تقديم الرئاسة له على طبق من ذهب، وسأضع نفسي موضوع صانع قرار في الأسرة الحاكمة واستعرض أسماء المرشحين مع التطرق لإيجابيات كل مرشح والمخاطر المحتملة على الأسرة من كل مرشح: أولا عبدربه منصور هادي نائب الرئيس الحالي: من إيجابياته أنه من الجنوب ووجوده كرئيس قد يعطي لدولة الوحدة جرعة حياة أطول، ويزيل الأسى عن قطاع كبير من أبناء الجنوب والشرق، كما أنه يعاني من اضطراب في القلب وقد لا يستمر في الحكم طويلا الأمر الذي قد يعجل في استعادة الأسرة لمنصب الرئاسة دون الحاجة لأي مسرحية محرجة. أما سلبيات الرجل فهي في كونه صاحب وجود فعلي في المؤسسة العسكرية والأمنية من خلال بعض العناصر والأنصار، وقد يسبب للاسرة وجعا وصداعا خطيرا لو قرر التمرد على الخطة المرسومة له، وهذه المخاوف نفسها هي التي اضطرت الأسرة على عدم إصدار قرار رسمي بتعيينه نائبا دستوريا للرئيس رغم أن الإعلام الحكومي يتعامل معه رسميا كنائب للرئيس ولكن لم يصدر حتى الآن أي قرار فعلي بذلك ولا يحق له دستوريا تولي الرئاسة في حال غياب الرئيس الحالي بل سيتولاها رئيس مجلس النواب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بحكم الدستور، وقد تم فقط انتخاب منصور نائبا لرئيس المؤتمر الشعبي العام وهذه الصفة لا تخوله دستوريا أن يخلف الرئيس لدى حدوث أي طارئ. ثانيا: عبدالكريم الإرياني من إيجابيات الإرياني أنه كبير في السن ومقبول دوليا، وإلى حد ما إقليميا ولكن مشكلته الأساسية أنه ذكي إلى حد كبير وقد يفكر في التحول إلى رئيس فعلي وهذا غير مقبول، إضافة إلى أن كبير الأسرة علي محسن لا يستلطفه ولا يحب أن يتعامل معه مباشرة، ولكن تعيينه نائبا ثانيا لرئيس المؤتمر الشعبي العام يعطينا مؤشرا لما يدور في ذهن الرئيس بأن احتمال اختيار الإرياني محللا مازال واردا. ثالثا: عبدالعزيز عبدالغنيمرشح جيد ومحسوب على المناطق الشافعية وفي ذات الوقت بعيد كل البعد عن العمل لصالح أبناء تلك المناطق، وهو مستمع جيد ومنفذ للأوامر ولكن المشكلة أنه لا يفصح عما يدور في خلده ويبدو وكأنه لا مشاعر له ولا أحاسيس، وصمته هذا قد يخفي وراءه محاذير كثيرة. هؤلاء هم المرشحون للعب دور المحلل وإذا ما استقر الرأي لدى الأسرة على اختيار محلل شرعي على نمط الرئيس الأميركي بيل كلينتون الذي يعتبره الرئيس اليمني فاصلا شرعيا بين الرئيس بوش الأب والرئيس بوش الإبن وبالتالي فإن اليمن ليست أقل من أميركا في توريث الحكم (مع الفارق طبعا)، وهذه المقارنة غير مقنعة لأي لبيب ولكن الرئيس اليمني لا يتورع عن المجاهرة بها في مجالسة الخاصة مما يؤكد أنه يفكر فعليا في اختيار محلل. وفي تقديري الشخصي أن اليمن في حاجة فعلا إلى محلل ولكن ليس لتوريث الحكم وإنما لنقل البلاد من مرحلة اغتصاب السلطة التي استمرت 28 عاما إلى مرحلة شرعية جديدة يتعود فيها اليمنيون الاحتكام الفعلي لصناديق الإقتراع دون إشهار المسدسات أو التلويح بالمدرعات للوصول إلى السلطة. وعلى الجميع أن يدرك أن البلاد لم تعد تتحمل تكاليف بقاء الرئيس الحالي لسبع سنوات جديدة لأنه أدخل النظام والأسرة في عداءات محلية وأقليمية كبيرة أرهقت ميزانية البلاد، وجعلت دول الجوار تفرض حصارا غير معلنا على اليمنيين وتخنقهم في معيشتهم، كما أن تكاليف بقاء الرجل في السلطة أصبحت مرهقة للشعب اليمني وتكاليف تحركه على سبيل المثال من صنعاء إلى عدن بحرسه وجيشه ومرافقيه وخدمه وحشمه وأشباه وزرائه يكلف ميزانية الدولة الملايين فما بالنا بحركته في مناطق أخرى أو زياراته المتكررة للخارج. والرئيس يريد أن يقلد مسؤولي الدول المجاورة في حياتهم اليومية دون أن يدرك أن جميع المسؤولين الفاسدين في صنعاء يقلدونه في تصرفاته وأصبح لدى معظمهم ملاعب للبولينغ في منازلهم أكبر من الملعب الموجود في دار الرئاسة، وحمامات ساونا أكثر اتساعا من حمام دمت. ومع دخول العام الجديد 2006 لم يتبق من الزمن سوى بضعة أشهر فقط كي تتضح الرؤيا لما يمكن أن يحدث في اليمن، فبعد أن تمضي الأشهر الستة أو الخمسة المقبلة لن يتبق على الانتخابات الرئاسية المفترضة سوى ثلاثة أشهر أخرى وبالتالي لا بد أن يعرف اليمنيون ماذا يدور في ذهن الرئيس. وأعيد تكرار عبارة " ما يدور في ذهن الرئيس" لأن ما يدور في ذهن الرئيس هو الذي يمكن أن يحدد مصير البلاد والعباد وليس صناديق الإقتراع كما قد يظن البعض، لأننا لن نقفز من الدكتاتورية الشاملة إلى الديمقراطية الكاملة بين لحظة وضحاها دون محلل شرعي مهما ادعى البعض ذلك. الرئيس يستطيع أن يخفي ما يفكر فيه لعدة شهور أخرى لا أكثر، وبعد ذلك سيكون مضطرا مع حلول الاستحقاق الانتخابي أن يكشف عن نواياه، باختيار محلل أو بخوض انتخابات صورية بنفسه لنفسه بما قد يفتح المجال أمام إنفلات الأوضاع بما قد لا يحمد عقباه، وبما قد يلغي الانتخابات من أساسها، أو يجبر الشعب على رفض نتائجها. ومن وجهة نظري فإن ثمانية وعشرين سنة في الحكم تكفي لإنجاز مرفق صحي بسيط في الداخل يعفينا من تحمل تكاليف الفحوصات في ألمانيا، فالسفر إلى ألمانيا لفحوصات عادية يشعرنا بالخجل لعدم وجود مؤسسات صحية في بلادنا، وإذا كانت الفحوصات غير عادية فإنها تشعرنا بالقلق على مصير وطننا العليل.
*كاتب ومحلل سياسي يمني مقيم في واشنطن