مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن عاجل : الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها
تلك اللحظة حدّدت مصير رجلين. وكان العالم يراقب. لفظ القاضي رؤوف عبدالرحمن رشيد الحكم. ورد صدّام حسين متحدياً. ذهب الثاني إلى الإعدام. انتهت حياته. وتغيرت حياة الأول. صار اسمه الفعلي الرجل الذي لفظ ذلك الحكم. ومنذ تلك اللحظة صار عليه أن يعيش مع ظل الرجل الذي أمضى العراقيون عقوداً في ظله. تغ
يرت حياته. وحياة عائلته. عليه أن يلتفت. وأن يحذر. وأن يتنبه. وأن يعيش وسط الاجراءات الصارمة والحراس. عليه منذ تلك اللحظة أن يعيش مع «لعنة صدّام حسين».
لم يسع رؤوف رشيد إلى هذا الدور الذي أخذ اسمه وصورته إلى ملايين البيوت وأقاصي الأرض. هكذا يقول. لكنه لم يحاول التملص من قدره حين وقع الخيار عليه. اعتبر أن ليس من حق القاضي التهرب من واجب، لأنه صعب أو محفوف بالأخطار. كانت المهمة شاقة أصلاً. وضاعف من وعورتها ما كان يعيشه العراق بالتوازي مع جلسات المحاكمة. لحظة تنفيذ الحكم كان رشيد بعيداً جداً عن المسرح. وليس سراً أنه شعر بالاستياء لخرق بعض القواعد ولرائحة الثأر التي فاحت من بعض الصيحات. واعتبر القاضي طريقة تنفيذ الحكم «غير حضارية».
قصدت منزله في أربيل برفقة صديقين. استقبلنا الرجل الهادئ مبتسماً. ولا أعرف لماذا شعرت أن صدّام حسين كان الرجل الخامس في اللقاء. تقضي اللياقة بعدم تحويل زيارة مجاملة إلى استجواب منذ اللحظة الأولى. بحثت عن مدخل لحديث آخر وأسعفتني اللوحات الموزعة في صالون المنزل العادي لمن بات أشهر قاضٍ في الشرق الأوسط وربما خارجه.
التقط القاضي الفرصة. كأنه أراد القول إن قصته لم تبدأ مع بدء المحاكمة. لمست لديه رغبة في التذكير بـ «الوجه الآخر» له. حكى أنه عاشق كتب ولوحات. لم يخف ولعه بالمتنبي واعجابه بالجواهري على رغم وعورة لغته أحياناً ولم يكتم حبه لجبران خليل جبران وتقديره لمخيلته وعذوبة لغته. وكشف أنه يكتب منذ وقت طويل لكنه ليس من أنصار النشر. وعلى رغم انتمائي المزمن إلى حزب المتنبي دفعت الحديث في اتجاه الرجل الخامس.
أقسم رشيد أنه لم يتعرض لأي ضغوط سواء أكانت أميركية أم عراقية، وأنه ما كان ليقبلها لو حصلت. وأكد أن انتماءه الكردي لم يكن بين أسباب اختياره ولم يؤثر على تعامله مع المتهمين.
تذكر الجدل المتكرر بينه وبين صدام حسين الذي كان يصر على أنه رئيس العراق فيرد عليه «انك هنا في قفص الاتهام». يعترف بوجود شيء من الرهبة في بداية المحاكمة، إذ لصدام قدر من الحضور والهيبة. قال إن صدّام كان حريصاً على صورته في حضور وسائل الإعلام. يتحدث بقدر من التحدي والتشدد والعزم كأنه يخاطب جمهوره. وفي غيابها يتحول رجلاً هادئاً. اعترف أن صدّام كان صلباً ومتماسكاً. ويصر على حمل القرآن الكريم. وكان يكتب الشعر في سجنه. وان تماسكه كان مصدر تماسك المتهمين الآخرين ومعنوياتهم المرتفعة.
قال إن برزان، الأخ غير الشقيق لصدام، كان شرساً ويلجأ أحياناً إلى الألفاظ النابية وقد اصطدم مع حراسه أكثر من مرة. وروى أنه وفّر لبرزان طبيبين أميركيين لمعالجته من السرطان، فكان رده: «لا أثق بهؤلاء الملاعين». عندها أوكل الى طبيبين عراقيين أمر الاعتناء به.
استغربت قوله إن طه ياسين رمضان (نائب الرئيس السابق) كان لبقاً ولا تنقصه البراعة في الاجابة. قال لرمضان ذات مرة: «أنت جئت من أصول متواضعة واتيحت لك فرصة الوصول الى موقع، فلماذا لم تخدم بلدك؟». ورد رمضان: «أنا خدمت بلدي، خدمته على طريقتي».
عدنا إلى صدام. قال القاضي إن شخصيته تشبه في جانب منها شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان يرى «رؤوساً قد أينعت وحان قطافها». لكنه يلاحظ أن الحجاج كان مجرد قروي عنيف في حين «أن شخصية صدّام مليئة». وأكد أنه لم يشعر حيال الرئيس السابق لا بالشفقة ولا بالشماتة. واعترف أن صدام كان يطلب أن يراه ليطلب شيئاً لرفاقه ولم يحدث أن طلب لنفسه. وقال إنه شعر أن صدام كان يتوقع صدور عقوبة الإعدام، لكنه لم يظهر ضعفاً أو ارتباكاً.