مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن عاجل : الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها
* محمد اليدومي
المجتمع الإنساني لا ينتظم أمره إلا بوجود سلطة، تتبع من حاجته إلى الإستقرار والأمن والديمومة والسلام، هكذا يحدثنا تاريخ البشرية، ولسنا هنا في معرض السجال حول السلطة ونشوئها، ومصادر تكونها وروافدها، ومحدداتها وسبل وجودها أو غيابها فذاك له مجال آخر، لكننا نتناول اليوم قضية طالما تحدث عنها الإنسان سواء كان في مربع الحكم أو المعارضة، وهو مبدأ التداول السلمي للسلطة، وهو ما يعبر عن أحلام وأشواق وتطلعات المجتمع بكافة تكويناته إلى مستقبل يصنعه بيده، ويتحمل مسئولية خياراته، وهو في الوقت ذاته تجسيد صادق عن مشاعر ورغبات البشرية في التحرر من الرتابة والجمود والتخلف المتمثل بحكم الفرد، وديمومته، ورغم ميل الطبع الإنساني إلى احتكار السلطة، فإن ثمة نزوعا ليس إلى السلطة باعتبارها مفسدة فحسب، إنما إلى السلطة المطلقة التي تعد، كما قال منظرون وفلاسفة (مفسدة مطلقة ) واستطاع الإنسان من خلال التعاليم السماوية أن يهذب هذا النزوع ويتحفز للنضال ضد التعسف في استخدام السلطة أو الإستنثار بها. بالنسبة لأمتنا العربية والإسلامية، فإن جهود إصلاحية فكرية عبر القرنين الماضيين أفردت مساحة لا بأس بها للبحث في مسألة الإصلاح السياسي، لكنها جهود لم تغادر مربع السجال النظري المجرد، وظلت النخب محتكرة وهذا الهم ولم يتجاوزها إلى القطاع الشعبي الواسع، ولم تتمكن من تحويل ذلك السجال النخبوي في مجال الإصلاح السياسي إلى ثقافة شعبية واضحة المعالم، متحكمة بالشأن العام والسلوك المعيشي للمواطن وللجماهير. هانحن نعيش مطلع القرن الواحد والعشرون المتسم بالثورة العلمية الفائقة وبالإتصالات، مختزلة الزمان والمكان، مفجر ثورة علمية ومعلوماتية محطمة كل الحواجز أمام المعارف، ميسرة سبل التعارف الإنساني مفسحة المجال أمام تبادل الخبرات البشرية بواسطة وسائل الإتصال، والمواصلات الحديثة وأصبحنا نعيش لا همنا نحن العرب والمسلمين فقط, إنما هم الإنسانية جمعاء باعتبارنا لسنا شركاء في قرية كونية واحدة، وإنما نعيش جمعينا في غرفة واحدة.رغم ذلك ورغم ما نراه في كثير من دول العالم من استقرار وتقدم ورفاه وأمن نتيجة حسم شعوب تلك الدول قضية السلطة وتداولها من خلال الإتفاق على تقاليد وأعراف وقيم تضمن لكل فئات المجتمع الوصول إلى السلطة بصورة عادلة ومرضية، بعد قرون من اعتماد مقولة لويس الرابع عشر ( أنا الدولة والدولة أنا ) ما أدى إلى إنصراف كل القوى عن سياسات التآمر والتحايل والكيد السياسي، وتوجهت نحو العمل لإقناع محيطها الإجتماعي بصوابية رؤيتها وبرامجها عند انتخابها واختيارها للسلطة، أقول رغم كل ذلك فإن الإنسان العربي للأسف لا زال تفصله فجوة عميقة بينة وبين الوصول إلى سكة السلامة هذه ربما نتيجة إصرار النخب الحاكمة في منطقتنا على تعسير عملية ترسيخ تقاليد تضمن حق المواطن في الوصول إلى السلطة بأسلوب حضاري راشد، وبطريقة ديمقراطية نزيهة، وربما نتيجة ثقافة ترسخت في العقل الباطن بأحقية كل من يصل إلى السلطة في امتلاكها، ويراود المتربعين على مقاليد السلطة لا في مجال الدولة فقط، وإنما في كل مستويات المسئولية اعتقاد فاسد بأن السلطة ما وجدت إلا من أجلهم تجدهم كما سمعوا أو تناهى إلى أسماعهم مطالب جماهيرهم بضرورة تداول السلطة ينبرون بكيل الإتهامات ضدهم وتخوينهم.إنها حالة تعبر عن عجز في إشاعة ثقافة عامة تحترم مبدأ تداول السلطة في مختلف جوانب الحياة، الأمر الذي يولد حالة إشكالية بالغة الخطورة أدت ولا تزال إلى استنزاف القدرات والإمكانيات الفردية المجتمعية، فمادام انسداد في عملية تداول السلطة، فإن النتيجة بالتأكيد لن تكون لصالح استقرار المجتمع ولا تنميته. فما دامت خيارات تداول السلطة محدودة جداً لا تتعدى حدود العنف والعنف المضاد أو الوفاة الطبيعية أو الإنقلاب الأبيض أو الثورة الحمراء أو الاحتلال الأجنبي فالنتيجة من ثم معروفة سلفاً (تدميراً للسلطة) موضع التنازع و(تمزيقاً للوطن) مجال التنافس و(استنزافاً للثروات، وإهدار للموارد) أرضاً وإنساناً و( إنهياراً لمؤسسات الدولة) ميدان المسئولية و( تفتيتاً للجغرافية، وتوهينا للنسيج الإجتماعي)مصدر مشروعية المتناحرين. إن استقرار الحكم ضرورة يتحقق من خلال مسار طبيعي ترسمه الأمة مشورة ورضا وقناعة بيد أن ما هو حاصل في منطقتنا قد يبدو أن أنظمتنا تعيش استقراراً نتيجة استمرار الحاكم سنين طويلة على كرسي الحكم، والحقيقة والواقع الذي لا يرغب كثيرون الاعتراف به أن ذلك لا يعد استقرار هو استخدام عنيف للقوة، أو تلاعب صريح بالرأي العام، للبقاء على الكراسي أطول فترة ممكنة بالقهر والقمع والإكراه ما ينتج بدلاً عن الاستقرار، أزمة تداول على السلطة، بحسب تعبير المفكر برهان غليون.هذه الأزمة تكشف عن فشل النظام في قيامه بالتعبير عن التوازن الفعلي للمصالح الإجتماعية المتعددة وتتجلى في انسداد الأفق السياسي، والاختناق الاقتصادي، يفضي بالطبع إلى توترات وصراعات وحروب ظاهرة أو تناحر مكبوت تحت رماد الاستقرار السياسي المتوهم، جراء وجود مراكز قوى ومافيات فساد وإفساد وأجهزة شللية. "فبقدر ما يصبح العنف المقنع أو المعلن الوسيلة الوحيدة للخروج من أزمة لا تسمح الطرق القانونية بالخروج منها، يجنح جميع أطراف النظام إلى تطوير التقنيات والساحات الموازية وغير الشفافة للسياسة والتي تعبر عن استمرار السياسة المحرمة سياسياً بوسائل أخرى غير طبيعية وغير سياسية وبالتالي غير عقلانية. فهذه هي الطريق الوحيدة التي تستطيع القوى الإجتماعية من خلالها أن تفرض دورها وتضمن حضورها السياسي، واستمرارها في عالم الصراع الدموي، من أجل الحفاظ على النفوذ والبقاء. وهكذا يحول الاستمرار في الحكم بالقوة أو استمرار حكم القوة الصراع الاجتماعي من صراع على تداول السلطة والمسئولية إلى حرب مواقع ونفوذ داخل الفضاء الإجتماعي، يسعى من خلالها الطرف الحاكم إلى تأكيد حضوره في الميدان ليس عن طريق ما يحققه من إنجازات للمجتمع، فهذا ممتنع عليه بسبب إنشغاله بالحروب ولكن من خلال انتصاره على الخصم وبالمثل لا تستطيع المعارضة أو القوى المحرومة أن تعبر عن نفسها وتتجاوز تهميشها إلا من خلال ما يمكن أن يسببه من مشاكل وتحمله من تهديدات للنظام" – د.برهان غليون-. أي أن نظام سياسي يقبل بثنائية السلطة - المعارضة يقتضي منه تلقائياً القبول بمبدأ تداول السلطة فيما بينهما وتداول السلطة يعني انتقال السلطة من شخص لآخر أومن جماعة سياسية لأخرى وفقاً للطرق المحددة في الدستور. إن الشعوب تتوق إلى التغيير الإيجابي الصالح الذي يبني ولا يدمر ويطمحون إلى أن تتغير سياسات ووجوه وخطط عقيمة أثبتت الوقائع والأحداث أنها لم تزدهم إلا تخلفاً وضياعاً, وتتطلع الأمة لأن تكون حرة في أن تختار من بين البدائل المتعددة البرامج المتغايرة الرؤى من تراه مناسباً لأن يقودها إلى شاطئ الأمان ويحقق لها ما ترجوه من نهضة وتقدم وأمان وصلاح. ومن دون التداول السلمي للسلطة لا يمكن الحديث عن تنمية وديمقراطية وحقوق إنسان واحترام الرأي الآخر المعارض. المشكلة هنا أن محاولات عربية كثيرة في مجال تداول السلطة ، لم تكن جادة بقدر ما كانت خاضعة لاعتبارات سياسية أو اقتصادية نتيجة ضغوط الدول المانحة، أوبسبب تنفيس مؤقت لاحتقان داخلي ما تلبث تلك المحاولات أن تتكشف عن حقيقتها البائسة الماكرة، تفريغاً (لمبدأ السلطة) من معانيه ومضامينه الحضارية، فلقد رأينا خلال السنوات الماضية أنظمة عربية وإسلامية ودول عالم ثالث تعيد إنتاج الإستبداد بواسطة ما تزعم أنه تداول للسلطة في بلدانها، وهذا الزعم يقوم على منافسة غير متكافئة وربما بين طرفين هما وجهان لعملة واحدة، المنافسة تتجسد بين طرف يملك كل شيء السلطة والمال والإعلام والقوة ومؤسسات الدولة، والقوانين وحق تفسير الدستور والقضاء وبين منافسين لا يملكون شيئاً إلا مجموعة شعارات وبرامج وإمكانيات محدودة وحيز مقتطع من الإعلام الحكومي ! بينما الطرف الأول يراه الناخبون منذ سنين وفي كل ساعة في مرافق العمل، يطل عليهم في التلفزيون وفي الإذاعة، تفتح له الوزارات أبوابها تسخر له كل الإمكانيات لافتتاح المشاريع من خزانة الدولة، ولتصبح مادة إعلانية مجانية ي الانتخابات بين طرف هو جزء من الحياة اليومية للمواطن، تفرضه وسائل الإعلام المملوكة للحكومة وبين آخرين لا يعرف المواطن عنهم إلا الصورة الشمسية التي تعلق على الجدران قبل المنافسة بأسابيع. باختصار شديد إنها محاولات غير جادة لتداول السلطة لأنها تقوم على منافسة غير متساوية أو بحسب التعبير القرآني (قسمة ضيزى) وتدفع المواطن إلى الإحباط في ظل إنسداد الأفق السياسي والتلكؤ في المضي بتنفيذ إصلاحات جادة.إن الديمقراطية بحسب رجال الفكر السياسي نظام مبني على أركان أربعة هي حرية الرأي وحرية التنظيم واستقلال القضاء والتداول السلمي للسلطة، فمن قراءة واقعنا العربي نستطيع تلمس محاولات للتحرر من تأطير المجتمع في الحزب الواحد القائد، وكذلك الأمر بالنسبة للركن الثاني المتمثل بحرية الرأي، إذا قطعت الشعوب هنا شوطاً لا بأس به في التعبير عن أشواقها وأحلامها في وطن يسوده العدل والحرية والسلام والصلاح، بفضل انحسار الخوف وسطوة التكنولوجيات الاتصالية والإعلامية الحديثة, لكن ما يبقى معلقاً ومؤجلاً هو التداول السلمي على السلطة، إذ يصبح وجود حرية الرأي والتنظيم في معزل عن الانتخابات الحرة والنزيهة المنظمة للتداول على السلطة متنفساً مؤقتاً لمريض يختنق. صحيح أن دورية وانتظام قيام انتخابات يعد أمراً مهماً وجوهرياً في تحقيق التداول السلمي والديمقراطي للسلطة وإجراء مثل هذه الإنتخابات في موعدها يعد خطوة باتجاه راحلة الألف ميل نحو تحقيق معنى التداول السلمي، وباتجاه انتخابات ديمقراطية ودعاية انتخابية مباحة للجميع سواء في السلطة أم في المعارضة، ومناظرات تلفزيونية بين السلطة والمعارضة والكل يقدم برنامجه الإنتخابي منتقداً الآخر وبحرية وصراحة. ومن أهم اشتراطات التداول السلمي للسلطة كذلك وجود تعدد حزبي حقيقي ومنافسة فعلية بين الأحزاب بمختلف توجيهاتها المتباينة وانتقال السلطة من إئتلاف أوتحالف إلى آخر، دون منغصات أو معوقات بالتالي فإن الانتقال السلمي للسلطة وتداولها ديمقراطياً لا يمكن أن تتم في ظل حزب واحد أو في ظل اختلال العملية الانتخابية وإدارتها. إن تجربة نصف قرن من الزمن قد علمتنا أن التنمية والاستقرار والرخاء لن يتم إلا في ظل إدارة حكومية رشيدة كفؤة خالية من الفساد قائمة على أسس علمية بعيدة عن الأهواء والأمزجة، محكومة بالأنظمة والقوانين ومثل هذه الإدارة يستحيل وجودها إلا في ظل نظام سياسي سليم مرتكز على الفصل بين السلطات واحترام الدستور وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة وهذا ما أدركه الميثاق الوطني إذ نصت حقيقته الأولى (إن شعبنا لم يصنع حضارته القديمة إلا في ظل الاستقرار والأمن والسلام ولم يتحقق له ذلك إلا في ظل وحدة الأرض والشعب والحكم ولم تتحقق له الوحدة إلا في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية). وبما أننا قد أقررنا جميعاً سلطة ومعارضة بقيام نظام سياسي تعددي يحقق الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة، فلم يعد أمامنا من خيار سوى أن نعكس هذا الإتفاق على واقع الممارسة وأن نجلس جميعاً – سلطة ومعارضة – لنتفق على أفضل السبل لتحقيق ذلك وبقدر ما نتجه إلى النخبة الحاكمة للوصول إلى كلمة سواء قدر ما نتجه إلى الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في بناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون، وحيث ما تكون المصلحة العامة يكون شرع الله. وندعي أن أي عملية إصلاح سياسي ووطني شامل لن تستقيم مالم تستهدف حماية الحقوق والحريات بحيث تكرس جميع إجراءات وعمليات الإصلاح من أجلها ولعل مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ أساسي من مبادئ الديمقراطية وبدونه يصبح النظام السياسي أي شيء إلا أن يكون نظاماً ديمقراطياً فجوهر الديمقراطية هو خلق التوازن بين السلطة المشرعة والمراقبة والسلطات المنفذة والسلطة القاضية في النزاعات وحين ينعدم الفصل بين الهيئات يتحول النظام إلى نظام شمولي فردي يختبئ وراء شكل ديمقراطي مزيف. وقد أكد إعلان صنعاء في 12/1/2004م ، أن من أساسيات النظام الديمقراطي وجود هيئات تشريعية منتخبة دورياً تمثل المواطنين تمثيلاً عادلاً وتحقق المشاركة الشعبية وهيئات تنفيذية مسئولة وملتزمة بقواعد الحكم الرشيد، وسلطات قضائية مستقلة تضمن عدالة المحاكمات وتحمي الحقوق والحريات وترد المعتدين وهذه الأساسيات هي من ضمانات الأداء الديمقراطي الجيد والكفيل بحماية حقوق الإنسان. إن تركيز السلطات في قمة هرم الجهاز التنفيذي يلغي بشكل كامل استقلالية هذه المؤسسات والتي تتحول إلى مسرح للعرائس جميع خيوطها في يد رأس السلطة التنفيذية وهي ظاهرة تشترك فيها الأنظمة العربية, يقول تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2004م إن القاسم المشترك بين الأنظمة هو تركيز السلطات في قمة هرم الجهاز التنفيذي والتأكد من أن هامش الحريات المتاح لا يؤثر في القبضة الصارمة على السلطة. ومن الشروط الهامة للفصل بين رئاسة الدولة والسلطة التشريعية أن يكون من يرشح نفسه مستقبلاً وإذا كان منتمياً إلى حزب فعليه أن يجمد عضويته في حزبه طوال فترة رئاسته, فقد أثبتت التجارب أن البرلمان يفقد استقلاليته في ظل حزب الأغلبية الذي يرأسه رئيس الدولة, وأكد هذه الحقيقة تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2004م إذ يقول "هناك آليات إضافية تتيح للحكام مزيداً من تركيز السلطات في يده، وعلى سبيل المثال فإن ما يسمى بالأحزاب الحاكمة - إن وجدت - ماهي في الواقع إلا مؤسسات تابعة للجهاز التنفيذي حيث يتم تعيين المسئولين الحزبيين (أوالمرشحين في حال الإنتخابات) من قبل الرئيس الذي يعتبر في الوقت نفسه رئيس الحزب، وهذا يعني عملياً أن البرلمان يصبح جهازاً بيروقراطياً يعينه الجهاز التنفيذي ولا يمثل الشعب بحق". ولكي يقوم مجلس النواب بدوره الكامل في الرقابة يجب أن يتبعه مالياً وإدارياً الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والذي يرسل بدوره صوراً من تقاريره إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس الوزراء. كما يعاد النظر في مجلس الشورى تكويناً واختصاصاً بحيث يتم انتخاب أعضائه من كل محافظات الجمهورية بالتساوي مع وضع مواصفات ومعايير لمن يرشح نفسه لعضوية المجلس، ويعاد النظر في اختصاصاته ودوره. ولضمان استقلالية السلطة القضائية لا بد أن تكون بعيدة كلياً عن النفوذ السياسي والمالي والإداري للسلطة التنفيذية ويتحقق ذلك بأن يكون المجلس الأعلى مجلساً منتخباً من القضاة أنفسهم أو بترشيح منهم يقره مجلس النواب ومجلس الشورى المنتخب مجتمعين ويتولى المجلس الأعلى بعد انتخابه تنظيم القضاء ووضع ضوابط ووسائل استقلاله وأدائه لواجبه على الوجه الأكمل. ولتحديد مؤسسات الدولة وتحقيق نظام تعددي فعال يسمح بتداول جدي على السلطة، لابد من اتخاذ خطوات منها إلغاء وزارة الإعلام وتحويل وسائل الإعلام العامة إلى مؤسسة وطنية منتخبة من بين العاملين فيها ووضع الضوابط الكفيلة بحياديتها وعدم استخدامها لمصلحة حزب من الأحزاب ويكون لمجلس النواب ومجلس الشورى المنتخب حق إقرار ترشيح أعضاء مجلس المؤسسة, وإلغاء وزارة الخدمة المدنية وتحويلها إلى مؤسسة وطنية فنية محايدة لا تستخدم فيها الوظيفة العامة لأغراض حزبية ويتم وضع الضوابط للمؤسسة وطريقة انتخاب أعضاء مجلس إدارتها وإصلاح نظام الخدمة المدنية اعتماداً على القدرة والكفاءة والخبرة والنزاهة والتي على أساسها يتم التنافس لشغل الوظيفة العامة والمناصب الإدارية ومنع تسخير الوطنية العامة لأغراض ومنافع حزبية وتحديد عقوبات صارمة لأي مسئول في أي موقع من مواقع العمل العام يستخدم وظيفته العامة لخدمة حزب من الأحزاب منتهكاً بذلك الدستور والقانون. ومنح الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، تحت إشراف مجلس النواب – حق مراقبة سلامة استخدام إمكانيات الدولة ووظائفها، وعدم تجييرها لمصلحة حزب من الأحزاب وبشكل خاص في مواسم الإنتخابات العامة والمحلية والرئاسية, وحيادية المال العام والوظيفة العامة والمؤسسة العسكرية والأمنية والإعلام العام في العمل السياسي وفي التنافس بين الأحزاب لنيل ثقة الشعب, والفصل بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة وإمكانياتها وإيقاف تدخل السلطة التنفيذية وأجهزتها لصالح الحزب الحاكم وتحريم استخدم الجيش والأمن في الخلافات السياسية بين الأحزاب ويقتصر دورها على حماية الوطن والشرعية الدستورية، والقوات المسلحة كما ينص الدستور هي "ملك الشعب كله، ومهمتها حماية الجمهورية وسلامة أراضيها ولا يجوز لأي هيئة أو فرد أو جماعة أو تنظيم أو حزب سياسي إنشاء قوات أو تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية لأي غرض كان أو تحت مسمى" وهذا يعني ضمناً عدم جواز الهيمنة عليها وتحويلها إلى ملحقة بأي حزب أو تنظيم. إن تداول السلطة سليماً لن يتحقق إلا بإصلاح سياسي شامل يقع عبء القيام به على عاتق كل من الحكومات والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وبذلك للسير بالمجتمعات والدول العربية قدماً، وفي غير إبطاء أو تردد وبشكل ملموس في طريق بناء نظم ديمقراطية شوروية، الحرية فيها هي القيمة العظمى والأساسية بما يحقق السيادة الفعلية للشعب الذي يحكم نفسه بواسطة التعددية السياسية المؤدية إلى تداول السلطات، وتقوم على احترام كافة الحقوق في الفكر والتنظيم والتعبير عن الرأي للجميع مع وجود مؤسسات فعالة على رأسها المؤسسات التشريعية المنتخبة، والقضاء المستقل والحكومة الخاضعة للمساءلة الدستورية والشعبية والأحزاب السياسية. يقتضي ذلك بالضرورة كفالة حريات التعبير بكافة صورها وأشكالها وفي مقدمتها حرية الصحافة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية والاعتماد على الانتخابات الحرة، مركزياً ولا مركزياً، وبشكل دوري لضمان تداول السلطة وحكم الشعب، وتحقيق أقصى قدر ممكن من اللامزكزية التي تتيح للمجتمعات المحلية التعبير عن نفسها وإطلاق طاقاتها الإبداعية التي تسهم عن طريقها في تحقيق التقدم في جميع مجالاته ويقترن ذلك بتحقيق أقصى قدر من الشفافية في الحياة العامة بما يعني القضاء على الفساد في إطار يؤكد الحكم الرشيد ودعم حقوق الإنسان.