إرحل د. إرياني
بقلم/ منير العمري
نشر منذ: 13 سنة و 6 أيام
الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:13 م

نقلت بعض المواقع الإخبارية الإسبوع الفائت خبرا مفاده أن طلاب كلية الإعلام قاموا بطرد عميد الكلية الدكتور أحمد العجل وقيل إن عددا من الطلاب هم بالإعتداء عليه لولا حيلولة بعض الطلاب والطالبات دون ذلك. كما وزع بعض الشباب منشورا على الفيس بوك ليلة أمس الأول يحوي فيديو وهذا الفيديو تضمن مشهد مماثل لما حصل في كلية الإعلام لطلبة في كلية التجارة يطالبون د. الإرياني بالرحيل عن الكلية. ويشبه مشهد قيام الطلبة بطرد الإرياني بمشاهد مشجعي "الهولجينز" الذين يثيرون الشغب في ملاعب كرة القدم. وبما أن الفيديو الذي شاهدته كان دافعي لكتابة هذه السطور فإني سأكتفي بالكتابة عن ماورد فيه على أن لا يمنع ذلك من إسقاط ما نقوله على حادثة الدكتور العجل أيضا وأي حوادث مستقبلية.

ومهما كانت المبررات فإنه ما من عذر لما قام به الطلبة وأعتقد بأن المشهد كان مستفزا إلى أبعد حد حتى للمتابع المحايد. وطريقة تعبير الطلاب عن إختلافهم مع الدكتور العجل أو الدكتور الإرياني كانت مثيرة للإشمئزاز والغثيان أيضا وكشفت عن روح إنتقامية بحتة وتصفية حسابات شخصية ليس إلا.

لست هنا بصدد الدفاع عن الدكتور محمد فضل الإرياني، أستاذ مادة التكاليف وغيرها من المواد المحاسبية بكلية التجارة والإقتصاد في جامعة صنعاء، ولا أعرفه بالمرة، لكني لمست في كلام أغلب المعلقين المنصفين في الفيس بوك بأن الرجل كفوء في تخصصه وشديد في أختباراته ولكنه سيء في أخلاقه. وعليه فالمسألة الأولى محمودة في الرجل، كما أن الصفة الثانية فيه مطلوبة وبخاصة إن كان قد شرح المادة على أكمل وجه.

أما المسألة الثالثة والمتعلقة بسوء أخلاقه في تعامله مع الطلبة فهذه مسألة كان يفترض بها أن تنتهي من أول مرة حصلت فيها ومن خلال القنوات الرسمية. سيقول قائل بأنه قد شُكي عشرات المرات لعمادة الكلية ورئاسة الجامعة ولم يتغير شيء، أقول بأن هذا جزء من الخلل والفساد المستشري في الجامعة  وهذا موضوع طويل سنقف عليه في مقال قادم بإذن الله. 

في الحقيقة، ترتبط هذه المشكلة إرتباطا وثيقا بالطريقة التي تدار بها العملية التعليمية في الجامعات اليمنية والضبابية التي تعتري طبيعة العلاقة بين أطراف العملية التعليمية، كما أن إطلاق يد أساتذة الجامعة وبخاصة في التصحيح أو أثناء حصول مشاكل مع بعض الطلبة مما يقود بعضهم إلى ممارسة الدكتاتورية والتلذذ بمعاناة الطلبة وهي أمور يتم التعامل معها في الجامعات المتحضرة من خلال لجان أو مجالس يتم تشكيلها لذات الغرض. فمثلا، لو قلت بأنك تعرضت للظلم في مادة معينة وإن أستاذ المادة تجنى عليك لسبب أو لأخر فيمكن لاستاذ متخصص في نفس المادة أن يقوم بإعادة التصحيح، وفي حال حصلت مشاكل مع الطلبة لإي سبب كان يتم التحقيق في الموضوع وتحميل الطرف المسيء المسئولية. 

إجمالا، كان ينبغي أن لا تقابل بلطجة الدكتور الإرياني الأخلاقية، إن كانت حقيقية، ببلطجة مثلها من قبل الطلاب. مشاهدة الفيديو تشعرك بالإشمئزاز والغثيان في آن كون إحترام المدرس جزء أصيل من ثقافتنا التي تربينا عليها. كان يمكن عمل ذلك بإسلوب حضاري راقي يعكس روح الثورة الشبابية اليمنية والتي تمثل في جوهرها قيم المدنية والتحضر ودون اللجوء إلى البلطجة والأساليب الغوغائية في التعبير عن الرأي وكذا الإختلاف.

التصحيح يبدأ بالجامعة ومن الجامعة وأعتقد بأن الطلاب ضلوا الطريق نحو الخطوة الأولى على طريق التصحيح الا وهي إسقاط رئيس الجامعة خالد طميم وهذه الخطوة لها ما بعدها. يمكن أن تصحب هذه الخطوة أو تتزامن معها خطوات أخرى تتمثل في إقالة عمداء الكليات ورؤساء الأقسام المعينين من جهات أمنية.

طبعا يتم إسقاط طميم وغيره من مسئولي الجامعة وأساتذتها الذين تسنموا المناصب المختلفة، بغير وجه حق، نظرا لإرتباطاهم بجهات أمنية وبطرق لاتمت للكفاءة بأي صلة من خلال فعل ثوري حضاري مدني يتمثل في ممارسة أقصى الضغوط الممكنة على حكومة الوفاق ووزير التعليم العالي لإقالتهم. مالم، فعلى الطلبة وأساتذة الجامعة في مختلف كليات الجامعة الرئيسية وكليات الفروع البدء بإضراب شامل ومفتوح داخل حرم الجامعة والكليات وعدم حضور المحاضرات حتى يتم تلبية كافة المطالب.

في الختام، أقول بأن الثورة فعل وخطاب حضاري وطبيعة هذا الفعل وذلك الخطاب تنعكس سلبا أو إيجابا على ثورتنا ولهذا فنحن مطالبون بضبط النفس وممارسة الفعل الثوري بطريقة خلاقة حتى لا نضر بالثورة بوعي أو بدون وعي ونثبت للجميع بأننا نختلف عن مثل أولئك الأشخاص وبأننا فعلا نسعي للتغيير نحو الأفضل.

دمتم ودامت اليمن في خير