|
على عكس التوقعات التي استبقت مؤتمر (أصدقاء اليمن) بنيويورك, لم تكن الحركة الاحتجاجية في «الجنوب» أو ما بات يعرف اختصارا بـ«الحراك الجنوبي» وما يتبناه من مطالب, محل نقاش أو إشارة علنية وواضحة - كما يبدو- من البيان الختامي.
فبيان الاجتماع المنعقد الجمعة الماضية 24 سبتمبر الجاري خلا من أي ذكر لمفردات مثل (الجنوب.. والجنوبيين..أو القضية الجنوبية) وركز بصورة عامة و(دقيقة) على ما يمكن تسميتها بـ(القضية اليمنية..واليمنيين..) ما يؤكد أن المجتمعين أبدوا كثيرا من الحرص على عدم تجزئة قضايا اليمن الذي يعاني كثيرا من المواجع التي ليس أولها الحوثيون وما يحدث بصعدة ولا آخرها الحراك, وإنما هناك سلسلة من القضايا منها الفقر.. والفساد.. مرورا بالإرهاب, وهذه الأخيرة تشكل حساسية كبيرة للغرب حتى أنهم أصبحوا يبنون عليها تقديراتهم وكذا خططهم الآنية والمستقبلية.
هذه القضايا أو المفردات إذا ما افترضنا أنه أشير إلى بعضها بصورة مباشرة, وبعضها بصورة غير مباشرة فإنها تصب في الأخير في إطار أوسع وأشمل كما استنتجنا سابقا وهي (الحالة اليمنية.. أو القضية اليمنية) أو كما أريد لها أن تكون عربيا ودوليا, وهذا وإن كان لا يتساوق مع تطلعات من يرفعون شعار (الانفصال) أو ما يسمى (فك الارتباط) أو (التحرير) ويمثل أمرا صادما ومحبطا في آن بالنسبة لهم, فهو في المقام الأول يبحث في جذر المشكلة الأساس لا في تفرعاتها ونتائجها وهو كما يتضح اقتصادي وسوء تدبير أو سوء إدارة كما يفترض أن يفهم, وهو بنظر الشركاء الدوليين لا يستدعي (التجزئة) بقدر ما يستدعي خلق مناخات مناسبة لإحلال التنمية والتقارب فيما بين القوى المختلفة والمتصارعة بما يلبي طموحاتها في إطار اليمن الموحد, وهو ما يؤكد سعي عدد من هذه القوى, إن لم يكن جميعها, إلى البحث عن ضمانات لنجاح واستمرار تفاهماتها تحت هذا الإطار مستفيدة من تجارب الماضي.
ولئن بدا البيان المذكور كسابقيه مليئا بالوعود, إلا أن تأجيل حسم مسألة الدعم وشكل الإصلاح الذي يراه الأصدقاء ملائما لليمن, استنادا إلى الظروف التي تمر بها من خلال تحديد “خطواته”, كما أورد البيان, إلى اجتماع الرياض المقرر عقده في فبراير 2011, يضفي أهمية على اجتماع واشنطن؛ بكونه حدد بشكل رئيسي ما يمكن أن يكون عليه الوضع في الرياض من الناحية الشكلية والموضوعية, وما على الأطراف مجتمعة إلا أن تهيئ وتعد نفسها لتلك الخطوات التي أشار اجتماع نيويورك إلى أنها ستهدف إلى الحفاظ على البلد موحدا مع ضرورة الإصلاح.. وما التأكيد على أهمية الحوار ودعمه بين الأطراف الرئيسية (سلطة ومعارضة) والأطراف الأخرى (حراك..وحوثيين) حول القضايا التي تعتبر مصدراً للصراع والخلاف في البلاد هو ما يفترض أن يؤخذ بعين الاهتمام؛ كون الإرادة الإقليمية والدولية تتوقف عنده تحديدا بعيدا كل البعد عن الشعارات أو الرغبة في الوصول إلى حوارات خارج المنظومة أو اللعبة السياسية اليمنية. هذا إذا ما نظرنا أيضا إلى التركيز على الهدف من الحوار وهو كما يشير البيان: المضي قدماً بالإجراءات العاجلة واللازمة لتأمين انتخابات حرة ونزيهة متعددة الأحزاب في عام 2011م.
إن الاستنتاجات السائدة بعدم التطرق إلى الوضع في الجنوب أو “القضية الجنوبية” على العكس من تصريحات وأحاديث عدد من قيادات الحراك في الداخل والخارج وتوقعات بعض المحللين لا تتوقف عند الحرص العربي والغربي بإيجاد حلول لمشاكل اليمنيين مجتمعين فحسب أو كما قال الوزير الكويتي: “إن ما خرج به اجتماع نيويورك لا يصب في مصلحة الحكومة اليمنية وإنما في مصلحة الشعب اليمني” فهذه مسألة طبيعية ومتوقعة، غير أن هناك عاملا مهما يعتقد أنه أسهم في تلافي ذكر «القضية الجنوبية» ولو مجرد الإشارة إلى ذلك وقد نجحت في تقديري السلطات اليمنية في جعله مرتكزا ومحورا في التأثير على نصوص البيان الختامي وهو ما يتعلق بالحرب على الإرهاب وضمنها الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدد من مناطق ومدن المحافظات الجنوبية لا سيما في أبين وشبوة, وعلى الرغم من تأكيد قيادات الحراك على عدم وجود القاعدة هناك إلا أن ذلك لا يلغي أهمية وتأثير ما حدث في ترجيح كفة السلطة وتحقيقها مكاسب إعلامية وسياسية.
ومن طالع عدد من المواقع التابعة للحراك وكيفية تناولها وتعاطيها لمؤتمر نيويورك قبل وبعد حدوثه وتناولها للبيان الختامي, سيجد تحولا كبيرا في القيمة. فهي ركزت على ما تقول إنه نجاح حققه الحراك في منع حصول السلطة على الدعم المالي لضرب الجنوب وحركته السلمية, فيما كانت قبل المؤتمر تؤكد على أن “القضية الجنوبية” محور أساسي في الاجتماع فضلا عن حديثها حول توقعات بصدور شيء ما بشأنها, فيما كانت السلطة تبحث عن تأييد عربي ودولي جديد ليمن موحد ودعم خطوات الإصلاح, وهو ما تحقق لها, وهذا لا يعني أنها لم تتطلع إلى الدعم المادي لمحاربة الإرهاب, لكن هذا لم يكن في المقدمة إذا ما نظرنا لحساسية الوضع ومثل هذه المؤتمرات وتوقيتها..!!
لقد بات الإرهاب يمثل فزعا وقلقا كبيرا بالنسبة للغرب, فضلا عن الإرباك الكبير والإنهاك الذي يفرضه على خططهم وسياساتهم - وإن كان المراقبون والمختصون لا ينفون وجود عناصر القاعدة في مدن ومناطق الجنوب, بصرف النظر عن أعدادها - وكونه متأصلا أو وافدا, إلا أنهم يرون استخدامه كورقة للمرابحة السياسية في الوقت الذي يبحث فيه المجتمع الدولي مع شركاء عرب عن حلول لمشاكل اليمن.. وبينما يسعى أطراف الصراع إلى تسجيل الأهداف كل في مرمى الآخر فإنه من شأنه أن يقلب الأمور ويخلط الأوراق لمصلحة الطرف الأقوى, إذ من المؤكد أن تكون حرب السلطة في الجنوب على القاعدة من ضمن الأسباب التي أحبطت تطلعات الحراك في الحصول على دعم يؤيد مطالبه في اجتماع نيويورك, وعلى الحراك أن يتقبل ذلك بروح عالية خالية من العواطف؛ لأن السياسة لا تقر بذلك واللعب "أجوال" كما يقال.
فبيان الاجتماع المنعقد الجمعة الماضية 24 سبتمبر الجاري خلا من أي ذكر لمفردات مثل (الجنوب.. والجنوبيين..أو القضية الجنوبية) وركز بصورة عامة و(دقيقة) على ما يمكن تسميتها بـ(القضية اليمنية..واليمنيين..) ما يؤكد أن المجتمعين أبدوا كثيرا من الحرص على عدم تجزئة قضايا اليمن الذي يعاني كثيرا من المواجع التي ليس أولها الحوثيون وما يحدث بصعدة ولا آخرها الحراك, وإنما هناك سلسلة من القضايا منها الفقر.. والفساد.. مرورا بالإرهاب, وهذه الأخيرة تشكل حساسية كبيرة للغرب حتى أنهم أصبحوا يبنون عليها تقديراتهم وكذا خططهم الآنية والمستقبلية.
هذه القضايا أو المفردات إذا ما افترضنا أنه أشير إلى بعضها بصورة مباشرة, وبعضها بصورة غير مباشرة فإنها تصب في الأخير في إطار أوسع وأشمل كما استنتجنا سابقا وهي (الحالة اليمنية.. أو القضية اليمنية) أو كما أريد لها أن تكون عربيا ودوليا, وهذا وإن كان لا يتساوق مع تطلعات من يرفعون شعار (الانفصال) أو ما يسمى (فك الارتباط) أو (التحرير) ويمثل أمرا صادما ومحبطا في آن بالنسبة لهم, فهو في المقام الأول يبحث في جذر المشكلة الأساس لا في تفرعاتها ونتائجها وهو كما يتضح اقتصادي وسوء تدبير أو سوء إدارة كما يفترض أن يفهم, وهو بنظر الشركاء الدوليين لا يستدعي (التجزئة) بقدر ما يستدعي خلق مناخات مناسبة لإحلال التنمية والتقارب فيما بين القوى المختلفة والمتصارعة بما يلبي طموحاتها في إطار اليمن الموحد, وهو ما يؤكد سعي عدد من هذه القوى, إن لم يكن جميعها, إلى البحث عن ضمانات لنجاح واستمرار تفاهماتها تحت هذا الإطار مستفيدة من تجارب الماضي.
ولئن بدا البيان المذكور كسابقيه مليئا بالوعود, إلا أن تأجيل حسم مسألة الدعم وشكل الإصلاح الذي يراه الأصدقاء ملائما لليمن, استنادا إلى الظروف التي تمر بها من خلال تحديد “خطواته”, كما أورد البيان, إلى اجتماع الرياض المقرر عقده في فبراير 2011, يضفي أهمية على اجتماع واشنطن؛ بكونه حدد بشكل رئيسي ما يمكن أن يكون عليه الوضع في الرياض من الناحية الشكلية والموضوعية, وما على الأطراف مجتمعة إلا أن تهيئ وتعد نفسها لتلك الخطوات التي أشار اجتماع نيويورك إلى أنها ستهدف إلى الحفاظ على البلد موحدا مع ضرورة الإصلاح.. وما التأكيد على أهمية الحوار ودعمه بين الأطراف الرئيسية (سلطة ومعارضة) والأطراف الأخرى (حراك..وحوثيين) حول القضايا التي تعتبر مصدراً للصراع والخلاف في البلاد هو ما يفترض أن يؤخذ بعين الاهتمام؛ كون الإرادة الإقليمية والدولية تتوقف عنده تحديدا بعيدا كل البعد عن الشعارات أو الرغبة في الوصول إلى حوارات خارج المنظومة أو اللعبة السياسية اليمنية. هذا إذا ما نظرنا أيضا إلى التركيز على الهدف من الحوار وهو كما يشير البيان: المضي قدماً بالإجراءات العاجلة واللازمة لتأمين انتخابات حرة ونزيهة متعددة الأحزاب في عام 2011م.
إن الاستنتاجات السائدة بعدم التطرق إلى الوضع في الجنوب أو “القضية الجنوبية” على العكس من تصريحات وأحاديث عدد من قيادات الحراك في الداخل والخارج وتوقعات بعض المحللين لا تتوقف عند الحرص العربي والغربي بإيجاد حلول لمشاكل اليمنيين مجتمعين فحسب أو كما قال الوزير الكويتي: “إن ما خرج به اجتماع نيويورك لا يصب في مصلحة الحكومة اليمنية وإنما في مصلحة الشعب اليمني” فهذه مسألة طبيعية ومتوقعة، غير أن هناك عاملا مهما يعتقد أنه أسهم في تلافي ذكر «القضية الجنوبية» ولو مجرد الإشارة إلى ذلك وقد نجحت في تقديري السلطات اليمنية في جعله مرتكزا ومحورا في التأثير على نصوص البيان الختامي وهو ما يتعلق بالحرب على الإرهاب وضمنها الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدد من مناطق ومدن المحافظات الجنوبية لا سيما في أبين وشبوة, وعلى الرغم من تأكيد قيادات الحراك على عدم وجود القاعدة هناك إلا أن ذلك لا يلغي أهمية وتأثير ما حدث في ترجيح كفة السلطة وتحقيقها مكاسب إعلامية وسياسية.
ومن طالع عدد من المواقع التابعة للحراك وكيفية تناولها وتعاطيها لمؤتمر نيويورك قبل وبعد حدوثه وتناولها للبيان الختامي, سيجد تحولا كبيرا في القيمة. فهي ركزت على ما تقول إنه نجاح حققه الحراك في منع حصول السلطة على الدعم المالي لضرب الجنوب وحركته السلمية, فيما كانت قبل المؤتمر تؤكد على أن “القضية الجنوبية” محور أساسي في الاجتماع فضلا عن حديثها حول توقعات بصدور شيء ما بشأنها, فيما كانت السلطة تبحث عن تأييد عربي ودولي جديد ليمن موحد ودعم خطوات الإصلاح, وهو ما تحقق لها, وهذا لا يعني أنها لم تتطلع إلى الدعم المادي لمحاربة الإرهاب, لكن هذا لم يكن في المقدمة إذا ما نظرنا لحساسية الوضع ومثل هذه المؤتمرات وتوقيتها..!!
لقد بات الإرهاب يمثل فزعا وقلقا كبيرا بالنسبة للغرب, فضلا عن الإرباك الكبير والإنهاك الذي يفرضه على خططهم وسياساتهم - وإن كان المراقبون والمختصون لا ينفون وجود عناصر القاعدة في مدن ومناطق الجنوب, بصرف النظر عن أعدادها - وكونه متأصلا أو وافدا, إلا أنهم يرون استخدامه كورقة للمرابحة السياسية في الوقت الذي يبحث فيه المجتمع الدولي مع شركاء عرب عن حلول لمشاكل اليمن.. وبينما يسعى أطراف الصراع إلى تسجيل الأهداف كل في مرمى الآخر فإنه من شأنه أن يقلب الأمور ويخلط الأوراق لمصلحة الطرف الأقوى, إذ من المؤكد أن تكون حرب السلطة في الجنوب على القاعدة من ضمن الأسباب التي أحبطت تطلعات الحراك في الحصول على دعم يؤيد مطالبه في اجتماع نيويورك, وعلى الحراك أن يتقبل ذلك بروح عالية خالية من العواطف؛ لأن السياسة لا تقر بذلك واللعب "أجوال" كما يقال.
في الإثنين 27 سبتمبر-أيلول 2010 12:48:05 م