مسيرة الحياة .. حياة للمظلوم .. وموت للظالم
رضوان عبدالله البعداني
رضوان عبدالله البعداني

عندما بدأت مسيرة الحياة حياتها بالقسم والعهد على المضي ، وعندما بدأت مسيرة الحياة حياتها بحزم الحقائب وشد حبال أحذية الرجال ، وعندما بدأت مسيرة الحياة تضع أول خطواتها على صخور وأحجار منطقة الحوبان...

حينئذ بكت العيون وسالت الدموع من الرجال قبل النساء .. عندها سمعنا تغاريد الوطن تتغنى بها حناجر النساء .. عندها أزهرت اليمن وفاح عبيرها في شتاء بارد دافئ بصرخات الثوار .

خرجت تعز بصمود وعز، تعلن لليمن قاطبة عن تحرك شريان حياة يمد كل اليمن بروح العزة والتحرر من الظلم وأن الخوف لم يعد له مكان في اليمن ، عندها عانقتها إب وذمار وانتظرتها صنعاء ، وساندتها عدن وحضرموت بدموع الدعاء ولهجت اليمن أن يوصلها الله بالسلامة .

لك الله يا مسيرة "الحياة" .. فكم تمنينا أن لا تضع أقدامكِ الأرض بل نحملكِ على رؤوسنا فأنتِ تاجها وعزها . كم تمنينا أن لا يكون للبرد عليكِ سبيلا ، كم حزنا كثيراً عندما علمنا أن الكثير من أبناؤكِ تفطرت أقدامه من شدة الألم .

مسيرة "الحياة" .. خرجت وخرجت معها كل حظوظ النفس من كل اليمنيين فالكل أخوه ، خرجت وخرج معها كل حدود المناطقية والعنصرية فكل منطقة تتسابق في عناق المسيرة وضيافتها ، خرجت وخرج معها كل هموم اليمن فلم يعد هناك هم إلا همٌ واحد هو الثورة ضد الظالم .

مسيرة "الحياة" .. تثبت لنا أن الموت لا يكون للمظلوم أبداً.... !!! ولكن الموت يكون دائما للظالم .

مسيرة "الحياة" .. فيها رجال يخطون طريقاً جديدة للحرية في العالم بطرية يمنية سلمية مبتكرة.

مسيرة "الحياة" .. تثبت لنا أن الموت لا يكون لمن صبر وتألم وتعب ... ولكن الموت يكون دائما لمن أفسد في الأرض وسعد بمال الآخرين وسرق ونهب .

مواقف كثيرة وعجيبة في مسيرة الحياة لا نستطيع حصرها في مجلدات الكتب ولا سلالم المكاتب ، لا نستطيع صياغتها في أوراق الشجر لان الشجر جماد وهي عبارة عن مشاعر وحب وألام وسهر وكل ذلك معنوياً لا نستطيع كتابته .

كيف نعبر ونكتب عن مشاعر الرجال الذين يبكون برؤية المسيرة ، كيف نستطيع أن تعبر عن القبائل التي تتسابق ووتفاخر في حماية المسيرة وقد كانت من قبل مشغولة بالثارات التي صنعها الحاكم ، كيف نستطيع أن تعبر عن نساء اليمن التي تغني بأروع التغاريد بفرح لقيا المسيرة ، كيف نستطيع التعبير عن فرحة نساء اليمن وهي تتسابق بإعداد الطعام للمسيرة ، كيف نستطيع التعبير عن أطفال اليمن الذين تركوا مدارسهم وخرجوا في استقبال المسيرة .

مسيرة "الحياة" .. صنعتم ما عجز عنه كل فنانو العالم من رسم لوحة للحياة ، صنعتم ما عجز عنه العالم الغربي المنادي للسلام ولم يستطيعوا أن يحققوا السلام لأي قطر بالعالم ، صنعتم عكاز الصمود والإرادة الذي نهض بالكثير وأخرجهم من ظلام التقاعس والاتكال على الآخرين ، صنعتم عمراً جديدا لعجائز اليمن الذين عفي عليهم الزمن واستسلموا للظلم والهن .

مسيرة "الحياة" .. أعادة النور لليمن بعد انقطاع للكهرباء لشهور متتالية ، مسيرة "الحياة" .. هي بمثابة محاكمة علنية ليست في مبنى المحكمة ولكنها في جميع أرجاء الوطن ،

مسيرة "الحياة" .., القادمة من تعز , تؤكد للعالم كم هي عظيمة اليمن السعيدة ، فلك منا الحب والحنان والدعاء والمساندة فلقد أحرجتي كل من أنقصكِ حقكِ .

 
في الأربعاء 28 ديسمبر-كانون الأول 2011 11:30:35 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=13070