المشترك..عقدة النقص وألية التعويض
بقلم/ مجاهد قطران
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر و 29 يوماً
الإثنين 15 مارس - آذار 2010 10:02 م

يُعرّف علماء النفس عقدة النقص بأنها مجموعة من الأفكار ذات شحنة انفعاليه تدور حول ما يشعر بهِ الشخص من قصور حقيقي أو وهمي ، تدفع الشاعر بها الى التعويض الذي يحقق أهدافاً شخصية أو إجتماعية قيّمه ، بما يعني أن عقدة النقص هي عقدة الخصاء اللاشعورية المصاحبة لـ { لعقدة أوديب } ، والناشئه من عجز الشخص عن مواجهة الموقف الأوديبي ، مما يؤدي الى ضروب سلوكيه لا تحقق التوافق مع الواقع ، وتجعل صاحبها يصغر ويحقر المواقف العظيمة والجباره التي يحققها خصومه لا لشي وإنما ليجعل الناس ينصرفون عن مشاعدة عيوبه وقصوره .

تلك هي عقدة النقص المُصاب بها ما يسمى بأحزاب اللقاء المشترك في الجمهوريه اليمنيه ، وهي عقدة شعر بها قبل الإنتخابات التشريعيه عام 2003م عندما شعر كل حزب من الأحزاب المؤلفه للمشترك بأنهُ لا يملك القدره بمفرده على مواجهة الحزب الحاكم ، وكان القصد من هذا التكتل هو منافسة المؤتمر الشعبي العام ، والحظوظ بأعلى تمثيل نيابي في المجلس التشريعي .

وفعلاً تم تأليف ما يسمى بأحزاب اللقاء المشترك في 6 فبراير عام 2003م ، ويضم هذا التكتل كلاً من التجمع اليمني للإصلاح ، والحزب الإشتراكي اليمني ، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ، وحزب البعث العربي الإشتراكي ، وحزب الحق ، والتجمع السبتمبري ، وإتحاد القوى الشعبيه اليمنيه .

بعد تأسيس ما يسمى بأحزاب اللقاء المشترك تم خوض الإنتخابات التشريعية أمام الحزب الحاكم في 27 أبريل 2003م ، وجاءت نتائج الإنتخابات مخيبة للآمال ، أصابت تكتل المشترك باليأس والأحباط والشعور بالنقص ، حيث حصل هذا التكتل الممثل لكل تلك الأحزاب على نسبة أقل بكثير مما كان متوقع لها .

بعد ذلك صارت عقدة النقص التي كان قد شعرت بها تلك الأحزاب أمراً واقعاً ، فالشعب اليمني لم يمنحها ثقته ، ولم يأمنها على تسيير شؤون الدوله اليمنيه ، وهو ما جعل ذلك التكتل يحس في قرارة نفسه أنه غير جدير وليس أهل ولا يستحق أن يحكم الشعب اليمني ، فبحث عن الاسباب المؤديه لذلك وإذا بها أسباب ذاتيه نابعة من داخل هذا التكتل .

تتمثل أسباب فشل تكتل المشترك في أن الشعب اليمني يعرف أن هذا التكتل هو عباره عن جمع من أحزاب تختلف فيما بينها أختلافاً كبيراً فكرياً وايدلوجياً ، فالحزب الإشتراكي ذو نزعة إشتراكية تعتبر كل ما يملكه الفرد ملكاً للجماعة ، وحزب الإصلاح ذو توجه إسلامي متشدد ، وحزب الحق ذو فكر متشدد يعتبر الحكم مقروناً وملتصقاً بأشخاص دون غيرهم .

عندها فكر الشعب اليمني في هذا الأمر بعين المتدبر الفاحص خرج بنتيجة مفادها ، أن هذا التكتل المؤلف لأحزاب المشترك لا يجمع في طياته فكراً واحداً ، وإن كل حزب من الأحزاب المؤلفه لهُ بما لديه متباهي ، وهم في هذه الحاله إن حكموا الشعب اليمني فإنهم سرعان ما سيختلفون فيما بينهم على موارد الدوله وتوزيع المناصب وغيرها من الأمور الشائكه التي إن حصلت فإنها ستجعل اليمن أثراً بعد عين ، وهو الأمر الذي تفاداه الشعب اليمني الكريم ، وهو أمر يصوّر هذا الشعب على أنهُ حكيم وهو فعلاً كذلك فقد قال عنه رسولنا الأكرم عليه وأله وصحبة أفضل السلام { الإيمان يمان والحكمة يمانيه } .

بعدها جاءت الإنتخابات الرئاسيه في 6 سبتمبر عام 2006م ودخل تكتل المشترك غمارها عبر مرشح مسمى له ، لكن الحظ لم يحالفهم حيث خرجوا منها بهزيمة نكراء أضافت جروحاً عميقة الى الجروح التي خلفتها إنتخابات عام 2003م التشريعيه ، وهنا أصيب تكتل المشترك بالإحباط الذي يمت صاحبه ، واليأس الذي يجعل من أصيب بهِ يكره كل شي جميل ويحارب كل أمرا عظيم ويحقر كل منجز كبير ، وعندها لم يجد المشترك بداً من البحث ألية لتعويض النقص الذي أصابه .

ألية التعويض

كما قلنا وشرحنا سابقاً أن تكتل المشترك قد أصيب بهزائم نكراء ، صار بعدها يبحث لهُ عن ألية تجعلهُ يعوض ما فاته ويرد إعتباره ، لكنهُ ونظراً لما يعانيه من إنقسامات داخليه بات يتخبط ولم يهتد الى الوسيله أو الطريقة أو الكيفية التي تجعله يعوض ما نقصه ، ويرد ما فاته .

أقول أنهُ لم يهتد الى الوسيله لأنهُ لم يدرس أسباب الفشل الذريع ، ولم يعالج العلل والاسقام التي يعاني منها ، ولم يقزم ويصغر فجوة الإنقسامات التي بداخله ، ليظهر نفسه أمام الشعب على إنه وحدة واحدة متماسكه ، لا صراعات بين اطرافه ، ولا إنقسامات في صفوفه ، و لا أحقاد بين اقطابه ، نعم هو لم يفعل أي شي من ذلك ، بل ترك كل ذلك على ما هو عليه دون تغيير أو تبديل .

عندها لم يجد تكتل المشترك وسيلة لتعويض النقص ورد الإعتبار { بعد فشل أطرافه في إصلاح ذات بينهم } غير إعلان معاداة الحزب الحاكم وإثارة الكراهية والبغضاء لهُ ، من خلال إالقاء تُهم الفساد على مسؤولي الدوله المنتمون للحزب المؤتمر دون دليل يؤيدهم أو برهان يدعمهم أو حجة تؤازرهم ، وإن وجدت الحجج والادلة والبراهين فإن المشترك لا يسلك الطريق الذي رسمه الدستور وحدده القانون ، بل سلك سبيل السب والقذف عبر وسائل الإعلام ، وهم بفعلهم ذلك لا ينقذون الشعب من فاسد ، ولا يعوضون نقصاً التصق بهم ، بل يزيدون إقنتاع الشعب اليمني بأنهم لا يستحقون ثقته ،{ طبعاً يفعلون ذلك ويحسبون أنفسهم يحسنون صنعا !!!} .

وليت أمر معادتهم للسلطة توقف عند تلك المسائل لأنه عداء وإن كان يظهر عجزهم وضعفهم وهرمهم إلا أنه لم يجعلهم يخرقون الدستور ، و لم يجعل المواطن يشك ويرتاب في ولائهم لله والوطن والثورة والوحدة .

نعم إن المشترك لم يقف عند ذلك الحد بل اراد أن يثبت ويبرهن ويدلل للمواطن على أنه { أي المشترك } لا يحمل أدنى درجة من الوطنية والولاء والإخلاص لهذا الوطن الغالي ، نعم إنهم قد برهنوا خيانتهم للوطن وكرههم للمواطن وحقدهم لكل شي جميل في هذا الوطن عندما أدانوا محاربة السلطة لمن يريدون تمزيق الوطن ، وإستكروا قمع السلطة لمن ينشر ثقافة الكره والبغض بين أبناء الشعب الواحد ، وشجبوا قيام السلطة بممارسة واجبها الوطني والدستوري ، وإعتصموا تعاطفاً وتضامناً مع من يضمر كل حقد وشر ومكروه لوطننا اليمني الغالي على كل شريف تجري دماء العروبة والإسلام في شرايينه .

*الى المشترك

إخواني في تكتل المشترك لا تحسبوا الشعب اليمني لم ينضج سياسياً ، إن كنتم تحسبونه كذلك فوالله إنكم مخطئون وجاهلون وعلى أبصاركم غشاوه لماذا ؟ لأن شعبنا اليمني الكريم قد شرب السياسة ونهل من ينابيها من خلال القنوات الفضائيه ، ومواقع الإنترنت ، وغيرها من وسائل الإعلام ، وهو الأمر الذي يقول لكم ليس من السهل الضحك عليه أو التلاعب بعواطفه أو تهييج مشاعره فها أنتم دعيتم لإعتصام حاشد ، وكان ذلك الإعتصام الحاشد الذي زعمتوه في ملعب لكرة القدم لا تتسع مدرجاته لمئة الف ، مع أن سكان العاصمة صنعاء يزيد عن مليوني نسمه ، ذلك إن دل على شي فهو دال على إنكم بافعالكم الرعناء وتصرفاتكم العوجاء تخسرون الكثير والكثير من مؤيديكم ومناصريكم ، فاعيدوا النظر بعين البصير الحكيم في افعالكم ، وإلا فتاكدوا أن النقص سيرافقكم حتى تصبحون أثراً بعد عين .

*الى السلطه

اخواني في السلطة إن الظرف حالك ، والأمر هالك ، فأعداء الوطن اليوم ليسوا كما كانوا سابقاً من خارجه ، بل هم من داخله ، ولذلك فإن عليكم واجب مقدس وحق عظيم ، يتمثل في حفاظكم على حقوق لله وحقوق الوطن وحقوق الثورة وحقوق الوحدة ، عليكم الحفاظ على حقوق كل ذلك وفقاً لكتاب الله وسنته رسوله وما تمليه عليكم مواد الدستور والقانون ، فأدوا واجبكم دون هوادة بحق اياً كان وقوموا بأداء أمانتكم ولو كلف ذلك النفس والنفيس ، وكان الله في عونكم ، وتاكدوا أن النصر حليف الحق عبر العصور ومدى الأزمان .

Man_mga@yahoo.com