صحافيو الشيكات
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 14 يوماً
الخميس 02 فبراير-شباط 2012 04:41 م

alboox@gmail.com 

بعد ان خرج نظام علي عبد الله صالح منتصرا من حرب صيف 94،بدأ يوزع الهبات المالية والغنائم،لكل من ساندوه،كان رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية،واحد ممن وصلوا صنعاء بفترة لا بأس بها.قابل طلال سلمان وهو صحافي لبناني محترف،عدد من الشخصيات السياسية اليمنية بغرض إجراء حوارات صحافية (عبد الكريم الارياني،عبد الله بن حسين الأحمر) أهمها،كانوا ممن نشرت مقابلاتهم في السفير تاليا،بعد ان زار سلمان القصر الرئاسي،وجلس إلي الرئيس،بحضور سكرتيره الصحافي،عبده بورجي،وأثناء انتهاء الصحافي اللبناني المتمكن من حوار مطول مع صالح، دار حوار أخر بينهم لم يستمر طويلا،بعده- حد قول زميل صحافي يمني مخضرم- وقف طلال سلمان من مكانه، قرر مغادرة المكان.وهو مغاضبا،لم يرقه المبلغ الذي عرض له، مقابل مساندة صحيفته وعمله الصحافي باهظ الثمن حينذاك.في الحقيقة- انا هنا لا اشكك بنزاهة الرجل- وإنما اروي تفاصيل قصة حدثت.ينقصها الشق الأخير من الخاتمة،والرقم الذي اتفقا عليه الأخوة.

كان سلمان يطلب مبلغ قدره (مليون دولار كنهاية مهمة واحدة محدده مسبقا وأنجزت،بينما ما عرضه سكرتير صالح الإعلامي هو 200.000 $) دولار، غادر الرجل القصر إلي الفندق حيث يقيم،بعد ان رفض عرض بورجي.لكنه لا شك سيحصل على حقه آجلا أم عاجلا،وكما يريد،قال زميلنا :طلال صحافي من العيار الثقيل،وعلي صالح وسكرتيره الصحافي يدركون ذلك.لا اعتقد بأنهم لن يراضوا الرجل" .

استحضار هذه الحكاية،كواحدة فقط من قصص هذا النظام،و ضمن السياج المنيع الذي اعتمده علي عبد الله صالح،طيلة فترة حكمه،لتحسين الصورة،من خلال شلة من المنافحون عنه وعن نظامه،و يعرف الجميع ذلك تماما،بعدد من الكتاب والصحافيون العرب،كان سلمان وصحيفته مجرد مثال من فئة المليون دولار واقل.ضلوا يذودون عن سلطة الحاكم بكل إمكانياتهم،حتى في أسوء لحظاته،كما فتحت لهم بعض وسائل الإعلام بما فيها الصحف الرسمية والمواقع التابعة لحزب الحصان نوافذها باسم الحرية،وامتنعت عن التعامل مع كتاب محليين، ليس لأنهم لا يجيدون اصطياد الأفكار واختيار مواضيعهم بعناية،ولكن لان (القائد الأعلى) في هذا البلد؛يضيق ذرعا بهم وبآرائهم الصريحة.فظلت هذه المؤسسات الصحافية تنقح صفحاتها من الداخل،وتستقبل الوافدون(سياح الكتابة والشيكات) من الخارج.

مع ان الفارق طفيف من حيث القيمة في الخامة والثمن لصالح المنتج الوطني. مثلا يحصل الكاتب او الصحافي اليمني على بدل إنتاج بالريال،إن وجد،ويجني الصحافيين والكتاب العرب مقابل تدليسهم وتشويههم للحقائق بالدولار. 

من أهم هذا الطابور-على سبيل المثال لا الحصر- ظهور مرتزق أردني و آخر مصري(مع احترامي للشعبين) علي شاشة الفضائية اليمنية يتحدثون عن شباب الثورة بطريقة مسفه،نقلوا معلومات كاذبة عن الثورة بغرض التشويه والتخوين.قبلهم شكل الكاتب اللبناني فيصل جلول،وخير الله خير الله،والكاتب الكويتي احمد الجار الله،سواتر واقيه عن سمعة النظام.منذ سنين وهم يتربعون على صدر صفحات صحيفة 26سبتمبر،وغيرها، يتقاضون شهريا من القصر مبالغ طائلة بحسب مصادر في مطابخ النظام الاعلامية،لا تقل شهريا عن (5000$) لكل واحد منهم ثمن السذاجة والابتذال،ومرة يقفز جلول إلي صحيفة الثورة،او الاصدارت الخاصة التي تصدر في المناسبات الوطنية،يمارسون أقذع وأبشع الكتابات التي كانت في غالبيتها تسئ للبلاد وإنتاجنا الإعلامي،تارة للمعارضة،وأخرى للشعب.ومن لا يتذكر ذلك عليه ان يعود للأرشيف.

أقول ليس لأنهم يمتلكون من الثقافة والمعرفة ،والفن الصحافي ما يؤهلهم للتسيد والتصدر على صدر هذه الصحف،ولكن لأنهم يرتزقون ويقتاتون من عرقنا،ولم يكتفوا بمدح النظام وزبانيته،بل يمتد هذا النوع من الكتابات الساذجة الرخيصة المنقوعة،إلي حياتنا،تطلعاتنا المستقبلية،وعلى ذلك ظل (شبيحة و زعران الكتابة) يمارسون هواياتهم الشيقة على حساب مهنتنا المحترمة،وباسمها.

ربما يقول أحدكم كانوا من أبواق النظام البائد وسيرحلون بمعيته،يسعدنا مثل هذا الكلام،لكن على المؤسسات الصحافية التي كانت تستكتبهم وماتزال،ان أتعتذر للقارئ عن سنوات خلت.حينما مارست التظليل والتطبيل عبر أبواق جوفا غبية أزكمت أنوفنا بما قدمت.ثم انه وان أرادت ان تتطهر مما علق بنا وبالمهنة عبرها،عليها ان تخلي مساحات الأعمدة الصحافية لكتاب محترمون،هم أدرا بشعاب هذا البلد و ضروبه.على،حسن العدين،وهاشم عبد العزيز،والدكتور أبو بكر السقاف،وسامي غالب وعبد الباري طاهر،وعبد الملك سعيد، وغيرهم من أسماء الجيل القديم و الجديد،عليهم ان يحضروا في صحفهم وتصويب مسار المهنة بشكلها الصحيح.الحاضر يتطلب ذلك،ليس لمجرد الحضور،على القدر الذي تتطلبه لحظة البلد ألتاريخية الآن.

ان من حقنا ان نقبض على مؤسساتنا الاعلامية،نعيد هيكلتها،نزهو بها لنكسب ثقة ومحبة الجمهور،أولا وثانيا، من اجل استقلاليتها وحريتها.واستثمارها لصالح حقيقة واحدة هي مهنة الصحافة الخلاقة التي فقدت بريقها بفعل المأجورين في من الداخل قبل الخارج،ولصالح أبناءها.