كتبنا مقالاً سابقاً بعنوان ( مابعد عاصفة الحزم ) يمكن العودة اليه ، ففيه بعض الخواطر قد تناسب المرحلة ، وفي حديثنا هذا سنتعرض للتوقعات التي ربما ستحدث بعد توقف عاصفة الحزم ، كما سنمر على بعض الرؤى للجهات المتصارعة قدر الإمكان .
أثناء مُشاهدتي لخطاب الرئيس هادي ، رأيته يتحدث وهو منكسر النفس ، سيئ الحال ، وكأنه أُجبر على هذا الخطاب إجباراً وايضاً كانت السكرتارية غير موفقة في صياغة عبارات الخطاب ، وكأن الكاتب غير مقتنع بالفكرة ، وكتبه من باب تنفيذ التوجيهات فقط ، وهذه حالة طبيعية لمن لا يملك القرار - تحصل هكذا حالة - والمتابع السياسي لهكذا توقف يستنتج بما لا يدع للشك مجالاً ، أنه حصل إتفاق سياسي ، أو بمعنى آخر ضغط على صالح والحوثي بالقبول بالمبادرات ، ومع ذلك ستقول لم يتم شيئ !! لا سيتم خلال أيام يسيرة وسترى ، ونحيلك إلى الإعلام وما إخراج وزير الدفاع ، وأخو الرئيس وغيرهم منا ببعيد ، ولاتحتاج ذكاء كبير ، ونتوقع أن تحصل تغييرات كبيرة في المرحلة القادمة تتمثل في :
* قوة التدخلات الإقليمية وخاصة السعودية ، ويظهر ذلك من عدة وجوه ، منها فرض نائباً للرئيس رغم أن الرئيس غير مقتنع ، مبرراً ذلك بعدم وجود هذا الموقع في المبادرة الخليجية ، فلما وصل الخليج سمحت المبادرة ذلك ، لان من فرضها ، هو الذي فسرها . وقد كتبتُ مقالاً في حينه بعنوان (( بحاح نائباً والدور المأمول )) وأبديتُ ترحيبي بذلك ، ولكن كما يبدو أن الوضع أكبر من التعيين ، ويظهر ذلك على الرئيس من خلال ملامحه بين خطابيّ القمة و أمس ، من جانب ثاني قرارات السعودية في البدأ والانتهاء ، فهي دخلت دون إنتظار لأحد ، وبعد ذلك جمَّعت بقية الدول ، وكان الأكثر استفادة "السيسي" وينطبق عليه المثل القائل : (( مصائب قوم عند قوم فوائد )) ، وهناك قضايا كثيرة قد تأخذ علينا الوقت ، واستدلينا بذلك استلالاً فقط
يقول الشاعر :
فإن كان صبح هدا اليوم ولّى
فإن غدا لناظره قريب
* أن يتم تقليص صلاحيات الرئيس هادي ، ولكن لن يُفَرط فيه لأنه يمتلك الشرعية ، وأي إهتزاز لها ، سيؤثر على شرعية النائب ، بعكس إن مات ، هذا في تصوري وليس لدي فهم واسع من الجانب القانوني في هذه المسئلة ، وبإمكانكم العودة الى الدستور والقوانين المنظمة لذلك ، أو متخصص في القانون ، وتمنح هذه الصلاحيات للنائب .
لماذا النائب ؟ ، الحديث حول بحاح منذ أن جيئ به رئيس وزراء ، بأنه صناعة سعودية ، لأنه كان موظفاً لدى بقشان في مصنع إسمنت حضرموت أثناء إنشائه ، وعين وزيراً للنفط من ذلك الموقع - فالصق به ذلك - وبعد أن كان مندوباً في الأمم المتحدة ، أضاف الى الأولى علاقات جيدة مع الأمريكان ، فهو مَرضِي عنه من القوتين الإقليمية والدولية ، فستتوسع صلآحياته ، و أتوقع أن يكون الرئيس في إنتخابات الدورة القادمة ، (( لشعور المجتمع الدولي بأن الرئيس فيه ضعفٌ في الأداء وتردد )) ، وايضاً من الأدلة على ذلك عندما قدم إستقالته ، كان يُصرح أنه لن يعود ، وهذا ما جعل الحوثي يأخذ هذا الطعم ويُفرج عنه ، ويقول المثل الشعبي : (( ماغزلته المحجبة يخرج في السوق )) .
* أتوقع ايضاً أن يتراجع الإصلاح على المستوى التكتيكي (( قصير المدى )) ، وربما يحرز تقدماً على المستوى الإستراتيجي ، وهذا واضح من كبر حجم المؤامرة ، وكثرة اللاعبين ، وخاصة من الفرق القوية التي تجعل فرص التقدم على المستوى القريب فيه صعوبة كبيرة ، ولكن سيتقدم بشكل مُلفت على المستوى المتوسط والبعيد ، ربما لدورتين قادمتين - تقل قليلاً أو تزيد قليلاً - إلا أن يحدث تغيرات جديدة ، بالبحث عن حامل للرئيس القادم فلا يجدون غير الإصلاح ، أو يحدث تغيرات كبيرة في السياسة السعودية بسبب التقدم الإيراني والإحاطة بها من إتجاهات عدة ، وتعمل بخطة السادات عندما حصل التمرد الإشتراكي في بداية توليه الحكم ففتح للإخوان في الجامعات والمساجد وبعض المواقع الأخرى ، فلما دحر الاخوان الأشتراكيين تنكر لهم ، والقصة مشهورة ويقال أن : العمل السياسي صراع بين عبقريتين الغلبة فيها للأذكى ، ولا ندري من الأذكى ولكن حسبنا مكر الله لنا (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )
* المتابع للحوثي يعلم ان لديه خط واحد - اتجاه اجباري - وهو فرض رأيه بقوة السلاح ، فإذا نزع منه ذلك ، سيبقى مثل القط بدون مخالب لا يستطيع أن يعمل شيئ وسيبدأ بالتلاشي حتى ينتهي ، سيستغرب بعض القرّاء !! ولكن هذا الزخم سينفض من حوله ، وربما تستفيد منه "أحزاب السادة" الحق والقوى والأمة ، وستبقى إستفادة على المستوى التكتيكي -قصير المدى- وستنحصر على المستوى الإستراتيجي -متوسط وطويل المدى - وستكون مثل القوى الإشتراكية والقومية بينما يمكن ان تتقدم قليلا القوى القومية
* مسكين المؤتمر هو الخاسر الأكبر في هذه المعركة على المستوى التكتيكي والإستراتيجي ، سيقاوم في هذه المرحلة الانتقالية وسترث التنظيمات تركة التنظيم المريض ( كما سمي بها آخر الحكم العثماني ) .
# هذه هي التوقعات للمرحلة التي نعيشها ، اما الرؤى فينطبق عليها قول الشاعر :-
وكلٌ يدعي وصلاً بليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
كل فصيل يرى أنه إنتصر ، وأن أهدافه تحققت ، وأن ما يحصل سٓيْرٌ على خطاه ، وانه لولا هو لما تحقق من ذلك شيئ ، وعموماً كان الفضل لهذا او لذلك ، فهو يَصْب في صالح اليمن كبلد و لصالح الأمة كشعب ، أوقن أن العملية كانت كبيرة ، و أن المرض كان متأصلاً ، فالله أراد لنا بذلك الخير بعد أن بلغت القلوب الحناجر وآمنّا ألا ملجأ من الله إلا اليه - فسبحانه الذي لطف باليمن في كل أوقاته - ولم يوصلنا الى مستوى البلدان الأخرى ، وأقرب شيء على ذلك ، أن مجلس الأمن في كل قراراته يخرج بإجماع غير مسبوق ، وانظروا الى قراراته في سوريا واحكموا - فسبحان اللطيف الخبير - ، جعل أقداره علينا بقدر ضعفنا ولله عاقبة الأمور .
كم كان بودّي أن استرسل في الرؤى ولكن خشيتُ أن تملوا والله المستعان .