هروب قادة الدعم السريع من الخرطوم والجيش السوداني يضيق الخناق عليهم في كل الجبهات
تحركات دبلوماسية مصرية لمنع استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة
العميد طارق صالح يتفقد مسرح العمليات العسكرية في محور الحديدة
تحضيرات مبكرة لموسم الحج ووكيل قطاع الحج والعمرة يتفقد مخيمات الحجاج ويبحث جهود التنسيق مع ضيوف البيت
شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات بمارب تحتفل بتخرج دفعة الشهيد شعلان
عيدروس الزبيدي يجدد تمسكه بخيارات الانفصال ويدعو القوات المسلحة الجنوبية الى رفع الجاهزية
رئيس مجلس الوزراء يناقش معالجة التقلبات السعرية للريال اليمني
إفتتاح مشروع مجمع الأناضول السكني لذوي الاحتياجات الخاص بمحافظة مأرب وبتمويل تركي
إشهار رابطة صُنّاع الرأي – أول كيان إعلامي يجمع الإعلاميين والناشطين بمحافظة مأرب
نصائح لتجنب الصداع و الإعياء في الأيام الأولى في شهر رمضان
في اليمن فقط يكتسب الناس ثقافتهم من السائد، ومن الإشاعات التي سرعان ما تصبح ثقافة سائدة، لدى الإنسان العادي ولدى إنسان النخبة، لا فرق. تتكشف الصورة في نهاية المطاف عن شعب ثقافته الإشاعات. هناك نزوع قوي نحو تصديق الإشاعة لا أدري ما سببه.
تقاس الحقيقة في هذا البلد بقربها من الغموض، وبارتباطها بمؤامرة ما. هذا يعني أن لا وجود لما يمكن أن يُأخذ على ظاهره، ففي كل قضية وفي كل حادثة، يجب أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، وإذا أردت أن تنجح في تمرير حقيقة ما، فيجب أن تربطها بمؤامرة ما، وإلا فسيكون عليك أن تشد حقائقك وتبحث لها سوق آخر. التفكير بمؤامرة لتسويق الحقيقة أمر مهم جدا، بل شرط صحة.
ربما كان الرئيس صالح يدرك هذا الأمر جيدا حينما ربط ثورات الربيع العربي في أحد خطاباته بمؤامرة تُدار من غرفة في تل أبيب بإسرائيل. صحيح بأن المؤامرة التي اخترعها كانت كبيرة جدا، ومفصلة على مقاس الحدث الكبير، ونكتة بالنسبة للشعوب الأخرى، إلا أن ثقافة هذا الشعب عن المؤامرات ارتبطت بصالح كفاعل وليس كمستهدف، لهذا فشل في تمريرها.
بنفس تعامل صالح مع الشعب، يتعامل الشعب مع صالح، ومع غير صالح، فتنظيم القاعدة في اليمن صنيعة رسمية، ويُدار من غرفة في دار الرئاسة، ومن الغرفة ذاتها يستلم مخصصاته الشهرية. هذا السائد لا يأوي إلى أي ركن وثيق أو غير وثيق من الأدلـة. لا يأوي إلى شيء على الإطلاق، ولا يقل هلوسةً عما قاله صالح، لكنه صار سائدا، ومنه وُلدتْ تفرعات كثيرة ذات صلة بالعلاقة المفترضة بين التنظيم والنظام. إذا هرب عناصر تنظيم القاعدة من السجن، ستجد من يقول إنهم هُـرِّبوا ولم يهربوا، وإذا ما استولوا على مناطق ستجد من يقول إنها سُـلمت لهم.. وهكذا دواليك.
بالمناسبة.. ارتبط اسم الغُـرف، بالذات المغلقة منها، بالمؤامرات والدسائس وبما لا يمكن أن يقال أو يُفعل في العلن، ولدينا في اليمن فائض مؤامرات تحتاج إلى غرف أو إلى أحياء سكنية بكاملها تُدار منها، نظرا لكثرتها. طبعا إلى جانب الغرفة الموجودة في دار الرئاسة، التي هي خاصة بإدارة شئون تنظيم القاعدة، والغرفة الأخرى الموجودة في تل أبيب والتي هي خاصة بإدارة شئون ثورات الربيع العربـي. ما لـم فستبقى تلك المؤامرات في العراء، وهو ما قد يعرضها للتلف السريع كونها لا تحتوي على أية مواد حافظـة، لكنها في الحالة الأخرى قد تتسبب في أزمة عقارية خانقة.. هزلتْ.. هزلت جدا والله.
إننا نغطي العري المعرفي بثقافة غير مكلفة من هذا النوع. أكاد أصرخ من ألم جلد الذات، لكنه في كل الأحوال أفضل من أن نسممها بثقافة من الإشاعات. وأفضل من أن ننام على وهْـم مؤامرة ونصحو على آخر.
بفعل من لا يؤمنون بالظاهر في قراءة الأحداث، أو من تعمدوا تجريد الأحداث من سياقاتها الظاهرة، وألبسوها سياقات سياسية خارج السياق الواقعي تماما، صارت لدى الناس هنا ثقافة خاصة في التعامل مع معظم الأحداث.
كل حدث ظاهر يجب أن يقف خلفه ضمير مستتر، أو هدف مستتر، أو أي شيء مستتر لا يمت لما هو مشاهد أو محسوس أو ملموس، بصلة. وفي ظل هذا النوع من عجين الأحداث وخبزها، لن يكون الفاعل الحقيقي فاعلا حقيقيا، ولن تكون الأهداف الحقيقية أهدافا حقيقية. دوما هناك هدف ما أو غرضٌ ما أو فاعل ما أو أي شيء ما، يقف خلف ما هو معلن.
إننا نعيش أحداثـا خـارج سياقاتهـا الحقيقية، وسياقـات وهميـة لا أحـداث حقيقيـة لهـا. الحياة هنا مركبة بشكل عنيف جدا، ومربكة بشكل أعنف.. لكن طز.
*الناس