تحديات الحكومة الباسندغرية
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 9 أيام
الإثنين 30 يناير-كانون الثاني 2012 10:49 م

رحل عليٌ حاملاً بيمينه الملطخة بالدماء حصانة تحميه من الملاحقة القانونية والمحاكمة القضائية , وعند البعض لا يهم ذلك فالمهم أنه خرج وغادر ! حقا لم يكن ذلك هو المطلب الأكمل والحل الأمثل ولكن تحقيق بعض الشيء خير من لا شيء . ويبقى الأمل قائما في استقرار ورخاء يعم الأرض العطشى للخير والهناء ,ويخالطه تخوف وقلق في أن ذلك ليس أخر منازل النكد والشقاء ,فالرجل يعد بالعودة وعودته تعني التربص والترصد للأخذ بالثأر والانتقام!

فما زال حريق الجلد والخوف في جامع النهدين يلتهب في القلب والجوف , وبعد 33 عاما من السلطنة يصعب على الدكتاتور ترك الكرسي والتخلي عنه بسهولة , ولولا ضغوط خارجية وعوامل قهر داخلية لما فعل ذلك . وما زالت ترن في أذني عبارته التي نثرها في خطاب سابق مستشهدا بأحوال الصوماليين وما أصابهم بعد طرد رئيسهم السابق ( سياد بري ) وتمنيهم عودة أيام حكمه , فهل أراد القول بأن الوضع سيكون بعده أسوأ مما هو عليه الآن ! ربما , فالرجل غائب جسدا حاضر فكرا ومنهاجا ولا يعني خروجه انعدام أثره وتأثيره فهو ما زال يمسك جهاز التوجيه والبرمجة ويحدد الترددات ويقلب القنوات ما بين أفقي ورأسي وبين مفضلات وعاديات ومشفرات , وقد وضع بذور الصبار والسدر في تربة الوطن الطاهرة وترك خلفه من يتعهدها بالسقي والرعاية حتى إذا ما تقوت أدمت وأضرت . وقد يصدق الرجل فيما أراد أن يصله لنا من مفهوم , فحكومة الوفاق ورثت وضعا صعبا وتحديات قاهرة تخدم هدف البكاء على أطلال النظام السابق !

تحديات اقتصادية وأمنية وقانونية واجتماعية وعلى مختلف المستويات , ولكن ما أريد التطرق إليه هنا هو التحدي الأكبر أمام الوطن وهو ما يتعلق بالكيانات التنظيمية ذات التأثير الفاعل على مسيرة نجاح ثورة التغيير , والتحدي يكمن في قدرة الحكومة على التعامل معها واستيعابها والتعاون فيما بينها لما فيه خير البلاد والعباد .

أول هذه التحديات : هو أحزاب اللقاء المشترك الحاكم , ويكمن التحدي في الحفاظ على تماسكها ككتلة واحدة والتعاون المثمر فيما بينها في ظل احترام الرأي وتقديم مصلحة الوطن على ما سواها من المصالح والمنافع العامة والخاصة , وعليها إغلاق الباب أمام كل من يتمنى إحداث ثغرة في أسوارها أو هدم في بنيانها .ـ

وثاني التحديات المؤتمر الشعبي العام : الحاكم الحصري الوحيد سابقا والشريك حاليا , والذي هزت الثورة بنيانه وشلت أركانه فهو سيسعى جاهدا لاستعادة مجده وتفوقه ولو بثمن باهظ ولن يترك شاردة ولا واردة من سوء وقصور إلا وسيحملها الشريك الجديد ليثبت بذلك أنه ليس بأفضل منه ,والطيور على أشكالها تقع .ـ

وثالث التحديات الحوثية : كمذهب وجماعة وهذه ستسعى جاهدة عبر ممثلها في الحكومة أو عبر جنودها في الميدان إلى وضع العراقيل والمعوقات لتصل إلى غايتها وتحقيق أهدافها ببناء دولة أثنا عشرية في شمال الشمال وقد بدأ يمدد أطرافه نحو محافظة حجة والبقية تأتي تباعا .ـ

ورابع التحديات الحراك الجنوبي : المطالب بالانفصال وعودة الحدود إلى ما قبل مايو 90م , وبعض أجنحته تفضل الفيدرالية تحت سقف الوحدة اليمنية , والانفصال حلم يتغنى به عدد غير قليل من أبناء الجنوب نتيجة لأخطاء جوهرية من قبل متنفذي السلطة والقبيلة والأمن في التعامل والتوافق معهم كشريك وأخ لا كتابع ومملوك ,ولتحقيق ذلك بدأ أفراده عبر برنامج واضح الخطوات ومخطط مرسوم الأهداف هجوما على اللقاء المشترك متغنيا بتفريطه بأرواح الشهداء ودماء الجرحى وإفشال ثورة الشباب وتمييع أهدافها من خلال منح الرجل وعصابته الحصانة مقابل نصف الحكم ,وينال تجمع الإصلاح وقياداته النصيب الأكبر من ذلك الهجوم ,وهو أمر يلقى قبولا لدى شريحة من الناس لحاجة في كل فرد منهم تتفاوت بين الكراهية المطلقة والنوايا الموجهة أو الإتباع دون تفكير ولا روية . ـ

وخامس التحديات القاعدة : التي تريد إقامة إمارة إسلامية تكون منطلقا للجهاد وتحكيم الشريعة ! ويضع البعض عليها علامات استفهام تتعلق بمصادر تمويلها وتسليحها وعلاقة قياداتها بالحاكم أو بغيره من رموز الدولة ,وعن مساحة التيسير والتسهيل الممنوحة لها تواجدا وتحركا ,وفيهم شباب لديهم إخلاص وشجاعة وفي الغالب يكونون ضحايا يُثبت النظام بقتلهم على أنه يحارب الإرهاب ويجتث جذوره . وهذه الثلاث القوى الأخيرة لا تريد حقوقا مدنية أو مالية أو غيرها من المشاريع الخدماتية , وإنما هي تطلب وطنا داخل الوطن .. كيانا حوثيا ودولة جنوبية وإمارة إسلامية ! فماذا سيبقى من اسم وأرض للجمهورية اليمنية .