آخر الاخبار

عاجل.. مؤتمر مأرب الجامع يدعو مجلس القيادة الرئاسي الى سرعة دعم وزاراة الدفاع ونقل مقار البنوك الى عدن وتنفيذ قرارات الرياض .. استثمار الفرصة التاريخي الحوثيون يفشلون في التقرب الى ترامب وتوسلاتهم ذهبت أدراج الرياح .. تقرير أمريكي: الغد ليس جيدا بالنسبة للحوثيين طهران تعترف : لم تكن إيران على علم بهجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل اليمن تودع السياسية والأكاديمية اليمنية وهيبة فارع التكتل الوطني للأحزاب السياسية يدعو مجلس القيادة الرئاسي الى استثمار الفرصة التاريخية لإنهاء الانقلاب أحمد الشرع يستقبل وزير الخارجية السعودي في قصر الشعب بدمشق الأمم المتحدة تعلن تعليق جميع تحركات موظفيها الرسمية في مناطق سيطرة الحوثي مكتب مبعوث الأمم المتحدة يكشف عن لقاء مع وفد سعودي عسكري لمناقشة وقف اطلاق النار باليمن وتدابير بناء الثقة من هي الدول التي أصدرت حتى الآن قرارات عقابية بحق الحوثيين في اليمن؟ من هو ماهر النعيمي الذي عاد لسوريا بعد غياب 14 عاما

الدكتور(با عبَّاد).. ورحيل الرُّواد
بقلم/ عبدالسلام التويتي
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 11 مارس - آذار 2013 08:06 م

لقد فقد وطننا اليمني- برحيل الأستاذ الدكتور علي هود با عبَّاد- رائدًا كبيرًا من روَّاد التنوير وعلمًا بارزًا من أعلام التجديد والتغيير، فقد عاش –يرحمه الله- حياة عامرة بالجدِّ والمُثابرة والخير والصلاح والإصلاح لوطنه وأمته، عاش رائدًا تربويًّا يروي ظمأ تلاميذه وتعطُّشهم للعلم بما أثمرت تجاربه وجهوده البحثيَّة المكثَّفة من صُنوف المعرفة القائمة على أساس من الدين الإسلامي الحنيف إسهامًا منه في التأسيس لمرحلة يُضيء فيها الإسلام بنوره كافة أصقاع المعمورة، ولعل ريادته أو رياديته تلك راجعةٌ –في الأساس- إلى ولادته ونشأته وترعرعه في بيئة علميَّة عريقة، فالرجل –يرحمه الله ويُطيِّب ثراه- مولودٌ في بلدة(الغُرفة) بمديرية(سيئون) إحدى بلدات وادي حضرموت الذي اشتهر -منذ استضاءت ضفافه ومدنه وأريافه بنور الإسلام- بكثرة دور العلم وأربطته وعُهد عنه تخريج الكثير من العلماء الأفذاذ الذين تمكَّنوا من نشر نور الإسلام في عدد من أقطار شرق آسيا مُسهمين في انقشاع ما كان يُخيِّم على عقول أهلها من ظلام، ولا شك أن تلك البيئة الشديدة الخصوبة والثراء قد كان لها أثر بالغ في بناء شخصيته وتشكيل وعيه الفكري والثقافي المُعبِّر –على الدوام- عن تشبُّع الفقيد بمبادئ ومُثل الإسلام، حتى لقد أصبح –طيلة فترة عطائه الفكري بما فيها فترة اشتغاله بالعمل الأكاديمي- من أبرز مُفكِّري وأكاديميي جيله تمثُلاً لقِيَم الإسلام الحنيف في كلِّ سلوكياته وممارساته ومن أشدهم تمسُّكًا بل تشبُّثًا بحقِّهِ –كفردٍ مُسلم- في الدفاع عن صحيح الدين وتبرئته ممَّا يفتريه عليه الكثير من خصومه الحاقدين من افتراءات، إذ ما أكثر ما انبرى الراحل في كثير من المراحل لدحض ما يُلصقه أولئك الخصوم بالإسلام -حِقدًا من عند أنفسهم- من شُبهات.
ولم يكن الراحل –رحمة الله عليه- يدع فرصة تُمكِّنه من الإسهام في تشكيل وعي الجيل وفق ما جاء في محكم التنزيل إلاّ واستغلها ووضع من خلالها بصمة خالدة في وعي ولا وعي الأجيال الصاعدة، فقد استثمر فرصة عمله في المجال التربوي والتعليم العام فألَّف مؤلَّفه القيِّم"أنظمة التعليم وفلسفتها في دول العالم: دراسة مقارنة" الذي بيَّن من خلاله مواضع التبايُن والاختلاف في المحتويات والأهداف بين نماذج من أنظمة التعليم في العالم بقصد إبراز جوانب الإيجاب في كلِّ نموذج من النماذج علَّنا نستفيد منها، وإبراز جوانب السلب وأوجه القصور كي نتمكَّن من تحاشيها، ولأهميَّة هذا المؤلَّف الفلسفي التربوي القيِّم فقد طُبِع أكثر من طُبعة. كما أنه استثمر –كذلك- فرصة عمله في المجال الأكاديمي والتعليم الجامعي فأسهم بحضٍّ وافر بالاشتراك في تأليف كتاب"الثقافة الإسلامية" –المعروف لأكثرنا والعزيز علينا- الذي أصبح –لأهميَّته البالغة- منذ تأليفه قبل ما يزيد على عقدين من الزمن مقررًَا جامعيًّا معمّمًا على كافَّة كليَّات الجامعات اليمنيَّة بأقسامها وتخصصاتها المختلفة.
والراحل –بحكم نشأته الإسلامية- كان يُدرك -بالرغم من أنه لا يرى أن كلَّ ما يصدر عن الغرب شرٌّ- أن اليهود والنصارى غالبًا ما يدسُّون لنا السُّمَ في العسل منطلقًا في إدراكه ذاك من قول الحقِّ –جلَّ وعلا-: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) البقرة آية: (120).
وحرصًا منه –يرحمه الله- على أن يفيد أبناء أمته من أفكاره النَّيِّرة فقد ترجم إدراكه هذا إلى عمل ملموس على أرض الواقع من خلال تأليفه مؤلَّفًا قيِّمًا بعنوان"خطورة الغزو الفكري والعسكري على الأمة العربية والإسلامية" الذي اعتبر صرخة مُدوِّيَّةً في ضمير الأمَّة بهدف استنهاضها وإيقاظها من سُباتها مُتطلِّعًا إلى أن صرخته الفكريَّة القويَّة إذا ما أعقبتها صرخات فكريَّة مماثلة ستمثل أعظم إسهام في إيقاظ أمَّة الإسلام لما من شأنه استعادة دورها الحضاري الريادي الذي يُمكِّنها من المُشاركة الفاعلة في رسم ملامح مستقبل البشريَّة بما يتلاءم مع الفطرة الإنسانيَّة السويَّة.
بيد أن هذا المؤلف وغيره ممّا عرَّجنا عليه من مُؤلَّفاته الفكريَّة والتربويَّة القيِّمة لا تتعدَّى كونها غيضًا من فيض ما نهل عنه تلاميذه من ينابيع المعرفة، فضلاً عمَّا خلَّد به ذِكره من مواقف شجاعة ومُشَّرفة عزَّزت –على الدوام- من مكانته وبوأته موقع الصدارة باعتباره واحدًا من الأفذاذ الذين حملوا لواء الرِّيادة، حتى إذا غادرنا إلى جوار ربِّه لم يسعنا -للتأكيد على شديد حزننا لفقده بقدر ما كنا نجلُّه ونحبُّه- إلاَّ أن ننتحبَ عليه – بلسان حزين- قائلين:
بكت البلادُ شمالها وجنوبها
حُزنًا وتشييعًا لـ(با عبَّادِ)
أو لم يعشْ ما عاش فينا نابغًا؟
بل رائدًا من أعظم الرُّوَّادِ