|
حسناً فعل وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا مساء أول من أمس في القاهرة بعدم الموافقة على تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية. ليس فقط لأن سورية دولة مهمة ومحورية في عالمنا العربي، مهما كان النظام الحاكم فيها، وهي دولة مؤسسة للجامعة، ولكن لأن مثل هذا القرار سيعني قطع الاتصالات العربية مع دمشق، وهذه الاتصالات مطلوبة في هذه الظروف الخطيرة والصعبة التي تمر بها سورية والتي تستلزم عدم تركها وحدها، حتى ولو أن هناك اختلافا لبعض العرب مع النظام في دمشق، والخلاف هو حول سبل معالجة الأزمة والتعامل معها.
وإذا كان العرب فعلا يريدون مساعدة سورية – نظاما وشعبا – لا بد أن يبقوا على اتصال مع دمشق حتى ولو تشدد النظام فيها بمواقفه وبتحفظه على قرارات الجامعة العربية، والمحبّون لسورية يتمنون أن يكون هناك حل عربي للأزمة في سورية، خصوصا بعدما شاهدنا الثمن الباهظ والكبير جدا الذي دفعته وستدفعه ليبيا والعرب معها، للحل العسكري الدولي.
ولكن هل النظام العربي ممثلا بالجامعة العربية يريد فعلا حل الأزمة السورية؟ وإذا كان يريد هل هو قادر على ذلك؟ إذا كان النظام العربي يريد حلا عربيا للأزمة السورية، لماذا يجعل قطر رئيسة للجنة العربية الوزارية المكلفة الاتصال مع سورية التي أعلن مندوبها تحفظه على رئاسة قطر لها، لأن دمشق تعتبر قطر طرفا محرضا للمعارضة السورية.. إذا كان للسعودية أسبابها الخاصة لعدم ترؤسها، فلماذا لم تترأس مصر وهي الدولة العربية الأكبر هذه اللجنة العربية؟ هل لأن قطر أصبحت الدولة العربية الأنشط تحركا وسط الأنظمة العربية العاجزة أو المشغولة بحالها؟!!
أعتقد أن موضوع رئاسة اللجنة العربية ممكن أن يحل إذا أبدت دمشق قبولا للتعاطي مع اللجنة العربية، وبالتفاوض مع اللجنة يمكن أن تطرح سورية أفكارها ومقترحاتها حول موضوع الحوار مع المعارضة السورية في الداخل كانت أم في الخارج، أين وكيف ومع من في المعارضة؟ وإذا أصر النظام على إجراء الحوار مع المعارضة في دمشق فهل هو مستعد لإعطاء من سيحاورهم تحت مظلة الجامعة العربية الضمانات الامنية؟
أعتقد أن النظام السوري حاليا ضعيف إلى درجة من الممكن أن يقبل معها بمخارج تحفظ ماء وجهه لتبقيه حاكما في دمشق، أو إلى درجة يتشدد فيها إلى حد الرفض المطلق لأي حلول بحجة أنها تدخلات في الشأن الداخلي، والخيار الثاني أمر وارد لأن من اختاروا الحل الأمني لمعالجة الاضطرابات والرد بالقتل على مطالب الشعب بالحرية والأمان والإصلاح هم الذين ما يزالون أصحاب الكلمة العليا في دمشق.
وكل ما نأمله أن يكون النظام قد فهم أن الحل الأمني فشل، وأن المطلوب حل سياسي يبعد المتآمرين من الخارج الذين لا يريدون الخير لسورية (نظاما وشعبا) وأن يستفيد من المبادرة العربية بعدم تحمل مسؤولية إفشالها.
وإذ كان وزراء الخارجية العرب قد اجتمعوا –وللمرة الثالثة – من أجل سورية فلماذا يغضون الطرف عن بحث عمليات القتل الجماعي التي يقوم بها النظام اليمني ضد شعبه؟ ولماذا لم تصدر عن وزراء النظام العربي أية كلمة تدين قصف أبناء الشعب اليمني بالمدفعية والأسلحة الثقيلة في صنعاء في الوقت الذي كان فيه الوزراء مجتمعين في مبنى الجامعة العربية؟
لماذا النظام العربي حريص على بحث الوضع السوري ووضع \"حل عربي\" للأزمة السورية ويتركون الشعب اليمني ضحية لنظامه وضحية لمبادرة خليجية ولدت ميتة ووضعت من أجل أن تحافظ على رئيس كذاب ومجرم ولا يختلف عن العقيد الهارب معمر القذافي الذي تسبب بمقتل أكثر من 30 ألفا من شعبه، وتسبب بتدمير بلاده ورهنها للغرب وحلفه \"الناتو\". إن ترك اليمن لحل المبادرة الخليجية يعني إطالة عمر النظام اليمني ورئيسه الذي يتلاعب بالمبادرة كما يتلاعب بدماء شعبه.
إن المطلوب حل عربي عاجل لليمن أساسه طرد نظامه ومقاطعته، لأن الحوار الخليجي والدولي معه فشل، وهذا أمر مطلوب بإلحاح؛ فاليمنيون يقتلون بالعشرات يوميا على أيدي قوات ومليشيات الرئيس الذي عاد من السعودية بعد شفائه لينتقم من شعبه.
في الأحد 23 أكتوبر-تشرين الأول 2011 04:11:43 م