الفساد... آفة العدالة ويهدّد التنمية...؟!
بقلم/ رجاء يحي الحوثي
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 12 يوماً
الأربعاء 05 سبتمبر-أيلول 2012 05:25 م

الفساد سلوك وفعل قبيح مستهجن ومرفوض وموضع إدانة شرعاً وعرفاً وقانوناً، والفاسد ينبغي محاسبته ومحاكمته أياً كان ومهما بلغ نفوذه لا ينبغي أن يكون بمنأى عن المحاسبة، ...

الفساد ليس مجرد كلمة إنما هو مرض عضال يضرب مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص ويعشش في كل مكان إذا أتيح له ذلك. فهو أقل ما يقال فيه إنه الداء المستعصي على إيجاد الدواء له إذا استفحل في مكان ما. والفساد موجود في كل زاوية من زوايا العالم الواسعة والمتعددة وفي اليمن موجود بشكل خاص، ومنها الفساد السياسي والفساد الاقتصادي والفساد الإداري والفساد الاجتماعي والثقافي والإعتقادي.

إنه الفساد ذلك السلوك المناقض للفضيلة ومن المفيد الإيضاح أن الفاسدين المفسدين في المجتمعات كافة لم يقدموا شيئاً مفيداً لمجتمعهم بل إنهم يبخلون بكل شيء ويسعون وراء كل شيء والمال لديهم زينة وامتياز ومصدر قوة دون أي اهتمام بالعمق الاجتماعي الواجب تحقيقه إنهم ممقوتون لأنهم يقولون ما لا يفعلون. أما فساد الاعتقاد فهو طمس للحقائق وتغييب للعدالة لتسود الظنون النابعة من الغرائز غير المنضبطة التي تعتمد على الشك والإنكار والأوهام والمكر والكذب والخداع والاعتقاد الخاطئ وثبات الفكرة الخاطئة ممن يهزون القيم الإنسانية النبيلة دون رحمة على حين أن الظن هو أكذب الحديث. وأنصار الفساد ليسوا قلة ، فهم منظومة متكاملة تعيث خراباً أينما حلّت، فالفاسدون يمكن توصيفهم بحزب الفساد الذي يعد من أكبر الأحزاب وأكثرها منعة وانتشاراً، فهو لا يعرف هويات ولا يعرف حدوداً، لكنه يعرف طريقاً واحداً هو تخريب المجتمع ومؤسساته. وإذا كان الفساد عبر العالم إلا أن اليمن تنميه وتعتني به حتى أصبح حالة طبيعية في حياة شعبها. ونلخص.فالفساد أنواع وأحجام فهناك فساد كبير وفساد صغير فالفساد الكبير فهو انحراف بالسلطة بعيداً عن الحق والعدل وتحقيق حماية ذوي النفوذ السياسي و الاقتصادي. أما الفساد الصغير فهو الفساد الإداري الذي يستشعره أبناء المجتمع بشكل حسي كل يوم لدى مراجعة أي جهة من الجهات الرسمية أو شبه الرسمية ومنها الجهات المالية والوحدات الإدارية والمؤسسات والمستشفيات العامة وغير ذلك الكثير.

 إنه فساد صغير لأنه صادر من جهات مسئولة تملي على الموظف الصغير رغبتها وتفسح المجال أمام هذا الموظف صاحب التعامل مع الناس لممارسة الفساد وصولاً إلى علنية الممارسة الوقحة للفساد، وعندها يصبح الفساد الكبير هو الراعي والحامي للفساد الصغير والمدافع عنه والحاضن له والمنمي لأساليبه إنه الفساد القائم بشقيه الكبير والصغير في اليمن، حيث يتسلل إليها فارضاً ذاته وأجهزة امتصاصه بين جوانبها. والفساد هنا نجده مرتبطاً بمداعبة العواطف والشهوات وإشباع الرغبات بعيداً عن الدين وإعمال العقل الذي إذا توارى توارت معه كل المبادئ والقيم. أما ساحة نشاط الفساد فهي في نطاقيه العام والخاص، فساحة فساد النطاق العام تكون لدى الجهات الرسمية ويكون من يمارس الفساد موظفاً أو عاملاً أو مسئولا بهذه الجهة العامة. وساحة الفساد في النطاق الخاص يكون بين أفراد المجتمع والمؤسسات الخاصة حيث تتراجع قيمة العمل لتحل محلها الوصولية والانتهازية المؤدية إلى الإحباط المجتمعي العام وهنا تبرز أهمية محاصرة الفساد العام والخاص لأن محاصرته شرط أساسي لتطويق الفساد الخاص حيث إن الفساد في نهاية الأمر هو إفساد المؤسسات الاقتصادية والثقافية وغيرها. بذلك إلى أن محور الفساد هو يبدأ من رجل الوظيفة العامة الفاسد ويقابله أفراد فاسدون من المجتمع مروراً بمراحل التسلسل الوظيفي واستغلال السلطة بكل أنواعها وبما يتعارض مع القواعد التي تضبط قواعد الأداء. أما أشكال الفساد فإنها تعني ممارسة الفساد عبر المستوى الوظيفي أو المهني في ممارسة الفساد بأشكاله المتعددة التي منها الرشوة سواء أكانت نقدية أم عينية بغية تجاوز النظم والقوانين وهذا هو جوهر ظاهرة الفساد وأوسع مظاهره شيوعاً وارتكاباً.

إذا ساد القانون وترسخ دون الحاجة إلى القوة. فيجب أن نحرر أنفسنا أولا من الفساد وان يؤدي كلا دورة ويحاسب كلاً نفسه لأننا كلنا مسؤولون أما الله سبحانه وأمام العالم لأننا أصبحنا عبرة في ثورتنا وعبرة في فسادنا وعبرة في كل شي ونحن فعلا من ينطبق عليهم انتم من ضحكت الأمم من جهلهم.ويجب تفعيل القوانين الرادعة ويجب اتخاذ إجراءات وتدابير قانونية لمحاصرة آفة الفساد والقضاء لأن الفساد لم يعد محصوراً في النطاق الإداري والمالي بل بات معششاً في الأفكار والآراء ويسكن في وجدان الكثيرين. وأخيراً وليس آخر أقول: لا تستطيع احد أن يحارب الفساد بمفردة إذا وصل إلى قلبها الفساد، ولا تستطيع صحافة أو أية وسيلة إعلام أن تحارب الفساد دون أن يكون هناك وازع ديني وواجب أخلاقي وإعلام حر لا يخضع لرقابة الفاسدين. وليس بمقدور قضاء أن يحارب الفساد إذا وصل الفساد إلى شرايينه وراح ينخر في عظامه، ليس بمقدور القضاء أن يكون قضاءً إلا إذا كان مستقلاً عن السلطة التنفيذية، وتأتي أحكامه من وحيه النزيه. ليس لمؤسسة أن تحارب الفساد إذا كانت هي مصنعاً للفساد، ولكن لا صحافة ولا قضاء ولا مؤسسة قابلة لأن تحول دون ظهور الفساد، أو تحد منه، أو تشن حملة عليه دون قوانين تحمي الفرد وتجازي وتردع وينتصر فيه المواطن. فالمسألة هي عبارة عن حلقات مترابطة تكون الركائز الأساسية للمجتمع الذي تقاس حيويته بمدى تفاعله مع التطور القائم على احترام حقيقي لنظام عماده المؤسسات والتوازن ما بين حقوق وواجبات الوطن والمواطن.

*محامية ومستشارة قانونية