ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
مأرب برس – دمشق – خاص
كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها .. لا أدري إن كان المقصود من الأيام هنا الأيام العادية ، أم أنها أيام العرب والتي كانت كناية عن الحروب، إذ كان يقال أيام العرب حروبهم ، وبما أن اليمن كما هي في التاريخ منبع أصول العرب فأيامها وأيام أهلها أكثر التصاقاً بالأيام بذاك المعنى الذي ينم عن شغف الاقتتال ونفسية التحدي – طبعاً تحدي أبناء جلدتنا – وليس تحدي الواقع أو تحدي الجديد أو تحدي الصعب والمستحيل كما هو التحدي في الدول المتحضرة والتواقة لحاضر جميل ومستقبل أجمل.
بالنسبة لليمن كنت أعتقد أن التغيير يتأتى بإجراء ثقافي أو ربما ثورة ثقافية وليس بقرار سياسي، ثم في فترة أخرى أصبحت أكثر
ميلاً إلى أن القرار السياسي أهم في عملية التغيير وانه هو من يصنع الثورة الثقافية وهناك شواهد كثيرة حصلت في العالم تدل على إمكانية ذلك عملياً، وكنت أتكئ (محليا) في هذا الرأي إلى التجربة المشهودة التي حصلت في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي في الشطر الشمالي من اليمن آنذاك، وبعد أن خاضت اليمن مراحل متعاقبة من تحقيق الوحدة ورفع لوائها على يد كل من الزعيم الشمالي علي عبد الله صالح والزعيم الجنوبي علي سالم البيض، فالتعددية والديمقراطية المزعومة ومن ثم الحرب الخاسرة والظالمة في صيف 94م، إلى ما بعد الحرب من هيمنة وإقصاء وضم وإلحاق، إلى أكذوبة شراكة اليمن مع محاور وأقطاب دولية في الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، ومن ثم الوصول إلى تغير معادلات سياسية وأيدلوجية على الصعيد الدولي والإقليمي والتي أعتقد أن من ضمن تداعياتها نشوب حرب في صعدة تحت مبررات ومقولات ما أنزل الله بها من سلطان ويتداخل فيها الديني بالسياسي، والتي عادت الآن لتنشب مجدداً بقوة وللمرة الرابعة بفعل ما يكتنفها من غموض وما تقف وراءها من دوافع لم يسمح للإنسان اليمني حتى الآن أن يتفهمها وأن يعرف ملابساتها وهي حرب بين السلطة وفئة من الشعب اليمني ينتمون إلى اليمن وهم من تلك الأرض وتاريخها كابر عن كابر، لا بل أن الأب الروحي للحوثيين العلامة بدر الدين الحوثي عالم دين كبير ومن أساطين المذهب الزيدي الذي يمثل جزءا هاما من التوليفة اليمنية التي لا يمكن إقصاؤها بشكل من الأشكال، فهل هي نسخة مكررة للإقصاء ولكن هذه المرة في الشمال؟! .
وأنا اليوم وبعد قراءة (مفلترة) – فالقراءة الموضوعية أو العلمية لا جدوى منها- أعتقد أن التغيير في بلد كبلدنا لابد أن يكون تغييراً بعدة أبعاد فلا السياسي قادر بمفرده على عمل شيء ولا المثقف بمفرده قادر على تحقيق أية نتيجة في ظل تركيبة معقدة كتركيبتنا وهي ليست تركيبتنا بالمناسبة وإنما تركيبة كرس النظام كل إمكاناته خلال هذه الحقبة الزمنية الطويلة لجعلها النمط السائد في حياتنا والصفة التي نوصم بها وتبدو كذيل مركب لا يمكن بتره واستئصاله إلا بعملية جراحية كبيرة ومزدوجة.
وهنا تحضرني قصة قرأتها قبل فترة طويلة للكاتب التركي الساخر عزيز نيسن والتي يتحدث فيها عن محافظة أو ولاية عبر أهلها عن يأسهم وقنوطهم من الإصلاح بأيدي مسؤوليهم المتغطرسين فقرروا أن يرشحوا للانتخابات المقبلة رجل من عالم آخر غير عالم مسؤوليهم القدامى ومن غير طبيعتهم ولا يشبههم جملةً وتفصيلا ، فوقع اختيارهم على رجل بسيط جداً وإذا بهم يفاجئوه بعرضهم وبأنهم قد حسموا أمرهم ولامرشح لولايتهم غيره ولا إصلاح بدونه ولا...الخ .
الرجل البسيط امتنع ورفض بشدة في بادئ الأمر، ولكنهم أصروا وأمعنوا في إصرارهم ، وما كان من الرجل إلا الرضوخ لرغبتهم والترشح ومن ثم الفوز في الانتخابات وتولي السلطة في تلك الولاية ، وهنا كان من المفترض أن تبدأ الولاية عهد جديد مغاير تماماً لعهودها الماضية وان يلبي الرجل طموحات ناخبيه التواقين لواقع مختلف ومستقبل أفضل ولكن الحاشية نفسها التي أقنعته بالترشح بدأت تلومه وتوجه ملاحظاتها عليه من طريقة مشيه إلى نوع لباسه المهلهل إلى أسلوبه في التعاطي مع العامة ومع الخاصة وصولاً إلى قراراته غير الواقعية أو المثالية إلى غير ذلك وهكذا، ومع طول العهد تغير الرجل ولم يتم التغيير المنشود ثم بات متغطرساً أكثر من سابقيه .. وهنا لاتصدُق مقولة (يافرعون مين فرعنك قال لم أجد من يردني).
ولكن يافرعون من فرعنك ؟ .. وجدتُ من فرعنني -إن صحت العبارة – وحالنا ليست ببعيدة عن هذه الحال فقد امتلأت آذاننا وتكاد تصم من سماع كلمات الدعوة للفرعنة.
وبالأمس يقرر برلماننا العتيد المكون من أشباه برلمانيين تخويل السلطة التصرف في صعدة ، هكذا بكل بساطة وكأن دم اليمني وعرضه وأرضه وكرامته آخر هم ، ولايزال أحد الدبلوماسيين اليمنيين يقول لي بأن اتفاقية الحدود مع السعودية تمت بموافقة البرلمان الذي يمثل الشعب .
أي برلمان هذا الذي يمثل الشعب ويخول السلطة شن حرب عسكرية على المواطنين الأبرياء ومن دون تمييز ضحاياها بالمئات والآلاف فضلاً عن الخسائر المادية وما يترتب عليها من آثار مستقبلية لا تحمد عواقبها ؟!! ، أي نواب هؤلاء الذين يسكتون على دم أبناء جلدتهم ووطنهم ؟؟! عودوا إلى رشدكم وتذكروا أنها ستكون لعنة تاريخية تلاحقكم إلى أبد الآبدين !!
وأما الاتهامات التي وجهت لدول مثل ليبيا وإيران فإلى الآن لا أدري هل أصنفها جريئة أم خجولة فتلك أضحوكة أخرى وهي دليل آخر واضح على الورطة والتي عندما تشتد وطأتها يعلقونها على الآخرين وهم يقعون في أزمة أخرى من نوع آخر. يوسعون جغرافية الأزمة فتتطور وتزيد تبعاتها مع الأسف وتبدو كما يقال في الأعمال المسرحية ( خروج عن النص).
وعودة إلى التغيير في اليمن فإنه في ظل النظام الحالي نعيش ظرفاً خاصاً فصاحب القرار السياسي يعتقد أن بقاءه مرهون بتكريس الجهل والتخلف وإشاعة كل العادات والممارسات التي تجر المجتمع إلى عهود متأخرة وبائدة ومن جانب آخر فهم خطأً السياسة الدولية فظن أن محاربته أبناء بلده بحجة مكافحة الإرهاب ستكون بمثابة بطاقة تأمين ببقائه في السلطة وهو في هذا السياق وجد من يفرعنه من الخارج – وإن كان قياس مع الفارق - كما أنه ومن جهة أخرى يعلن بصريح العبارة أنه عاش حكمه كله على طريقة (الرقص على رؤوس الثعابين)، ويبدو مع طول العهد اعتقد أن هذا الرقص موضة لكل المواسم، ولا أظن عدم إدراك حقيقة ذلك غباء منه كما أنها ليست ذكاء مني.
في اليمن كرس النظام طريقة حياة تختصرها كلمتي (حمران العيون) ولأدري إن كان لها علاقة بلقب الرئيس صالح فاسمه الكامل كما في سجل مرشحي الرئاسة في الانتخابات اليمنية (علي عبد الله صالح الأحمر) وهي أسلوب حياة حتى على مستوى علاقاتنا الشخصية والاجتماعية ، فضلاً عن مقولات أخرى تم تكريسها وباتت مقدسة من مثل ( الزمن لايأتي بأحسن ) مقولة كرست شعبياً ليس في اليمن وحسب بل وفي بلدان عربية وإسلامية أخرى ولمن يتقبلها أقول : وماذا يعني بقاؤنا ولماذا نلعن السيئ من الماضي؟!
مقولة أخرى لم تكرس شعبياً فحسب بل كرسها الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رئيس البرلمان اليمني والذي يتزعم حزباً سياسياً يتخذ من كلمة (الإصلاح) اسماً وعنواناً لحزبه والمقولة أطلقها قبيل الانتخابات الرئاسية اليمنية في أيلول /سبتمبر الماضي وهي من تراثنا الشعبي وتقول: (جني نعرفه أحسن من إنسي مانعرفه) يقصد بالجني الرئيس صالح وهنا (وقفة) و(مفارقة) فأما الوقفة فهي عند اللقب (الأحمر) ولا ننسى (حمران العيون)، وأما المفارقة فهي أن الشيخ يتزعم حزب سياسي كان داعماً لمرشح المعارضة فيصل بن شملان الحزب مع المعارضة وزعيم الحزب مع الرئيس ، ولا أدري أين الإصلاح من مقولة كهذه، (سبحاني .. سبحاني) -على حد تعبير- أبو حسين الحلاج ( في العصر العباسي).
اكتب هذه المقالة بتلقائية غريبة ، ولكني وعندما تذكرت أن المقال لابد له من خاتمة تربط بين تسلسله وجدت نفسي في حيرة وقلت بلا شعور ( سبحاني ..سبحاني ) !!.
*باحث وكاتب يمني