هل أجهضت الثورة ومن أجهضها؟
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر
الثلاثاء 16 أغسطس-آب 2011 06:16 ص

انطلقت الثورة العظيمة في 11 من شهر فبراير من مدينة تعز ولحق بركبها كل محافظات اليمن بلا استثناء, وكانت أهداف وأجندة الثورة هو إسقاط النظام بكل رموزه , وأدواته , وثقافته , وفلسفته , ومنظومته السياسية, والاقتصادية , والإدارية بالفعل الثوري السلمي , وهتف شباب الثورة بذلك فالتحق بهم الملايين من أبناء هذا الشعب الذي ظل يعاني الويلات , والفساد , والفقر , وغياب العدالة على مدار 3 عقود من الزمن.

ومنذ انطلاق ثورة الحادي عشر من فبراير وحتى انضمام أحزاب اللقاء المشترك , ومن ثم قادة القبائل , وكذلك انضمام أغلب قادة الجيش والمناطق العسكرية إلى شباب الثورة بالساحات والميادين تفاءل الثوار كثيرا في هذا الانضمام كما تفاءلت الملايين بثورة الشباب واعتبروه انجازا عظيما حققه الثوار , وشوطا كبيرا قطعوه في مشوار إسقاط النظام , وعدوا ذلك انتصارا لا يوازيه إلا انتصار ثورتي سبتمبر وأكتوبر, وبدءوا بالإعداد للخطوة الأخيرة لإسقاط النظام , وتحقيق أهداف الثورة , وتحقيق أحلام الملايين المتطلعة إلى التغيير الأفضل وتحديدا بعد جمعة الكرامة عندما قال قائل أحزاب المعارضة " لقد أخبرني بعض الشباب أنهم سيزحفون إلى القصر بصدورهم العارية وسيخرجونه من مخبئة " وأظنه كان صادقا في ذلك هذا إن لم يكن جزء من التكتيك الذي عرف به المشترك في تمييع القضايا وإفراغها من محتواها.

وفعلا كان شباب الثورة على قاب قوسين أو أدنى من النصر , وتحقيق أهداف الثورة في التغيير الذي لطالما انتظره الملايين من أبناء هذا الشعب اليمني الطيب , وكاد الرئيس الاستسلام للأمر الواقع وبدأ أركان نظامه يتساقطون كأوراق الشجر في الخريف بعضهم عن قناعة كاملة بالثورة السلمية , وبأهدافها المشروعة , وبعضهم بحجز مقعد لهم فيما بعد الثورة أو فيما بعد على عبد الله صالح , واستسلم معه أيضا في هذا الأمر المجتمع الدولي وفي مقدمتهم دول الإقليم.

لكن القوى التقليدية الراديكالية داخل أحزاب المشترك التي لا يروق لها هذا التغيير الذي لم يكن في حساباتها السياسية والفكرية , وكان مفاجئا لها بكل المقاييس سرعان ما تحركت بإيعاز من بعض القوى المرتبطة بالنظام وبالتنسيق مع بعض الدول الإقليمية , والخليجية , وخاصة المملكة العربية السعودية , ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية في الدخول بحوارات , ومفاوضات مارثونية تارة باسم قبول الرئيس الرحيل والخروج بطريقة مشرفة , وما تبقى غير البحث في ماهية الطريقة المشرفة , وتارة أخرى باسم المبادرات – خليجية – قطرية – أممية – محلية , وكأن الغرض من كل ذلك هو امتصاص عنفوان الشباب وإيقاف تقدمهم نحو تحقيق أهدافهم استشعارا من تلك القوى أنها لن تكون في منأى من هذا التغيير.

وبالتالي استغل النظام الذي كان بينه وبين السقوط سوى زحف الشباب والتصعيد الثوري تلك الحوارات والمفاوضات وعامل الوقت في ترتيب أوراقه محليا , وخارجيا , ونجح بالفعل في ذلك , وبالمقابل فشلت تلك القوى التقليدية في تسويق نفسها , وفي إقناع العالم , والمجتمع الدولي , والإقليمي بما تمتلك من بديل ومن مشروع سياسي فيما بعد صالح لأنها لم تكن تسعى يوما لأن تكون البديل للنظام , ولم تعمل في حساباتها وفي أجندتها تغيير هذا النظام لأنها تربت في أحضانه واعتبرت نفسها جزءا منه وهذا أدى إلى محاولة إجهاض الثورة, ونجاح الطرف الآخر وهو النظام إلى حد كبير في تحويلها إلى أزمة والكارثة ليست هنا بل الكارثة هو استمرار تلك القوى التقليدية المناهضة للتغيير في محاولة إجهاض الثورة وإفراغها من محتواها من خلال الفتاوى التي ليست لها حاجة في الوقت الراهن , والتلاعب بالمفردات والمصطلحات بين قرب الحسم – قرب الإعلان عن المجلس الوطني – المجلس الانتقالي – المجالس الأهلية- رمضان شهر النصر –, والهدف واحد هو تتويه الشباب والهاء الثوار عن هدفهم الرئيسي وصرفهم إلى أهداف ثانوية لم يخرجوا أصلا من أجلها وهي في الوقت نفسه تسعى وراء إجراء بعض الإصلاحات الطفيفة من داخل النظام نفسه والتي خرج الشباب من أجل إسقاطه كليا وقدموا دماؤهم الزكية ثمنا لذلك.

إن تلك القوى التقليدية داخل أحزاب اللقاء المشترك والتي ترتبط بالنظام ارتباطا وثيقا لا تزال تتحين الفرص المناسبة التي تستطيع من خلالها إقناع الشباب في الساحات على أنها حققت انتصارا عظيما فيما هذا الانتصار قد يكون انتصارا وهميا ليس إلا , وعلى ما يبدو أن تلك القوى لم ولن تنجح في محاولاتها إجهاض الثورة لكنها نجحت إلى حد كبير في تأخير الحسم تحت دعاوي ومبررات وهمية وذرائع واهية ونحن على يقين بأن الشباب يدركون تلك الألاعيب وأنهم لم ولن يسمحوا لأي كان أن يجهض هذه الثورة التي يعول عليها الملايين من أبناء هذا الشعب في الداخل والخارج لانتشال اليمن من الضياع والانهيار إلى النهوض والازدهار.