هل للمعارضة من سبيل ؟
بقلم/ سارة عبدالله حسن
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 04 يوليو-تموز 2011 04:45 ص

ثمة شئ غير مفهوم في المشهد السياسي اليمني ..أحزاب المعارضة التي ادعت في بداية الثورة أنها تركت الأمر للشباب ليقولوا كلمتهم، وأنها لم تعد تملك من خيار سوى الانضواء تحت لوائهم ..داعمة للثورة بقواعدها وكل إمكاناتها، نجدها قد أصبحت اليوم في موضع المشتبه به ..

بدأ الأمر عندما اعتبرت نفسها وصية على الثوار وعادت للحوار مع من اعترفت علنيا انه لم يعد يجد معه إي حوار وتصرفت كأنها أخذت تفويضا من الثوار لقبول المبادرة الخليجية، متجاهلة لاحتجاجاتهم الرافضة لها، الأمر الذي افقد الثورة زخمها ، وجعل النظام يستعيد عافيته مجددا و لو بصورة شكلية، و لم تكتف المعارضة بدورها السلبي في هذه المبادرة التي حاولت انتزاع صفة الثورة مما تشهده الساحة في اليمن ، بل فوجئنا بها أيضا وهي تلعب دور المغلوب على أمره بعد التدبير الإلهي لخروج اللا صالح من السلطة في حين انه كان من المفترض بها أن تمسك زمام الأمور جيدا وتزداد قوة ، فتشترك مع الثوار في حسم الثورة ، لكن ها هو شهر يمضي منذ خروج اللا صالح قبل أن تقرر أحزاب اللقاء المشترك انه قد آن الأوان لمناقشة تشكيل مجلس انتقالي وليس إقراره فورا.

مناقشة وحوار و كأن الثورة بدأت قبل أيام قليلة وليست منذ اشهر كان من المفترض خلالها أن يتم مناقشة مثل هذه الأمور والإعداد لها جيدا ..أم أن المعارضة – كما يرى البعض - أبت أن تفعل ذلك لكي لا يذهب إعدادها المسبق هدرا اذ بدت و كأنها لا تملك إيمانا حقيقيا بنجاح الثورة و بالتالي لم تحسب حساب مثل هذا اليوم .

عذر المعارضة في هذا التأخير – بحسب تصريح حسن زيد الأخير – هو تحقيق النصر بأقل قدر من الخسائر، على اعتبار أن سلمية الثورة تحتم ذلك ، ولكن هل المحافظة على سلمية الثورة كانت تعني تأخير تشكيل المجلس الانتقالي و تخويف الشباب من الخروج من الساحات أو اختراق شارع الزبيري بمسيراتهم .

لقد بدأت الحكاية مع مسيرة بنك الدم التي سقط فيها خمسة عشر شهيد ، لم يتم محاسبة قتلتهم - و هو الأمر الذي تكرر مع كل مجزرة يرتكبها النظام – و لم تضف المعارضة بندا واحدا على المبادرة يلزم السلطة بعدم قتل المتظاهرين سلميا، بل بالعكس وافقت على البند الذي قدم للنظام الضمانات بعدم ملاحقته مما شجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم..بدلا من كل ذلك تم توجيه اللوم لمن خرجوا في هذه المسيرة وهم صفوة الصفوة من ثوارنا، ومنهم من تطاول بالنقد على المناضلة توكل كرمان لقيادتها المسيرة متناسين –و أغلبهم دخلاء على الثورة – أنها أول من قاد هذه الثورة، عندما خرجت بكل شجاعة للاعتصام بعد قيام الثورة التونسية مباشرة، فضلا عن معارضتها للنظام و رفضها لبقاء اللا صالح على كرسي السلطة منذ سنوات و اعتقالها من قبل النظام بسبب ذلك ، ومتناسين أيضا أنها وكثيرين ممن أقاموا الثورة معها قد تركوا بيوتهم و أطفالهم و وقفوا في الساحات لأشهر طويلة تحت البرد والحر والمطر و الرصاص الحي والغاز السام والتهديد والوعيد ، بينما أغلب هؤلاء الأدعياء كانوا في بيوتهم ينظرون وينتقدون فقط !

بعد هذه المسيرة بدأت الأمور في التراجع، وكأن آلة القمع الوحشية للنظام استطاعت أن تخمد بركان ثورتنا ..هكذا بدا المشهد وان كنا نعلم أن هذا غير صحيح ..ثمة من كان يدير الساحة ، لنقل أنها المنسقية العليا للثورة اليمنية أو أحزاب اللقاء المشترك أو غيره، وذلك باتجاه التهدئة وفي انتظار ما ستفضي إليه المبادرة من نتائج ..و رغم تنازلات المعارضة المتعددة وسعي الخليجين لتقديم الضمانات – والدلال –الزائد للنظام في حين لم يلتفتوا لأبسط حقوق شباب الثورة و أبناء اليمن بشكل عام والمتمثلة بعدم قتل المحتجين وعدم ابتزاز السلطة للشعب بقطع الخدمات الضرورية ..برغم كل ذلك أبى الرئيس المحروق - اللهم لا شماتة – أن يوقع على المبادرة و استكبر، يلمس البعض للمعارضة العذر في خوض هكذا مهاترات مع النظام لرغبتها في كشف حقيقة رأس النظام للرأي العام و إظهار عدم رغبته في إي محاولة مشرفة لرحيله..و لكن لماذا يفعلون ذلك و رأس النظام معروف سلفا بأنه لن يقبل الرحيل إلا مكرها و هذا ما حدث بالفعل .

لقد ثار الشباب ضد التوريث فخرج اللا صالح مسرعا ليعلن انه لا توريث..وتراخت المعارضة فسمحت للتوريث بان يكون اليوم واقعا ملموسا ..نحن لا نسخر من المعارضة ولا نريد تجاوزها وشق الصف ..نريدها أن تلتحم بشباب الثورة وتتجانس قيادة وقواعد ..لأننا ندرك تماما أن قواعد المعارضة كانت ولازالت رافدا فاعلا و حقيقيا للثورة لكن القيادة التي يكتنف موقف بعض أركانها الغموض – وأصر هنا على كلمة البعض منهم فقط - تبدو كمن لا يريد أن يواكب العصر ويمارس التغيير فعلا لا تنظيرا ، حالهم حال قيادة الإخوان المسلمين في مصر والتي عانت من الجمود وعدم القدرة على تحقيق إي شئ يذكر في ميدان السياسة حتى قامت الثورة المصرية، فأثبتت قواعد تنظيم الإخوان في مصر بشبابها الأكثر انفتاحا، أنها أفضل من قيادتها فالتحمت مع كل الأطياف السياسية في الميدان وسبقت قيادتها بمراحل و أعادت للتنظيم مكانته الحقيقية التي تجاوزت الكم إلى الكيف .

على معارضة اليمن أن تدرك انه هناك فارق كبير في التوقيت بينها وبين شباب الثورة الذين يدركون أفضل منها أن الرتم البطئ الذي سارت عليه المعارضة فترة طويلة من الزمن لم يجد نفعا مع نظام يعتبر أسلوب مرور الوقت أول حل للتخلص من أزماته ، والحسم – إذا ما توافرت له المقومات كحالنا في هذه الفترة تحديدا - لا يحتاج عادة لأكثر من بضع أيام ولنا في ثورة مصر خير مثال .

على المعارضة اليوم أن تثبت عمليا أنها مع الثورة قلبا وقالبا ولن يكون ذلك إلا في رفض المبادرة الخليجية رفضا تاما غير قابل للتراجع و عدم الخضوع للإملاءات السعودية والأمريكية الفجة التي تسعى لتحويل مسار الثورة حسب مصالحها الخاصة غير آبهة بحقوق الشعب اليمني و احتياجاته ، كما عليهم أن لا يضيعوا الوقت في المناقشات التي بدأت لتشكيل المجلس الانتقالي كما ضيعوا الوقت في المبادرة على إن يسعى هذا المجلس لممارسة سلطاته الفعلية ولا يكون مجرد إطار شكلي وبدلا من تحمل شروط الخارج للحصول على دعم للثورة علينا الضغط عليه للاعتراف بالمجلس كممثل وحيد للشعب حتى إجراء الانتخابات و كل دولة ستتأخر عن الاعتراف به عمدا يجب أن نعيد تقييم علاقتنا بها .

أما الشباب فيجب أن يتحرروا من عقدة مسيرة بنك الدم ، وينطلقوا بقوة نحو ساعة الحسم في هذه الثورة، ليعيدوا للثورة زخمها ، ونعلم أيضا أنهم لن ينسوا عهد الشهداء الذي قطعوه على أنفسهم والذي ما خرجوا في مسيرة بنك الدم أو غيرها إلا للإيفاء به برغم استشهاد المزيد منهم ، نعم نتمنى – كما تقول المعارضة – النصر بأقل الخسائر ولكن هذا لايعني أن نراوح مكاننا في الساحات في انتظار حسم لا ندرك ماهيته ..لازالت أذناب النظام الخائبة تعيث فسادا في كل شبر من الوطن ترهب محافظات الجنوب باسم القاعدة..وتقصف تعز و قبائل أرحب وغيرها فضلا عن الفوضى العارمة التي أثارتها بسبب قطع الخدمات الأساسية عن المواطنين من كهرباء وماء ومحروقات ومرتبات وغيرها.

وإذا لم تكن الثورة قادرة على الانتفاضة بقوة للتخلص من هؤلاء ، فنحن بحاجة لإعادة تقييم أوضاعنا لنحدد بشفافية من المتسبب في تحجيم دور شباب الثورة ، ولماذا وقد انضمت معظم قوات الجيش والأمن للثورة وتوازنت القوى بل كادت أن ترجح لصالح الثورة ، لماذا لا زلنا نردد إنا الحلقة الأضعف وان ما تبقى للنظام من قوة ودعم خارجي - والتي نعلم جميعا أنها لن تصمد طويلا - هي ما تؤخر المعارضة عن الدفع بالثوار لتحقيق ساعة الحسم...هذا فقط لمحاولة الفهم..!

 .في الأخير اهدي لثوارنا في الساحات إحدى أناشيدهم المفضلة وهي أنشودة عهدا يا شهداء الثورة للمنشد المبدع محمود كارم ...وهذا فقط كي لا ننسى ..