رؤية لإنهاء معاناة طلابنا في الخارج
بقلم/ د.انور معزب
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 4 أيام
الأحد 13 يناير-كانون الثاني 2013 12:14 م

لم يعد خافيا على احد الاحتجاجات والاعتصامات التي ينظمها طلابنا في الخارج إذ أمدت تلك الاعتصامات مؤخرا لتشمل معظم الدول التي يدرس فيها الطلاب اليمنيين فلم تعد تلك الاعتصامات الطلابية كما كانت في السابق مقتصرة على طلابنا المتواجدين في دولة او دولتين بل لقد امتدت تلك الاعتصامات وتوسعت رقعتها لتشمل معظم البلدان التي يدرس فيها طلابنا ففي الجزائر وماليزيا والهند و المانيا ومصر والسودان وروسيا وأخيراً في لبنان تعيش ثورات طلابية ضد الملحقيات الثقافية فمنهم من اعتصم ومازال معتصم امام الملحقية الثقافية ومنهم من أغلق الملحقية الثقافية حتى يتم الاستجابة لمطالبهم ومنهم من هدد بالإضراب عن الطعام ومنهم من ينوي إحراق نفسه أمام الملحقية الثقافية اذا لم يتم النظر الى مشكلته والعمل على حلها .

وفي ظل هذا الحراك الطلابي المستمر و المتصاعد يوما بعد يوم ليشمل جميع الملحقيات الثقافية المتواجدة في الدول الشقيقة والصديقة وفي ظل عدم استجابة الملحقيات الثقافية لشكاوي ومطالب الطلاب نجد ان الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة التعليم العالي ووزارة المالية هي الأخرى لا تأبه بما يعانيه طلابنا في الخارج وكأن الأمر لا يعنيها من قريب او بعيد وهذا يبدوا واضحا من خلال تعامل التعليم العالي والمالية مع الاحتجاجات الطلابية في عدم تفاعلها مع قضايا الطلاب فوزارة التعليم العالي وكذلك وزارة المالية وللأمانة لم تقوما بالدور المطلوب والمناط بهما تجاه طلابنا في الخارج .

جميعنا يدرك حقيقة ان وزير التعليم العالي لا يمتلك عصى سحرية تحقق كل ما يحلم به ويصبوا اليه ويتمناه طلابنا وبالتالي لا يمكنه حل جميع مشاكلهم خصوصا وان البلد تمر بأزمة سياسية واقتصادية نتج عنها ضعف في إيرادات الدولة وانخفاض كبير في المنح المقدمة من الدول المانحة لكن هذا ليس مبررا لوزارة التعليم العالي بعدم القيام بواجباتها ومسئولياتها تجاه إيجاد الحلول والمعالجات الممكنة لما يعانيه طلابنا في الخارج ومن هنا يمكننا القول بان وزير التعليم العالي مطالب قانونا ودستورا بحل الإشكاليات والصعاب التي تواجه طلابنا في الخارج وبالفعل فقد قام الوزير شرف مشكورا بحل عدد من الإشكاليات والصعاب التي تواجه طلابنا في عدد من الدول مثل ماليزيا وسوريا وغيرها وحتى لا نظلم الوزير شرف فقد استطاع ان يحل جزء لا يستهان به من الإشكاليات التي تواجه طلابنا في الخارج ومع ذلك لازالت الإشكالية نفسها قائمة ولم يحل منها الا الجزء اليسير وهنا يطرح تساؤل غاية في الأهمية هو كيف يمكن لوزير التعليم العالي ان يحل الجزء المتبقي وهو الجزء الأكبر من مشاكل الطلاب في الخارج في ظل ازمة اقتصادية خانقة تشهدها البلد ؟ وما هي المعالجات والحلول المناسبة والكفيلة في حدود الإمكانات المتاحة لإنهاء الإشكاليات التي تواجه طلابنا في الخارج والتي طال أمدها ؟ وحتى نصل الى الحلول والمعالجات الممكنة و المناسبة وفي حدود الإمكانات المتاحة لإنهاء مشاكل طلابنا في الخارج علينا القيام بخطوات هامة تتمثل في دراسة الحالة دراسة متأنية وتشخيصها وتحليلها من جميع الجوانب والأبعاد وذلك لكي نصل الى تحديد وتوصيف ماهية المشكلة بالضبط من واقع علمي مدروس بعدها ننتقل الى الخطوة التالية والتي لا تقل أهمية عن الخطوة التي سبقتها هذه الخطوة متمثلة بدراسة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه المشكلة وتفاقمها وعلى ضوء الأسباب التي سوف نتوصل إليها نكون قد

وصلنا بذلك الى توصيف المشكلة وتحديد أسبابها ومن ثم ننتقل الى الخطوة الثالثة والأخيرة وهي المعالجات والاقتراحات والتوصيات اللازمة التي من شأنها إنهاء معاناة طلابنا في الخارج والقضاء على اكبر قدر ممكن اذا لم نقل جميع الإشكاليات والمعوقات والصعوبات التي تقف أمامهم .

 فمعاناة طلابنا في الخارج يمكنها ان تتجلى وتتضح بكل بساطة من خلال المطالب التي يرفعها الطلاب ومن خلال مناشداتهم والشعارات التي سئموا من ترديدها وإذا ما شاهدنا طلابنا في الجزائر والهند والمانيا وماليزيا فان مطالبهم وشعاراتهم وهتافاتهم سوف نستمر في الاعتصام حتى يتم إرسال مستحقاتنا والبعض يردد حتى تقوم الملحقية بصرف مستحقاتنا والبعض الآخر يردد حتى يتم إرسال رسومنا الدراسية والبعض منهم يطالب برفع المساعدة المالية وقد ذهب البعض منهم ونتيجة لحالة اليأس التي يعيشونها ومن شدة المعاناة التي يعانونها الى مطالب تطالب برحيل الملحق

الثقافي كما هو الحال في الجزائر والمانيا ومن هنا تتضح جليا ماهية المشكلة التي تواجه طلابنا اذ يمكننا توصيف المشكلة وبكل وضوح هنا أنها مشكلة تتلخص بالوضع المادي للطلاب فهناك طلاب لم ترسل مستحقاتهم من اليمن وهناك طلاب أرسلت مستحقاتهم إلا ان الملحقية الثقافية رافضة ان تسلمها لسبب او لأخر وبمبرر او بدون مبرر وهناك طلاب يشكون قلة المساعدة المالية ويطالبون برفعها بما يتناسب مع موجة الغلاء في البلد التي يدرسون فيها اذا يمكننا هنا ومن خلال ماسبق تفنيد وتوصيف المشكلة وتحديدها وتلخيصها بأنها مشكلة مالية بحته .

بعد ان تم تفنيد وتوصيف المشكلة وتحديدها وتلخيصها بأنها مشكلة مالية بحتة ننتقل إلى الجزء الآخر والذي لا يقل أهمية عن تحديد المشكلة وتوصيفها وهو دراسة أسباب المشكلة فما هي الأسباب والمسببات التي أدت الى ظهور هذه المشكلة ولكي نحدد الأسباب بشكل دقيق وواقعي وموضوعي بعيدا عن العواطف والجانب الحزبي او اي جانب آخر قد يحرف قضيتنا عن مسارها الصحيح وبالتالي يؤثر سلبا على النتائج التي سوف نتوصل إليه لذلك علينا ان نعود قليلا الى الوراء وبالتحديد إلى جذور المشكلة وبداياتها وكما ذكرنا المشكلة مادية بحته فجزء منها يتعلق بعدم إرسال وزارة التعليم العالي لمستحقات الطلاب والجزء الأخر يتعلق بمماطلة الملحقية لمستحقات الطلاب فالأولى لها أسبابها التي أدت الى ظهورها وهي ان وزارة التعليم العالي وحسب الروتين والنظام المتبع فيها وبعد إصدار قرار الإيفاد للطالب وحتى يتم تحويل المستحقات لذلك الطالب فان الوزارة تلزمه بالسفر الى الخارج وإرسال مذكرة من الملحقية الثقافية تفيد بان الطالب متواجد في بلد الدراسة ومنتظم في دراسته بالجامعة وبناء على هذه المذكرة المرسلة من الملحقية الى الوزارة تقوم الوزارة بتحويل مستحقات الطالب .

ورغم ظروف الطالب الصعبة والمعقدة الا أنه يتبع روتين ونظام الوزارة ويسافر إلى الخارج ويقوم بالتسجيل بالجامعة وينتظم بالدارسة ويرسل الى الملحقية افادة من جامعته تفيد بكل هذا والملحقية بدورها وبناء على مذكرة الجامعة التي أرسلها الطالب إليها تقوم بإرسال مذكرة الى الوزارة تفيد بان الطالب متواجد في بلد الدراسة ومنتظم في دراسته وتطالب بإرسال مستحقات الطالب وهنا يتفاجئ الطالب والملحقية ايضا فالمذكرة المرسلة من الملحقية الى الوزارة وللأسف الشديد وأقولها وأنا أدرك وواعي ما أقول كوني احد موظفي هذه الوزارة لا تلقى اي اهتمام او متابعه من قبل قيادة الوزارة وموظفيها على حد سوى حيث يتم رمي تلك المذكرة وبكل بساطه ودون أدنى شعور بالمسئولية الى أدراج المكاتب وكأنها نفايات ولا تلقى اي اهتمام او متابعه من جهة الوزارة وهنا الإشكالية فالطالب منتظر لمستحقاته بعد ان أرسل المذكرة المطلوبة والوزارة لا تتعامل مع المذكرة بشكل جدي إذ تهملها تماما وكأنها لم ترسل اي مذكرة من الملحقية بهذا الخصوص وكأنه لم يتم إبلاغ الطلاب ان يسافروا الى الخارج وكأنه لم يتم إصدار قرار إيفاد لهم وهنا يجد الطالب نفسه في حالة اقل ما توصف بأنها حالة هستيريا فلا يجد مصاريف المأكل والمشرب ونفقات السكن والمواصلات وبالتالي لا يجد الطالب أمامه من حل سوى ان يتجه صوب الملحقية الثقافية للاعتصام أمامها حتى يتم إرسال مستحقاته وقد ترسل مستحقاته بعد ربعين او ثلاثة أرباع وقد لا ترسل مستحقاته لا بعد سنه ولا بعد سنتين ولا بعد مائة سنه وهنا فان وزارة التعليم العالي هي الجهة الوحيدة التي تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه هذه الإشكالية وبما ان الوزارة هي سبب الإشكالية كما هو واضح فإنها مطالبة بإنهاء هذه الإشكالية وملزمة بإيقاف هذه المسرحية العبثية التي طال أمدها .

كما قلت الإشكالية تتعلق بالجانب المادي إلا ان الأمر لا يتعلق بمسألة عدم إرسال مستحقات الطلاب من قبل الوزارة فقط ففي كثير من الحالات وعندما ترسل الوزارة مستحقات الطلاب فان الملحقية الثقافية وبدون اي مبرر لا تقوم بصرفها للطالب حيث ان عدد من الملحقيات الثقافية اذا لم نقل جميعها لا تسلم المساعدة المالية (الأرباع ) للطلاب بعد ان تستلمها مباشره بل تقوم بإيداعها في حسابات البنوك من اجل استثمارها وجني الفوائد الربوية فتخيل معي أخي القارئ الكريم انه في حال أودعت الملحقية مبلغ خمس مائة الف دولار في حسابها الشخصي في البنوك كم هي الفائدة التي سوف يجنيها الملحق ومساعديه خلال هذا الأسبوع الذي أودع فيه كل هذا المبلغ في البنك طبعا الملحق ومساعديه وعند تصرفهم هذا لم يأبهوا لشئ اسمه الربا او الحلال والحرام او أنهم يؤخروا مستحقات طلاب حالتهم وظروفهم تعيسة قد يكونوا لا يجدون قيمة الأكل والمشرب فهمهم الوحيد هو كم سوف يجنون من فائدة فقط ضاربين عرض الحائط بكل شئ يمد الى الدين او الأخلاق او الإنسانية بصلة .

كما ان عدم كفاية المساعدة المالية التي ترسل لطلابنا وعدم موئمتها مع متطلبات المعيشة في بلدان الدراسة ومع موجة الغلاء التي اجتاحت عدد من البلدان واحدة من الإشكاليات والصعوبات التي تواجه طلابنا في الخارج حيث ان المساعدة المالية التي ترسل لطلابنا كل ثلاثة اشهر لاتفي لمتطلبات دراستهم ومصروفاتهم لمدة شهر واحد اي ما يصرف لثلاثة أشهر لا يفي لشهر واحد وهذا هو ما ينطبق بشكل خاص على الطلاب اليمنيين الدارسين في الهند والسودان على وجهة الخصوص حيث أنهم وللأمانة يعيشون ظروف مالية غاية في الصعوبة إذ ان المساعدة المالية ومنذ العام 2006 وحتى اليوم هي نفسها لم يتم رفعها .

ومن خلال ما سبق يمكننا الوصول إلى النتائج التالية :

*المعانات التي تواجه طلابنا في الخارج مادية بحته فمشاكلهم جميعا وفي مختلف البلدان مشاكل تتعلق بالأمور المالية.

* هناك قصور واضح من قبل وزارة التعليم العالي في القيام بواجبها ومسئولياتها الملقاة على عاتقها فيما يخص إرسال مستحقات الطلاب الموفدين ( الجدد) وهذا ناتج عن الروتين والنظام المتبع في الوزارة وناتج أيضا عن إهمال من قبل قيادة الوزارة وموظفيها وهذا يؤكد بان الآلية والروتين والنظام المتبع في الوزارة غير فاعل كما ان آلية تقييم أدى موظفي وزارة التعليم العالي و معيار الرقابة والمحاسبة هو الآخر غير فاعل .

* هناك قصور في أداء الملحقيات الثقافية في القيام بواجبها ومسئولياتها كما ان هناك عدد من الملحقيات إذا لم نقل جميعها تقوم بابتزاز طلابنا وسرقة مستحقاتهم المالية والمتاجرة بها واستثمارها .

المقترحات والتوصيات :

من خلال توصيف المشكلة وتفنيدها ومن خلال الاطلاع على اسباب المشكلة ومن خلال النتائج التي تم التوصل اليها وحتى يتم انهاء المعانات التي تواجه طلابنا في الخارج نقترح الآتي :

أولا : لقد أصبح توقيف عملية الابتعاث اليوم ضرورة وطنية ذلك ان عملية الابتعاث التي تتم من قبل وزارة التعليم العالي بعيده كل البعد عن قانون البعثات والمنح الدراسية رقم (19) لسنة 2003 وهو الأمر الذي انعكس سلبا على نوعية مخرجات الابتعاث وعدم ملائمتها لمتطلبات التنمية وسوق العمل حيث ان أكثر من 90% ممن تم إيفادهم وابتعاثهم للدراسة في الخارج يدرسون تخصصات موجودة في البلد فما هو المبرر يا ترى الذي جعل الوزارة توفد طلاب الى الخارج يدرسون إدارة او محاسبة او تربية او هندسة او او او الخ وجميع تلك التخصصات تدرس في الجامعات اليمنية بالإضافة إلى ان اغلب التخصصات التي يدرسها الطلاب تخصصات غير نادرة ليست البلد في حاجة إليها البتة وهذه مخالفة صريحة وتعدي واضح على قانون البعثات والمنح الدراسية لذلك نقترح على الوزارة الالتزام بقانون البعثات والمنح الدراسية وتطبيقه على الجميع " على ابن المسئول وابن الفلاح " .

ثانيا : على وزارة التعليم العالي إيجاد آلية لتقييم أداء موظفي وزارة التعليم العالي بشكل دوري وتفعيل دور الرقابة والمحاسبة في الوزارة .

ثالثا: إلغاء الملحقيات الثقافية بجميع الدول وتعيين موظف عادي في كل سفارة للقيام بصرف مستحقات الطلاب كل ثلاثة أشهر ذلك ان الملحق الثقافي ومساعديه يمارسون أعمال ومهما امنا صناديق ليس الا وهذا يؤكد حقيقة بأنه ليس هناك من حاجه لوجود ما يسمى ملحق ثقافي و ملحق ثقافي مساعد للشئون الأكاديمية وملحق ثقافي مساعد للشئون المالية فالمرتبات الشهرية الطائلة التي يتقاضاها هؤلاء والنفقات والاعتمادات التشغيلية الخيالية للملحقيات الثقافية إهمال وهدار وعبث بالمال العام وهنا لابد من إلغاء الملحقيات الثقافية واستغلال تلك النفقات الطائلة في تحسين أوضاع الطلاب اليمنيين في الخارج .

رابعا :في حالة تم تطبيق قانون البعثات والمنح الدراسية سوف يقتصر الابتعاث فقط على التخصصات النادرة والمطلوبة والتي لا توجد في البلد ومن ثم سوف يتضاءل ويقل إلى حد كبير عدد الموفدين وفي هذه الحالة سوف تتمكن الوزارة من رفع المنح المالية للطلاب الموفدين بما يتناسب مع متطلبات المعيشة لكل بلد وهو الأمر الذي سوف يقضي تماما على الإشكالية التي تواجه طلابنا في الخارج .