تحليل غربي يطالب السعودية التوقف عن استرضاء الحوثيين.. ويتسائل هل هزيمة الحوثيين هدف استراتيجي لترامب؟ إنفجار غامض يؤدي بحياة سوق الزنداني بمحافظة تعز ... وتضارب في أسباب الوفاه صراعات بين هوامير المسيرة بمحافظة إب: قرارات مالية تهدد أرزاق عمال النظافة وسط انقسامات حوثية استعباد للمواطنين في مناطق مليشيات الحوثي ورسائل تهديد للموظفين بخصميات مالية اذا لم يحضروا محاضرات عبدالملك الحوثي انجاز رياضي جديد لليمن توكل كرمان أمام قمة العشرين: ما يحدث في غزة حرب إبادة وتطهير عرقي عاجل: اغتيال قيادي كبير في حزب الله و رويترز تؤكد الخبر تضرر العشرات من مواقع النزوح.. الهجرة الدولية: ''مأرب التي أصبحت ملاذاً للعائلات تواجه الآن تحديات جديدة'' رئيس حزب الإصلاح اليدومي: ''الأيام القادمة تشير إلى انفراجة ونصر'' اجبار عناصر حوثية على الفرار في جبهة الكدحة غرب تعز بعد اشتباكات عنيفة مع المقاومة الوطنية
652 يوما هو كل ما يملكه الرئيس هادي لاستكمال تغيير خارطة اليمن السياسية و الاقتصادية والاجتماعية نحو الأفضل ، وهي في الحقيقة فتره ليست بالكافية لصنع التغيير المنشود ولكنها وفي ظل الأوضاع الحالية والالتفاف الشعبي الكبير التي تحظى به القيادة السياسية الحالية للبلاد من الداخل والخارج كافية لوضع معالم وأسس هذا التغيير وهو العنصر والحدث الأهم في الوقت الراهن.
لقد واجه النظام السابق أقسى وأعتى أزمة مر بها خلال فترة حكمه الطويل وعاش خلال السنة الماضية بين خيارات السيء والأسوأ وعاشت اليمن معه حالة من انسداد الأفق السياسي بين جميع أطراف العملية السياسية حتى تدخل الأشقاء والأصدقاء وأجبرت الأطراف السياسية على ان تلم شتات شعثها على طاولة الوفاق الوطني ، ولكن السؤال الذي كان يطرح نفسه هو هل يدرك الرئيس هادي هذه النداءات والملفات الوطنية التي تنتظره والإدراك لا نقصد به العلم فيقينا هو على معرفة بهذه الملفات ولكن ما نقصده بالإدراك هنا هو هل اعد العدة للتعامل معها خصوصا وان خارطة الوفاق الوطني التي تمت برعاية إقليمية ودوليه لم تفرد لهذه النداءات العاجلة مساحة في وفاق خصوم الأمس وشركاء اليوم.
النداء الأول .. قضية الجنوب
تحت سقف المطالب الحقوقية من قضية الأراضي الى إشكالية المتقاعدين العسكريين والمدنيين الى ملف الفساد كان هذا هو الرماد الساخن الذي يتم عليه طباخة طبق المنادة بالانفصال وفك الارتباط من قبل السياسيين الذين فقدوا يقينا دولة كانت تحت حكمهم و خرجوا من انتخابات 93 م بما يقارب 20% من كعكة الحكم مما جعل الأمور تسير نحو أزمة ساسية توجت بحرب 94م و خروج الحاكم الجنوبي من المشهد السياسي برمته .
للأسف الطبقة السياسية الحاكمة في الشمال لم تأخذ الأمور بالدراسة و إتخاذ الخطوات اللازمة لترميم الشرخ الاجتماعي والسياسي الذي اتسع يوما بعد أخر ، وإنما للأسف اتخذ الأمر طابعا أخر وهو توسع سيطرة النفوذ السياسي والمالي على رقعة جنوب الوطن وإن كنت لا أعتقد ان ذلك كان ممارسة ممنهجة للنظام الحاكم بقدر ما هي عملية ممارسات فردية وغياب لدور الدولة في رسم سياسات صحيحة للتعامل مع جنوب الوطن ، فاتسعت لتكون ممارسات سياسية واجتماعية مرتبطة بشبكة قوية من مصالح المتنفذين في شمال الوطن وجنوبه على حد سواء.
اليوم القضية الجنوبية أصبحت شائكة ومعقدة بفعل ممارسات عقدين من الزمن بالإضافة الى عدم وضوح الرؤية لدى من ينادون بالانفصال من ماذا يريدون بالضبط ، حيث أن حيثيات قرارهم هو حقوقي بالمقام الأول فعند استقراء الإجابة لماذا الانفصال ؟ نجد الحديث يتجه نحو غياب العدالة و المواطنة المتساوية و المقارنه بين امتيازات الشمال على الجنوب (وهي بالمناسبة امتيازات غير حقيقة بل ان الأوضاع في مناطق الشمال اسوء بكثير من مناطق الجنوب) وهو ما يجعل المطالبة بالانفصال غير مبرر في حال توفرت العدالة الاجتماعية و المواطنة المتساوية و تم حل الإشكالات الحقوقية المتمثلة في الأراضي والمظالم الشخصية.
"انتم تتاجرون بالمناصب ونحن سنتاجر بالسياسة " عبارة قالها احد قادة الحراك وتوضح بجلاء العقلية السياسية التي يفكر بها الطرفان ولذا فان الأسباب التي تقف خلف هذه المطالب هي أسباب سياسية بامتياز و رغم أن هناك أبعاد متعدده للقضية الجنوبية و لكن اعتقد ان مدخل الأبعاد كلها هو البعد الحقوقي والبعد السياسي وعليه فعلى قيادة الدولة ممثلة برئيس الدولة و رئيس الحكومة التعامل مع هذا الملف بجدية و رصانة ومن خلال دراسة بحثية حقيقة و وضع خطة مزمنة لحل هذه الإشكالية بعيدا عن المسكنات الموضعية والتعامل بالفعل ورد الفعل وصفقات الوقت القصير.
النداء الثاني ..قضية الحوثيين
تمثل هذه القضية خطورة كون استنادها يقوم على أساس عقدي ديني مناطقي ويعتمد التعصب الديني ورقته الرابحة وهو ما يمثل خطورة على بنية المجتمع الاجتماعية ، وكون الدماء كانت للأسف هي وقود التعامل في هذه القضية مما يجعل عامل الزمن هو العامل الاهم في تجاوز إصرارها وأغلالها في المستقبل وذلك لن يكون الا بالتعامل الصحيح والمتوزان والذي يعتمد منطق التنمية في هذه المناطق كأساس للحل مع حرية التدين والاعتقاد ، ان التنمية هي البلسم الحقيقي الذي سيجعل الجميع يفكر بعقلية مختلفه قائمة على بعد الحفاظ على المصالح المتحققة ، وفتح باب الحوار العميق القائم على التعاضد والتكامل الذي يحقق لكل الأطراف مكاسبها وليس الحوار القائم على تعميق هوة الاختلاف والتباين.
تجدر الإشارة في هذا المقام الى أهمية ابتعاد التعامل برد الفعل الديني والمذهبي والمناطقي والحزبي والذي يظهر انه يسود الساحة اليوم وهو الأمر الذي دون شك سيؤدي الى تعقيد المشكلة وإبعادها عن مرامي الحلول الى تسجيل الخصوم أهداف الفعل ورد الفعل.
النداء الثالث .. ملف الاقتصاد والحياة الكريمة للمواطن
إن ملف الاقتصاد يعتبر هو الملف الأخطر والاهم في مبارة اليوم السياسية كون كل المشاكل تذهب وتعود الى مربع الاقتصاد بشكل أو بأخر وخصوصا ان هذا الملف مرتبط بأهم ملف وهو ملف الفساد المنتشر في كل مفاصل الدولة وأركانها ، وكون موارد الدولة لا تكفي للاستجابة لتحديات الوقت الراهن فيقع على عاتق الرئيس القادم وحكومته التعامل مع الملف من بعدين ، البعد الأول يكمن في أهمية التعامل مع التحديات الاقتصادية قصيرة الأجل مع عدم الانجرار الى مربع الاستجابة للطواري و البعد الثاني هو وضع خطط طويلة الأجل تعمل على تخليص اليمن من نكبته الاقتصادية و المتمثلة في البطالة والفقر و سوء الخدمات المركزية والمحلية .
النداء الرابع ..الفساد ، الفساد ، الفساد
لم تخرج الجموع الى الساحات و لم تتوالد فصائل الحراك الا من رحم الفساد و لذا فهو المباراة السياسية الأهم التي يجب على هادي ان يلعبها باحتراف حتى يودع في رصيد نقاط الثقة لدى المواطن اليمني من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب .
ملف الفساد ملف مليء بأشواك أصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وهو شبكة صعبة الاختراق وتحتاج الى لاعبين محترفين و فريق استثنائي أهم صفاته هي النزاهة وحب الوطن وهو ما يجب على هادي ان يبحث عنه ويتبناه مدركا ان الوقت يمضي في غير صالحه للأسف حيث ان صراع القوى السياسية قد يشغل جل وقته خصوصا مع إشكالية انقسام الجيش و أهمية إعادة هكليته وهو احد أهم التحديات التي تجري مبارياتها اليوم
من خلال هذه النداءات يتضح فعلا أهمية الانتقال من سياسة ردود الفعل ومراضاة أطراف العملية السياسية الى رسم رؤية وطنية مقرونة بخطة عمل يقودها الرئيس القادم وتنفذها حكومة الوفاق من خلال خلق حشد ودعم شعبي يحقق في نهاية المطاف دوران عجلة التنمية في كافة أركان ومفاصل الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهذا دون يتطلب فريق عمل استثنائي يتسم بالانسجام وهو ما اعتقد انه (عدم الانسجام ) احد إشكالات اليوم السياسية .
صحيح أن نداءات المرحلة من الأهمية بمكان و تقع في مربع الأمور الطارئة والعاجلة الا انه أيضاً يتوجب على الرئيس اليوم القفز فوق حاجز الزمن من خلال تجاوزها الى رؤية ابعد وهي وضع الأسس الإستراتيجية لبناء حركة حياة وطنية جديدة للنهوض في شتى مناحي الحياة وخصوصا الجوانب التعليمية والصحية والتي تمثل الرافد الداعم لعملية البناء على المدى الطويل وله في سلفه ابراهيم الحمدي طريق يلتمسه فقد تميز بقيادة تحويلية صنعت بصمة ما زالت أثارها الى اليوم.
نسأل الله لك "هادي" التوفيق وحسن العمل