محاولة لفهم ما قد مضى: عن هيكلة الثورة
بقلم/ بشرى المقطري
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 25 يوماً
الخميس 22 مارس - آذار 2012 04:48 م

مازلت أذكر مجزرة جمعة الكرامة بكثير من الخيبة والعجز، عجز الكائن غير القادر على تغيير شروط الموت أو معرفة الحقيقة التي نختبئ خلفها الآن بلا حياء ونتجاذبها باستسهال كلما تقيحت ذاكرتنا بالحمى، مازلت أذكر بحنين جارف الشهداء: عبد الباسط المشولي وجمال الشرعبي ويفوز الحكيمي وآخرين سقطوا عند لمعة شرارة الموت في سباق ماراثوني لجنون النظام الأعمى، لبشاعة القتل الممنهج من فوق الأسطح والأزقة والبيوت والشوارع المعبأة بالحقد، كنت أدرك أن في هذا العالم أسباباً عديدة للحزن وقلة الحيلة، وأنا أفكر في ذكرى مرورهم، كم عليَّ أن أحيا لأتخلص من كابوسية تلك المشاهد حتى أمتص هول صدمة الفقد لشباب كانوا أروع منا، وكنا نعرفهم واحداً واحدا، وكانوا جديرين بأحلام ثورة بيضاء وحياة مكتملة، لكن كل شيء يتم الاعتياد عليه الآن في التداول السلمي للمجازر والمآسي والنكبات، وأذكر أيضاً بأني يومها كنت أتابع بحماس" قناة سهيل" وهي تبث آلام المسيح اليمني في طريق الجلجلة ويهوذا على بعد خطوتين منه لكنها بالطبع ليست سهيل الآن، كان هناك معنى جنائزي لتلك الخطب التي تبثها سهيل فتأتي مشحونة بطزاجة الحزن الذي لا يُبلى، وكان هناك معنى نبيل لهشهشات المذيع وهو يبكي محصياً شهداء "جمعة الكرامة"، ولم نكن في زمان الثورة الأول قد دخل الشهداء قوائم الأحزاب الضيقة ليتم اقتسامهم كغنائم للتسويق السياسي، لم يكن الشهداء من حزب الإصلاح ولا من الحراك السلمي ولا من الحوثيين ولا من الشباب المستقل، كنا ما نزال نعيش في أرض الصف الواحد ولم نطرد بعد من الجنة، كانوا "هم" على اختلاف مدنهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية شهداء الوطن اليمني، شهداء إسقاط النظام بكل رموزه ومكوناته، كانت هناك حميمية المشاعر الثكلى التي تحاول توصيف الجريمة الأولى التي هزت الوطن اليمني والعالم...

والعالم غير بعيد عنا كان يعيش صدمتنا، ويعي استثنائية هذه المجزرة فما قبل جمعة الكرامة ليس كما بعدها، فهذه المجزرة كانت الضربة الأخيرة في نعش النظام المتهاوي. ضربة لم يحسب تبعاتها، وكانت كفيلة بترحيله "سلمياً" لولا تدخل الجارة بكل الطرق لتعيد نسج أواصر قوة لنظام أصبح معزولاً دولياً منذ ذلك اليوم، محاولة امتصاص ردود الأفعال الغاضبة للقوى الدولية حتى تمر العاصفة...

لكن العاصفة لم تأت من النظام المرتبك المفلس أخلاقياً وسياسياً، وإنما هبت من جهة أخرى، ففي الـ 21 من مارس 2011م انضم علي محسن الأحمر إلى الثورة السلمية، ولم يدرك الشباب أن هذه العاصفة ستسحب البساط من تحت أقدامهم وستجعلهم وحيدين مع أوهامهم الثورية، وأنه منذ هذا التاريخ ستدخل الثورة نفقاً مظلماً وستخضع لمساومات اللعبة السياسية وانتهاء بقبول المبادرة الخليجية، لأن كل شيء بدأ مع ذلك اليوم البعيد، لكن عيوننا كانت مغمضة من هول المجزرة، وإذا أردنا العودة لذلك اليوم لإعادة تركيب حقائق الثورة وتغيير المسار النهائي الذي وصلت إليه، أليس سنبدأ من هذا التاريخ الفارق، وسنفكر بشكل معكوس: ماذا لو لم ينضم علي محسن إلى الثورة وظل مع علي عبدالله صالح يدافع عنه حتى الرمق الأخير وهو الذي سنده في كل المنعطفات التاريخية الأشد دراماتيكية؟ أليست الثورة حينها ستكون سلمية أمام المجتمع الدولي الذي لن يضطر لفرض المبادرة الخليجية بالقوة الناعمة؟ ألسنا كنا سنستطيع الدفاع عن سلمية الثورة وتسويقها داخلياً لاجتذاب الفئة الصامتة، وخارجياً كما فعل المصريون والتونسيون مع ثورتهم؟. كانت الأمور ستكون منطقية، كل أركان النظام يحارب الثورة الوليدة التي جاءت لتغيير مراكز القوة الضاربة جذورها في عمق المجتمع اليمني؟. ومن ناحية أخرى هل كانت الثورة اليمنية تحتاج لحامٍ كما يزعم البعض؟ هل علي محسن حمى الثورة اليمنية أم احتمى بها من تاريخ غير مشرف كان يلاحقه وأراد أن يمسح جرائمه بماسحة الثورة؟ هل كان المنقذ أو " الهادي المنتظر" لثورة شبابية بُحت أصوات شبابها وهم يهتفون كل يوم بسلميتها أم كان مسماراً صدئاً في خاصرة الثورة؟..لكن أليس علي عبد الله صالح هو المستفيد الأكبر من انضمام علي محسن أمام الرأي العام الداخلي والدولي، وبذكاء جعل من رواية"الجيش المنشق" فزاعة وورقة رابحة في المساومات المظلمة التي دخلتها الثورة،.

لست هنا في معرض النيل من علي محسن، أو التشكيك في دوافع انضمامه وإن كان لي الحق في قراءة التحول الذي تعرضت له الثورة بعد دخوله معترك المشهد السياسي، وكان الأمر بالنسبة لي متوقعاً في ضوء واقع يمني يعيد إنتاج قواه التقليدية، لكني من ناحية أخرى أجد أن الإجابة على هذه التساؤلات ستجعلنا نعيد تشريح الثورة اليمنية وإعادة تركيبها وفق ما يحلو لنا، شخصياً أعتقد أن انضمام علي محسن قد خلق منعطفاً تاريخياً في الثورة لم تكن لنا يد فيه، وحول هذه الثورة البيضاء في الظاهر من مجرد ثورة شعب إلى صراع مستحكم ما بين جبهتين عسكريتين تتجاذبان إدارة الصراع منذ ما قبل الثورة بزمن، مما خلق توازناً حقيقياً للرعب في صنعاء بعد شهر من جمعة الكرامة، ولم يستطع الثوار السلميون في ساحة صنعاء زحزحة القوى المتجبرة التي أدخلت الثورة في يد كماشة، وأصبح الشباب الذين أشعلوا الثورة مجرد لاعبين خلفيين لا أهمية لهم، أو كمبارس في عتمة المشهد الذي تزايد بشكل دموي، ويبدو أن انضمام علي محسن قد فتح شهية كثير من الفاسدين من نواب وسياسيين ومثقفين ورجال أعمال من نظام صالح للالتحاق بالثورة بدون مساءلة، وأصبحت الثورة منذ ذلك اليوم المشهود مجرد مغسلة لكل من تلطخت أيديهم بالدماء، وعلى من يرغب أن ينجو بنفسه من السفينة الغارقة الالتحاق بركاب الثورة وفي الصفوف الأولى: شيخاً أو عسكرياً أو رجل دين، فليس الفأر وحده من سيبقى في السفينة الغارقة.

لكن السفينة لم تغرق حتى الآن، ولم يكن مشهد الدماء في جمعة الكرامة كفيلاً بأن يجعلها تغرق غير مأسوفٍ عليها، إذ أن حِسبة اللاعبين الإقليميين والدوليين ليست طيبة، وما هي أيام قليلة حتى عاد من انضم إلى الثورة وتراجعوا عن تصريحاتهم لأنهم أدركوا أن بانضمام علي محسن تستطيع القوى المتآمرة إعادة خلق اصطفاف للقوى المضادة للثورة من داخل رحم الثورة، والتي ستؤدي لتآكل القوة الوطنية المدنية القادرة على حمل مشعل التغيير، فأصبحت الساحات وميادين الحرية تعيد تكريس النظام القديم بأركانه القبلية والعسكرية والدينية القائمة على عقلية الإقصاء والتخندق والاحتكام للقوة وتكفير وتخوين الآخر المختلف.

كان السياسيون يدركون أن انضمام علي محسن قد غير قواعد اللعبة وما يراه البعض أنه عنصر قوة للثورة، وأنه يحتاج لتمثال بشري هائل الأبعاد وفاءً وعرفاناً لدوره التاريخي، فإن هذا الرأي المضحك قد لانستغربه في ضوء الاستقطابات السياسية والعسكرية والقبلية لخلق تحالفات جديدة لبعض القوى في المرحلة الانتقالية، لكن وفي غضون هذا الفهم المتطرف لأحداث الثورة اليمنية. أليس من حق شباب الساحات خلق تغيير طفيف على سطح التاريخ اليمني الموغل باليأس والتشظي، إذ كنا نتمنى أن نحصل على ثورة كاملة عبر سلميتنا وليس عبر دائرة العنف كما روجت لها بعض قوة الثورة، وهم يشحنون أعصابنا بالزحف والحسم والتصعيد الثوري عبر الشوارع والأزقة والمجاري وحتى غرف النوم، حتى أصبحنا مجرد قطيع خراف حزينة في الجمع المتكاثرة والتي تحتاج تسمياتها الغريبة لأن تضحك حتى نهاية العالم، وكنا في تلك الجمع " مسلوبي إرادة الفعل الثوري" نردد كبهلوانات كل ما يجيء من سقف المنصة والمساجد والقنوات الإعلامية حتى أنهكنا من الفرجة والتصفيق. أليس علينا وبعد عام كامل جرى فيه ما جرى أن نؤسس لفهم هذا الواقع الغرائبي الذي انتجه انضمام علي محسن وصولاً إلى واقع ما بعد 21 فبراير ، ومن ناحية أخرى أليس علينا أن نضع تصويبات الفهم العاثر ونعترف بأننا تغذينا على كثير من الأوهام كنوع من تكريس ثقافة الاعتراف لفهم المتغيرات التي يجب أن نتعامل معها لخلق آليات جديدة للعمل الثوري.

من أشد الأوهام سذاجة في اعتقادي وهم الحسم الثوري الذي ظل يسكننا، وأنا لا أتحدث عن عفوية الشباب الذي يرى في الحسم الشبابي طريقة للخلاص الأبيض والمسالم من انتهازية القوى السياسية والعسكرية والقبلية والدينية المنضمة للثورة، بل أتحدث عن تصديقنا لوهم السياسي المزايد الذي كان يحتطب على دمائنا في تصعيد عبثي، كلما انغلقت نوافذ الغرف المغلقة لتحسين شروط التفاوض، كانت قليلاً من أخلاق سياسيينا الجهابذة الذين وقعوا على المبادرة كفيلة بتطييب الخاطر وأن لا يتحدثوا عن التصعيد، والعمل الثوري، كنت أتمنى أن يقنعنا هؤلاء بأن التسوية السياسية -بعد انضمام علي محسن- الحل الوحيد لسلمية التحول الديمقراطي، وأن المبادرة هي ثورة الفرصة الأخيرة وأنها الحتمية السياسية التي لا نستطيع منها فكاكاً مهما فعلنا، كانت ندوات في الساحات كفيلة بهز رؤوسنا المتبلدة، بدلا من أن نظل نصارع طواحين هراء أحلامنا البسيطة، وأن خرافات الحسم الثوري التي كنا نحكيها لأنفسنا ليست سوى أحلام ما قبل النوم، وأنه في واقع معقد كبلادنا، واقع نفوذ الجيش المنقسم على بعضه والقبائل المنقسمة على بعضها وأمراء الحرب علينا أن نتقبل ما حتمية الواقع حتى ننفذ بجلد أحلامنا بهدوء وبدون مرارة، كان قليل من الكلام المهذب، قليل من تصويب الفهم سيجعلنا أكثر قناعة بما حدث، وكنا سننجو من زيف أوهامنا الطيبة.

في فاتورة الدم المكلفة التي دفعها الشهداء والجرحى ليس وهم يتنزهون تحت شمس باردة، كانوا يؤمنون بأن بتضحياتهم النبيلة ستُسقط ليس رأس النظام فقط وإنما كل قبائل الفيد المتنازعة، وكل أباطرة الجيش والعسكر، وتجار الدين، كانوا يدركون أن دماءهم الزكية ستدشن وطناً يمنياً جميلاً بدون المشوهين الذين أكلوا الأخضر واليابس، وأن بطيب دمائهم سيفتحون فصلاً جديداً لحياة مدنية يعيش فيها أبناؤهم وأحفادهم وفق حياة كريمة وآمنة، حياة تتسع للجميع، لكن في بلادنا، لا تحدث الأمور هكذا، ببساطة الأمنيات الطيبة، فكل شيء يحدث بالتقسيط المريح جداً، ففاتورة الدم لم تذهب بعد، وفي واقع سياسي هش ومخلخل ستبدو التسويات السياسية-المبادرة الخليجية- فقط تعالج شكل الصراع الظاهر ولا تعالج عمق قشرة المجتمع اليمني التي ينخر فيها السوس والكائنات الطفيلية التي تمتص دماء هذا الوطن منذ أكثر منذ ثلاثين عاماً، هذا النظام الذي تجذر الآن بعد الـ21 من فبراير بشكل يدعو للرثاء..

فيمن ما بعد 21 فبراير ليس كيمن ما قبل الـ21 فبراير، سترى شكل النظام الجديد في صور الرئيس التوافقي أينما وجهت عينيك ورأسك في محاولة فريدة لتغيير بؤس المشهد، بنفس مساحة صور الديكتاتور القديم، وبنفس خلفية الإضاءة، ونفس الشعارات السابقة التي لا تجعل لك خياراً في النظر أو حتى في الضحك على كيف تؤول الأمور في بلادنا لهذه السخرية المريرة، في الظاهر أيضاً ربما أزيلت بعض المتاريس في صنعاء، لكن المتاريس ذاتها مازالت في القلب، ستراها في عيون الجنود المتمركزين في شارع هائل وفي الرباط وفي الساحات وفي خلفية السبعين، وستراها أيضاً في جولة المصباحي حيث منزل الوريث السابق ولن تستطيع مد قامتك في هذا الجو المشحون بالعداء الذي يعزز واقعاً سياسياً واجتماعياً مفتوحاً على احتمالات أكثر مأساوية، فلغة الاصطفاف والتخندق والحقد ستجدها في كل مكان تذهب إليه، لأن مراكز القوى التي تربعت على حكم على اليمن ونهبه مازالت على حالها.. ولم تهزها الثورة أو تحدث خلخلة في سطح مائها الآسن، لم يستطع الشباب المتعبون في كل الساحات والميادين من الاقتراب من بروجها الحصينة والمحصنة بقوة المال والسلاح والدين والإعلام الرخيص.

في يمن ما بعد الـ 21 من فبراير، سيحاول رأس السلطة الدينية أن يعيد إنتاج الإرهاب الديني العابر لليمن عبر فتاوى الجهاد في سوريا أو فتاوى التكفير لكل من خالفهم، كمحاولة بائسة لأن يكون لهم دور سياسي بعد أن أدرك الجميع بأنهم لم يكونوا سوى جزء من النظام القديم الذي تفيد الجنوب في الـ94م، وسترى أيضاً السلفيين يحاولون نسخ التجربة المصرية بتمويل سعودي لحصد ما تبقى من خيرات هذا الزمن الحامض، وستسمع أيضاً بعض الحوثيين يتحدثون عن مدينة صعدة باعتبارها عاصمة الزيدية الأولى وشمسها التي لاتغيب، ليكون المشهد السياسي والديني في اليمن مربكاً، بل ومحبطاً، وستبرز كما هو الآن دعوات الجهوية والفئوية والهويات الضيقة الصاعدة وإعادة لإنتاج منظومة التخلف الديني والسياسي والفكري الذي خرج شباب الثورة لإسقاط هذه الرؤى الماضوية الكهنوتية الخارجة عن ركاب التاريخ والحضارة..

في يمن ما بعد 21 من فبراير، ستكون الجنوب مسرحاً لصراع الإرادات، وحديقة خلفية لاختبار قوة بعض القوة السياسية وقدرتها على التجييش والحشد وخلط الأوراق، وستكون القضية الجنوبية جرحاً مفتوحاً لتأويل سيء لكل من يعتبر أن الوحدة خط أحمر يجب الدفاع عنه وأنها المعركة الأخيرة لإثبات القوة، وسيبدو جلباب أنصار الشريعة واسعاً في الشارع الجنوبي ليدخل فيه من يشاء، وستكون أبين مدينة مغلقة ولن يثير جثة حسن ناجي النقيب المصلوب على عمود كهربائي أي ردة فعل في الداخل اليمني المطحلب، وستقتنع آن ما يحدث في أبين خارج جاهزية العقل لاستيعاب غول ديني معولم يفتك بكل ما حوله، وستحاول كل أطراف القوى المتصارعة غض الطرف عما يحدث في أبين المستباحة اتباعاً لسياسية التقية.

في يمن ما بعــد الـ21 من فبراير، ستدفع تعز ضريبة تفجيرها للثورة واستمرارها في الفعل الثوري اليومي الرافض لكل أشكال التوافقيات السياسية، ستدفع تعز ضريبة مدنيتها وعدم انجرارها للعنف، وصمودها ضد معاول الهدم السياسي والاجتماعي، ولذاك أصبحت تعز الآن مسرحاً لوكلاء الحرب بالإنابة الذين يديرون معاركهم من قصور صنعاء ومن المقرات الضيقة المعبأة بالأسلحة. محاولين كسر إرادة هذه المدينة وإنهاكها مرة أخرى، وفي واقع لم تشهده المدينة أبداً في تاريخها، سترى في عينيك المذهولتين المسلحين في كل مكان تذهب إليه، في الحافلات العمومية، وفي الأسواق، وفي الحدائق، والشوارع، والأزقة، وفي المقرات الحكومية، وفي الجامعات، وفي الفضاء المعبأ بالبارود، سيكون صوت الرصاص هو الصوت الوحيد الذي ستسمعه في ليل تعز المذعور. وسيصبح حادث مقتل الراحل الأمريكي العزيز "جوبل شرم " مشهداً عادياً ولا يستفز سلمية أبنائها ومثقفيها..

لكن في يمن الـ 21 من فبراير وبعيداً عن كل أزمات الواقع اليمني الجديد.ستتخلق إرادة شبابية جديدة لجيل رائع بامتياز، وإنساني بامتياز، ومدهش بامتياز، جيل شب عن طوق الخوف والأحقاد باكراً، جيل لا يقبل بأنصاف الحلول، أو أن تسلب إرادته من جديد على يد هذه القوى التي أصبحت خارج الزمن والتاريخ، جيل أقوى من تجار الموت والخراب الذين يريدون أن يستمر صراع الحياة ما بين سلطة السبعين وسلطة الحصبة، جيل غير قطيعي لا يرتهن لخطاب الصوت العالي الذي يجعل من نفسه مرجعية لواحدية الثورة، جيل أقوى من الزعامات التاريخية المشوهة التي نخلت قلوبنا وأجسادنا وأحلامنا على مدى عقود وعقود من اليتم والتجبر والقهر السياسي والاجتماعي والديني، جيل سيظل يهتف: الشعب يريد إسقاط النظام والعسكر والدين الكهنوتي والزعامات التاريخية الفارغة، والحقد، والخراب، وسوء النية، الشعب يريد أن يعيش، سيهتف الآن بقوته، وجبروته انتصاراً لدماء الشهداء أينما سقطوا، انتصاراً للحياة..سيهتف ويهتف حتى تسمعه إرادة السماء..

*ساحة التغيير -صنعاء