مشاهد.. قصص وحكايات
بقلم/ ياسمين شملاوي
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 11 يوماً
الأربعاء 27 فبراير-شباط 2008 08:19 م

مأرب برس - خاص

الشاكوش :

أبو راس ليس بمعول أو فاس .. ليس دبوسا ولا صاروخا ولا من الناس .. لا يملك عقلا ولا فكرا ولا إحساس .. لا يميز بين الزجاج والماس ...يبني هنا ويهدم هناك .. شديد الفعل والباس .. يمشي أو يرك ض وفي الحالين آه ... صديق الخشب وعدو المسمار .. كل الرؤوس عنده سيان .. فالضرب والسحق والبطش سمة ورثها عن الإنسان ..!!؟

القهوة :

أبو غريب هو من بلاد عربية ضاع منذ القضية في بلاد منسية لا يحمل فيها اسم أو هوية لا يعرف ولدا ولا صبية ... دلت علية حروف آسمه الكنعانية .. وملابسه الأموية .. يحمل دلته الذهبية بين يديه المقدسية لماعة براقة شرقية .. وصوت فناجينه الرنانة تعزف في الآذن أنغاما أندلسية.. يناديك من بعيد هيـــــــــا .. هيـــــــــا..تناول قهوتي العربية.

القمامة :

هي مآوى لكل كلب وهر وجرذ وفار ... وهي أيضا مصدر الرزق لأبي العباس.. يلتقط منها الملاعق الفضية والأواني البلاستيكية والحديد والنحاس ، وبالمعية بعض الآفات والبكتريا والسرطان " غير آبه بحلال أو حرام ولا مميز بين سيئات وحسنات " كل همه كم يبيع هذا وكم يشترى ذاك ... !...

قرر الزواج ووجد ابنة الحلال .. وشيد بيتا من صفيح وحديد وبعض جدران ، من دون باب أو شباك أو حمام ، ورزق بالبنين والبنات .. لم يدخلوا مدرسة ولم يركبوا سيارة أو باصا ... ولدوا .. زحفوا .. كبروا .. لعبوا ... فوق أكوام الزبالة والأكياس ..

طلاب المدرسة قادمون .. المعلم يشرح لهم مخاطر البيئة ونقص الأوزون...

أبناء أبو العباس حذرون ... يراقبون .. حائرون ... ثم من غير سابق إنذار ينقضون .. يشخرون .. يعضون والدماء يسيلون ...

والى مراكز العلاج التلامذة ينقلون .. وطبيب البيطرية والشرطة و ذوي الاختصاص إلى المكب يهرعون ... وبعد حين يدركون .. أنهم اخذوا العدوى من باقي طعام .. المنعمين والمتخمين وفي الجبال مقيمون..ولكل جميل سارقون...

الفنان :

أبو ندمان مطرب وعازف عود وكمان، من أيام زمان يشرب الخمرة من غير حسبان ، يضعها في الثلاجة في العود في الجيب و تحت الوسادة ..وفي كل مكان... فهو لها عاشق ولهان ..وبدونها حائر سكران...

يستجلب بها الطرب والحنان ويشدو بأجمل الألحان ويستدعي ... الأفراح والأحزان للصحب والخلان ....غير ابه بزمان أو مكان أو ما كان..

يلبس جاكيتا واسعا وربطة عنق قصيرة وبنطالا طويلا يجر على الأرض ويغطي الحذاء ، يضع نظارته السوداء و يرفض خلعها حتى وقت الأكل أو النوم أو الحمام ...

 وفي لحظة شجون ومجون سأله احد الخلان ... أي فنان ..!!

ما رأيك أن تغني لنا أغنية السلام ..

ضحك و ضحك و ضحك ... وشهق ... وكان هذا آخر عهده بالحياة ..

اليوم يحدثون انه قضى بذبحة صدرية أول حرف من اسمها...!! سلام !!... 

 

البركة :

الاسم ( عبد السلام ) والكنية (البركة ) ... ولد كباقي الغلمان .. يقرأ يكتب يفرح يغضب .. يلبس الجديد ويذهب إلى مراجيح العيد ...

وفي ليلة ليلاء .. خرج ليحضر لوالدته غلوة من شاي .. .

فجأة سمع صراخ الجنود ونباح الكلاب .. هجموا عليه ..

مزقوا الثياب ..واغرسوا الأنياب

حملوه .. كبلوه .. سجنوه ..ضربوه ... ثم الجحيم صلوه .. فقد عقله فخلوه ..

اليوم يعدو بالحارات القديمة .. بخفة غريبة عجيبة .. لا يعرف قوانين المرور يرفض الجلوس ودائم العبوس ولا يطيق الفرح والسرور ...

يحبه الصغار والكبار ... ويتبارك به التجار .. يخاف من الأشياء والأصوات والحيوانات .. والعتمة .. وجند الاحتلال ...

نادوا عليه ..استوقفوه .. ومن ثم أردوه ..

لم يجدوا معه سوى بعض السجائر والشواقل وحجاب حصن الحصين ...

نيرون :

أبو فهمي .. ويحلو له أن يسمي نفسه بالخبير أو المستشار .. ويسعد حين يقال عنه الكاتب أو الصحفي أو مقدم الأخبار ...

يقرأ .. يعبس ... يدمدم ... ودون مقدمات ... يشكك بالنص أو الكاتب و كل الأفكار ... ليس إلا من باب المعارضة ولفت الأنظار...

يرفض المقارنة أو المفارقة أو الموازنة ... ولا يسمع إلا صدى نفسه في العشية والمساء ... وحياته فقرا وبؤسا وتجوز فيه الصدقة والإحسان ...

هجرته زوجته والأولاد والأصدقاء ..

 وفي كل يوم وقبيل النوم ... يقرأ عن نيرون وروما.. ويختم ..

( هكذا شأن العظماء )

الخيانة :

الكريستال أقراص ذات أشكال وأحجام وألوان تجدها في الصيدلية وعلى البسطة.. وفي كل مكان تستعمل دواء لكل داء ،لها وقع السحر في العقول والأبدان .

( أم ناصر) تعطيها للأبناء قبل النوم والأكل والامتحان وحتى لوجع الأسنان.

وجند الاحتلال يضعونها في الجيب قرب القلب ليذهبوا عنهم الخوف ويستجلبوا بعض الأمن والأمان..

الابن ( فالح ) وقع في حبائل الخيانة ..وامتهن الرجس وعمل الشيطان.

فباع أرضا وهتك عرضا وهان عليه ما هان.. وتسبب في الموت والقهر والدم وكل هول..واستكان..

أراد التوبة أخذ قرصا ..قرصين ..ثلاثة وعاد لنفس المنوال.. تناول عشرة وعشرون وكل ما في المكان ..بعدد الذنوب والآثام وطلب الغفران...

فقضى في التو والحال بانفجار المعدة والأمعاء ..وتوقف الدم عن الجريان.

ووالدته ما فتئت تدعو له بالمغفرة من السميع الشفيع ذو العدل والميزان غافر الذنوب والآثام.. كل يوم هو في شآن..

ياسمين شملاوي – أصغر كاتبه فلسطينية – بريد الكتروني:
ghsansh@hotmail.com