مجلس القيادة.. غياب الدور وإطالة أمد الحرب
بقلم/ عدنان غيلان
نشر منذ: 7 ساعات و 53 دقيقة
السبت 15 فبراير-شباط 2025 05:27 م
 

منذ تشكيله في أبريل 2022، لم يستغل مجلس القيادة الرئاسي الفرص المتاحة لترتيب الصفوف، ودمج القوات والتشكيلات في إطار مؤسسات الدولة، وحشد الدعم الدولي والعربي لتحرير العاصمة صنعاء والقضاء على ميليشيا الحوثي، وهو ما أدى إلى إطالة أمد الحرب وخلق فرص حياة جديدة للميليشيا الحوثية.

 

الأمر الأكثر استغراب أن القيادة المعترف بها دوليًا، ممثلة بمجلس القيادة، تبدو الطرف الأقل تفاعلًا مع جهود الحشد لاستكمال التحرير، رغم أنه المعني الأول بقيادة المعركة الوطنية.

وهذا الغياب عن المشهد الميداني وعدم التواجد الفعلي على الأرض يعكس انقسامات داخل المجلس ذاته قد تكون الخلافات بين أطرافه أعاقت اتخاذ قرارات تدفع بالمعركة نحو الحسم بالإضافة إلى العوامل الدولية التي تؤثر على سير المعركة.

  

وساهم تعدد التشكيلات والكيانات العسكرية والسياسية المتشرذمة في نمو الحسابات الخاصة وتعميق الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي ومكونات معسكر الشرعية وهو ما يظهر بوضوح في مواقف بعض أعضائه تجاه معركة التحرير و افتعال الأزمات داخل المحافظات المحررة ومع الحكومة واستخدام الشعارات المناطقية والمشاريع الانفصالية، يفسر أن بعض الأطراف ترى أن استكمال التحرير يعني نهاية نفوذها ومشاريعها الخاصة التي تبنيها على حساب معاناة الشعب اليمني.

 

في المقابل تسود مخاوف داخل المكونات الشمالية في المجلس بشأن مستقبل الحكم بعد التحرير إذ يتساءل البعض عن جدوى التضحيات إذا كان الهدف هو إعادة الوجوه الحالية إلى السلطة رغم غيابه عن الميدان. وهناك من يريد أن تخوض القوات الأكثر تضحية المعركة أولًا ليأتي لاحقا لحصد مكاسب النصر

 

كل هذه التباينات تعني أن مجلس القيادة لم يعد قادرا على لعب دور حاسم في استكمال التحرير وهو ما يجعل من الضروري تشكيل قيادة وطنية سياسية وعسكرية وقبلية من القوى الفاعلة على الأرض كما حدث في سوريا عندما تجاوزت القوى الثورية "الائتلاف الوطني السوري" وهو كيان يشبه إلى حد كبير مجلس القيادة الرئاسي ضم قيادات مغتربة تتبع أجندات متعددة ولم تكن جزءًا من الميدان

  

ويواجه التحالف العربي بقيادة السعودية معضلة تتعلق بإدارة الحرب إذ يفضل خوض معركة خاطفة لا تطول أمد الصراع تفاديا لاستهداف الحوثيين المنشآت الحيوية والنفطية داخل السعودية وهذا الحذر جعل موقفه متذبذبا بشأن استكمال التحرير رغم إدراكه لأهمية الحسم العسكري في إنهاء التهديد والوجود الحوثي.

 

على الصعيد الدولي،ذ تتبنى الولايات المتحدة وبريطانيا موقفًا حذرًا تجاه استكمال تحرير اليمن، إذ تخشيان من أن تصل قوى إلى السلطة لا تتوافق مع أجنداتهما أو لا تضمن مصالحهما الإقليمية. لذلك يبدو أن المجتمع الدولي يفضل استمرار الوضع الحالي بحيث تبقى البلاد في حالة "لا دولة ولا حرب". في الوقت نفسه تدفع الأمم المتحدة وداعموها نحو المضي في مشروع "خارطة الطريق" التي لن تعالج جذور الصراع بل قد تؤدي إلى جولة حرب جديدة في المستقبل القريب

 

وفي ظل غياب الدور الفاعل لمجلس القيادة الرئاسي، وتباين مصالح أعضائه، وموقف التحالف المتردد، والمخاوف الدولية من مآلات التحرير، يبدو أن معركة استعادة الدولة وتحرير ما تبقى من المحافظات مرهونة بتجاوز الحسابات الضيقة، وتشكيل قيادة ميدانية قادرة على اتخاذ القرار وتنفيذه بعيدًا عن الضغوط الخارجية والانقسامات الداخلية. اليمنيون، بعد سنوات من الحرب، ازدادت معاناتهم بشكل كبير، ولم يعد لديهم خيار سوى البحث عن قيادة وطنية فاعلة على الأرض، قادرة على فرض واقع جديد وإنهاء الأزمة.

   

عدنان غيلان البدجي / إعلامي متخصص في الشؤون السياسية والفكرية