هدوء هادي لا هو تأني الحكماء ولا هدوء الضعفاء
بقلم/ حمود الطيري
نشر منذ: 12 سنة و أسبوعين
الأربعاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2012 02:50 م

الرئيس عبد ربه منصور هادي وصل إلى رئاسة الدولة ليس لكفاءته وإمكاناته الإدارية والقيادية ، وإنما ساقته الأقدار ليعتلي كرسي الرئاسة كنتاج مبادرة خليجية كان طرفيها هما:-

نظام مستبد يتكئ على قوة عسكرية وأمنية تدين له بالولاء ، وبدعم إقليمي سياسي واقتصادي غير محدود ، وبمجموعه من المنتفعين وشلة الفساد ،وقد أدرك انه أصبح غير قادر على الاستمرار وتحدي إرادة شعب ثائر شب عن الطوق وأراد ان يسترد حريته وكرامته ....

وبين قوى سياسية تتكئ على قاعدة جماهيرية كبيرة جعلت من كل المحافظات ساحات وميادين ثورية , بالإضافة إلى عدالة مطالبها ومشروعيتها . ولكنها في نفس الوقت أدركت ما يقف من عثرات وكوابح في طريق انجاز الثورة لكامل أهدافها عن طريق الاستمرار في الميادين والساحات والعصيان المدني والذي اثبت انه لم يكن ناجعاً بالقدر الكافي لانهيار النظام السياسي لسبب بسيط هو انه لم يكن هناك نظام سياسي وبناء مؤسسي بما تعنيه الكلمة يمكن ان يتأثر بتلك الإعتصامات والإضرابات والعصيان المدني كما هو في بقية دول الربيع العربي .

وكانت الخيارات المتاحة أمام الثوار وشركائهم في الأحزاب السياسية... إما الإنجرار إلى حرب أهلية لم يكن أحداً يعرف نتائجها وما ستؤول إليه في حال اشتعالها والإنجرار إلى مستنقعها لما لليمن من خصوصية لا أظن حداً يتجاهلها ،أو المبادرة الخليجية برغم ما يشوبها من سلبيات ونقاط ضعف تكتنفها بعض بنودها .

فكان الرأي هو خيار المبادرة الخليجية برغم مساوئها وكانت القاعدة التي تم على أساسها والاسترشاد بها في التعامل مع المبادرة الخليجية هو ((تحقيق أهداف الثورة بالتضحية بزمن أكثر أفضل من تحقيق أهداف الثورة بدماء أكثر )) وكان نصب عيني المعارضة ما تحقق في تونس ومصر وأيضاً ما يجري في ليبيا وسوريا.

كان من مفرزات المبادرة الخليجية أن يتولى هادي رئاسة البلاد , وقد حاز على رضا جميع الأطرف لما عرف عنه من هدوء وضعف شخصية أو هكذا شبه .

فأحزاب اللقاء المشترك ترى فيه اخف ضرراً من صالح ويمكن التعامل معه وفرض شروط الثورة عليه .

أما المخلوع فكان يرى في هادي ظله وانه سيدير الأمور من خلف كواليسه لما خبر عنه من هدوء وضعف خلال فترة حكمة.

منذ أن تربع هادي رئاسة البلاد والثوار وأنصارهم ينتظر من هادي أن يكسر هدوئه ويتخذ قرارات ثورية لاستكمال أهداف الثورة الشبابية ولكنه حتى الآن مازال هادئاً مع وجود بعض التحركات هنا وهناك لأهداف وغايات محددة

البعض يبرر ذلك الهدوء بأنه هدوء الحكماء الذي سيكون له ما بعده من قرارات تتناسب والمرحلة التي تتخذ فيها تلك القرارات,وهذا التحليل الأقرب لأحزاب اللقاء المشترك.

والبعض الأخر يرى ذلك الهدوء بأنه هدوء الضعفاء وان ما سيكون ليس بأفضل مما هو كائن.وهذا التحليل الأقرب للمخلوع وزمرته.

ولكن أنا من وجهة نظري المتواضعة أرى أن هادي أراد أن يكون أذكى من الطرفين .

هو يعلم ان وجوده في هذا المكان وبهذا الإجماع الغير مسبوق لم يكن ليكتب له النجاح لولا تلك الثورة التي مازالت متعثرة ولم تكمل أهدافها ، ويعلم يقيناً أن فشل تلك الثورة وعودة المخلوع وزمرته للسلطة كفيل بإزاحته من موقعه .

ايضاً هو لا يجهل أن تحقيق الثورة لكامل أهدافها وإزاحة كل بقايا عائلة المخلوع وزمرته من كل مفاصل الدولة سيكون نهايةً لخدمته وإنهاءً لدوره وتنحيته عن منصبه ...

لذلك وللحفاظ على مكانته وموقعه ومنصبه وأيضاً لاستمرار الدعم الشعبي والإقليمي والدولي له ... فهو يرى أن أفضل وضع له هو بقاء الوضع العام على حاله وبقاء الثورة في مربعها الحالي ، وبقاء جميع الأطراف على حالها وبنفس ومستوى قوتها .

والمؤشرات التي تدعم وتؤيد ما نقول ...هو أن هادي قبل أسبوع يطلب من المبعوث الأممي بن عمر عدم إصدار قراراً من مجلس الأمن يدين معرقلي التسوية السياسية وذلك ارضاءً وتشجيعاً لصالح وزمرته. ولكنا نجده الآن يهدد أولئك بكشف ملفات الفساد وسحب الحصانة عن صالح وذلك ايضاً لا يعدو كونه ارضاءً لأحزاب اللقاء المشترك وشباب الثورة .

مما سبق هل سنجد ذلك الهادي الوديع الذي اعتبرته كل الأطراف أداتها في تنفيذ وتحقيق أهدافها تصبح هي نفسها من حيث لا تدري أدوات ووسائل في تنفيذ أجندة وأهداف وغايات ومصالح ذلك الهادي ...

وبذلك يصبح هدوء هادي ليس تأني الحكماء كما تظن قوى الثورة ولا هدوء الضعفاء كما يظن المخلوع وشلته... وإنما هو الذكاء والدهاء في قيادة واستغلال أولئك الفرقاء ،،،

وان صح وتحقق ذلك سيندرج هادي في خانة الأذكياء بينما هم جميعاً سيندرجون في خانة ومربع الأغبياء !!!!  والثورة والوطن برمته في مهب العواصف الهوجاء.