ذات صباح
بقلم/ زعفران علي المهناء
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 27 يوماً
الخميس 31 مايو 2007 02:20 م

مأرب برس - خاص

أتمني أن يكون بينكم من يفهم ماذا حدث لي ذات صباح

كعادتي وأنا أسابق الزمن من باكورة الصباح مع البنات والبيت ومتطلباته ومع متي يجب أن أكون في أحظا ن عملي الذي يستهويني أكثر ما يكون مصدر رزقي أنا ومن أفسحوا لي من وقتهم للإثبات ذاتي... دخلت المكتب مهرولة لابد من اللحاق باجتماع الساعة التاسعة فهو مهم... هذا ما حدثت نفسي به و بما يجب أن يكون و بما يجب علي أن يكون .

أخاطب سكرتيرتي ماهو بريد اليوم ؟؟من أتصل؟؟ ماذا أوقع ؟؟بمن يجب أن أتصل؟؟ كل هذا في نفس اللحظة وبدقائق يجب أن يعرض أمامي كل شيء.

 ووجهت حديثي لأم محمد لاوقت لدي لقهوتك الصباحية يا أم محمد..!! رمقتني بنظره ملأها الانكسار والتعجب!!

 فقهوتها لا اطعمها ألا على تقريرها اليومي الذي تمليه على مسامعي كل صباح ماذا فعل أبو محمد مع ابنه محمد و ماذا فعل محمد مع زوجته الحامل التي توشك على الولادة وكيف قضت الليل في فض صراع ونزاع محمد و أبو محمد.

وقلت لها انتظريني فتقريرك اليومي كقهوتكي لا غنى عن الاثنين تسللت إلى سيارتي و أومأت لسائقها أن يتجه إلى مكان الاجتماع مسرعا حتى لا نتأخر و سلمت له تلك الورقة المليئة بالمشاوير لتنجز خلال يوم بأكمله. أريد منه أن ينجزها خلال ساعتين متجاهلا زحمة الطرق و الجولات المغلقة و الموظفين الذين خرجوا لشرب الشاي و الإفطار و لن يعودوا إلا نهاية الدوام لإثبات البصمه.

 المهم نزلت من السيارة مشدده بقولي لسائقها بعد ساعين بالظبط و انصرفت.

كنت أول المتواجدين تنفست الصعداء هذا يعطيني بعض الوقت أتابع بعض الاتصالات بالهاتف الجوال مرت الساعة الأولى لم يكتمل فيها العدد المطلوب للاجتماع، فكان القرار بفض الاجتماع على أن يحدد موعد آخر .

بقدر فرحي و سروري بقدر ماتذكرت كميه المشاوير الذي يجب أن ينجزها سائقي العزيز سمعت صوتاَ يهمس لي الم تفتقدي لأيام الجامعة و كيف كنتي تتنقلين بالمواصلات، و ما أجمل قراءة المحاضرات داخل تلك الباصات، شدني الشوق لتك الأيام التي كنت ما زلت فراشه صغيره أتنقل بالباصات من جامعة صنعاء إلى الجامعة الجديدة فقلت لابد آن استعيد تلك الأيام الخوالي .

نزلت من مكان الاجتماع أحس أني أعيش مشاعر متضاربة فكم لي من الزمن لا اعرف كيف امضي سويعات من دون عمل و في نفس الوقت كم لي من الزمن لا امشي في الشارع و أزاحم الناس في الطريق و أتلمس نبضه.. مشيت كالطفلة التي تتجه إلى بائع الحلوى لتبتاع منه حلوى تغمض عينيها على مذاقها فأنا حره من التزامات و مواعيد اتجهت لموقف الباصات و في تلك اللحظة التي رفعت قدمي لأضعها على عتبة إحدى الباصات سمعت همسا يدعوا بأسمي تلفت يمينا و يسارا تفتحت أسارير وجهي يا للقدر من (...)

كيف حالك بعد أن تراجعت عن ركوب الباص باتجاهها اخذين بعضنا بالأحضان ضاربين بكل الأعراف و التقاليد الخاصة بمواقف الباصات في وطننا الغالي اليمن عرض الحائط.

 عشر سنوات هي فترة انقطاعي عنها :

كم سعدت برؤيتك ...

لم تتغيري يا زعفران ...

أنتي أيضا لم تتغيري...

رمقتني بحزن معقبة أنا لم أتغير؟!!!

 في لحظتها بدت لي معها سيده في منتصف العمر تحمل طفل أيه في الجمال احتظنت الطفل بلهفة و أغرقته بسيل من القبلات موجه تحيتي لتلك السيدة..

 و الحديث لصديقتي أين أنتي ذاهبة ؟

أجبتها مسرعه أين ستذهبين أنتي ؟

تبسمت و قالت بالله عليك أين ستذهبين ؟

قلت لها معك و الله أين ما اتجهتي سأتجه معك .

سأذهب لتلقيح صغيري .

قلت لها رائع سأذهب معك..

 حتى اعرف ماهي أخر أخبارك و نتبادل أطراف الحديث و كان قراري حاسما فانا لي فتره بعيده عن العلاقات الاجتماعية و ممارسة حقي بان أخالط النساء ككل النساء للحديث عن أخر أخبار و صفات الأكل و طرق تنظيف نوافذ المنزل بعد انقضاء موسم الأمطار و ابتكار أساليب ديكور منزليه لتطفي جو من التغيير نجذب بها الزوج و الأطفال كل هذا قبل أن توجه لي تلك السيدة المراقفه لصديقتي السؤال التالي :

أنتي متزوجة يا بنيتي أجبتها بنعم متبسمة بنوع من النشوة مخاطبه نفسي ما أجمل أن اسأل بعد ثمانية عشر عام من الزواج هذا السؤال !!!

فردت صديقتي معلله متزوجة و تعمل و نادبه حظها بقولها ليس مثلي رضيت بالجلوس في البيت !!!

فكان رد تلك السيدة : المراءه مالها إلا بيتها

رددت على الفور بعد أن حوطت الطفل البريء بذراعي صدقتي سيدتي ما أجمل أن تلي المراه منزلها الاولويه و تحظى بلقب ربة بيت على أن تحظى بلقب موظفه !!!

نظرت لي تلك السيدة بعين الرضي و ألشفقه المفلفه بالأدب بس الشغل مش عيب و الو احده تشتغل ولا تشحت و تمشي في الغلط !!!!

ضحكت معقبه ما علينا !!!

ها(......) مناديه صديقتي حدثيني عنك و عن حياتك ما أسعدك بطفلك تنهدت و سكتت

فتدخلت تلك السيدة بنبره حادة تحفها الخوف على صديقتي عقليها يا بنيتي عقليها .

اتجهت بأنظاري نحو السيدة فأنا لا اعرف من هي أهي أم زوجها ؟ أو إحدى قريبات زوجها ؟ ساد الصمت للحظات و صلنا بها إلى المركز الصحي الخاص بتلقيح الأطفال.

نزلت مسرورة و مشتاقة أن أعيش للحظات عشتها مع زهراتي الغاليات عندما كن براعم صغيره فهذا الألم الذي يعطينا الأمان للطفل بعد أن يعيش لحظه إنزال تلك القطرات ألمرافقه لوخز إبراه مؤلمه تتلوها دموع تسوى الدنيا و ما فيها .

أخذني هذا الموقف كل الأخذ و نسيت صديقتي وتلك السيدة التي ترافقها و الحديث العميق الذي يدور بينهن اغتصبت بعدها نشوتي تلك السيدة بالدعاء لي بأن يرزقني الله الأطفال بعد أن أخذت مني الطفل و لفته بحضنها حتى يسكت فردت صديقتي مصاحب ردها ضحكه صفراء لديها بدل الطفل ثلاثة أطفال

ردت السيدة مشاء الله مشاء الله مشاء الله 

و هي تحث الخطى إمامنا مسرعه بالطفل تنفست فيها الصعداء ألان يتسنى لي أن انفرد بصديقتي لدقائق لأعرف سر ضحكتها الصفراء فما بادرت بالكلام حتى استحلفتني بالله أن أتناول معها الشاي في البيت وقفت مع نفسي لبرهة ها قد أتت لك الفرصة لتعيشي صباح نسائي اذهبي يا زعفران لا تقلقي لن يتوقف العمل لساعة تعيشين فيها ذكريات الأيام الخوالي فكان ردي على الرحب و السعه بعد أن غمزت لها مع المرافقين أو من دون مرافقين (قاصده تلك السيدة )

فردت ضاحكه هذه الخير و البركة

تأكدت من خلالها أن هذه السيدة لن تكون سوى أم زوجها

دخلت منزل صديقتي كان جميلاَ مرتباَ فيه لمسات من الفن الذي يجمع بين الأصاله و العصرية و كان ينبعث منه رائحة البخور فأكد لي أن في المنزل العديد غير صديقتي و تلك السيدة التي تكشف لي بعد أن خلعت نقابها أنها مازالت تحتفظ بمسحه من الجمال و الهدوء .

و ضعنا الطفل جانبا بعد أن هرب للنوم لينسى الألم الذي أحدثناه فيه خوفا عليه.

وجهت لي تلك السيدة الحديث بلكنة حانية البيت بيتك يا بنيتي أهلا و سهلا و إذا لديك قدره عقليها

تبادلنا النظرات أنا و صديقتي و أنا اسأل نفسي ماذا أسألها بعد عشر سنوات؟؟ و ماهو الشيء الذي طار بعقل صديقتي ؟؟

أرادتني تلك السيدة أن أعيده لها

امتلأت عيون صديقتي بالدموع حبست أنفاسي و قتها فتولت السيدة الحديث :

يا بنيتي أليس الغيرة دليل الحب؟؟؟ و الرجل لا تكتمل رجولته ألا حينما يغار؟؟؟ و من لا يغار لا نعتز به كرجل؟؟؟ معقبه بنظره تنتزع مني التأكيد بكلمه صح على ما قالته لي أنا وصديقتي !!!

تولت الرد صديقتي بعد أن انتقلت بنظراتي صوبها لاء الغيرة ليست دليل الحب ولا دليل الرجولة و أجهشت بالبكاء قامت خلالها تلك السيدة بإحضار الماء لصديقتي... مهدئه لها و مخاطبه

يا عزيزتي: لا تدمري بيتك و لا تحرمي نفسك من طفلك.!!

 معلله تصرف زوج صديقتي بأن الغيرة فطره خلقها الله داخل كل شخص منا مثلها مثل أي صفه توجد داخلنا تحمل كتله من المشاعر و الأحاسيس... صحيح هو شعور مؤلم إذا تعدى حده

 و زاد ينتج عنه كثير من المشاكل التي تنشاء بين الزوجين بسبب الغيرة و أحيانا تصل إلى حد الشك و الظلم و الحرمان و ربما ينتهي الأمر إلى انعدام الثقة بينهم .

ردت علها بصوت متحشرج :

كلامك صح و نادتها بإسمها يا (.....) مما أثار غضبي أمن الأدب أن تنادي أم زوجك بدون احترام مغلف بكنيتها المعروفة؟!!!

والحديث لصديقتي :

 هذه غيرة زوجي حصار حطم ذاتي و جلب لي التعاسه و أشقاني و حول حياتي لجحيم و نكد و خصام لأسباب تافهة.!!!

 ووجهت لي الحديث:

 يومي اقضيه معه يا صديقتي بأسئلة مغلفه بالشك العنيف من قابلتي ؟؟ لماذا قدمتي التحية بهذا الأسلوب لأهلك ؟؟ لماذا قلتي ؟؟ لماذا إبتسمتي ؟؟ بمن إتصلتي ؟؟ لماذا أنتي اليوم بكامل أناقتك ؟؟ لماذا تضعين هذا العطر بالذات ؟؟ لماذا تحبين هذه الأغنية ؟؟ بمن تذكرك ؟؟ لماذا تحتفظين بكل هذه الصور القديمة ؟؟

 هذا البرنامج اليومي يا من تحسدينني على لقب ربة منزل صراخ في و جهي و أهانه و الأدهى و الأمر لا يراعي حتى شعوري أمام الأشخاص المتواجدين في المنزل !!!

قطع حديثنا مع اتجاه أنظارنا حركة تلك الطفل البريء الذي انتفض من نومه ذعراَ يبكي لا أدري هل يبكي متضامناَ مع أمه ؟

أو من الم الأمان الخاص بتلقيحه ؟

أثناء ذلك دخلت شابه صغيره يصحن العصير و الحلوى خلالها أحتظنت صديقتي أبنها مناولته نبع الحنان لترضعه مع حليبها كل ذلك الألم و الحزن و الظلم!!!

تدخلت تلك السيدة مره أخرى موجهه حديثها لي أمانه عليكي يا بنيتي عقليها و قولي لها ابنها و نفسها حرام لازم تتأقلم !!!

كنت سأبادر بالحديث حتى أخرج من ذهولي بالحديث لم تعطني صديقتي هذه الفرصة بردها بصوت عميق عمق ألمها يكفي أنتي تحملتي ثلاثين سنه!!!!! لست صوره مكرره منك لابد من حل و إن كان الانفصال لن أعيش تحت إهانته و ظلمه و جوره هو لك تحمليه و أكملي أنتي معه المشوار ....!!!!

تدخلت و بنبره غاضبه مناديه صديقتي بعتاب أنتي الفتاه الخلوقه لا يجوز أن تخاطبي أمه بهذا الأسلوب مهما كان هي أمه و هذا دفاع أي أم في الدنيا عن فلذة كبدها انظري كيف تحتظنين ابنك في عز ما أنت فيه .

الكلام لصديقتي أمه يا صديقتي العزيزة هذه ليست أمه هذه زوجته الأولى و أنا الرابعة في عدد النساء الذين دخلن هذا البيت تجمدت نظراتي على تلك السيدة لثواني قمت بإغماض عيني لأعيد تركيب الصورة بتنقل نظراتي بين صديقتي و تلك السيدة!!!

قطع ذلك السكون تنهيده عميقة من تلك السيدة بقولها :

 أمه نعم أنا أمه صدقيني يا بنيتي أنا أمه!!!

و استقامت لتأخذ الصغير لتضعه جانبا معاوده و ضع كأسات العصير بيدي أنا و صديقتي و تناولت كأسها و هي تستطرد مأساتها مع ذلك الرجل الذي أصبحت أتخيله في إطار تلك الغرفة التي جمعتنا انه أشبه بمارد مخيف !!!!

الحديث لتلك السيدة نعم أمه فأنا قمت بدور أمه و استقبلت زيجاته الثلاث و ما زلت اربي له أولاده من زوجتيه السابقتين إلى جانب أولادي و أخاف أن ينضاف ابن صديقتك بسبب عدم تحملها لغيرته لأولاد الأخريات... و تتابع الحديث

يا بنيتي أنا تزوجت منه و أنا في العاشرة من عمري أعيش معه الان أكثر من ثلاثين سنه عاصرت مراهقته و شبابه و نزواته و المراءه العاقلة لا تدع زوجها يخرج من بيته و يشتت أولاده لذلك أنا واقفة له بالمرصاد حتى يضل هذا البيت عامر و لا يتشتت أولاد (........) و هنا امتلأت عيونها بالدموع !!!!

ردت صديقتي بنفس الصوت العميق بالألم هذا إنسان أناني

ردت هي بصوت أعمق من صوت صديقتي: لاء هو غيورو ليس أناني

و انتفضت واقفة تلملم دموعها بعد أن سمعت صوت يجلجل في دهاليز ذلك المنزل الجميل المرتب أمسكت بساعتي لأرى أن وقت الظهر قدحان وذلك الصوت المجلجل ماهو إلا صوت زوج صديقتي و ما انتفضت تلك السيدة العظيمة التي سلبت مني كل تعبير و هي تهرول مسرعه لتجهز له كل متطلبات الخروج لصلاة الظهر و وجدت نفسي أقول لصديقتي: ما أجبرك و أنتي ألجامعيه... المتعلمة... المتنورة... تأتي و تشاركي تلك العظيمة مملكتها... وتدوسي على محرابها... مقاسمه لها كل هذا الألم و الظلم !!!

ما لفرق بينك و بينها :

الشهادة ؟؟؟ هي تملك اكبر من شهادتك الجامعية بقدرتها على التعامل مع هذه الحياة

الجمال؟؟؟ برغم كل ماهي عليه مازالت تمتلك الجمال

الصبر؟ ؟؟هي لم تشتكي من خمسة وثلاثين عام و انت وما انت عليه الأن لم تتمي العامين !!!

سعة الصدر؟؟؟ استقبلت ثلاث زوجات أي ثلاثة عصور من الاستعمار

الحلم ؟؟؟ لم تقبل عليه أي وصف بل أتخذت له عذر انه غيور 

نظرت لي صديقتي نظره لم أفهم معناها مخاطبه ألم اقل لك أنها الخير و البركة!!

طلبت بعدها أن تفسح لي الطريق لأغادر بعد أن دعوت لها أن يفرج الله لها هماَ هي تحملته بإرادتها... لأتسلل هاربة إلى عالمي.. و أعود أدراجي أحث الخطى لمكتبي لتستقبلني أم محمد بكوب ماء بارد و تملي على مسامعي التقرير الذي فاتني الصباح عن محمد و أبو محمد و الصراعات و النزاعات الدائرة بينهما بسبب ضيق الحال لم اسمع و لا كلمه عن تقريرها لأني كنت مازلت في دائرة صديقتي و تلك السيدة العظيمة و سؤال يتردد على لساني بعد أن أحدثت أم محمد بعض الجلبة لتعيدني لمحيطها لأفاجأ ها بسؤالي :

مالفرق بين الأنانية و الغيرة و هل الغيرة مزيج من الأنانية و الحب ؟

تركت ام محمد وهي تنظر لي بذهول وغصت بين أوراقي وأنا أتمتم

لله درك ياتلك السيدة القوية الشامخة شموخ و طني الغالي اليمن .