آخر الاخبار

مهازل الصراع بين عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ حضرموت.. اتهامات وتدخلات وإقالات الأحزاب السياسية تناقش مع الاتحاد الأوروبي مستجدات الحرب والسلام ومطالب بتطوير العلاقات إلى المستوى الجيوسياسي التنموي انكسار جديد للمليشيات الحوثية شمال غرب تعز الإدارة الأمريكية تدعو سلطنة عمان للتخلي عن الحوثيين وإغلاق مكتبهم وتؤكد تحركها مع السعودية والإمارات لتوحيد الجيش اليمني وهزيمة الحوثيين مواجهة نارية بين ريال مدريد ومانشستر سيتي في ملحق دوري أبطال أوروبا .. العالم يتقد تسع كوارث مدمرة بدنية وصحية ناجمة عن إدمان الهاتف المحمول. رقم مخيف هز العالم ...تعرف كم ساعة قضاها المستخدمون أمام الموبايل خلال 2024 ؟ الريال يصطدم بالسيتي.. اليكم قرعة الملحق المؤهل إلى ثمن نهائي أبطال أوروبا وموعد المواجهات تعرف على أفضل تطبيق يتصدر فى الولايات المتحدة خلال عام 2024.. اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية والتعليم تناقش سير العام الدراسي

عبدالرزاق ينضم للثورة
بقلم/ عبد الرحمن تقيان
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر
الجمعة 01 يونيو-حزيران 2012 12:13 ص

عبدالرزاق قريبٌ ريفيٌ شاب وبسيط لا يملك من التعليم إلا القراءة والكتابة، ويمنع جهلُه عقلَه وضميرَه من أن يرى واقعه الريفي البائس كما هو. كان يصاب بالهستيريا عندما يرى أحداً ينتقد الرئيس السابق، مرجعاً مؤشرات التخلف والفقر والفساد إلى غضب الله على "معاصي هذا الشعب الفاسد". أضحى جسد عبدالرزاق المريض والهزيل صندوقاً تعبث بمحتوياته مقصات أطبائنا ومشارطهم وتسيل في مجاريه أنهار وصفاتهم التي تعالج كافة الأمراض المحتملة. وبعد استنفاد بقية مدخراته على رشوة مسئولي الصحة للحصول على منحة طبية دون جدوى، قرر عبدالرزاق الاستجابة لمقترح صهره الذي يدرس في إحدى جامعات القاهرة للعلاج هناك ليقوم ببيع أرضه والسفر للعلاج في مستشفيات مصر المجانية.

استقل عبدالرزاق أسطول الإسعاف اليومي الطائر "اليمنية" إلى مطار القاهرة التي ظل طوال وقته داخل "تكسياتها" فاغر الفم منخفض الرأس محاولاً أن تلتقط عيناه الجاحظتان نقطة النهاية لعشرات وعشرات العمارات والأبراج الشامخة ثم يتلفت يمنة ويسرة ليرى الطرق والجسور الحقيقية ومظاهر نظافة المرافق والأوادم ... وبعض نظام...

وفي أول تاكسي أوصله من المطار إلى مسكنه، لم يستطع عبدالرزاق أن يخفي دهشته لتلك المشاهد الجديدة عليه أمام السائق المتجهم الوجه بسبب حظه العاثر مع هذا "العيّان الكحيان". انفجر السؤال من فم عبدالرزاق بدون إرادته "ليش قمتوا بثورة على مبارك؟؟!" رد السائق على السؤال بسؤال تعجبي حاملاً ذات الوجه "هو عمل لنا حاجة!! لا فيه تعليم ولا صحة ولا حاجة!!" رمقه صهره بنظرة عاتبة ليصمت صاحبنا فوراً من "فرط الإحراج" كما قال وقرر أن يعيد ترتيب أفكاره ويوصل الخيوط بين ما يسمعه وما يراه ويلقي بخيوط أخرى هناك بعيداً نحو "البلاد". لكن خيطاً كان لا يزال متمرداً فدفع بسؤاله المحرج "بس لو كان شفط الفلوس صدق ما كانش أسرع رئيس عربي في النزول من كرسي السلطة ويختار يبقى في مصر وبعدين يتحاكم مع عياله إلا عشان واثق انه شريف". فرد عليه السائق بسرعة "هو قتل اللي قدر عليهم، ولو كان معاه جيش في إيد اولاده واخواته زي بلدكم كان حيحوشوه من الناس بس برضه ماكانش حيخلي القاعدة تقطّع البلد وتقتّل الخلق وهو لسه بيتشرط ياخد الحصانة ويقاوح قرارات مجلس الأمن بكلها!".

كثيراً ما كان عبدالرزاق يتذكر كلمات السائق متعجباً كلما واجه تسهيل أو خدمة مجانية أو شبه مجانية. وبسبب خبرته المتراكمة في مستشفياتنا، طالما كان يتعجب خاصةً من سهولة دخول المستشفى الحكومي وحجز مكان وموعد إجراء العملية الجراحية ومن ضخامة وتطور التجهيزات والمعدات التي لا تستطيع المستشفيات الخاصة تحمل تكلفتها ما فتيء صهره يمازحه حينما يدرك اندهاشه إزاءها قائلاً "مثل ما عندنا في اليمن تماماً". وكان أكثر ما كان يحز في نفسه عندما نهره الطبيب المصري بسبب التزامه بتناول دواء غاية في المرارة معلقاً "احنا وقفنا هذا الدواء في نهاية السبعينات".

بالرغم من كل ذلك، إلا أن جيوب عبدالرزاق عانت الكثير من كمائن وحيل النصابين والفاسدين هناك جعلته يحلف مراراً بأنه لا يوجد على الأرض شعب أكثر رحمةً ولطفاً من الشعب اليمني حتى قال أن مفسدوه لا يزالون الأكثر إنسانية!

يعود عبدالرزاق صنعاء متعافياً متشوقاً ليحكي للناس وخاصة لمن كان يشاطرهم رأيه السياسي عن تجربته الحقيقية عن بلد يشكو أهلُه نظامَهم بأنه قدم لهم العـدم "لا تعليم ولا صحة ولا حاجة" ليمتن لهم ألوف من مرتادي طائرات "العيانين اليمنيين" لذلك "العدم" الذي رأوه ترفاً وكرماً لشعب مصر الذي اعتبروه "ولا حاجة". وبالمثل بدأ يتذكر وهو يهتز ضاحكاً أسفاً "كنت أنقد أصحاب صنعاء لما ينقدوا الرئيس علي صالح وأقول في نفسي أيش عاد يشتوا هذولا وهم أهل صنعاء كل شي عندهم؟ إي والله ما مع صنعاء إلا الهواء، ويبارك الله في اصحابنا في مصر والصين".

بشار الطيبإرحلوا جميعاً...
بشار الطيب
مشاهدة المزيد