|
عندما حاصرت الثورة الشعبية في اليمن علي صالح وأركان نظامه وضيقت عليهم الخناق وبلغت قلوبهم الحناجر وظنوا أنه أحيط بهم سارع صالح إلى تبديد التركة المنهوبة وتقسيمها يمنة ويسرة بدلا من ردها للشعب المنكوب صاحب الحق , ففاجأنا بإعطاء عدد من الوعود لعدد من الكيانات غير أنها وعود من لا يملك لمن لا يستحق , شأنه شأن الوزير البريطاني بلفور الذي أعطى وعدا لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين مع أنه لا يملك هذا الحق واليهود لا يستحقونه .
فوجدنا صالحاً مع أنه لا يملك ولا يستطيع "بخلاف بلفور الذي كان يستطيع وإن كان لا بملك " وجدناه قد أعطى وعداً للحوثيين يمنحهم بموجبه الحق في إقامة كيان طائفي لهم في شمال الشمال كما أعطى وعداً للقاعدة يمنحون بموجبه إقامة دولة لهم في وسط الجنوب وأعطى كذلك وعدا للانفصاليين يمنحون بموجبه إقامة كيان إنفصالي في جنوب الجنوب "مع احترامنا للحراك الوحدوي الحر ذي المطالب المشروعة" أما صنعاء وما حولها فقد تركها مشاعاً لبقية المتصارعين, والأخطر من هذا كله أن هذه الوعود لم تكن فقط مجرد وعود ,بل سارع صالح وعمل على تحقيقها في حياته قبل مماته وفاءاً بالوعد , و حتى لا يتخلق بصفة من صفات المنافقين الذين إذا وعدوا أخلفوا ,فسلم محافظة أبين للقاعدة بنسختيها الأصلية والمقلدة سلمها بكل ما فيها من عدة وعتاد وأجهزة ومؤسسات , وقام بتجنيد أنصاره من البلاطجة والأمن القومي لتعجيل وتيرة الانفصال وتسريع إعلان الكيان الانفصالي كي تقر عينه ويثبت أن وعده حق .
أما دولة شمال الشمال فقد كانت هاجسه الذي ظل يحلم به من قديم الزمان لحاجة في نفسه , وقدم في سبيله التضحيات الجسام وخاض في سبيل تحقيقه ستة حروب كانت أقرب إلى مناورات الأصدقاء منها إلى حروب الأعداء استهدف من خلالها إكساب أصدقائه الحوثيين الخبرة القتالية , وتزويدهم بمختلف أنواع الأسلحة ,ومنحهم صفة الجماعة التي لا تهزم , إضافة إلى إضعاف الجيش الوطني المناهض للمشروعين التوريثي والطائفي ,ومنحه صفة الجيش المهزوم , وكذلك تصفية الخصوم والمناوئين لمشروع التوريث والتمديد .
هذا كله قبل اندلاع الثورة الشعبية , أما بعد اندلاعها , فقد سارع في تسليم محافظة صعدة رسمياً للحوثيين بعد أن كان قد سلمها لهم فعلياً قبل الثورة كما أعطاهم الضوء الأخضر بالبدء باستكمال إنشاء دولة شمال الشمال فقام الحوثيون بالهجوم على محافظة الجوف والاعتداء على نسائها ورجالها وأطفالها يحدوهم الشوق لإقامة كيانهم الجديد, ولم يتوقف الزحف الطائفي في الجوف بل استمروا في عدوانهم ليصلوا إلى محافظة حجة فقصفوا دار القرآن المعقل الرئيسي المناهض للكيان الوليد وأهانوا المصحف والمسجد خوفا من أن تحرق شمس أنوارهما عفن الطائفية النتن وقتلوا من قتلوا وشردوا من شردوا.
ثم ختموا حلقة التآمر بدماج ومركزها الشرعي فقاموا بقصف المركز وفرض حصار ظالم على منطقة دماج بكل من فيها من رجال ونساء وشيوخ وأطفال أشبه ما يكون بحصار شعب بني هاشم الذي فرضه عتاولة الكفر والطغيان من قريش عليهم بل أشد, لأن ما حصل في شعب بني هاشم كان حصارا فقط دون أن يكون هناك قصف أو قتل أو تدمير أو قنص بخلاف ما فعله أنصار الله الذين لم يراعوا أبسط قواعد الدين وأخلاقياته ولا حتى أعراف القبيلة اليمنية وأسلافها, والهدف كله الإسراع في تحقيق وعد بلفور بإنشاء وطن طائفي لهم في شمال الشمال .
وأخيراً كان على النظام أن يدرك بأنه لا يملك ولا يستطيع وكان على الحوثيين أن يدركوا بأنهم لا يستحقون كونهم خالفوا القانون السنني الذي يقول "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" وليس من الصالحين من يفسد فيها ويسفك الدماء...!!!
في الخميس 12 يناير-كانون الثاني 2012 07:36:43 م