ثورة المؤسسات
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 22 إبريل-نيسان 2013 04:16 م
أعتقد أن البقاء في ساحات الاعتصام لم يعد مجديًا، بل صار مرهقًا للثوار حيث الوفاء بالتزاماتهم اليومية والمعيشية، إلا إذا كانت ساحة الاعتصامات للخيام بدلًا من البشر فذلك شأن آخر.
نحن بحاجة إلى التجديد الثوري الذي يقتضي البحث عن النمط المناسب حسب تقدم الحالة واحتياجات الجمهور، لذلك نؤكد أنه لا بد من تغيير أنماط النضال السياسي للتناسب مع تسريع تحقيق الأهداف.
نحن نشكو من فساد ومحسوبية وفوضى إدارية وبلاهة سياسية منقطعة النظير، والفعل الثوري أدى إلى تغيير الأشخاص والقيادات والحكومة لكن الفساد باقٍ وبقوة ولا مبالاة.
أعتقد أن أفضل أنماط الثورة هي ثورة المؤسسات وملاحقة الفاسدين في مناصبهم ومكاتبهم وتوجيهاتهم وسلوكهم الوظيفي اليومي ومنعهم من ممارسة سلوكهم القديم، ومراقبة أنفاسهم ورصدها فإما أن يتغيروا أو يُعزلوا.
إن الاهتداء بالوحي القرآني ضروري للمضي بالتغيير قدما ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).. نحن نرى أن كل شخص يتسنم منصبًا مهما كان سلوكه حسنًا يتغير نحو الأسوأ ليصبح شخصًا فاسدًا، ونحن بحاجة إلى أن نتغير ونخلق القدوة التي تحقق للناس ولو بصيصًا من أمل في التغيير.
لا ينبغي أن نسرف في عقد الآمال على حكومة الوفاق لأن لها وظيفة محددة هي تسيير الأوضاع حتى إنجاز مهمة الانتقال السلس للسلطة وترسيخ شرعية جديدة لسلطة جديدة تكون مقتدرة على صناعة القرار السياسي وفقا للتفويض الشعبي وليس للتوافق السياسي المؤقت.
وحتى يتحقق ذلك - إن شاء الله - نحن بحاجة إلى نقل الثورة إلى المؤسسات لكي نراقب ونحاسب ونعزل كل فاسد من خلال الفعل الثوري بالضغط والتشهير والاعتصام والتظاهر وكل أشكال الاحتجاج. ومن أجل نجاح ثورة المؤسسات مستقبلًا ينبغي أن لا نسلك الخيارات الانتقائية في الثورة بمعنى لا ينبغي أن نثور بحماس شديد ضد خصومنا الفاسدين ونسكت عن أصدقائنا الفاسدين، لأن مثل هذا السلوك كارثة على اليمن وعلى الثورة لأنه مؤشر خطير يعني أننا لن نتغير أبدا.
إن أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقتضت منه أن يعلن للناس بقوله: ((والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)).. وما نلاحظه أننا نتكيف ثورياً وفقًا للانتماء السياسي أو العلاقات الشخصية والمصلحية فنصبح ثوريين تارة ونهادن تارة أخرى حيث لا ينبغي أن نهادن.
إننا بحاجة إلى أن نتدرب على ممارسة الشفافية والموضوعية وقول الحقيقة، ولو على أنفسنا، وهذا هو أول أبواب التغيير الذاتي، ولذلك لا ينبغي أن نركز اهتمامنا على الأشخاص بقدر اهتمامنا على السلوكيات وعدم السماح لأنفسنا أن نتمحور حول (فلان وعلان) بما أن الوطن والعيش المشترك والدولة هي ما يجمعنا وليس الأشخاص، والتمحور حول هذه الجوامع أولى من غيرها.
يؤسفني أن أتابع أحيانا تفريغ طاقاتنا في الدفاع عن الأشخاص وننسى الوطن أو الإنسان اليمني المظلوم تاريخيًا ولا يزال غارقًا في مظالمه وينساها حين ينبري للدفاع عن شخوص هم سبب بلائه. فهل بإمكاننا أن نتحول لندافع عن أنفسنا في الحد الأدنى فلا نسمح لأحد باستغلالنا وممارسة سطوته وظلمه علينا مهما بدا على ظاهره معالم الصلاح والتقوى والثقة.