كثيرةٌ تلك التشريعات والمواثيق الدولية والمحلية والبرتوكولات الخاصة بتحسين أوضاع المرأة، وكثيرة تلك الاتفاقيات التى وقعت وصادقت عليها بلدنا للحفاظ على حقوق المرأة، ولكن هل هي موجودة ومطبقة على ارض الواقع.. وهل واقع المرأة في مثل ما هو مكتوب على هذه المواثيق والاتفاقيات.
كثيرةٌ الجهود التي تبذل سواء من المانحين أو من المجتمعات المحلية التي بعضها هدفها الربح والمتاجرة بقضية المرأة.
إلا أن واقع المرأة اليمنية واقع مزرٍ ومخيف جداً في كافة المجالات ولاسيما في المجال الصحي الذي سوف أتحدث عن جزء قليل مما تعيشه المرأة وخاصة الريفية.. تلك المرأة التي لا تملك حسابا في الفيس بوك ولا في التويتر ولم تلجأ إلى عالم التكنولوجيا الرقمية ولا تستطيع الحضور لمناقشة وضعها في ورش عمل أو دورات تدريبية او مؤتمرات دولية ولا حتى محلية أو حتى توصيل أوجاعهن لصناع القرار الذينَ هم مهتمون بأشياء أخرى.
ما زالت الأم اليمنية من أسوأ أمهات العالم في الصحة الإنجابية والرعاية أثناء الحلم والولادة.
مؤشرات وإحصائيات مخيفة سواء من التقارير الرسمية التي عادة ما تكون غير دقيقة أو من التقارير الدولية التي تهتم بهذا الجانب في اليمن.
صندوق الأمم المتحدة للسكان ذكر أن وفيات الأمهات عام 2008 كان 210 لكل 100000 ولادة حي، وهذه النسبة هي عبارة عن تقديرات وليس ناتجا عن عملية مسح مما يعني أن النسب والأرقام قد تكون أكثر من ذلك، أي أن لدينا أمهات يمتن كل يوم إما بتعسر الولادة، وهي النسبة الأكثر، إما بالنزيف أو حمى النفاس أو ما يسمى الانسمام الحملي، وهي حالة تتعرض لها المرأة في أشهر الحمل الأخيرة تتجلى بورمة صباحية في الوجه واليدين (تنفخ) وزيادة في الوزن وارتفاع ضغط الدم وقد يتطور الوضع إلى الدخول في حالة من الاختلاجات في فقدان الوعي.
ولكن نصيب المرأة الريفية من الوفيات هو نصيب الأسد الذي يقدر بنسبة 93 % فهي تموت إما في البيت من شدة الفقر والحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها معظم الاسر والتي تملك الشيء اليسير من المال.. تموت وهي في طريقها إلى المستشفى أو المرفق الصحي الذي يبعد عن البيت مدة عشر ساعات في بعض الأرياف، وفي معظم الحالات قد تموت بسبب الجهل، ففي بعض الحالات يموت الطفل في رحم أمه في الشهر الخامس أو السادس أو حتى في شهوره الأولى، وهي لا تعلم ذلك، وقد تموت بسبب الزواج المبكر الذي ما زال منتشرا بشكل كبير في أكثر المناطق، أو قد تموت ايضاً بسبب رفض الأزواج الكشف عن المرأة من قبل أطباء رجال.
في ظل هذا الوضع المزري للأم اليمنية لا تكمن المشكلة فقط بوفاتها وإنما تتجاوز إلى آثار جسيمة في كافة المستويات والأصعدة للأطفال الذين فقدوا أمهاتهم،
ليس هذا فقط ولكن هناك مشكلة أخرى تنتج عن وفيات الأمهات آلاف الأطفال الأيتام يومياً مما يكون لها آثارها الصحية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية على الطفل والمجتمع.
ولذا يجب أن تحتفل المرأة الريفية اليوم باليوم العالمي لمعاناتها.