مذكرات ثعبان
بقلم/ د. عبدالعزيز سمران
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و يوم واحد
السبت 16 يونيو-حزيران 2012 04:39 م

ذكر المخلوع علي صالح في حينها بأنه سيقوم بنشر كتاب لمذكراته سيسميه \"الرقص مع الثعابين\". حيث مع نهاية 33 عام من حكم اليمن واستغلال ثرواته، بل واستغلال طيبة وصبر أهله وشعبه على الظلم المتراكم طيلة هذه الفترة، هاهو ذا يصف الشعب اليمني الذي وصفه عليه السلام بقوله: \" أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وأرق أفئدةً، الإيمان يمان والحكم يمانية\" يصفه بالثعبان بمعنى آخر أنه شعب غادر. لم يفهم المخلوع أنه كان على رأس شعب صبور وحكيم، كما لم يفهم المثل العربي: احذر من الكريم إذا أهنته، ومن الحليم إذا أغضبته. لا يزال إلى اليوم يمثل دور الثعبان، يحيط نفسه بأجواء رئاسية يحاول من خلالها نسيان ما حل به وأنه لا يزال يعيش في زمن مامضى، فيحاول استقبال شخصيات لا على التعيين حتى لو كان مطرب أو لاعب أو غير ذلك، مع طاقم من فريق قناة اليمن اليوم التابعه لابنه أحمد، وكأنه لا يزال على كرسي الرئاسة. بمعنى آخر من لم يحظى بمقابلة صالح فيما مضى فبإمكانه اليوم أن يقابله بل وأن يتم تسجيل المقابلة في قناة فضائية ويأخذ معه صوراً للذكرى.

طالعنا بالأمس في مقابلة له بأنه سيقتص ممن أحرقوا جسده عن طريق القضاء أو بغيره وأن دمه لن يضيع هدراً ولا دماء الشهداء الأحياء (كما سماهم) بورجي وابو راس والعليمي، وفي نفس الوقت نسي أو تناسى العشرات ممن قتلوا إبان حكمه حتى آخر لحظة له في سدة الحكم، ممن اغتالهم من قبل وممن اغتالهم أثناء الثورة الشبابية، نسي كم من العشرات جرحوا وكم من العشرات اعتقلوا بدون سبب وكم من العشرات اختطفوا وكم وكم. نسي تاريخ بلد أدخله في تناقضات شتى، ليوهم غيره أنه يحارب ويكافح من أجل اليمن، ليوهم غيره أن اليمن بدونه لا شئ. متناقضات القاعدة والحرب على القاعدة، متناقضات الحراك الجنوبي ومواجهة الحراك الجنوبي، متناقضات الحوثي ومحاربة المد الشيعي، متناقض الفقر ومحاربة الفقر، متناقضات الجهل ومحاربة الجهل وتسخير أكبر ميزانية للتعليم الذي لم ينجح في الإقتلاع من نسبة الأمية حتى ولو 10%. كان عملاقاً في المراوغة يصنع المشكلة ويوجد لها مقابل، قنن للفساد حتى لم تعد هناك وزارة او مصلحة او دائرة حكوميه إلا وهي تتعامل بالرشوة حتى قال رئيس حكومته في حينها (باجمال) أنه من لم يسرق في زمن صالح فلن يسرق بعدها. كما شاع حينها أيضاً أن من لم يسرق ويرتشي فليس برجل. حتى أنه ليأخذك العجب عندما تعرف بأن مدير عام راتبه لا يتجاوز 60 ألف وهو يخزن في اليوم بمبلغ 3 ألف ريال، ويستأجر بمبلغ 40 ألف ريال.

يقع على عاتق الحكومة الجديدة عبءٌ ثقيلٌ من تركة من سبقوه، ولهذا يجب من الآن فصاعداً محاسبة كل مفسد ليتعض غيره، وليعيش الناس في أمن وأمان. لديهم عامان لإصلاح أخطاء أكثر من 33 عام، وهم الآن تحت عدسة مجهر والكل يراقب، نسأل الله لهذه الحكومة السداد والتوفيق.