فقدان المرجعية والدينية الأخلاقية
بقلم/ رجاء يحي الحوثي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الأربعاء 22 فبراير-شباط 2012 07:43 م

الدين هو المرجعية الأهم من بين تلك المرجعيات فهو ينظم علاقات الإنسان مع ربه ومع من سواه من سائر البشر ويحضه على التمسك بذيول الفضيلة وبالتشريعات التي تنظم العلاقات الإنسانية . وتعزيزا لهذه المرجعية أرسل الله الرسل وأنزل معهم الميزان ليقوم الناس بالقسط والعدل قال تعالى" لقد أرسلنا رسلنا بالبيانات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط" وبالرحمة" "ومار أرسلناك إلا رحمة للعالمين" والدين والأخلاق كلاهما امتداد للأخرى فلا دين بلا خلق ولا خلق بلا دين ...وهما كفيلتان بالحفاظ على حياة آمنة مستقرة بين جميع الشعوب والأمم.

الدين الإسلامي الحنيف من المرجعيات التي رفعت من شأن القيمة الأخلاقية وجعلتها في مقدمة بقية القيم الروحية .

فالأخلاق أمرها في الشريعة عظيم وشأنها كبير فبقدر ما معك من طيب الأخلاق وكريم السجايا والآداب بقدر ما يكون معك من استقامة الدين فالدين كله خُلق فمن زاد عليك في الأخلاق زاد عليك في الدين فحسن الخلقِ، دين رب العالمين وهدي سيد البشر وخاتم النبيين ولذلك قال الله تعالى في وصف خاتم النبيين والمرسلين :
﴿وإنك لعلى خلُق عظيم﴾ صدق الله العظيم

والأخلاق هي المحور الذي يركز عليه هذا الدين يقول النبي الأكرم في حديثه الشريف "وما بعثت إلا لأتمم مكارم الأخلاق"

وما نراه اليوم من تشوهات وتعديات على الأنفس والحرمات والكرامات ما هو إلا انحراف عن هذه المرجعيات وعن القيم الدينية والأخلاقية , وهذا ما ينذر بالخطر الداهم ويهدد الأمة بالزوال والانهيار .ويتحقق ما أشار إليه أمير الشعراء في بيته الشهير:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت  فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا

لقد تجاوزت هذه الانحرافات حتى وصلت إلى المواقع التي تعد نفسها حارسا للفضيلة وللقيم الأخلاقية وأقصد بذلك علماء الدين الذين التبست لديهم مفاهيم المرجعية الأخلاقية القويمة فغاصوا في متاهات أبعدتهم عن جوهر مكارم الأخلاق واهتموا بالقشور وانشغلوا بالمظاهر الزائفة . شنوا المعارك الطاحنة لأجل مظاهر زائفة وأصدروا الفتاوى المتلبسة التي تثير الفتن بين الناس ؛فأمروا الناس بأمور ما أنزل الله بها من سلطان وأنكروا عليهم المعروف .

استنفدوا طاقات الأمة فيها وهي ترزح تحت وطأة الظلم والقهر والاستعباد والفساد حتى وقعت الأمة ضحية بين سندان الظلم والقهر والفساد الأخلاقي ومطرقة العدو القابع بين ظهرانيهم يعيث في الأرض الفساد يذبح الأطفال والنساء ويهدم المساكن والمزروعات وهتك الحرمات والمقدسات والأعراض ولا نسمع إلا صدى صراخهم وانشغالهم بالقشور ومحاربة طواحين الهواء...

شغلوا أنفسهم وشغلوا الأمة بترهاتهم تخدم من له مصالح.

وما المذابح التي نسمع بها على امتداد العالم الإسلامي وتطرق مسامعنا كل يوم .. وما الجرائم الهمجية والوحشية التي تحصد الضحايا البريئة والنفوس الزكية – حتى داخل بيوت الله- تحت سمع وبصر أمة تؤمن بحرمة قتل النفس التي حرم الله ...إلا نذر الفساد الديني و الأخلاقي والبعد الديني الذي يهدد مصير الأمم بالزوال . بعد فساد الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

وإلا كيف نفسر حدوث هذه الجرائم بمثل هذه القسوة والوحشية ولصالح من ومن ترضي؟

ولماذا يقف المجتمع كل المجتمع عاجزا أمام هذه الجرائم التي تدمي القلوب ؟

وأين الخلل أفي المرجعية الدينية أم المرجعية الأخلاقية أم داخل المجتمع نفسه؟

ويبقى السؤال الملح كيف الخروج من هذه المآسي وهذا الفساد؟

مطروحة على كل من كان له قلب وعقل سليم. " إذا الإيمان ضاع فلا أمان ..

إنَّنا في حاجة إلى ثورة في مفاهيمنا الأخلاقية، أو إلى ما يمكن تسميته فهم لديننا وفهم "العَلْمَنَة في الأخلاق يجب أن تعود إلى عالمها الحقيقي الواقعي.. إلى الدين والإنسان، والمجتمع، والتاريخ، وأنْ تُفْهَم على حقيقتها العارية من كل لبوس لا يمتُّ إلى حقيقتها الموضوعية بصلة، فَمِن غير ذلك لا يمكننا فهم ديننا أو تطوير نظامنا الأخلاقي بما يلبِّي حاجاتنا الإنسانية الواقعية وما يتوافق مع مبادئ ديننا الحنيف.

*محامية ومستشارة قانونية.