أحقاد بقايا النظام
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 28 يوماً
الجمعة 17 فبراير-شباط 2012 01:50 م

تهاوى نظام علي عبد الله صالح وتساقطت دعائمه وتفككت أوصاله واختل توازنه بعد صمود أسطوري سجلته الثورة الشعبية السلمية المظفّرة ، وها هو اليوم يلفظ أنفاسه على مرأى ومسمع من سكان الكرة الأرضية برمتها ، وتقرر سقوطه بشهادة عالمية وإجماع دولي كبير ، وسيوارى في مزبلة التاريخ يوم الحادي والعشرون من فبراير الحالي على يد الشعب اليمني الثائر بكل مكوناته السياسية والحزبية والجماهيرية ، وبمشاركة صادقة وفاعلة من أحرار المؤتمر الشعبي العام الغيورين على وطنهم والمحبين لشعبهم والسائرين في دروب البناء والإعمار ، المجسدين لنهج الميثاق الوطني الصادق.

غير أن هناك من بقايا نظام العائلة من لا زالت تساورهم الشكوك وتعتريهم الهموم وتتجاذبهم أمواج المصالح الشخصية وتعصف بهم رياح التغيير العاتية ، حتى أفقدتهم البصر والبصيرة بعد أن تخلى عنهم الزعيم العصبوي ، وذهب يطالب لنفسه الضمانات والاشتراطات المحلية والدولية في عدم الملاحقة والتتبع القضائي ، نظراً لما يحس به من ثقل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب والوطن ، وذهب يتمطى تاركاً لهم القيام بدور الخادم المطيع المغفل الذي لا يعي من أمور الحياة سوى جملة كلامية واحدة (حاضر يا سيدي ومالك أمري) وهذا الدور المناط بهؤلاء الخُدّام يأتي في عدة أوجه ويكتسي ألوان من الثياب ويسلك الكثير من الطرق ، وكل هذه الوسائل جميعها تلتقي في هدف واحد وتصب في مجرى نهر خدمة النظام العائلي المتهالك ، منطلقين من قاعدة (أحقاد النظام وبقاياه المتساقطة) ، هذا الحقد مسلط على الوطن والمواطن على السواء ، لا لشئ إلاّ لأن الوطن والشعب رفض النظام العائلي الحاقد وطالب بإسقاطه لكي يعيش حراً عزيزاً مكرماً ، ولكي يعود للوطن مجده وعزته وللثورة ألقها ولمعانها بعد فترة طويلة من التهميش والتغييب والقتامة ، ولكي تعود للمواطن حريته وكرامته التي صودرت خلال عقود من الزمن وعبثت بها أيادي الفساد والاستبداد العائلي.

أيها الحاقدون على الوطن والشعب ، أين عقولكم وأين تفكيركم وأين الرشد فيكم ، إن ظللتم عبيداً في زمن الحرية وخداماً لعائلة في زمن انتفاضات عارمة اجتاحت الأنظمة العائلية حتى أودعتهم السجون وأسكنتهم اللحود والسالم المعافى نجا بجلده وثوبه وآوى إلى ملاجئ الفرار.

أيها الحاقدون ، إن الشعب لكم بالمرصاد إن عميت أبصاركم عن رؤية الحق ، وقادتكم النزوات الشيطانية إلى نفث سموم أحقادكم في طريق هذا الشعب التواق إلى الخلاص التام من الجلاد المستبد الذي تصرون على تسخير أنفسكم لخدمته حتى وإن كان في عداد الأموات ومتكئاً على عصاه التي أكلتها دابة الأرض وأنتم ناظرون إليه وكأنه لا زال يأمركم وينهاكم ويتملك شؤونكم.

أيها الحاقدون ، إن لم تقدروا على السير مع ركب الجماهير الثائرة ، فخير لكم أن تتنحوا عن طريق هذا الركب الحضاري الثوري ، حتى تجنبوا أنفسكم مخاطر السيل العارم الجرار ، فالجماهير الهادرة لا تلفت إلى الأصوات الخافتة ولا توقفها المطبات والعوائق المصطنعة التي يقتات أصحابها من فتات موائد اللئام ، و لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، فالتاريخ سجل مفتوح لا يرحم من يكتبون فيه قرارات إعدامهم بأيديهم ، ويدمرون ما بنوه باختيارهم ومحض إرادتهم ــــ أقول هذا مفترضاً لكم دوراً في البناء وهذا من باب الإنصاف لمن كان لهم هكذا دور ــــ وخير لكم أن تكونوا في مؤخرة القطار السائر في ركب البناء والإعمار ، ولا أن تكونوا في مقدمة القطار السائر في طريق الهدم والدمار ، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه ، والله من وراء القصد.