الخيارات الثورية لإزالة الفساد
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 17 يوماً
الخميس 29 ديسمبر-كانون الأول 2011 10:28 م

في إطار السياسة التدميرية التي انتهجها نظام علي عبد الله صالح العائلي المستبد ، استشرى الفساد المالي والإداري وعمّ كافة مرافق الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية وغدت قطاعات جماهيرية واسعة تكتوي بلهيب نيران هذا الفساد ، وقد تعدى الحدود المسكوت عنها حتى غدأ معلماً بارزاً في سياسة النظام العائلي ووصمة عار في جبينه تميزه عن غيره من أنظمة دول العالم.

ومن هذا المنطلق تعاملت المنظمات والدول المانحة مع هذا النظام وحاولت جاهدة أن توجه دعمها ومعوناتها للشعب اليمني عن طريق هيئات ومنظمات ذات طابع وطني لعلها تصد شيئاً من هجمات الفساد الذي اكتسح جميع الميادين ، ولكن بدون جدوى حيث لم تجد هذه المنظمات والدول المانحة مناص من مواجهة رأس النظام بشئ من الصراحة حول هذا الوباء الخطير ، وكعادته في قبول الشروط والإملاءات التي تفضي إلى فتح أبواب الارتزاق ولو على حساب عزت وكرامت هذا الوطن ومواطنيه الشرفاء ، وكان من مخرجات هذه الإملاءات أن يتم إصدار قانون لمكافحة الفساد وتشكيل هيئة وطنية لهذا الغرض ، فقبل ذلك وأصدر القانون رقم (39) لعام 2006م بتاريخ 25 ديسمبر 2006م ثم قرار رئيس الجمهورية رقم (12) لعام 2007م بتاريخ 3 يوليو 2007م الخاص بتشكيل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد واستبشر الناس خيراً وأمّلوا انفراجاً يسفر عن حماية المال العام من هيمنة اخطبوط النظام الفاسد ولكن خابت الآمال وتحطمت الطموحات على صخرة الشلة الفاسدة التي اكتسبت مناعة قوية ضد المحاسبة والعقاب وتحولت هذه الهيئة إلى حصن حصين لكبار المفسدين ومنحتهم المزيد من الفرص الذهبية لنهب ثروات الشعب ، ومنذ ذلك الحين لم نرى من هذه الهيئة أي نتيجة تذكر ، سوى ذلك القرار الشجاع الذي اتخذه الأستاذ الدكتور (سعد الدين علي سالم بن طالب) هذا الرمز الوطني المكافح ضد الفساد والمفسدين والذي أعلن استقالته من هذه الهيئة مبكراً عند ما اكتشف أنها مجرد غطاء وستار واقي لمزيد من جرائم الفساد المنظم ، ولكن النتيجة العظمى تحققت بعد نهوض الشعب بواجبه في مكافحة فساد النظام برمته وتم البدء بإسقاط رأس النظام وتحطيم الوكر الحصين لشلة الفساد والمفسدين ، وها هو الشعب اليوم يثور من جديد ضد عتاولت النظام المفسدين وقد حدد الشعب خياراته الثورية لازالت هذه الرموز الفاسدة والتي لا بد لها من الخضوع لأحد هذه الخيارات ، أولها الاستقالة وثانيها الإقالة وثالثها الطرد ولا رابع لهم في قاموس الثورة الشعبية ضد الفساد والمفسدين ، ولكل مفسد اختياره وفق ما يناسبه ويراه أصلح لمقامه ومستوى تفكيره ، هذه هي خيارات الشعب للقضاء على الفساد بدلاً من تشكيل الهيئات الحكومية التي تدثر بها النظام ليخفي وراءها جرائم منظمة بحق المال العام والوظيفة العامة وتحويلها إلى ملكية خاصة يتغذى منها المفسدون على حساب السواد الأعظم من جماهير الشعب.

اليوم وبعد أكثر من أربعة أعوام على ميلاد هيئة مكافحة الفساد ــــــ التي لم تحرك ساكناً ولم تعذر إلى الشعب حتى بتقديم الاستقالات كما فعل الدكتور (سعد الدين علي سالم بن طالب) ــــــ نرى الميلاد الأعظم للمكافحة الحقيقية للفساد وقد عمّ خير هذا الميلاد عدد من المرافق الهامة وأصبحت محررة من تلك العناصر الجاثمة على قمة الهرم الوظيفي وتهاوت واحدة تلو الأخرى غير مأسوف عليها ، وليس هذا بآخر المطاف ولكن هناك جزاءات عادلة تنتظر كل مفسد مهما توارى أو تستر ، لأن جرائم المال العام لا تسقط بالتقادم ولا يمتلك أي كان التنازل عن حق الشعب في استرداد ما نهبه الناهبون وتصرفوا به خلافاً للقانون ، وإن كان لدى الشعب طول نفس وصبر على هؤلاء فإن هذا لا يعني ترك الحبل على الغارب إلى أبد الآبدين ، ولكن هناك ميعاد ينتظر كل من ثبتت إدانته في سرقة الحقوق العامة والخاصة ، وإن غداً لناظره قريب ومن غريمه الشعب فالقضاء بانتظاره..