صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
ليس جديد في عالم الثورات وتاريخها, إنها منسوب للفقراء, رغم إن التاريخ البشري حافل بدور المثقفين في إشعالها والتمهيد لها, إلا إن الفقر والفقراء والبؤس والبؤساء - على ما نظم فيكتور هوغو - هم وحدهم ملهم الثورات ومشعلها, هم أبوها وأمها, مهما كانت نتائج تلك الثورات, فلهم وحدهم ينسب الفعل وسبب الفعل أو بالأحرى مستلهما واقعهم و فعلهم الثائر, ولا أعتقد إن الربيع العربي يشذ عن هذا, حتى وإن ركبت قوى أخرى محلية, ومغتربة,وعربية, ودولية ( أمبريالية), مطية هذا الفقر والفقراء, وضربت به وعلى ظهره, ضربتها التي تريد في الوقت المناسب !!!, فما هو موقع الفقر والفقراء في هذا الربيع العربي فيما ثاروا عليه؟ وما الفارق بين الفقير والغني في مسيرة الفعل قبل وإثناء وبعد الثورة؟ وما هو العلاج الأمثل؟ ثمة أسئلة محيرة ومثيرة في ذلك, أعتقد إنه من المثير محاولة تفكيكها لنعرف عمق الأزمة, وتلمس الطريق الانجح والأنجع للتنمية.
لا أحد اليوم يستطيع أن يدعي إنه ملهم ثورات الربيع العربي, أو محركها, فالواقع الذي عليه الأنظمة وتخشبها هو الملهم الحقيقي لهذا الفعل الذي اجتاح المنطقة بإشعال عود ثقاب محمد البوعزيزي الفقير في قرية سيدي بوزيد الفقيرة - رغم إننا لا نستطيع أن ننكر إن الكثير من المثقفين والأدباء, لطالما كتبوا ونظموا نثراً وشعراً, قدحاً وذماً, في هذا النظام أو ذاك - إلا إن الفقر وإنعدام التنمية والواقع عموماً وعوامل أخرى, بقى هو الملهم الحقيقي لهذه الهبة الكبرى المتسارعة التي اشتعلت فجأة من (البوعزيزي الى باب العزيزية) ساحقة في طريقها سكان قصر قرطاج وقصر القبة والقصر الجمهوري في مدينة سام بن نوح !!!
ولكن من ناحية أخرى, فإن الكثيرين ممن قاوموا هذا الفعل الثوري المستحق, أو انحازوا لتلك الأنظمة بعميائية - وخاصة على أرض الواقع - كانوا فقراء أيضا ومن مناطق فقيرة, ولعله من الغريب جداً إن أغلب الذين قاتلوا وقتلوا أو وجدوا في ساحات الدفاع عن الأنظمة الهرمة المأزومة, المتخشبة هم من الفقراء, بل وهم ليسوا أقل فقراً من الكثير ممن ثاروا ضد النظام, ولم نرى أحداً من الأغنياء هناك يدافع عن النظام لحظة سقوطه, فالأغنياء إما صمتوا, أو فروا, بما خف وزنه وغلاء ثمنه, أو ركبوا الموجة الجديدة مبكراً !!!!
ويمكننا أن نتحدث عن ما يسميه إخوتنا المصريين (موقعة الجمل), حيث لم يركب رجال الأعمال والمتنفذين الجمال أو الخيول ليقتحموا ساحة التحرير في القاهرة, بل ركبها فقراء معدمين, بالكاد يملكون قوت يومهم, جأوا مدافعين عن نظام في رمقه الأخير من الشيخوخة والسقوط, على وقع القطرة التي أفاضت الكأس عبر دعوة فيسبوكية حررتها فتاة شابة دعت الهمة المصرية - المعروفة لدى إخوتنا المصريين - لتحميها في ميدان التحرير من بلاطجة النظام الذين هم أنفسهم فقراء يعملون باليومية !!!
أما ليبيا فهي خير دليل على ذلك, فالذين ثاروا هم عموم الليبيين الفقراء في دولة نفطية معدومة التنمية رغم ما لديها, لكن الأغرب في ذلك إن الأشد فقراً كانوا هم المدافعون عن النظام, بل وإن الفقر - في بعض المناطق التي هبت مساندة للنظام -(يرمش عيونه) على حسب تعبير الليبيون,فأهل تلك المناطق أشد فقراً وعوزاً بل وهم أكثر حاجة للثورة من غيرهم, لكنهم وقفوا ضد الفقراء الثائرين ووزعوا أبنائها على كل الجبهات دفاعا عن النظام وصدقوا وعوده المفتنة.
إنهم الفقراء يتعاركون ويتقاتلون قبل وإثناء وبعد الثورة, ويطاردون بعضهم البعض, فحتى بعد إنتصار الثورات في الربيع العربي, للفقر والفقراء قصة مستمرة في قتالهم لبعضهم البعض, فالفقراء هم الذين لا يزالون يقتلون الفقراء أمثالهم ويطاردونهم, فهم نفسهم المتهمين بأنهم أنصار النظام السابق - في كل بلدان الربيع العربي - وهم أيضاً نفسهم الثوار الثائرين عليه, وهم من لازالوا في الساحات يتواجهون معاً, ويرسلون لبعضهم البعض رسائل التهديد والوعيد, والقدح والذم عبر مواقع التواصل الاجتماعي, والتعليقات والايميلات, وهم نفس الفقراء لازالوا يتواجهون في الشوارع والبيوت والمقاهي المعدومة,وهم من يقيم البوابات لتفتيش الفقراء مثلهم, وهم الذين يقتحمون بيوت الفقراء مثلهم بعد منتصف الليل, فيحاكمون وينفذون الأحكام الوقتية, بالمداهمة لبيوت الفقراء أمثالهم الذين لا يملكون المال للهروب للخارج مثلما فعل الاغنياء, وهم من يتولى اليوم توزيع اللقاب والتنابز بها, والتهديد بها أيضاً في كل إتجاه سوى مع أو ضد.
أما المناصب والإمتيازات الجديدة فليست لهؤلاء لفقراء لا قبل ولا بعد, إن الفقراء هم كما كانوا, فقد عادوا لنفس المكان, يستجدون منحة او هبة او مرتب في نفس الطابور !!!! أما النظام الجديد فيبنى بعيدً عنهم وعن مشكلتهم ومعركتهم من أجل التنمية !!!!
إن الأغنياء, هم هم, كما هم عليه,يجيدون فهم التطورات, فهم في نفس حالهم الأول, إبتسامة,وكلام منمق وحسابات وتحويلات,وملابس أنيقة, وربطات عنق في المكاتب والفنادق الوتيرة, والسفريات, والتحويلات, والامتيازات, والمؤتمرات, سوى قبل الثورة أو بعدها, ولا تجد بالمطلق اياً منهم يقتحم بيت, أو يقيم بوابه, أو يسير مظاهرة, أو يصنف الناس, أو ينابزهم بالألقاب, فلهم القيادة, والمال, والمناصب, بل وأيضا حلو الكلام, ومعسوله, ولا ترى منهم من ينهر أو يضع فوهة المسدس في أنف آخر ويتهمه بأنه موالي للنظام السابق, أو لنظام لاحق فلا وقت لديه ليقول ذلك !!!!
تلكم هي قصة الفقر والفقراء في الأحداث الجسام, وثمنها الباهض, ومن يقطف ثمارها, ولا علاج لذلك إلا بتنمية محلية كبرى تنهض بالمناطق الفقيرة وتصل لمستوى المعيار الدولي للتنمية والحياة الكريمة ( أنظر الإمارات العربية المتحدة), , وإلا فإن الفقراء يعانون, ويثورون, ويقتلون بعضهم البعض, ويستمرون وقود للأنظمة المتعاقبة, والتغني بها, تضربهم وتضرب بهم من تشاء, وهم من يثور ويَقتُل ويُقتَل, ومن يُضلم ويضلُم, وهم من تسوقهم الأحداث المتعاقبة التي يشعلها الفقر, ويدفع ثمنها الفقراء في كل إتجاه ( مع أو ضد), وليس لذلك من حل إلا التنمية المحلية, وليس مزيداً من الكراهية والبغضاء والعزل, والإنتقام, وليس ببناء دولة الغالب والمغلوب, فالمغلوب في كل الأنظمة هو الفقير الفقير, وسيبقى كذلك في الأنظمة المنهارة والأنظمة التي تقام على أنقاضها, فلا طريق لنهوض هذا الفقير إلا بتنمية محلية ( تعليم - صحة - مواصلات -تأمين - مدن وقرى عصرية .. الخ) حيث يجب أن يتنافس الفقراء, وقبائل الفقراء ومناطق الفقراء,وقرى الفقراء, وليس بزرع الضغائن, ولا بإنتاجها, ولا بتأسيسها قانونيا ودستورياً فذلك جريمة لا يجب أن تكون نتاج ثورة, وتحسب عليها, وهي لا تؤسس لوطن ينهض.